إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونسائا واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) أما بعد:
فإن من المؤلم ما نراه ونشاهده كل يوم من قتل وجرح وهدم وتشريد لإخواننا في فلسطين أطفال قتلوا ونساء رملوا وجراح تنزف فإلى متى يا أمة المليار إلى متى أفيقوا ياشباب الإسلام وأعلموا أن ما أصاب الأمة إنما هو من عند أنفسنا يقول الله تبارك وتعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) ويقول الله تبارك وتعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير) وتلك سنة الله في خلقه، أن يمتحن الله الطيب بالخبيث، ليستخلص من صف المسلمين صَفوتَه، وليجتبي منه خيـرته، ذلك لأنه بالامتحان يعرف من يستحق الإكرام، ممن يستحق الامتهان قال الله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).
لما تنكبت الأمة عن كتاب ربها وسنة نبيها سلط الله عليها عدوها وأمكنه منها فعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) رواه ابو داود وصححه الألباني وصدق النبي صلى الله عليه وسلم لما ابتلينا بفساد القلوب والتي هي محل العقيدة بحب الدنيا وكراهية الموت اصبحنا سبباً في ذل هذه الأمة إذ أن حب الدنيا يجعلنا نرغب في طلبها والسعي الحثيث للجمع فيها والذي ترتب عليه ترك العلم والتعلم لأمور الدين وأصول العقيدة الصحيحة والذي سيكون سبباً في انتشار الجهل فيظهر الشرك والبدع والمعاصي ويكثر الظلم والجور والتحاسد والتباغض والتناحر والتقاتل من أجل حطام فاني ونعيم مؤقت ويترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتتغير النيات في إبتغاء الدنيا بعمل الآخر تجد المرء يطمح في الرياسة وفي القيادة بحجة نصرة قضايا المسلمين فلا يرفع رأساً بالتوحيد ولا يدعو له ولا ينكر على من أشرك بالله أو ابتدع في الدين أو جاهر بالمعاصي خوفاً من أن يفرق الجمع ويشتت الشمل قاعدته (نتفق فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه). فضعفت الأمة الإسلامية وتفرقت شذر مذر وأصبحت شيعاً وأحزاباً لا تمت للإسلام بصله كل حزب بما لديهم فرحون وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا.
ولقد اشترط النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد العزة والنصرة لهذه الأمة أن يكون عمله خالصاً لله ومن أجل أن تكون كلمة الله هي العليا لا من أجل الكراسي والرياسة أوشيء من حطام الدنيا الزائل فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب) رواه أحمد وصححه الألباني وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
ولقد وعد الله بالنصر لمن نصره بإقامة توحيده وشرعه فقال الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). يقو العلامة السعدي يرحمه الله: (هذا أمر منه تعالى للمؤمنين أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره) إنتهى كلامه رحمه الله.
فإذا كانت النية خالصة لوجهه سبحانه وتعالى لا من أجل الدنيا أو الرياسة وحب الكراسي فإن الله يتولاهم ويدافع عنهم قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ( ) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ( ) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) فعلم مما تقدم أن التمكين والنصر لا يكون إلا لمن أراد إقامت توحيد الله وشرعه في الأرض.
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الداء الذي يصيب الأمة ووصفه أعظم الوصف ثم وصف الدواء الذي به عز الأمة ورفعتها على سائر الأمم فهل من سالك له وهل من متبع فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) رواه ابو داود وصححه الألباني فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحل هو السياسة, ولا الجهاد من غير تصفية للعقيدة وإصلاح للعباد, ولم يجعل الحل مواكبة الحضارة الزائفة وتقليد اليهود والنصارى في عاداتهم وتقاليدهم حتى طمست الهوية الإسلامية, ولم يجعل الحل بالشعارات البراقة والشجب والإستنكار, ولم تكن بالمظاهرات الهمجية والصيحات المدوية أما الكاميرات من شباب وفتيات لا ترى فيهم مظهر الإسلام والحشمة والوقار, كما أنها لم تكن عن طريق البرامج السياسية والإتجاهات المعاكسة التي يكثر فيها الشجار والمشاكسة. بل جعل الحل الرجوع إلى حياض هذا الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وسار على هديه الصحابة والتابعين من السلف الماضين يقول الإمام مالك (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).
