السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أسئلة وجهت لسماحة شيخنا بن عثيمين فيما يتعلق بتصحيح بعض الألفاظ والمفاهيم التى جرى عُرف الناس بالعمل بها وردها الى ميزان الشرع لتصحيحها حتى تكون موافقة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله.
قال تعالى
"إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد*ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
(ق:17،1
"إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد*ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
(ق:17،1
س:يقول البعض إن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب فهل هذا صحيح؟
ج:ان أراد بتصحيح الألفاظ اجراؤها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه لا يهم أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية مادام المعنى مفهوما وسليما.
أما اذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التى تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل تصحيحها مهم.
ولا يمكن أن نقول للإنسان أطلق لسانك فى قول كل شئ مادامت النية صحيحة بل نقول الكلمات مُقيدة بما جاءت الشريعة الإسلامية.
س:هل قول بعض الناس(أنا حر)صحيحة أم لا؟
ج:إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق الخلق فنعم هو حر من رق الخلق.
وأما ان أراد أنه حر من رق العبودية لله عز وجل فقد أساء فى فهم العبودية ولم يعرف معنى الحرية لأن العبودية لغير الله هى الرق ،أما عبودية المرء لربه عز وجل فهى الحرية فإنه إن لم يذل لله ذُلِ لغير الله ،فيكون هنا خادعا نفسه اذا قال أنه حر يعنى أنه متجرد من طاعة الله ولن يقوم بها.
س:كثيرا ما نسمع أو نقرأ عبارة "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية" عند التعبير عن وفاة شخص ما أو عبارة (انتقل الى رحمة الله) أو فلان المرحوم أو (المرحوم فلان)فما تعليقكم على هذه؟
ج:هذه عدة مسائل:
أولا:"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية":
وهذا لا يجوز أن يطلق على شخص بعينه لأن هذه شهادة بأنه من هذا الصنف.
ثانيا: )فلان المرحوم) أو (تغمده الله برحمته) فلا بأس بها لأن قولهم المرحوم من باب التفاؤل والرجاء وليس من باب الخبر وإذا كان من باب التفاؤل والرجاء فلا بأس به.
ثالثا:(وأما انتقل الى رحمة الله) فهو كذلك فيما يظهر لى أنه من باب التفاؤل وليس من باب الخبر لأن مثل هذا من أمور الغيب ولا يمكن الجزم به،وكذلك لا يقال (انتقل الى الرفيق الأعلى).
س:يستعمل بعض الناس عند أداء التحية عبارات منها (مساك الله بالخير) و(الله بالخير) و(ساك الله بالخير) و(كالله بالخير) بدلا من لفظ التحية الواردة وهل يجوز البدء بالسلام بلفظة(عليك السلام)؟
ج:السلام الوارد هو أن يقول الإنسان (السلام عليك) أو (سلام عليك) ثم يقول بعد ذلك ما شاء من أنواع التحيات وأما(مساك الله بالخير)و(صبحك الله بالخير)أو (الله بالخير)وما أشبه ذلك فهذى تقال بعد السلام المشروع وأما تبديل السلام المشروع بهذا فهذا خطأ .
وأما البداءة بالسلام بلفظ (عليك السلام) فهو خلاف المشروع لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة.
س:يقول بعض الناس عبارات منها(يا حاج) وعبارة(السيد فلان) فما صحة هذه الكلمات شرعا؟
ج:(حاج) يعنى أدى الحج فلا شئ فيها وأما(السيد) فينظر ان كان صحيحا أنه ذو سيادة فيقال :هو سيد بدون أل فلا بأس به بشرط ألا يكون فاسقا ولا كافرا فإن كان فاسقا أو كافرا فإنه لا يجوز اطلاق لفظ سيد إلا مضافا الى قومه مثل سيد بنى فلان أو سيد الشعب الفلانى ونحو ذلك.
س:يطلق بعض العامة على أمر قد حصل له أو لغيره (لقد شاءت الأقدار كذا) أو( لقد شاءت الظروف أن يحصل كذا)فما صحة هذه الفظة؟
ج:هذه اللفظة منكرة لا قوله (شاءت الأقدار) ولا قوله (شاءت الظروف) لأن الظروف جمع ظرف وهو الأزمان والزمن لا مشيئة له ،وكذلك الأقدار جمع قدر والقدر لا مشيئة له وإنما الذى يشاء هو الله عز وجل ،نعم لو قال الإنسان(اقتضى قدر الله كذا وكذا) فلا بأس به ،أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هى الإرادة ولا إرادة للوصف إنما الإرادة للموصوف.
س:هل يصح تسمية بعض الزهور(عباد الشمس) لأنه يستقبل الشمس عند الشروق والغروب ؟
ج:هذا لا يجوز لأن الأشجار لا تعبد الشمس إنما تعبد الله عز وجل كما قال الله تعالى"ألم تر أن الله يسجد له من فى السماوات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب كثير من الناس" الحج18 وإنا يقال عبارة أخرى ليس فيها ذكر العبودية كمراقبة الشمس ونحو ذلك من العبارات.
