اقترانُ الأمرِ بالتّقوى مع الوعدِ بضمان الرِّزق في آي القرآن
و أعظمُ التّقوى المأمور بها : توحيدُ الله و إقامُ الصّلاة
و أعظمُ التّقوى المأمور بها : توحيدُ الله و إقامُ الصّلاة
[تأمُّلاتٌ في سُورةِ طه ]
إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيّئات أعمالنا ، من يهده الله لا مضلّ له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله .
و بعد :
إنّ أعظم نِعَم الله عزّ وجلّ على عباده نعمة الإسلام و نعمة إنزال القرآن ، و هما أجلّ النّعم على الإطلاق ، قال تعالى :﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾( يونس : 58 ) ، قال القرطبيّ في " تفسيره " : " قال أبو سعيد الخُدرِيّ و ابن عبّاس رضي الله عنهما : فضل الله القرآن ، و رحمته الإسلام " (1) .
ثمّ قال : " ﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ ﴾ ، أي بهذا الّذي جاءهم من الله من الهدى و دينّ الحقّ فليَفرحوا ، فإنّه أولى ما يفرحون به ، ﴿ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ ، أي من حُطام الدّنيا و ما فيها من الزّهرة الفانية الذّاهبة لا محالة ، كما قال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية ، و ذكر بسنده عن بقيّة بن الوليد عن صفوانَ بن عمرو [ قال ] سمعتُ أيفعَ بن عبدٍ الكلاعي يقول : لما قدم خراج العراق إلى عمر رضي الله عنه ، خرج عمر و مولى له فجعل عمر يعدّ الإبل فإذا هي أكثر من ذلك ، فجعل عمر يقول : الحمد لله تعالى ، و يقول مولاه : هذا و الله من فضل الله و رحمته ، فقال عمر: كذبتَ ليس هذا ، هو الّذي يقول الله تعالى : ﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ ﴾ الآية ، و هذا ممّا يجمعون " .
و قال تعالى ممتنّا على عباده بنعمة الإسلام :﴿ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً ﴾ ( المائدة : 3 ) ، قال ابنُ كثير : " هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمّة حيث أكمل تعالى لهم دينهم ، فلا يحتاجون إلى دينٍ غيره ، و لا إلى نبيٍّ غير نبيّهم صلوات الله و سلامه عليه ، و لهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء و بعثه إلى الإنس و الجنّ ، فلا حلال إلاّ ما أحلّه ، و لا حرام إلاّ ما حرّمه ، و لا دين إلاّ ما شرعه ، و كلّ شيءٍ أخبر به فهو حقٌّ و صدقٌ لا كذب فيه و لا خُلف ، كما قال تعالى : ﴿ وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً ﴾ ( الأنعام : 115 ) ، أي صدقاً في الأخبار ، و عدلاً في الأوامر و النّواهي ، فلمّا أكمل لهم الدّين ، تمّت النّعمة عليهم " .
و قال عزّ و جلّ : ﴿ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً منْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَ يُزَكّيهِمْ وَيُعَلمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَ ٱلْحِكْمَةَ وَ إِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ ( آل عمران : 164 ) .
و قد حمد الله عزّ وجلّ نفسه على إنزال الكتاب فقال : ﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَ لَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا . قَيماً ليُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً من لَّدُنْهُ وَ يُبَشّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً . مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ﴾ ( الكهف : 1-3 ) .
و أمرَ الله عباده بتدبّر هذا الكتاب ، فقال تبارك و تعالى : ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ليَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا ٱلأَلْبَابِ ﴾ ( ص : 29 ) .
و أنكرَ سبحانه على من لايتدبّر القرآن فقال : ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ ﴾ ( محمّد : 24 ) .
و قال تعالى : ﴿ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ . إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ ( يوسف : 1-2 ) .
فنسأل الله تبارك و تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلى ، أن يجعلنا من المتدبّرين لكلامه ، و من العاقلين لمعاني آيات كتابه .