فلا سبيل إلى عزة المسلمين إلا بالرجوع إلى حياض الدين وهو التوحيد والسنة فالتوحيد: هو أفراد الله بالعبادة رغبتاً ورهبتاً وخضوع وتذللاً لله وحده لا شريك له وعدم صرف إي نوع من أنواع العبادة إلى غير الله لا ملك مقرب ولا نبياً مرسل ولا قبر ولا ولي بحجة أن له جاه عند الله تبارك وتعالى فيستغيث بغير الله ويذبح لغير الله ويستعيذ بغير الله وكل ذلك شرك أكبر مخرج من الملة فهل بهذا تنصر الأمة.
وأما السنة فهي متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله قولاً وعملاً وأعتقاداً ومنهجاً فهذا هو الحل الجذري للنهوض بهذه الأمة من وحل التردي وضعف الهمة, ولو تأملت الحديث تجد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحل حلاً دينياً لعلمه أن النصر بيد الله والله لم يوجد الخلق عبثاً بل خلقهم لعبادته وحده وإعمار أرضه بتوحيده وتطبق شرعه وأعلم أن أي نزاع بين البشر أو أي حرب بين البشر لم يكن للتوحيد حض فيها فإن الغلبة تكون للأقوى.
فإذا تحقق توحيد الله ونبذ الشرك واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإجتناب البدع والمحدثات وإجتناب المعاصي والمنكرات نصر الله عز وجل هذه الأمة على سائر ملل الكفر والإلحاد وثبت الله الأقدام عند اللقاء وهذا وعد الله الذي وعد به عباده المؤمنين والله لا يخلف الميعاد يقول الله تبارك وتعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
يقول السعدي يرحمه الله: (هذا من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار) وقال ايضاً: (فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان، بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح) إنتهى كلامه رحمه الله.
فل نرجع إلى الله ونعمل على تصفية عقيدتنا وأعمار قلوبنا بتوحيد الله عز وجل ولنصدق في متابعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكن لنا العزة والتمكين في الأرض بإذن الله ولنزرع ذلك في أبنائنا ولنصلح بيوتنا حتى ينشأ جيل يكن على يديه عزة هذه الأمة بإذن الله.
إن المتأمل في حال المسلمين اليوم يرى العجب العجاب لما جهلت الأمة توحيد ربها ظهر الشرك في كثير من البلاد وأنظر بعين البصيرة شرقاً وغرباً تجد الشرك قد عم كثير من أراضي المسلمين إذ لا تخلوا بقعة من بقاع المسلمين إلا وبها قبر يعبد من دون الله إلا من رحم.
ولما تركت الأمة اتباع سنة نبيها قولا وعملاً واعتقاداً نبتت نابتت الفرق البدعية والأحزاب السياسية فنبذوا تحكيم السنة والكتاب فخرج من يكفر المسلمين باسم الدين ونصرة قضايا المسلمين وخرج من يسب الصحابة رضي الله عنهم ويطعن في شرف أمنا عائشة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين ويغلوا في علي والحسين ويستغيث بهم وخرج من يحرف اسماء الله وصفاته ومن ينكر بعضها ويثبت بعض ومن ينكرها مطلقاً فكفر من حيث لايشعر أحزاب وفرق لا تمت للإسلام بصلة علمنة وزندقة طمست معالم الدين الصحيح الذي عليه نور النبوة.
فكيف ننتصر على العدو الغاصبين.
كيف تنصر أمة وقد عم الشرك والفساد.
كيف تنصر أمة ونحن لا نرفع رأساً بتوحيد رب العباد.
كيف تنصر أمة وفيها من يقول: (أن كعبة كربلاء بلاد الرافضة خير وأقدس من الكعبة المشرفة).
كيف تنصر أمة وقبر البدوي يصل زواره في كل عام إلى مليوني نسمة فكيف بباقي الأضرحة والمزارات.
كيف تنصر أمة وفيها من يقول: (حجة إلى قبر الحسين خير من ألف ألف حجة إلى المسجد الحرام).
كيف تنصر أمة وفيها دعاة الشرك والسحر عبر القنوات الفضائية الفاجرة والتي وظفت لهدم الدين وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
كيف تنصر أمة وقد ضيعت الصلوات وشاعت الفتن والشهوات وصدق من قال من خان حي على الفلاح خان حي على الكفاح.
فإذا كانت أصول الدين قد ضيعت في أكثر بلاد المسلمين فهل سيكون لهم الأمن والعزة والتمكين؟؟؟؟.