س:هناك ألفاظ مثل(أرجوك) أو(تحياتى) و(أنعم صباحا) و(أنعم مساء) هل تصح هذه الألفاظ؟
ج:لا بأس أن تقول أرجوك فى شئ يستطيع أن يحقق رجاءك به .
وكذلك (تحياتى لك)و(لك منى التحية) وما أشبه ذلك لقوله تعالى"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" النساء86 وكذلك (أنعم صباحا) و(أنعم مساء) لا بأس به ولكن بشرط أن لا تتخذ بديلا عن السلام الشرعى.
س:هناك من الناس من يزيد فى الأذكار كقول البعض بعد الصلاة (تقبل الله) أو قولهم بعد الوضوء(زمزم) فما تعليقكم على ذلك؟
ج:هذا ليس من الذكر ،هذا من الدعاء إذا فرغ وقال تقبل الله منك ولكن مع ذلك لا نرى أن يفعلها الإنسان لا بعد الوضوء ولا بعد الصلاة ولا بعد الشرب من ماء زمزم لأن مثل هذه الأمور إذا فعلت لربما تتخذ سُنة فتكون مشروعة بغير علم.
س:يقول بعض الناس فى ألفاظ المغالاة فى المخلوقين (إن فلانا له المثل الأعلى ) أو(فلان كان المثل الأعلى) فما صحة هذه الألفاظ؟
ج:هذا اللفظ لا يجوز على سبيل الإطلاق إلا لله سبحانه وتعالى فهو الذى له المثل الأعلى وأما إذا قال (فلان كان المثل الأعلى فى كذا وكذا وكذا) وقيده لا بأس به.
س:يستخدم بعض الناس لفظة(المكتوب على الجبين لابد أن تراه العين) فهل المقدر على الإنسان يكون مكتوبا على جبينه أم ماذا؟
ج:هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين ما يكون على الانسان لكن هذه الآثار ليست الى ذاك فى الصحة بحيث يعتقد الانسان مدلولها ،فالأحاديث الصحيحة أن الانسان يكتب عليه فى بطن أمه أجله وعمله ورزقه وشقى أم سعيد.
س:درج على ألسنة بعض الناس قولهم عند السؤال لرجل توفاه الله (من المتوفِى) فما تعليقكم على هذا؟
ج:الأحسن أن يقال (من المتوفَى) بفتح الفاء وإذا قال (من المتوفِى)بكسر الفاء فلها معنى فى اللغة العربية لأن هذا الرجل توفى حياته وأنهاها.
س:بعد التثاؤب نسمع كثيرا عند بعض الناس (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)فهل هذه العبارة وردت فى هذا الموضع عن النبى صلى الله عليه وسلم؟
ج:هذه العبارة لم ترد عن النبى فى هذا الموضع وليس التثاؤب من أسباب طلب الاستعاذة ،والنبى أرشد أمته ماذا يفعلون عند التثاؤب فأمر الانسان أن يكظم ما استطاع ،فإن لم يستطع فإنه يضع يده على فمه ،ولم يذكر أن يستعيذ الانسان بالله فى هذا الموضع،ولو كان مشروعا لبينه النبى كما بين ما يُشرع من الأفعال عند حدوث التثاؤب.
س:هل هذه اللفظة الصحيحة (رمضان كريم)؟
ج:هذه الكلمة (رمضان كريم) غير صحيحة وإنما يقال رمضان مبارك أو ما أشبه ذلك لأن رمضان ليس هو الذى يعطى حتى يكون كريما وإنما الله الذى وضع فيه الفضل وجعله شهرا فاضلا.
س:ما رأى فضيلتكم فى استعمال كلمة (صدفة)؟
ج:رأينا فى هذا القول أنه لا بأس به وهذا أمر متعارف وأطن أن فيه أحاديث بهذا التعبير صادفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لكن لا يحضرنى الآن حديث معين فى هذا الخصوص.
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الانسان أمر واقع لأن الانسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشئ من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له لكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا فإن كان شئ عند الله معلوم وكل شئ عنده بمقدار وهو سبحانه وتعالى لا تقع الأشياء بالنسبة اليه صدفة أبدا ،لكن بالنسبة لى أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له صدفة ولا حرج فيه وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز.
س:ما صحة مفهوم(اقتناء الصور للذكرى)؟
ج:اقتناء الصور للذكرى محرم لأن النبى أخبر أن"الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة" وهذا يدل على تحريم اقتناء الصور فى البيوت والله المستعان.
س:سئل الشيخ عن عبارة:(لم تسمح لى الظروف) أو(لم يسمح لى الوقت)؟
ج:إن كان القصد أنه لم يحصل وقت يتمكن فيه من المقصود فلا بأس به ،وإن كان القصد أن للوقت تأثيرا فلا يجوز.
أسأل الله العلى العظيم أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
المصدر:منقول من كتاب ألفاظ ومفاهيم فى ميزان الشريعة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين "رحمه الله" -بتصرف يسير جدا-