بين المنهج والعقيدة... وقضية التفريق بينهما ورد لشبهة بعض الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت في مجلس مع إخوة كرام أحبة فذكر إشكال في قول بعض الناس أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج وهل هناك فرق بين العقيدة والمنهج فقلت (وقد أضفت على أصل الكلمة في ما بعد) :
العقيدة علم له هذا الاسم كما له أسماء أخرى منها الإيمان والسنة والشريعة وغيرها، وقد ذكر فيها أهل السنة والجماعة أصولا منها ما له شق واحد ومنها ما له شقان فالأول: الشق العلمي الإيمانى القلبي والثاني: الإيماني العملي الظاهر، وكلاهما المقصود بإيراده هو ثبوثه و وجوده ذاتا وصفة إذا ذكرت والأغلب أنها تذكرـ ثم يكون الجانب العلمي غيبا ويكون الجانب العملي شهودا فمثال الأول: الإيمان بالله سبحانه وتعالى والإيمان بصفته فهذا الأصل العظيم إثباته علمي إيماني قلبي إذ أن مبناه على الإيمان فقط ، وهكذا أغلب أصول العقيدة كالإيمان بالملائكة وصفتهم والإيمان بالجنة والنار وصفتهما وغير هذا كثير، ومثال الثانى: ترك الخروج على السلاطين وإن جاروا وإن ظلموا، فهو وإن كان له شق إيماني من جهة ثبوته والإيمان به وبصفة ذلك عند أهل السنة إلا أنه عمليا ظاهريا أيضا يستلزم عملا ظاهرا وهو ترك الخروج وما إلى ذلك من تفاصيل، ومخالفه يلزمه عكس ذلك ، ومثل معاملة الحكام معاملة أهل البدع فهو عملي أيضا وكذا كثير من الأعمال الظاهرة التي ذكرها أهل السنة والجماعة في كتبهم فهي من جهة كونها علمية إيمانية عقدية أي نحتاج إلى إثباتها للمخالف الذي ينفي كونها شرعا من عند الله ونحتاج إلى بيان صفتها لما للصفة من علاقة بذات الشيء، ثم من جهة أخرى هي تقتضي عملا ظاهرا، وهذا الأخير لا يخرجها عن أنها عقدية، والقاعدة في باب العقائد ما ذكرت وهو الإثبات والنفي، والإثبات هو حقيقة الإيمان كما أن النفي هو حقيقة الكفر فعلم العقيدة إذن هو: تلكم المسائل التي خالف فيها طوائف من الناس بالنفي أو التأويل، وكانت قد تواترت أدلتها أواستفاضت وحصل عليها إجماع الصحابة رضي الله عنهم أو من بعدهم ممن كانوا على آثارهم، فعدت عند ذلك أصولا وعد هؤلاء الطوائف أهل البدع، وبهذا يتبين لنا عدم اختصاص علم العقيدة بالأمور الغيبية فمن قصد بقوله سلفي العقيدة ما اختص به الله تعالى من أنواع التوحيد الثلاثة الربوبية والألوهية والأسماء والصفات فهو اصطلاح حادث وإطلاق يحتاج إلى تقييد وإلا لا يفهم منه المعنى الخاص إلا بعد البيان وهو الإجمال بعينه، و أما المنهج فهو في معنى السنة تماما ولها عند علماء السنة معنيان الأول: المعنى العام أي الطريقة المحمدية النبوية على صاحبها أفضل الصلا ة والسلام، وأصل القول: "سنة محمد صلى الله عليه وسلم" فحذف محمد وهو المضاف إليه وجيء بأل التعريفية العهدية فأصبحت إذا ذكرت معرفة بأل لا تعني إلا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته ويدخل في السنة منهج وطريقة الصحابة تبعا واتباعا، ثم السنة قد يراد بها كل السنة كما مضى وقد يراد بها بعض السنة، فكانت عند الأوائل من السلف تعنى كل السنة وهي: طريقة رسول الله وأصحابه السالمة من الشهوات والشبهات حتى كانوا يعدون أكل الحلال من السنة هذا المعنى الأول، والمعني الثاني للسنة هوالمعنى الخاص وهو الذي يقابل البدعة والسلامة منها وهو علم العقيدة الذي تكلمنا عنه وهو الاصطلاح الذي انتهى إليه هذا اللفظ عند متأخري السلف ومن جاء بعدهم إلى عصرنا وجُعل علما