بسم الله الرحمن الرحمن
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه اجمعين ، ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
اما بعد:
فان الخوراج على مرالعصور وكر الدهورعلى طريق ومسلك واحد: من الغلووالتنطع والتشدد والتكفير والضلال والجهل بدين الله واحكامه، وتأويل كتابه ، ورد الحق والسنة الصحيحة الصريحةوعدم قبولها والطعن في حملتها ورواتها، وسب العلماء وتنقصهم ، وذكرهم بالاوصاف الشنيعة الباطلة كقولهم : ( علماء حيض ونفاس ـ علماء السلاطين ـ عبيد السلاطين ـ المرجئة - الجامية...) الى غير ذلك من الاقوال التي هي محض شبه وضلال...
فمن قال لنبينا عليه الصلاة والسلام: " اعدل يامحمد" ؟ ومن قال له " والله هذه قسمة ما اريد بها وجه الله"؟
من قتل وقاتل الصحابة الكرام وغيرهم من اهل العلم ؟ ومن خرج على المسلمين وولاتهم بالسيف والقتل؟ يضرب برهم وفاجرهم، ويستحل دماءهم واموالهم، ويعثو في البلاد افسادا وتخريبا وتدميرا واشعال نارالفتنة ... اليس الخوارج؟ اهل التكفير والتفجير...
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم امته من حال هذه الفرقة ، وماهم عليه من البدع والضلال، وعلى ذلك
درج السلف في التحذيرمنهم، و ذمهم ، ورد مقالتهم وبيان بطلانها وفسادها...
فإليك بعض النصوص والاثار، التي تبين حال هذه الفرقة، وماهم عليه من المخالفة للحق واهله:
" ففي الصحيحين - واللفظ للبخاري - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فوالله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه و إذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ؛ فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة } . وفي صحيح مسلم : " عن زيد بن وهب أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضي الله عنه الذين ساروا إلى الخوارج . فقال علي : يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء . يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية . لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم لنكلوا عن العمل وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض } . والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ؛ فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس . فسيروا على اسم الله . وذكر الحديث إلى آخره . وفي مسلم أيضا " عن عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي رضي الله عنه أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي قالوا : لا حكم إلا لله . فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم وأشار إلى حلقه من أبغض خلق الله إليه منهم رجل أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي . فلما قتلهم علي بن طالب قال : انظروا . فنطروا فلم يجدوا شيئا . فقال : ارجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت - مرتين أو ثلاثا - ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه " . وهذه العلامة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم هي علامة أول من يخرج منهم ليسوا مخصوصين بأولئك القوم . فإنه قد أخبر في غير هذا الحديث أنهم لا يزالون يخرجون إلى زمن الدجال . وقد اتفق المسلمون على أن الخوارج ليسوا مختصين بذلك العسكر . وأيضا فالصفات التي وصفها تعم غير ذلك العسكر ؛ ولهذا كان الصحابة يروون الحديث مطلقا مثل ما في الصحيحين عن أبي سلمة وعطاء بن يسار : أنهما أتيا أبا سعيد فسألاه عن الحرورية : هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها ؟ قال : لا أدري ؛ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { يخرج في هذه الأمة - ولم يقل منها - قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم أو حلوقهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه : فيتمارى في الفوقة هل علق بها شيء من الدم } اللفظ لمسلم . وفي الصحيحين أيضا عن أبي سعيد قال : {بينما النبي صلى الله عليه وسلم يقسم جاء عبد الله ذو الخويصرة التميمي - وفي رواية أتاه ذو الخويصرة رجل من بني تميم - فقال : اعدل يا رسول الله . فقال : ويلك من يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل قال عمر بن الخطاب : ائذن لي فأضرب عنقه . قال : دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه - وهو قدحه - فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء . قد سبق الفرث والدم } . وذكر ما في الحديث . فهؤلاء أصل ضلالهم : اعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل وأنهم ضالون."(1)
اما بعد:
فان الخوراج على مرالعصور وكر الدهورعلى طريق ومسلك واحد: من الغلووالتنطع والتشدد والتكفير والضلال والجهل بدين الله واحكامه، وتأويل كتابه ، ورد الحق والسنة الصحيحة الصريحةوعدم قبولها والطعن في حملتها ورواتها، وسب العلماء وتنقصهم ، وذكرهم بالاوصاف الشنيعة الباطلة كقولهم : ( علماء حيض ونفاس ـ علماء السلاطين ـ عبيد السلاطين ـ المرجئة - الجامية...) الى غير ذلك من الاقوال التي هي محض شبه وضلال...