وإنا لندعوا المسلمين جميعاً إلى الإلتفاف حول العلماء الراسخين وولاة أمرهم والدعاء لهم بالتسديد والسمع والطاعة لهم في العسر واليسر ما لم يأمروا بمعصية وعدم السماع إلى كل صاعق وناعق يطعن في ولاة الأمر بإسم الدين ونصرة قضايا المسلمين فهو والله رأس فتنة وشر يدعوا إلى زرع الفرقة بين الشعوب وولاة أمرها وزعزعت أمنها واستقرارها وذلك من خلال الدعوة إلى المظاهرات والخروج عبر القنوات وإلقاء التصريحات النارية وكأنه قائد الأمة ومنقذها من الهلاك والضياع ولا يعلم الجاهل المسكين أنه رأس من رؤوس الخوارج ورويبضة من أبناء الشيعة والروافض ريئس حزب الشيطان وقائدهم ألا شاهت الوجوه أعداء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهم لا للإسلام نصروا ولا للكفر كسروا يريدون الرئاسة والكراسي على حساب جثث الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ.
ولقد أجمع العلماء قاطبة منذ زمن الصحابة رضي الله عنهم إلى عصرنا الحاضر على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر براً كان أو فاجراً ما لم يأمر بمعصية حقنا للدماء وتسكيناً للدهماء ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعاة الفتنة والشر وأمر بطاعة ولاة الأمر فعن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه قال: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ). رواه البخاري وفي رواية لمسلم (يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ).
وبعد أحبتي.... فإذا علمنا أن الأمة لا زالت في ضعفها فما واجبنا تجاه أخواننا في فلسطين؟:
الأمر الأول: نصرتهم بالسيف والسنان وهو الجهاد الفعلي وهذا الجهاد متعذر اليوم إلا إذا فتح الباب لأننا تحت أمرة وقيادة لا يجوز لنا الخروج عن طاعتها قيد شبر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ) رواه مسلم.
الأمر الثاني: نصرتهم بالمال وفي بلادنا ولله الحمد فتح باب التبرعات فلا تترد في نصرة إخوانك بما تجود به نفسك.
الأمر الثالث: وهو نصرتهم بالدعاء وتحري أوقات الإجابه وفي جوف الليل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى وكذلك بين الأذان والإقامة وعند السجود فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم).
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وان يرزقنا الفقه في الدين وأن يفرج على أخواننا في غزة وان يرزقهم التمكين والعزة وان يوحد كلمته على التوحيد والسنة وأن يدحر عدوهم ويرد كيده عنهم إنه ولي ذلك والقادر عليه...
ابو البراء.....
فإن من المؤلم ما نراه ونشاهده كل يوم من قتل وجرح وهدم وتشريد لإخواننا في فلسطين أطفال قتلوا ونساء رملوا وجراح تنزف فإلى متى يا أمة المليار إلى متى أفيقوا ياشباب الإسلام وأعلموا أن ما أصاب الأمة إنما هو من عند أنفسنا يقول الله تبارك وتعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) ويقول الله تبارك وتعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير) وتلك سنة الله في خلقه، أن يمتحن الله الطيب بالخبيث، ليستخلص من صف المسلمين صَفوتَه، وليجتبي منه خيـرته، ذلك لأنه بالامتحان يعرف من يستحق الإكرام، ممن يستحق الامتهان قال الله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).
لما تنكبت الأمة عن كتاب ربها وسنة نبيها سلط الله عليها عدوها وأمكنه منها فعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) رواه ابو داود وصححه الألباني وصدق النبي صلى الله عليه وسلم لما ابتلينا بفساد القلوب والتي هي محل العقيدة بحب الدنيا وكراهية الموت اصبحنا سبباً في ذل هذه الأمة إذ أن حب الدنيا يجعلنا نرغب في طلبها والسعي الحثيث للجمع فيها والذي ترتب عليه ترك العلم والتعلم لأمور الدين وأصول العقيدة الصحيحة والذي سيكون سبباً في انتشار الجهل فيظهر الشرك والبدع والمعاصي ويكثر الظلم والجور والتحاسد والتباغض والتناحر والتقاتل من أجل حطام فاني ونعيم مؤقت ويترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتتغير النيات في إبتغاء الدنيا بعمل الآخر تجد المرء يطمح في الرياسة وفي القيادة بحجة نصرة قضايا المسلمين فلا يرفع رأساً بالتوحيد ولا يدعو له ولا ينكر على من أشرك بالله أو ابتدع في الدين أو جاهر بالمعاصي خوفاً من أن يفرق الجمع ويشتت الشمل قاعدته (نتفق فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه). فضعفت الأمة الإسلامية وتفرقت شذر مذر وأصبحت شيعاً وأحزاباً لا تمت للإسلام بصله كل حزب بما لديهم فرحون وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا.