و قد أحببتُ أن أبيّن في هذا المقال – بتوفيق الله عزّ وجلّ - ، اقترانَ أمرِ اللهِ لعبادِه بالتّقوى في كثيرٍ من آي القرآن بإعلامه إيّاهم بتكفّله بأرزاقهم ، و أنّ المطلوب منهم هو تحقيق التّقوى لا الاشتغال بطلب الأرزاق ، و الزّمن زمنٌ افتتن فيه كثيرٌ من المسلمين باللّهث وراء الدّنيا و طلب الرّزق بشتّى الطّرق و الوسائل ، لا يميّزون في ذلك بين الحلال و الحرام ، و لا يقنعهم تحصيل قوت اليوم ، و قد قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سِرْبِه مُعَافًى في جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيْزَتْ لَهُ الدُّنْيَا " (2) و كان من أدعية النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : " اللّهمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمدٍ قُوتاً " (3) . و قد قال تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ ﴾ ( الأحزاب : 21 ) .
قال الشّيخ محمّد بن عبد الله الإمام في كتابه " تحذير البشر من أصول الشرّ " ( ص 89-90 ) : " فتنةُ الفقر واسعة النّطاق ، شديدة العصف بكثيرٍ من النّاس ، فمن النّاس من يدخل في اليهوديّة أو النّصرانيّة أو غير ذلك من ملل الكفر ، لا لإنّه يحبّ تلك الملل ، و إنّما ليتحصّل على لقمة العيش ، فأيّ خطرٍ أعظم من هذا على المسلم ؟ و بعضهم يستعمل السّحر و التّنجيم و ادّعاء علم الغيب – و هي طرقٌ كفريّة – لا لشيءٍ و لكن ليتحصّل على المال ، و بعضهم يقتل أخاه المسلم أو قريبَه ؛ من أجل الحصول على المال ، و المرأة تبيع كرامتها و شرفها فتتاجر بعرضها ، و تجلب على أهلها و مجتمعها العار و الشّنار ؛ من أجل لقمة العيش " .
فأردت بهذا المقال أن أبيّن أنّ العلاج الأوّل لهذه الفتنة هو تقوى الله تبارك و تعالى ، و أعظم التّقوى توحيد الربّ تبارك و تعالى بإفراده بالعبادة ، و أعظم التّقوى بعد التّوحيد هو إقام الصّلاة و الصّبر عليها ، و أمرُ الأهل بها .
قال الله تبارك و تعالى في سورة البقرة : ﴿ يَاأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَاشاً وَ ٱلسَّمَاءَ بِنَآءً وَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ( البقرة : 21-22 ) .
قال الشّيخ العلاّمة المحدّث عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر في ( مجموع كتبه و رسائله 1/163 ): " اشتملت الآيتان على أوّل أمرٍ أمر الله به في المصحف ، و هو عبادة الله ، و هو أعظم مأمورٍ به ، و على أوّل نهيٍ نهى الله عنه فيه ، و هو الشّرك بالله و اتّخاذ الأنداد له ، و هو أعظم منهيٍّ عنه ، و في هاتين الآيتين الإلزام بتوحيد الألوهيّة ، و هو عبادة الله وحده و ترك عبادة من سواه ، و ذلك في قوله في أوّل الآية الأولى : ﴿ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ﴾ ، و قوله في آخر الآية الثّانية : ﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ، و هذا هو معنى لا إله إلاّ الله ، فإنّ قوله : ﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً ﴾ بمعنى ( لا إله ) ، و قوله : : ﴿ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ﴾ بمعنى ( إلاّ الله ) ، و فيهما تقرير توحيد الرّبوبية ، و هو كون الله خالقهم و خالق من قبلهم ، و جاعل الأرض تحتهم و السّماء فوقهم ، الّذي ينزّل الغيث فيخرج به من الأرض أرزاقهم ، و المراد من هذا التّقرير لتوحيد الرّبوبية إلزام الكفّار الّذين بعث فيهم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بتوحيد الألوهيةّ ، و المعنى : كما أنّه لا خالق إلاّ الله و لا رازق إلاّ الله فإنّه لا معبود حقّ سواه ، و لهذا يأتي كثيرا في القرآن تقرير التّوحيد الّذي أقرّوا به لإلزامهم بالتّوحيد الّذي جحدوه "
في سورة طه افتتح الله خطابه لنبيّه محمّدٍ صلّى الله عليه و سلّم بالتّنويه بفضل القرآن و بتقرير التّوحيد فقال عزّ وجلّ : ﴿ طه . مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ . إِلاَّ تَذْكِرَةً لمَن يَخْشَىٰ . تَنزِيلاً ممَّنْ خَلَق ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَاوَاتِ ٱلْعُلَى . ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي ٱلأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ . وَ إِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسرَّ وَ أَخْفَى . ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾ ( طه : 1-8 ) .