خاصا وألفوا فيه بأسماء مختلفة لمسمى واحد، فالمنهج يقع إذن على أحد هذين المعنيين فإن كان المعنى الأول فالعقيدة جزء من المنهج وإن كان المعنى الثاني فهما سواء إلا أن المنهج بالمعنى العام أي بمعنى الإسلام والملة لا يأتى إلا موضحا مبينا مقيدا أما أن تطلق العبارة وهذا محلُّ الكلام فيقال :عليكم بالمنهج مثلا فهنا لا تخرج عن معنى العقيدة ويرجع الكلام إلى تصور معنى العقيدة وأنه شامل للعلميات والعمليات بالتعريف المذكور فوق، فإذا أراد أن يطلق أحد كلمة المنهج ويريد بعد ذلك مسائل مخصوصة يقال هذا إجمال يحتاج إلى بيان ثم إذا كان اصطلاحه و أراد به الرد على أهل البدع مثلا فيقال له لك ذلك ما فُهم منك ذلك، هذا أولا، وما لم تفرق بين المنهج والعقيدة فتجعل العقيدة بعد ذلك خاصة بأمور الغيب فتشوش على الناس وتدخل بعد ذلك من البدعة على الجهال بهذا التفريق فتقول أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج فمن كان سلفي العقيدة فهو سلفي المنهج ومن كان سلفي المنهج فهو سلفي العقيدة ولا فرق والضابط هوأن يقال كل ما صلح أن يقال عنه بدعة وتبناه طائفة من الطوائف وانتصرت له فهو من علم العقائد والفرق والإخوان طائفة انتصرت لبدع كثيرة أعظمها منازعة أولي الأمر، فالمتكلم بهذه الصيغة فرّق بين العلميات والعمليات في باب العقائد وجعل بذلك تمويها على الناس أنه لم يخرج عن الاعتقاد الصحيح السلفي وإنما خرج في المنهج وهو مما يسع الخروج عليه والجواب أن يقال حتى لو كان مثل هذا التفريق سائغا إلا أن الخروج عن السلف في المنهج هو خروج عن معتقدهم لأنهم لم يفرقوا بين ذلك، وألزموا كل أحد بلزوم كل أبوابها التي منها المنهج باصطلاحكم قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : "ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها " إلى أن قال: "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ، ومن ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه ورضوا به . ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين . والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك . وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحد أن يطعن عليهم ولا ينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائزة ونافذة ، من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا ، وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولى جائزة تامة ركعتين ، من أعادهما فهو مبتدع ، تارك للآثار ، مخالف للسنة ، ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم ، فالسنة أن تصلي معهم ركعتين ، من أعادهما فهو مبتدع ، وتدين بأنها تامة ، ولا يكن في صدرك من ذلك شك، ومن خرج على إمام المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية . ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق ".فها أنت ترى أن المنهج بمعنى هؤلاء هو العقيدة عند السلف
فدعواهم اعتقاد السلف في أبواب وخروجهم عليه في أبواب أخرى ثم جعل الأول هو العقيدة والثاني هو المنهج هذا من التلبيس والتدليس المكشوف ولا يرفع عنهم أنهم مبتدعة ما التزموا بمنهج الإخوان ولا يوقف كلام أهل السنة فيهم إلا عند أهل التمييع الذين يحاولون جاهدين أن يدخلوهم في أهل السنة ودين الله تعالى في هذه الأبواب أظهر وأشهر لمن أراد الاستقامة على الحق والسنة وإنما هي الأهواء نعوذ بالله من منكرات الأهواء والله أعلم والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت في مجلس مع إخوة كرام أحبة فذكر إشكال في قول بعض الناس أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج وهل هناك فرق بين العقيدة والمنهج فقلت (وقد أضفت على أصل الكلمة في ما بعد) :