فمن قال لنبينا عليه الصلاة والسلام: " اعدل يامحمد" ؟ ومن قال له " والله هذه قسمة ما اريد بها وجه الله"؟
من قتل وقاتل الصحابة الكرام وغيرهم من اهل العلم ؟ ومن خرج على المسلمين وولاتهم بالسيف والقتل؟ يضرب برهم وفاجرهم، ويستحل دماءهم واموالهم، ويعثو في البلاد افسادا وتخريبا وتدميرا واشعال نارالفتنة ... اليس الخوارج؟ اهل التكفير والتفجير...
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم امته من حال هذه الفرقة ، وماهم عليه من البدع والضلال، وعلى ذلك
درج السلف في التحذيرمنهم، و ذمهم ، ورد مقالتهم وبيان بطلانها وفسادها...
فإليك بعض النصوص والاثار، التي تبين حال هذه الفرقة، وماهم عليه من المخالفة للحق واهله:
" ففي الصحيحين - واللفظ للبخاري - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فوالله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه و إذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ؛ فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة } . وفي صحيح مسلم : " عن زيد بن وهب أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضي الله عنه الذين ساروا إلى الخوارج . فقال علي : يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء . يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية . لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم لنكلوا عن العمل وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض } . والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ؛ فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس . فسيروا على اسم الله . وذكر الحديث إلى آخره . وفي مسلم أيضا " عن عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي رضي الله عنه أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي قالوا : لا حكم إلا لله . فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم وأشار إلى حلقه من أبغض خلق الله إليه منهم رجل أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي . فلما قتلهم علي بن طالب قال : انظروا . فنطروا فلم يجدوا شيئا . فقال : ارجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت - مرتين أو ثلاثا - ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه " . وهذه العلامة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم هي علامة أول من يخرج منهم ليسوا مخصوصين بأولئك القوم . فإنه قد أخبر في غير هذا الحديث أنهم لا يزالون يخرجون إلى زمن الدجال . وقد اتفق المسلمون على أن الخوارج ليسوا مختصين بذلك العسكر . وأيضا فالصفات التي وصفها تعم غير ذلك العسكر ؛ ولهذا كان الصحابة يروون الحديث مطلقا مثل ما في الصحيحين عن أبي سلمة وعطاء بن يسار : أنهما أتيا أبا سعيد فسألاه عن الحرورية : هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها ؟ قال : لا أدري ؛ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { يخرج في هذه الأمة - ولم يقل منها - قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم أو حلوقهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه : فيتمارى في الفوقة هل علق بها شيء من الدم } اللفظ لمسلم . وفي الصحيحين أيضا عن أبي سعيد قال : {بينما النبي صلى الله عليه وسلم يقسم جاء عبد الله ذو الخويصرة التميمي - وفي رواية أتاه ذو الخويصرة رجل من بني تميم - فقال : اعدل يا رسول الله . فقال : ويلك من يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل قال عمر بن الخطاب : ائذن لي فأضرب عنقه . قال : دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه - وهو قدحه - فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء . قد سبق الفرث والدم } . وذكر ما في الحديث . فهؤلاء أصل ضلالهم : اعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل وأنهم ضالون."(1)
قال محمد بن الحسين : لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء ، عصاة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن صلوا وصاموا ، واجتهدوا في العبادة ، فليس ذلك بنافع لهم ، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس ذلك بنافع لهم ، لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون ، ويموهون على المسلمين . وقد حذرنا الله عز وجل منهم ، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم ،وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده ، وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله تعالى عليهم .
الخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس ، ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج ، يتوارثون هذا المذهب قديماً وحديثاً ، ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين .
وأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يقسم الغنائم بالجعرانة ، فقال : اعدل يا محمد ، فما أراك تعدل ، فقال صلى الله عليه وسلم : ويلك ، فمن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ ، فأراد عمر رضي الله عنه قتله ، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من قتله ، وأخبر عليه الصلاة والسلام : أن هذا وأصحاباً له يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يمرقون في الدين كما يمرق السهم من الرمية ، وأمر عليه الصلاة والسلام في غير حديث بقتالهم ، وبين فضل من قتلهم أو قتلوه .