ثمّ قصّ الله تبارك و تعالى علينا حديث موسى عليه الصّلاة و السّلام ، من يومِ أوحى إلى أمّ موسى عليها السّلام بإلقاء ابنها في اليمّ ، مروراً بما حدث له و لقومه مع فرعون و قومه ، و انتهاءِ ذلك بإنجائهم و إغراق فرعون و جنوده في اليمّ ، إلى يوم إحراق موسى عليه الصّلاة و السّلام العجلَ ثمّ نسفه إيّاه في اليمّ أيضاً ، و كما سبق فإنّ الله افتتح السّورة بتقرير التّوحيد ، بقوله : ﴿ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾ ( طه : 8 ) ، ثمّ لمّا كلّم الربّ نبيّه موسى عليه الصّلاة و السّلام ، علّمه التّوحيد و أمره به و بإقام الصّلاة في قوله : ﴿ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ ﴾ ( طه : 14 ) ، و ختم قصّة موسى بذكر تعليم موسى التّوحيدَ لقومه في قوله :﴿ إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾ ( طه : 98 ) ، ثمّ أعاد الله التّنويه بكتابه في مواضع أخرى من السّورة ، فقال مخاطباً النّيّ محمّداً صلّى الله عليه و سلّم :﴿ كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَ قَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً . مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً ﴾ ( طه : 99-100 ) ، و قال : ﴿ وَ كَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَ صَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ﴾ ( طه : 113 ) ، وقال في أواخر السّورة مخاطباً آدم عليه السّلام و عدوّه إبليس و الخطاب عامٌّ لذرّيتهما : ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم منّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَ لاَ يَشْقَىٰ . وَ مَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ ﴾ ( طه : 123-124 ) ، و قد فسّر بعض السّلف المعيشة الضّنك بالضّيق و الشدّة فيها و لو كان صاحبها في سعةٍ من الدّنيا ، و ذكر ابن كثيرٍ هنا عن ابن عبّاس قال : " كلّ ما أعطيته عبداً من عبادي قلّ أو كثر ، لا يتقّيني فيه ، فلا خير فيه و هو الضّنك في المعيشة " فرجع الأمر إلى أنّ السّعادة و الأمن من الشّقاء لايتحقّقان للعباد إلاّ باتّباع الهدى ، لا بحصول الأرزاق كما يتوهّمه أكثر النّاس ، ﴿ و لكنّ أكثر النّاس لا يعلمون ﴾ .
و قد ذكر الله قبل ذلك قصّة آدم صلّى الله عليه و سلّم ، فكان ممّا قصّه قولَه له و لزوجه عليهما السّلام : ﴿ فَقُلْنَا يٰآدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ . إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَ لاَ تَعْرَىٰ . وَ أَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَ لاَ تَضْحَىٰ ﴾ ( طه : 117-119 ) ، فجمع في هذه الآيات كلّ أنواع الرّزق الحسّية الّتي يحتاجها الإنسان .
ثمّ ختم الربّ عزّ وجلّ خطابه لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم بآيتين جامعتين للأمر بلزوم بالتّقوى و الوعد بضمان الرّزق فقال: ﴿ وَ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً منْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقَىٰ . وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَ ٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَ ٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ﴾ ( طه : 131-132 ) .
قال القرطبيّ رحمه الله : " قوله تعالى : ﴿ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ ﴾ : أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصّلاة و يمتثلها معهم ، و يصطبر عليها و يلازمها ، و هذا الخطاب للنّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و يدخل في عمومه جميع أمّته ، و أهل بيته على التّخصيص ... و قوله تعالى : ﴿ لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً ﴾ أي : لا نسألك أن ترزق نفسك و إيّاهم ، و تشتغل عن الصّلاة بسبب الرّزق ، بل نحن نتكفّل برزقك و إيّاهم ؛ فكان عليه السّلام إذا نزل بأهله ضيقٌ أمرهم بالصّلاة " .