العقيدة علم له هذا الاسم كما له أسماء أخرى منها الإيمان والسنة والشريعة وغيرها، وقد ذكر فيها أهل السنة والجماعة أصولا منها ما له شق واحد ومنها ما له شقان فالأول: الشق العلمي الإيمانى القلبي والثاني: الإيماني العملي الظاهر، وكلاهما المقصود بإيراده هو ثبوثه و وجوده ذاتا وصفة إذا ذكرت والأغلب أنها تذكرـ ثم يكون الجانب العلمي غيبا ويكون الجانب العملي شهودا فمثال الأول: الإيمان بالله سبحانه وتعالى والإيمان بصفته فهذا الأصل العظيم إثباته علمي إيماني قلبي إذ أن مبناه على الإيمان فقط ، وهكذا أغلب أصول العقيدة كالإيمان بالملائكة وصفتهم والإيمان بالجنة والنار وصفتهما وغير هذا كثير، ومثال الثانى: ترك الخروج على السلاطين وإن جاروا وإن ظلموا، فهو وإن كان له شق إيماني من جهة ثبوته والإيمان به وبصفة ذلك عند أهل السنة إلا أنه عمليا ظاهريا أيضا يستلزم عملا ظاهرا وهو ترك الخروج وما إلى ذلك من تفاصيل، ومخالفه يلزمه عكس ذلك ، ومثل معاملة الحكام معاملة أهل البدع فهو عملي أيضا وكذا كثير من الأعمال الظاهرة التي ذكرها أهل السنة والجماعة في كتبهم فهي من جهة كونها علمية إيمانية عقدية أي نحتاج إلى إثباتها للمخالف الذي ينفي كونها شرعا من عند الله ونحتاج إلى بيان صفتها لما للصفة من علاقة بذات الشيء، ثم من جهة أخرى هي تقتضي عملا ظاهرا، وهذا الأخير لا يخرجها عن أنها عقدية، والقاعدة في باب العقائد ما ذكرت وهو الإثبات والنفي، والإثبات هو حقيقة الإيمان كما أن النفي هو حقيقة الكفر فعلم العقيدة إذن هو: تلكم المسائل التي خالف فيها طوائف من الناس بالنفي أو التأويل، وكانت قد تواترت أدلتها أواستفاضت وحصل عليها إجماع الصحابة رضي الله عنهم أو من بعدهم ممن كانوا على آثارهم، فعدت عند ذلك أصولا وعد هؤلاء الطوائف أهل البدع، وبهذا يتبين لنا عدم اختصاص علم العقيدة بالأمور الغيبية فمن قصد بقوله سلفي العقيدة ما اختص به الله تعالى من أنواع التوحيد الثلاثة الربوبية والألوهية والأسماء والصفات فهو اصطلاح حادث وإطلاق يحتاج إلى تقييد وإلا لا يفهم منه المعنى الخاص إلا بعد البيان وهو الإجمال بعينه، و أما المنهج فهو في معنى السنة تماما ولها عند علماء السنة معنيان الأول: المعنى العام أي الطريقة المحمدية النبوية على صاحبها أفضل الصلا ة والسلام، وأصل القول: "سنة محمد صلى الله عليه وسلم" فحذف محمد وهو المضاف إليه وجيء بأل التعريفية العهدية فأصبحت إذا ذكرت معرفة بأل لا تعني إلا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته ويدخل في السنة منهج وطريقة الصحابة تبعا واتباعا، ثم السنة قد يراد بها كل السنة كما مضى وقد يراد بها بعض السنة، فكانت عند الأوائل من السلف تعنى كل السنة وهي: طريقة رسول الله وأصحابه السالمة من الشهوات والشبهات حتى كانوا يعدون أكل الحلال من السنة هذا المعنى الأول، والمعني الثاني للسنة هوالمعنى الخاص وهو الذي يقابل البدعة والسلامة منها وهو علم العقيدة الذي تكلمنا عنه وهو الاصطلاح الذي انتهى إليه هذا اللفظ عند متأخري السلف ومن جاء بعدهم إلى عصرنا وجُعل علما خاصا وألفوا فيه بأسماء مختلفة لمسمى واحد، فالمنهج يقع إذن على