.. لو سكتَّ لأعطتك ذراعا ما دعوت به
... و إن تعجب؛ فعجب ما رواه الدّارمي في سننه (189/1،رقم45) و أحمد في مسنده (15967)(338/52) بسند صحيح بشواهده عن أبي عبيد مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه طبخ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدرا فيها لحم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( ناولني ذراعها ))، فناولته، فقال: (( ناولني ذراعها ))، فقال : فناولته، فقال : (( ناولني ذراعها ))، فقال: يا نبي الله!.. كم للشّاة من ذراع؟! فقال: ((والذي نفسي بيده!.. لو سَكَتَّ لأعطتك ذراعا ما دعوت به)).
الله أكبر! كلّ من على هذه البسيطة يعلم علما يقينيّا لا مرية فيه أن للشاة ذراعين، ولكن طاعة نبيك -صلى الله عليه وسلم- تريك العجب، فسلّم للشرع تَرَ العجائب، واستكن للأمر تلمس الغرائب.
و اعلم أنّ أمر الدين لو صدر عن رأيك لفسد و لو ورد عن عقلك لنفِدْ، فعقلي و عقلك وعقول البشر جميعا كمالها إلى نقصان، و حكمتها إلى هذيان فما قام بها العلم إلا وقعد بها الجهل؛ ولا مشى بها العدل إلا وقف بها الظلم، ولقد قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه، ولقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على ظاهر خفّيه)) رواه أبو داود (162)، قال بن حجر: أخرجه أبو داود بسند حسن [الفتح (353/3) ]، وصححه الألباني في الغرواء (103).
هذا هو الاتباع الدّقيق، و التسليم العميق و اليقين الوثيق فوطّن نفسك على سلوك هذا الطريق و اعلم أنّ كثيرا من السّنن تأتي بخلاف الرأي.
المصدر:
مجلة الإصلاح / العدد الثاني عشر/قاعدة منهجية من غزوية الحديبية / لياسين طيبي - إمام خطيب. الجزائر-