عندما تتحول العبادة إلى عادة
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم .... أما بعد:
إخواني وأحبتي: إن العبادة هي طريق الإنسان في الأرض وسبب لخِلقه؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56) وهي غذاء للروح ومصدر للسعادة وأساس للعزة, وقد خالف بعض الناس بتحويل عبادتهم إلى عادة وذلك بممارستها بصورة ثابتة ومتكررة, ولكن خلت من لذتها وخشوعها, فأصبحت صنعة بلا روح, وهيئة دون مضمون, فنجد مثلاً: أن الكثير يؤدي الصلاة في جماعة, ويواظب عليها, ولكن خلت صلاته من الخشوع, ولم يتعلق قلبه بها, فإن تأخر عنها أو فاتته ركعة منها لا يشعر بالضيق أو الألم, وقد تجد بعضهم شارد الذهن, لا يدرك كم صلى ولا ماذا صلى!
أحبتي إن مقياس وضابط تحول الصلاة إلى عادة هو مقدار الإحساس بالخشوع واللذة فيها, فإن كانت الصلاة حركات وأقوالاً مجردة لا تحرك في الوجدان ساكناً سواء بالتأخر عنها, أو بما فيها من أقوال وأذكار؛ فهي إذاً عادة, ألا ترى يا أخي كيف كان ينظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليها فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول لبلال - رضي الله عنه -: «يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا» (رواه أبو داود: 4985, وصححه الألباني في صحيح الجامع: 7892) هذه هي الصلاة التي ضيع روحها وثمرتها كثير من الناس ممن أصبحت الصلاة لا تمثل عندهم إلا حركات وكلمات لا صلة بينها وبين قلوبهم .
واعلم يا أخي أن من صارت صلاته كذالك تجده لا يعرف حتماً صلاة الليل وقيامه؛ لأنه لو كان يعلمها لوجد لذة الصلاة, ولجاهد من أجلها, قال ابن القيم: قال بعض السلف: إني أدخل في الصلاة فأحمل هم خروجي منها, ويضيق صدري إذا فرغت أني خارج منها, ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» (رواه النسائي: 3940), ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يود ألا يفارقه ولا يخرج منه, فإن قرة عين العبد نعيمه وطيب حياته به (طريق الهجرتين 1/474) .
ولم يقف هذا المرض الخطير عند الصلاة فقط, بل تجده في كل صورة من صور العبادة, ألا ترى أن بعض الناس ممن يصوم رمضان, أقواله وأفعاله لا تقترب من الصيام في شئ, فقد صام بطنه وفرجه ولكن جوارحه لم تصم, قال - صلى الله عليه وسلم-: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ» (أخرجه الإمام أحمد: 8639) فمن كذلك فهو لم يجد طعم لذة الصيام وثمرته, وأصبح يصوم لمجرد أن هذا رمضان, الجميع يصومه, ونشأ وتربى على صيامه, وإذا بحثت عنه في صيام السنن والمستحبات لم تجده. وعلى تلك الشاكلة تجد أمثال هؤلاء متكرراً في كل عبادة.
إن الأمر يا إخواني ليس بالهين, ولابد من وقفة حازمة نصحح فيها الأخطاء ونقف فيها على ما تتطلبه وتقتضيه العبادة, سائلاً المولى - عز وجل - أن يثبتنا على الحق والهدى, وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.
منقول من موقع الشيخ صالح بن غانم السدلان حفظه الله .
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم .... أما بعد:
إخواني وأحبتي: إن العبادة هي طريق الإنسان في الأرض وسبب لخِلقه؛ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56) وهي غذاء للروح ومصدر للسعادة وأساس للعزة, وقد خالف بعض الناس بتحويل عبادتهم إلى عادة وذلك بممارستها بصورة ثابتة ومتكررة, ولكن خلت من لذتها وخشوعها, فأصبحت صنعة بلا روح, وهيئة دون مضمون, فنجد مثلاً: أن الكثير يؤدي الصلاة في جماعة, ويواظب عليها, ولكن خلت صلاته من الخشوع, ولم يتعلق قلبه بها, فإن تأخر عنها أو فاتته ركعة منها لا يشعر بالضيق أو الألم, وقد تجد بعضهم شارد الذهن, لا يدرك كم صلى ولا ماذا صلى!
أحبتي إن مقياس وضابط تحول الصلاة إلى عادة هو مقدار الإحساس بالخشوع واللذة فيها, فإن كانت الصلاة حركات وأقوالاً مجردة لا تحرك في الوجدان ساكناً سواء بالتأخر عنها, أو بما فيها من أقوال وأذكار؛ فهي إذاً عادة, ألا ترى يا أخي كيف كان ينظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليها فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول لبلال - رضي الله عنه -: «يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا» (رواه أبو داود: 4985, وصححه الألباني في صحيح الجامع: 7892) هذه هي الصلاة التي ضيع روحها وثمرتها كثير من الناس ممن أصبحت الصلاة لا تمثل عندهم إلا حركات وكلمات لا صلة بينها وبين قلوبهم .
واعلم يا أخي أن من صارت صلاته كذالك تجده لا يعرف حتماً صلاة الليل وقيامه؛ لأنه لو كان يعلمها لوجد لذة الصلاة, ولجاهد من أجلها, قال ابن القيم: قال بعض السلف: إني أدخل في الصلاة فأحمل هم خروجي منها, ويضيق صدري إذا فرغت أني خارج منها, ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» (رواه النسائي: 3940), ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يود ألا يفارقه ولا يخرج منه, فإن قرة عين العبد نعيمه وطيب حياته به (طريق الهجرتين 1/474) .
ولم يقف هذا المرض الخطير عند الصلاة فقط, بل تجده في كل صورة من صور العبادة, ألا ترى أن بعض الناس ممن يصوم رمضان, أقواله وأفعاله لا تقترب من الصيام في شئ, فقد صام بطنه وفرجه ولكن جوارحه لم تصم, قال - صلى الله عليه وسلم-: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ» (أخرجه الإمام أحمد: 8639) فمن كذلك فهو لم يجد طعم لذة الصيام وثمرته, وأصبح يصوم لمجرد أن هذا رمضان, الجميع يصومه, ونشأ وتربى على صيامه, وإذا بحثت عنه في صيام السنن والمستحبات لم تجده. وعلى تلك الشاكلة تجد أمثال هؤلاء متكرراً في كل عبادة.
إن الأمر يا إخواني ليس بالهين, ولابد من وقفة حازمة نصحح فيها الأخطاء ونقف فيها على ما تتطلبه وتقتضيه العبادة, سائلاً المولى - عز وجل - أن يثبتنا على الحق والهدى, وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.
منقول من موقع الشيخ صالح بن غانم السدلان حفظه الله .