أحد هذين المعنيين فإن كان المعنى الأول فالعقيدة جزء من المنهج وإن كان المعنى الثاني فهما سواء إلا أن المنهج بالمعنى العام أي بمعنى الإسلام والملة لا يأتى إلا موضحا مبينا مقيدا أما أن تطلق العبارة وهذا محلُّ الكلام فيقال :عليكم بالمنهج مثلا فهنا لا تخرج عن معنى العقيدة ويرجع الكلام إلى تصور معنى العقيدة وأنه شامل للعلميات والعمليات بالتعريف المذكور فوق، فإذا أراد أن يطلق أحد كلمة المنهج ويريد بعد ذلك مسائل مخصوصة يقال هذا إجمال يحتاج إلى بيان ثم إذا كان اصطلاحه و أراد به الرد على أهل البدع مثلا فيقال له لك ذلك ما فُهم منك ذلك، هذا أولا، وما لم تفرق بين المنهج والعقيدة فتجعل العقيدة بعد ذلك خاصة بأمور الغيب فتشوش على الناس وتدخل بعد ذلك من البدعة على الجهال بهذا التفريق فتقول أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج فمن كان سلفي العقيدة فهو سلفي المنهج ومن كان سلفي المنهج فهو سلفي العقيدة ولا فرق والضابط هوأن يقال كل ما صلح أن يقال عنه بدعة وتبناه طائفة من الطوائف وانتصرت له فهو من علم العقائد والفرق والإخوان طائفة انتصرت لبدع كثيرة أعظمها منازعة أولي الأمر، فالمتكلم بهذه الصيغة فرّق بين العلميات والعمليات في باب العقائد وجعل بذلك تمويها على الناس أنه لم يخرج عن الاعتقاد الصحيح السلفي وإنما خرج في المنهج وهو مما يسع الخروج عليه والجواب أن يقال حتى لو كان مثل هذا التفريق سائغا إلا أن الخروج عن السلف في المنهج هو خروج عن معتقدهم لأنهم لم يفرقوا بين ذلك، وألزموا كل أحد بلزوم كل أبوابها التي منها المنهج باصطلاحكم قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : "ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها " إلى أن قال: "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ، ومن ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه ورضوا به . ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين . والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك . وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحد أن يطعن عليهم ولا ينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائزة ونافذة ، من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا ، وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولى جائزة تامة ركعتين ، من أعادهما فهو مبتدع ، تارك للآثار ، مخالف للسنة ، ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم ، فالسنة أن تصلي معهم ركعتين ، من أعادهما فهو مبتدع ، وتدين بأنها تامة ، ولا يكن في صدرك من ذلك شك، ومن خرج على إمام المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية . ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق ".فها أنت ترى أن المنهج بمعنى هؤلاء هو العقيدة عند السلف
فدعواهم اعتقاد السلف في أبواب وخروجهم عليه في أبواب أخرى ثم جعل الأول هو العقيدة والثاني هو المنهج هذا من التلبيس والتدليس المكشوف ولا يرفع عنهم أنهم مبتدعة ما التزموا بمنهج الإخوان ولا يوقف كلام أهل السنة فيهم إلا عند أهل التمييع الذين يحاولون جاهدين أن يدخلوهم في أهل السنة ودين الله تعالى في هذه الأبواب أظهر وأشهر لمن أراد الاستقامة على الحق والسنة وإنما هي الأهواء نعوذ بالله من منكرات الأهواء والله أعلم والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
تعليق