ولقد اشترط النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد العزة والنصرة لهذه الأمة أن يكون عمله خالصاً لله ومن أجل أن تكون كلمة الله هي العليا لا من أجل الكراسي والرياسة أوشيء من حطام الدنيا الزائل فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب) رواه أحمد وصححه الألباني وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
ولقد وعد الله بالنصر لمن نصره بإقامة توحيده وشرعه فقال الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). يقو العلامة السعدي يرحمه الله: (هذا أمر منه تعالى للمؤمنين أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره) إنتهى كلامه رحمه الله.
فإذا كانت النية خالصة لوجهه سبحانه وتعالى لا من أجل الدنيا أو الرياسة وحب الكراسي فإن الله يتولاهم ويدافع عنهم قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ( ) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ( ) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) فعلم مما تقدم أن التمكين والنصر لا يكون إلا لمن أراد إقامت توحيد الله وشرعه في الأرض.
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الداء الذي يصيب الأمة ووصفه أعظم الوصف ثم وصف الدواء الذي به عز الأمة ورفعتها على سائر الأمم فهل من سالك له وهل من متبع فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) رواه ابو داود وصححه الألباني فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحل هو السياسة, ولا الجهاد من غير تصفية للعقيدة وإصلاح للعباد, ولم يجعل الحل مواكبة الحضارة الزائفة وتقليد اليهود والنصارى في عاداتهم وتقاليدهم حتى طمست الهوية الإسلامية, ولم يجعل الحل بالشعارات البراقة والشجب والإستنكار, ولم تكن بالمظاهرات الهمجية والصيحات المدوية أما الكاميرات من شباب وفتيات لا ترى فيهم مظهر الإسلام والحشمة والوقار, كما أنها لم تكن عن طريق البرامج السياسية والإتجاهات المعاكسة التي يكثر فيها الشجار والمشاكسة. بل جعل الحل الرجوع إلى حياض هذا الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وسار على هديه الصحابة والتابعين من السلف الماضين يقول الإمام مالك (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).
فلا سبيل إلى عزة المسلمين إلا بالرجوع إلى حياض الدين وهو التوحيد والسنة فالتوحيد: هو أفراد الله بالعبادة رغبتاً ورهبتاً وخضوع وتذللاً لله وحده لا شريك له وعدم صرف إي نوع من أنواع العبادة إلى غير الله لا ملك مقرب ولا نبياً مرسل ولا قبر ولا ولي بحجة أن له جاه عند الله تبارك وتعالى فيستغيث بغير الله ويذبح لغير الله ويستعيذ بغير الله وكل ذلك شرك أكبر مخرج من الملة فهل بهذا تنصر الأمة.
وأما السنة فهي متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله قولاً وعملاً وأعتقاداً ومنهجاً فهذا هو الحل الجذري للنهوض بهذه الأمة من وحل التردي وضعف الهمة, ولو تأملت الحديث تجد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحل حلاً دينياً لعلمه أن النصر بيد الله والله لم يوجد الخلق عبثاً بل خلقهم لعبادته وحده وإعمار أرضه بتوحيده وتطبق شرعه وأعلم أن أي نزاع بين البشر أو أي حرب بين البشر لم يكن للتوحيد حض فيها فإن الغلبة تكون للأقوى.
فإذا تحقق توحيد الله ونبذ الشرك واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإجتناب البدع والمحدثات وإجتناب المعاصي والمنكرات نصر الله عز وجل هذه الأمة على سائر ملل الكفر والإلحاد وثبت الله الأقدام عند اللقاء وهذا وعد الله الذي وعد به عباده المؤمنين والله لا يخلف الميعاد يقول الله تبارك وتعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
يقول السعدي يرحمه الله: (هذا من أوعاده الصادقة، التي شوهد تأويلها ومخبرها، فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أن يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار) وقال ايضاً: (فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح، فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان، بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح) إنتهى كلامه رحمه الله.
