كلمة من القلب
كتبه أبو موسى عبد الكريم .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.كتبه أبو موسى عبد الكريم .
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران/102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء/1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. [الأحزاب/70، 71]
أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لقد قامت السموات والأرض وما بينهما على نظام العدل الذي به صلاح العالم كله وعليه وبه تقوم منافع الناس وتصلح حياتهم في معاشهم ومعادهم وبضده من الظلم يكون خرابهم وشقاؤهم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وإن الله حرّم على نفسه الظلم وجعله بين الناس محرما.
غير أن هذا الإنسان للظلم ميّال قال تعالى:﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾[الأحزاب/72] وصفه خالقه بالطغيان والبغي والعدوان مع ما وصف به من الجهل فكيف يكون هذا الظلم المضاف إليه هذا الجهل؟
وإن الظلم نوعان: ظلم العبد لنفسه بحرمانها من حقوقها- قوتها وغذائها وراحتها وسعادتها وتحركها وسفرها نحو بارئها- وما ينبغي أن تكون عليه، وإن من أعظم الظلم في هذا: الشرك بالله، قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان/13] ومقابلة التوحيد الذي عليه نظام العدل لذلك كان من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ.﴾ [الأنعام/82] الإيمان: توحيد الله، والظلم: الشرك بالله.
ولما كان هذا الظلم فيه إخلال بنظام العدل وأساسه لم يغفره الله لمن وقع فيه ولم يتب منه قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء/48]، وما عدا هذا الظلم الذي بين العبد ونفسه وربه أو الذي هو في حق الله تعالى، فإن الله يغفر ما دون ذلك لمن يشاء بعلمه وحكمته قال الله عز وجل: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء/48] وهذا في حق من لم يتب، وأما من تاب توبة صادقة نادما على ما وقع منه من ظلم فإن الله يتوب عنه قال صلى الله عليه و سلم :
"إن الإسلام يجبُّ ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها.وإن الحج يهدم ما كان قبله" [إرواء الغليل 1280] وقال صلى الله عليه و سلم: "إنما التوبة من الذنب الندم والاستغفار." [السلسلة الصحيحة 1208] وقال صلى الله عليه و سلم: "الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له." [صحيح الجامع 6803], فعلى العبد أن يحرص على التوبة والإنابة والاستغفار، فإنه طريق الأنبياء ودأب الصالحين، ولا يأخذه قنوط من رحمة الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.ُ﴾ [الزمر/53] فكلما أحدث العبد ذنبا وظلما لنفسه في حق ربه أحدث توبة واستغفارا قال صلى الله عليه و سلم: « إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ - وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ - فَاغْفِرْ لِى فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى . ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ - أَوْ أَصَبْتُ - آخَرَ فَاغْفِرْهُ . فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا - قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ - أَوْ أَذْنَبْتُ - آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِى . فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى - ثَلاَثًا - فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ » [متفق عليه].
النوع الثاني من الظلم: ظلم العبد لغيره من العباد وهذا الظلم لا يسقطه الله لأنه متعلق بالغير، والله لا يرضى هذا النوع من الظلم ولو كان على الكافر، لذلك جاء في الحديث: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا، فإنه ليس دونها حجاب." [السلسلة الصحيحة 767]، فكيف بظلم العبد المسلم المؤمن فهو أعظم وأعظم. قال صلى الله عليه و سلم: "مرحبا بك من بيت ما أعظمك وأعظم حرمتك ولَلمؤمن أعظم حرمة عند الله منك، إن الله حرم منك واحدة وحرم من المؤمن ثلاثا : دمه وماله وأن يظن به ظن السوء." (السلسلة الصحيحة 3420)، إذا كان هدم الكعبة جُرما كبيرا وظلما عظيما لو وقع ذلك لقام المسلمون برُمّتهم لصد هذا العدوان والبغي، فإن هدم المسلم المؤمن أشد وأنكى في الظلم عند الله جل في علاه، ومن أعظم هذا الظلم والهدم ظلم المسلم في عرضه ودينه، وإن كان الدين داخلا في العرض, وقد جعله الله كذلكك من أعظم وأكبر أنواع الربا، قال صلى الله عليه و سلم: " إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق " [سنن أبي داود 4876 وانظر الصحيحة ( 1433 - 1871 )]، وإن أهونه مثل أن يأتي الرجل أمه، قال صلى الله عليه و سلم: "الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه و إن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه " . [السلسلة الصحيحة 1871]، وقال صلى الله عليه و سلم: "أربى الربا شتم الأعراض." [السلسلة الصحيحة 1433]، ومع كل هذا أصبح هذا في زماننا من أهون الأفعال, بل أصبح عند بعضهم حسنة وقربة يتقربون بها إلى الله، قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾[الكهف/103، 104]، وأعظم جرما من هؤلاء من جمعوا بين قبيح فعالهم هذا وهم يعلمون وأظهروه في قالب التقرب إلى الله بالنصح ونصرة الدين يزعمون، قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد/14]، تراهم لا يتورعون في ظلم غيرهم بتأليب الناس وإخوانهم عليهم، وذلك بالوقيعة فيهم أو إعانة من يقع فيهم للنيل منهم أو التشفي فيهم أو تشويه صورتهم والطعن في دينهم ورميهم بالانحراف في عقيدتهم ومنهجهم والتعصب لغير الحق، كل ذلك بالكذب والبهتان وعدم البينة وبدون برهان سوى قيل وقال.