و قد أثنى الله تبارك و تعالى على نبيّه إسماعيل صلّى الله عليه و سلّم في سورة مريم بهذا ، فقال : ﴿ وَ ٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ ٱلْوَعْدِ وَ كَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً . وَ كَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلاَةِ وَ ٱلزَّكَـاةِ وَ كَانَ عِندَ رَبّهِ مَرْضِيّاً ﴾ ( مريم : 54-55 ) .
و هي الوصّية الّتي وصّى به الله عيسى بن مريم عليهما الصّلاة و السّلام في سورة مريم أيضاً فقال : ﴿ وَ جَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَ أَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً . وَ بَرّاً بِوَالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ﴾ ( مريم : 31-32 ) .
و قد جاء في القرآن الكريم نظائر آيتي طه في عدّة مواضع ، فكما جاء في آيتي البقرة السّابقتين أمرُ عموم النّاس برأس التّقوى و هو التّوحيد ، و اقترانُه هناك بتذكير المخاطَبين بنعم الله عزّ وجلّ عليهم و منها الرّزق ؛ فإنّه قد جاء مثل ذلك في حقّ عموم المؤمنين بشأن أمر النّفس و الأهل بالتّقوى ، و هي قوله تعالى في سورة التّحريم : ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَ ٱلْحِجَارَةُ ﴾ ( التّحريم : 6 ) .
و كذلك جاء بشأن عموم المؤمنين الأمرُ بالصّبر و المصابرة و المرابطة مع الحثّ على التّقوى قولُه تعالى في آخر آية في سورة آل عمران :﴿ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَ رَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ ( آل عمران : 200 ) ، فرتّب الله الفلاح على هذه الأسباب و هي الصّبر و المصابرة و المرابطة و لزوم التّقوى .
قال السّعديّ في تفسيره : " حضَّ المؤمنين على ما يوصلهم إلى الفلاح – و هو: الفوز و السّعادة و النّجاح - ، و أنّ الطّريق الموصل إلى ذلك لزوم الصّبر ، الّذي هو حبس النّفس على ما تكرهه ، من ترك المعاصي ، و من الصّبر على المصائب ، و على الأوامر الثّقيلة على النّفوس ، فأمرَهم بالصّبر على جميع ذلك ، و المصابرة ؛ أي الملازمة و الاستمرار على ذلك على الدّوام ، و مقاومة الأعداء في جميع الأحوال ، و المرابطة ؛ و هي لزوم المحلّ الّذي يخاف من وصول العدوّ منه ، و أن يراقبوا أعداءهم ، و يمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم ، لعلّهم يفلحون ، يفوزون بالمحبوب الدّيني و الدّنيوي و الأخروي ، و ينجون من المكروه كذلك ، فعُلم من هذا أنّه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصّبر و المصابرة و المرابطة المذكورات ، فلم يفلح من أفلح إلاّ بها ، و لم يفُت أحداً الفلاحُ إلاّ بالإخلال بها أو ببعضها ، و الله الموفّق و لا حول و لا قوّة إلاّ به " .
و من لطيف مناسبة آية آل عمران لما نحن بصدده من أمر الله عبادَه بإقام الصّلاة و الصّبر عليها ، ما ذكره ابن كثيرٍ عند تفسير هذه الآية ، من تفسير بعض السّلف للمرابطة بانتظار الصّلاة بعد الصّلاة ، واستدلّ رحمه الله لهذا المعنى بالحديث الّذي رواه مسلمٌ في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم قال : " ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدّرجات ؟ إسباغ الوضوء على المكاره ، و كثرة الخطا إلى المساجد ، و انتظار الصّلاة بعد الصّلاة ، فذلكم الرّباط ، فذلكم الرّباط ، فذلكم الرّباط " ، فليُراجع تفسير ابن كثير في هذا فإنّه مهمّ .
و نظير آيتي طه في حقّ الأفراد بوعد ضمان الرّزق لمن حقّق التّقوى ؛ قولُه تعالى في سورة الطّلاق : ﴿ وَ مَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً . وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ ( الطّلاق : 2-3 ) . قال بعضُ السّلف : ما احتاج تقيٌّ قطّ ، فقيل له : كيف ذاك ؟ فقرأ : ﴿ وَ مَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً . وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ .
و قد اجتمع ذكر الوعد بضمان الرّزق مع الأمر بلزوم التّقوى في القرآن ، في أجمع آيةٍ لهذا المعنى ، و جاءت صريحةً في الأمر بالتّوحيد و تناولت بالخطاب هذه المرّة كلّ المكلّفين ، و هي قوله تعالى في سورة الذّاريات : ﴿ وَ مَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَ ٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ . مَآ أُرِيدُ مِنْهُم من رزْقٍ وَ مَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ . إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ ﴾ ( الذّاريات : 56-58 ) .
قال شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب في رسالة الأصول الثّلاثة : " و معنى يعبدون : يوحّدون ، و أعظم ما أمر الله به التّوحيدُ ، و هو إفراد الله بالعبادة ، و أعظم ما نهى عنه الشّركُ ، و هو : دعوة غيره معه " .
و قد جاء في نفس سورة الذّاريات قبل هاته الآيات بقليل النّهيُ عن الشّرك في قوله تعالى : ﴿ وَ لاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ ﴾ ( الذّاريات : 51 ) .
فتأمّل يا عبد الله يا مسلم ، بعد هذا السّرد لآي القرآن ، كيف بيّن الله جلّ و علا أنّ الغاية الّتي لأجلها خلق الثّقلين ، إنّما هي تحقيقهم التّوحيد و العبادة ، لا السّعي وراء تحصيل الأرزاق ، الّتي تكفّل بها لعبادِه القويُّ الرّزاقُ .
و إذا تأمّلت آيات الذّاريات و استحضرتَ قول النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في الحديث الصّحيح : " الدّعاء هو العبادة " (4) ؛ فهمتَ قول الفاروق عمر رضي الله عنه : " إنّي لا أحمل همّ الإجابة و لكن همّ الدّعاء ، فإذا أُلهمتم الدّعاء فإنّ الإجابة معه " .
و في السنّة أحاديث كثيرة اقترن فيه ذكر التّقوى و الأمر بتحقيق العبادة مع الوعد بضمان الرّزق ، أكتفي منها بثلاثة أحاديث .
الأوّل منها : قوله عليه الصّلاة و السّلام : " لو أنّكم توكّلون على الله تعالى حقّ توكّله ، لرزقكم كما يرزق الطّير ، تغدو خماصا و تروح بطانا " (5)
ففي هذا الحديث ذكر النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم سببين من أسباب التّقوى أحدهما من أعمال القلوب و هو التّوكّل على الله و هو سبب معنويّ ، و الثّاني من أعمال الجوارح و هو الغدوّ في طلب الرّزق الحلال و هو سبب حسيّ .
أمّا الحديث الثّاني ، فهو ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه (6) قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : " مَنْ كَانَتْ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ الله غِنَاهُ في قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ راغِمَةٌ ، وَ مَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمُّهُ جَعَلَ الله فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ فَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَ لَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ ".
قال السِّنديُّ في حاشيته على سنن ابن ماجه في كتاب الزّهد ، باب الهمّ بالدّنيا : " قوله : و أتته الدّنيا و هي راغمة ، أي مقهورة ، فالحاصل أنّ ما كُتب للعبد من الرّزق يأتيه لا محالة ، إلاّ أنّه من طلب الآخرة يأتيه بلا تعبٍ ، و من طلب الدّنيا يأتيه بتعبٍ و شدّةٍ ، فطالب الآخرة قد جمع بين الدّنيا و الآخرة ، فإنّ المطلوب من جمعِ المال الرّاحةُ في الدّنيا ، و قد حصلت لطالب الآخرة ، و طالب الدّنيا قد خسر الدّنيا و الآخرة ، لأنّه في الدّنيا في التّعب الشّديد في طلبها ، فأيُّ فائدةٍ له في المال إذا فاتت الرّاحة ؟ " .
و الحديث الثّالث : ما رواه أبو هُرَيْرَةَ ، عن النّبيِّ صلّى الله عليه و سلّم قالَ: " إِنَّ الله تعالى يَقُولُ يَا ابنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأُ صَدْرَكَ غَنِىً وَ أَسُدُّ فَقْرَكَ ، وَ إِنْ لاَ تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَيْكَ شُغْلاَ وَ لَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ " (7) .
أمّا الآثار السّلفية في الباب فأكثر من أن تُحصر ، و لا بأس بذكر شيء منها :
قال أبو الدّرداء : " إنّ الرّزقَ ليطلبُ العبدَ كما يطلبُه أجلُه " .