ثم إنهم بعد ذلك خرجوا من بلدان شتى ، واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى قدموا المدينة ، فقتلوا عثمان بن عثمان رضي الله عنه . وقد اجتهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان في المدينة في أن لا يقتل عثمان ، فما أطاقوا ذلك .
ثم خرجوا بعد ذلك على امير المؤمن علي بن ابي طالب رضي الله عنه ، ولم يرضوا بحكمه ، وأظهروا قولهم ، وقالوا: لاحكم الا لله، فقال علي رضي الله عنه : كلمة حق أرادوا بها الباطل ، فقاتلهم علي رضي الله عنه فأكرمه الله عز وجل بقتلهم ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من قتلهم أو قتلوه ، وقاتل معه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . فصار سيف علي بن ابي طالب في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة".(2)
" حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"فأما الذين في قُلوبهم زَيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاءَ الفتنة"، وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية:"فأما الذين في قلوبهم زيغ" قال: إن لم يكونوا الحرُوريّة والسبائية، فلا أدري من هم! ولعمري لقد كان في أهل بدر والحديبية الذين شهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرّضوان من المهاجرين والأنصار خبرٌ لمن استخبر، وعبرةٌ لمن استعبر، لمن كان يَعْقِل أو يُبصر. إن الخوارج خرجوا وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ كثيرٌ بالمدينة والشأم والعراق، وأزواجه يومئذ أحياء. والله إنْ خَرَج منهم ذكرٌ ولا أنثى حروريًّا قط، ولا رضوا الذي هم عليه، ولا مالأوهم فيه، بل كانوا يحدّثون بعيب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم ونعتِه الذي نعتهم به، وكانوا يبغضونهم بقلوبهم، ويعادونهم بألسنتهم، وتشتدّ والله عليهم أيديهم إذا لقوهم. ولعمري لو كان أمر الخوارج هُدًى لاجتمع، ولكنه كان ضلالا فتفرّق. وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافًا كثيرًا. فقد ألاصوا هذا الأمر منذ زمان طويل. فهل أفلحوا فيه يومًا أو أنجحوا؟ يا سبحان الله؟ كيف لا يعتبر آخر هؤلاء القوم بأوّلهم؟ لو كانوا على هدى، قد أظهره الله وأفلجه ونصره، ولكنهم كانوا على باطل أكذبه الله وأدحضه. فهم كما رأيتهم، كلما خَرج لهم قَرْنٌ أدحض الله حجتهم، وأكذب أحدوثتهم، وأهرَاق دماءهم. إن كتموا كان قَرْحًا في قلوبهم، وغمًّا عليهم. وإن أظهروه أهرَاق الله دماءهم. ذاكم والله دينَ سَوْء فاجتنبوه. والله إنّ اليهودية لبدعة، وإن النصرانية لبدْعة، وإن الحرورية لبدعة، وإن السبائية لبدعة، ما نزل بهن كتابٌ ولا سنَّهنّ نبي." (3)
"عن عمر بن يحيى بن عمرو بن سلمة الهمداني قال : حدثني أبي قال : حدثني أبي قال : " كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري ، فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا ، فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعا ، فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن ! إنى رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ، و لم أر و الحمد لله إلا خيرا ، قال : فما هو ؟ فقال : إن عشت فستراه ، قال : رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، و في أيديهم حصى ، فيقول : كبروا مائة ، فيكبرون مائة ، فيقول هللوا مائة ، فيهللون مائة ، و يقول سبحوا مائة ، فيسبحون مائة ، قال : فماذا قلت لهم ؟ قال : ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك ، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، و ضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ ثم مضى و مضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ! حصى نعد به التكبير و التهليل التسبيح ، قال : فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، و يحكم يا أمة محمد ! ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، و هذه ثيابه لم تبل ، و آنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ، أو مفتتحوا باب ضلالة ؟ ! قالوا والله : يا أبا عبد الرحمن ! ما أردنا إلا الخير ، قال : و كم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا : " إن قوما يقرءون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم "، وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ! ثم تولى عنهم ، فقال عمرو بن سلمة : فرأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج "(4)
" قال عكرمة بن عمار: حدثني أبو زميل أن ابن عباس قال: لما اجتمعت الخوارج في دارها، وهم ستة آلاف أو نحوها، قلت لعلي: يا أمير المؤمنين ابرد بالصلاة لعلي ألقى هؤلاء، فإني أخافهم عليك، قلت: كلا، قال: فلبس ابن عباس حلتين من أحسن الحلل، وكان جهيراً جميلاً، قال: فأتيت القوم، فلما رأوني قالوا: مرحباً بابن عباس وما هذه الحلة - قلت: وما تنكرون من ذلك - لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من أحسن الحلل، قال: ثم تلوت عليهم:{ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } .
قالوا فما جاء بك - قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين، ومن عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أرى فيكم أحداً منهم، ولأبلغنكم ما قالوا، ولأبلغنهم ما تقولون: فما تنقمون من ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره - فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: لا تكلموه فإن الله يقول: { بل هم قوم خصمون } وقال بعضهم: ما يمنعنا من كلامه، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعونا إلى كتاب الله، قال: فقالوا: ننقم عليه ثلاث خلال: إحداهن أنه حكم الرجال في دين الله وما للرجال ولحكم الله والثانية أنه علم فلم يسب ولم يغنم، فإن كان قد حل قتالهم فقد حل سبيهم، وإلا فلا، والثالثة، محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير المشركين. قلت: هل غير هذا - قالوا: حسبنا هذا.
قلت: أرأيتم إن خرجت لكم من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم ؟ قالوا: وما يمنعنا، قلت: أما قولكم إنه حكم الرجال في أمر الله، فإني سمعت الله يقول في كتابه: { يحكم به ذوا عدل منكم } وذلك في ثمن صيد أرنب أو نحوه قيمته ربع درهم فوض الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحكم. وقال: { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله } الآية. أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم: قاتل فلم يسب، فإنه قاتل أمكم، لأن الله يقول: { وأزواجه أمهاتهم } فإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها أمكم فما حل سباؤها، فأنتم بين ضلالتين، أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم إنه محا اسمه من أمير المؤمنين، فإني أنبئكم عن ذلك: أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية جرى الكتاب يبنه وبين سهيل بن عمرو، فقال يا علي اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن اكتب إسمك واسم أبيك، فقال اللهم إنك تعلم أني رسولك، ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال: يا علي اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله، فوالله ما أخرجه ذلك من النبوة، أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم.
قال: فرجع ثلثهم، وانصرف ثلثهم، وقتل سائرهم على ضلالة" (5)
قالوا فما جاء بك - قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين، ومن عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أرى فيكم أحداً منهم، ولأبلغنكم ما قالوا، ولأبلغنهم ما تقولون: فما تنقمون من ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره - فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: لا تكلموه فإن الله يقول: { بل هم قوم خصمون } وقال بعضهم: ما يمنعنا من كلامه، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعونا إلى كتاب الله، قال: فقالوا: ننقم عليه ثلاث خلال: إحداهن أنه حكم الرجال في دين الله وما للرجال ولحكم الله والثانية أنه علم فلم يسب ولم يغنم، فإن كان قد حل قتالهم فقد حل سبيهم، وإلا فلا، والثالثة، محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير المشركين. قلت: هل غير هذا - قالوا: حسبنا هذا.
قلت: أرأيتم إن خرجت لكم من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم ؟ قالوا: وما يمنعنا، قلت: أما قولكم إنه حكم الرجال في أمر الله، فإني سمعت الله يقول في كتابه: { يحكم به ذوا عدل منكم } وذلك في ثمن صيد أرنب أو نحوه قيمته ربع درهم فوض الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحكم. وقال: { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله } الآية. أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم: قاتل فلم يسب، فإنه قاتل أمكم، لأن الله يقول: { وأزواجه أمهاتهم } فإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها أمكم فما حل سباؤها، فأنتم بين ضلالتين، أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم إنه محا اسمه من أمير المؤمنين، فإني أنبئكم عن ذلك: أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية جرى الكتاب يبنه وبين سهيل بن عمرو، فقال يا علي اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن اكتب إسمك واسم أبيك، فقال اللهم إنك تعلم أني رسولك، ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال: يا علي اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله، فوالله ما أخرجه ذلك من النبوة، أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم.
قال: فرجع ثلثهم، وانصرف ثلثهم، وقتل سائرهم على ضلالة" (5)
تعليق