والأدهى والأمر والذي يندى له الجبين، وتدمع له العين، ويتفطر له القلب، أن يكون هذا الظلم والبغي بين العلماء أو الدعاة وطلبة العلم، إذ تحصل به فتنة عظيمة وفُرقة جسيمة، وذهاب قوة الحق، وظهور قرون الشيطان. قال الله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال (46)] طلبا للعلو على الغير أو الزعامة والشهرة أو الانتصار للنفس والانتقام. قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص(83)]ألا فليعلم هؤلاء أنه لا تُنال الرفعة في الدين إلا بالصبر واليقين-قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة(24) ]- لا بالظلم والمين، والاحتقار المشين، والتنفير المستديم فإن عاقبة الظلم والوقيعة الخسران المبين. قال تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [ البروج(10)]وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يامعشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه لاتؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته فضحه الله ولو في بيت أمه." [صحيح التغيب رقم 2339].هذا الوعيد فيمن تتبع العورات فكيف بمن يفتري فيه الإشاعات وقال عليه الصلاة والسلام: "إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم." [صحيح الجامع 2295.] وأي ظلم من أن يفسد الرجل حياة الناس ودينهم ويقذف الشر في أوساطهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "(والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل) [منهاج السنة النبوية ج2 ص428.] العلم الذي يحكم الأمر ويقوده الإخلاص والصدق المنافيان لحظوظ النفس والانتصار والانتقام لها وما أكثر ما يقع ذلك في لباس الذب عن السنة كما ذكر ذلك ابن تيمية رحمه الله. والعدل الذي يمنعه من الخروج عن الحق ويصبحه النظر إلى عواقب الأمور والاعتبار بها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (تعرف رجحان الأمور بعواقبها) [مجموع فتاوى ابن تيمية ج4].
وقال أيضا بعد أن ذكر أن الحكم على الأشخاص هو من باب الاجتهاد أن من أراد أن يصيب فيه الحق قولا وعملا فيما يتعلق بمقالات الناس، قال(لابد له من نظرين أو النظر في شيئين.
النظر الأول: النظر في المقالة هل هي حق؟أم باطل؟أم تقبل التقسيم فتكون حقا باعتبار باطلا باعتبار؟وهو كثير وغالب.
النظر الثاني: في حكمه إثباتا، أو نفيا أو تفصيلا، واختلاف الناس فيه) [المصدر السابق ج6ص62]
بعبارة أخرى لابد من النظر في المقالة وفي حال الشخص من حيث تمسكه بالسنة والدعوة إليها وظهورها وقوة أهلها. وقال النبي عليه الصلاة والسلام "إن لله تعالى خزائن للخير والشر مفاتيحها الرجال، فطوبى لمن جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر وويل لمن جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير" [صحيح الجامع رقم 4108.]
ثم إن فاعل هذا مضاد لدعوة النبي عليه الصلاة والسلام القائل: "بعثتم مبشرين لامنفرين وميسرين لا معسرين" [الصحيحة رقم 1332.]
بل ما من رجل ينتقص وينتهك أمامه أخوه المسلم فيخذله إلا جوزي بذلك، قال عليه الصلاة والسلام: "ما من امرىء يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته." [صحيح الجامع رقم5690.]
إن قد جعل الخذلان من الظلم كما جعل النصرة من العدل، والعدل مفتاح الجنة، وإن من العدل في هذا الباب أن تعين أخاك على الخير وأم تستر عورته وتنصره وتذب عنه، وأن تحب أن تأتي إليه ما تحب أن يأتي إليك الناس، وأن تصلح بينه وبين غيره إذا كانت بينها فرقة، ولو بالكذب عليهما للاجتماع والألفة، قال عليه الصلاة والسلام: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي خيرا." [الصحيحة رقم545]، وقال صلى الله عليه وسلم: "اتق الله، ولا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط، وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة، ولايحبها الله، وإن امرؤ شتمك وعيرك بأمر ليس هو فيك، فلا تعيره بأمر هو فيه، ودعه يكون وباله عليه، وأجره لك، ولاتسبن أحدا." [صحيح الجامع رقم 98.]
وقال عليه الصلاة والسلام: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أوتطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل " [صحيح الجامع رقم176.] وقال عليه الصلاة والسلام: "المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من وراءه " [صحيح الجامع رقم6656.] لا أن يغمزه ويطعن فيه من ورائه.
هذا كلام الصادق المصدوق، وهو في حق عامة المسلمين فيما بينهم فكيف بهذا الحق بين طلبة العلم والدعاة، بل كيف به بين العلماء، لاشك أن ذلك آكد وآكد.
وأختم هذه الكلمات التي أرجو أن تكون نافعات وخالصة لرب البريات بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية صاحب التحقيقات المفيدات حيث نقل حكاية بين معاوية بن أبي سفيان والمسور بن مخرمة وهو من صغار الصحاب رضي الله عنهما: حيث إنه لما دخل به قال معاوية رضي الله عنه للمسور رضي الله عنه: {أخبرني بجميع ما تنقم علي، فلما أخبره قال: يا مسور ألك سيئات قال: نعم قال: فما الذي جعلك أرجى مني لرحمة الله، إلى أن قال: وأنا على دين يجازي الله أهله على الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات، فما الذي جعلك أرجى مني لرحمة الله. فقال مسور: فخصمني} [منهاج السنة النبوية ج4 ص454.]
هذا بعض ما جال في خاطري، وتألم به قلبي، رسمه قلمي مستمدا العون من ربي الذي إليه الملتجأ، سائلا إياه السداد والفوز بجنة المأوى، إنه بر رحيم جواد كريم.
منقول من منبر وهران