و قال كعب الأحبار : " إنّي لأجد في التّوراة مكتوبا : يا ابن آدم ، اتّق ربّك وصِل رحمك ، و برَّ والديك ، يُمدّ لك في عمرك و يُيّسر لك يُسرك ، و يُصرف عنك عُسرك " .
و قال الحسن البصري : " إيّاكم وما شَغَلَ من الدّنيا ، فإنّ الدّنيا كثيرة الأشغال ، لا يفتح رجلٌ على نفسه باب شُغلٍ إلاّ أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب " .
و قال لقمان الحكيم لابنه : " إنّ الدّنيا بحر عميق قد غرق فيها ناس كثير ، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله ، و حشوها إيمان بالله ، و شراعها التوكل على الله ، لعلّك ناج و لا أراك ناجياً " .
و قال إبراهيم التّيمي : " كم بينكم و بين القوم ؟ أقبَلت عليهم الدّنيا فهربوا منها ، وأدبرت عنكم فاتّبعتموها " .
و قال أبو حازم : " وجدتُ الأشياء شيئين ؛ شيء لي ، و شيء ليس لي ، فأمّا ما كان لي فلو كان في ذنب الرّيح لأدركته حتّى آخذه ، و أمّا ما لم يكن لي فلو اجتمع الخلق على أن يجعلوه لي ما قدروا عليه ، ففيمَ الهمُّ ههنا ؟! " .
و من شاء التّوسع في معرفة الآثار عن السّلف في ذلك فعليه بمصنّفات الزّهد ، كالزّهد لابن المبارك و الزّهد للإمام أحمد و الزّهد لهنّاد و غيرها .
و عوداً على الآيات الّتي افتتح الله عزّ وجلّ بها سورة طه ، أحببتُ أن أنبّه على سرّ بديع في مناسبة ذكر اسم الرّحمن دون غيره من أسماء الله الحسنى في تلك الآيات فقال : ﴿ ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ . لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ ﴾ ، وقد تكرّر ذكر هذا الاسم في السّورة أربع مرّات ، قال أهل العلم : إنّ هذا الاسم دالّ على صفة الرّحمة العامّة الّتي تشمل جميع الخلق مؤمنهم و كافرهم ، و إذا أضفتَ إلى هذا ما وصف به موسى صلى الله عليه و سلّم ربّه تبارك و تعالى في نفس السورة حين سأله فرعون : ﴿فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ . قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ﴾ ( طه : 49-50 )، ثمّ قال : ﴿ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً من نَّبَاتٍ شَتَّىٰ . كُلُواْ وَ ٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ ﴾ ( طه : 53-54 ) ، إذا استحضرت ذلك كلّه ، عجبتَ كيف يخشى الفقر من أيقنَ أنّ سيّده يملك السّماوات و الأرض و ما بينهما و ما تحت الثّرى ، و كيف يخاف الفاقة من عَلِمَ أنّ مالكه متّصف بكمال الرّحمة و الإحسان .
فَتَعَالَىٰ ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ ( طه :114 )
________________________________
(1) : وانظر في" الدرّ المنثور " للسّيوطيّ ( 4/367 ) .
(2) : رواه التّرمذي و ابن ماجه و البخاريّ في الأدب المفرد ، و صحّحه الألبانيّ في " السّلسلة الصّحيحة " (5/408 رقم : 2318 ) .
(3) : متّفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(4) رواه احمد و أبو داود و التّرمذي و ابن ماجه عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما ، وصحّحه الألباني في " صحيح الجامع "( 1/641 رقم : 3407 ) .
(5) : رواه أحمد و التّرمذي و ابن ماجه و الحاكم ، وصحّحه الألبانيّ في السّلسلة الصّحيحة ( 1/557 رقم : 310 ) .
(6) : رواه التّرمذيّ من حديث أنس ، و رواه أيضا أحمد و ابن ماجه و الدّارميّ من حديث زيد بن ثابت ، وصحّحه الألبانيّ في " السلسلة الصّحيحة " (2/670 رقم 949 و 950 ) .
(7) : رواه أحمد و التّرمذي و ابن ماجه و ابن حبّان و الحاكم ، وصحّحه الألباني في " السلسلة الصّحيحة " ( 3/346 رقم : 1359 ) .
تعليق