فل نرجع إلى الله ونعمل على تصفية عقيدتنا وأعمار قلوبنا بتوحيد الله عز وجل ولنصدق في متابعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكن لنا العزة والتمكين في الأرض بإذن الله ولنزرع ذلك في أبنائنا ولنصلح بيوتنا حتى ينشأ جيل يكن على يديه عزة هذه الأمة بإذن الله.
إن المتأمل في حال المسلمين اليوم يرى العجب العجاب لما جهلت الأمة توحيد ربها ظهر الشرك في كثير من البلاد وأنظر بعين البصيرة شرقاً وغرباً تجد الشرك قد عم كثير من أراضي المسلمين إذ لا تخلوا بقعة من بقاع المسلمين إلا وبها قبر يعبد من دون الله إلا من رحم.
ولما تركت الأمة اتباع سنة نبيها قولا وعملاً واعتقاداً نبتت نابتت الفرق البدعية والأحزاب السياسية فنبذوا تحكيم السنة والكتاب فخرج من يكفر المسلمين باسم الدين ونصرة قضايا المسلمين وخرج من يسب الصحابة رضي الله عنهم ويطعن في شرف أمنا عائشة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين ويغلوا في علي والحسين ويستغيث بهم وخرج من يحرف اسماء الله وصفاته ومن ينكر بعضها ويثبت بعض ومن ينكرها مطلقاً فكفر من حيث لايشعر أحزاب وفرق لا تمت للإسلام بصلة علمنة وزندقة طمست معالم الدين الصحيح الذي عليه نور النبوة.
فكيف ننتصر على العدو الغاصبين.
كيف تنصر أمة وقد عم الشرك والفساد.
كيف تنصر أمة ونحن لا نرفع رأساً بتوحيد رب العباد.
كيف تنصر أمة وفيها من يقول: (أن كعبة كربلاء بلاد الرافضة خير وأقدس من الكعبة المشرفة).
كيف تنصر أمة وقبر البدوي يصل زواره في كل عام إلى مليوني نسمة فكيف بباقي الأضرحة والمزارات.
كيف تنصر أمة وفيها من يقول: (حجة إلى قبر الحسين خير من ألف ألف حجة إلى المسجد الحرام).
كيف تنصر أمة وفيها دعاة الشرك والسحر عبر القنوات الفضائية الفاجرة والتي وظفت لهدم الدين وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
كيف تنصر أمة وقد ضيعت الصلوات وشاعت الفتن والشهوات وصدق من قال من خان حي على الفلاح خان حي على الكفاح.
فإذا كانت أصول الدين قد ضيعت في أكثر بلاد المسلمين فهل سيكون لهم الأمن والعزة والتمكين؟؟؟؟.
وإنا لندعوا المسلمين جميعاً إلى الإلتفاف حول العلماء الراسخين وولاة أمرهم والدعاء لهم بالتسديد والسمع والطاعة لهم في العسر واليسر ما لم يأمروا بمعصية وعدم السماع إلى كل صاعق وناعق يطعن في ولاة الأمر بإسم الدين ونصرة قضايا المسلمين فهو والله رأس فتنة وشر يدعوا إلى زرع الفرقة بين الشعوب وولاة أمرها وزعزعت أمنها واستقرارها وذلك من خلال الدعوة إلى المظاهرات والخروج عبر القنوات وإلقاء التصريحات النارية وكأنه قائد الأمة ومنقذها من الهلاك والضياع ولا يعلم الجاهل المسكين أنه رأس من رؤوس الخوارج ورويبضة من أبناء الشيعة والروافض ريئس حزب الشيطان وقائدهم ألا شاهت الوجوه أعداء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهم لا للإسلام نصروا ولا للكفر كسروا يريدون الرئاسة والكراسي على حساب جثث الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ.
ولقد أجمع العلماء قاطبة منذ زمن الصحابة رضي الله عنهم إلى عصرنا الحاضر على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر براً كان أو فاجراً ما لم يأمر بمعصية حقنا للدماء وتسكيناً للدهماء ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعاة الفتنة والشر وأمر بطاعة ولاة الأمر فعن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه قال: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ). رواه البخاري وفي رواية لمسلم (يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ).
وبعد أحبتي.... فإذا علمنا أن الأمة لا زالت في ضعفها فما واجبنا تجاه أخواننا في فلسطين؟:
الأمر الأول: نصرتهم بالسيف والسنان وهو الجهاد الفعلي وهذا الجهاد متعذر اليوم إلا إذا فتح الباب لأننا تحت أمرة وقيادة لا يجوز لنا الخروج عن طاعتها قيد شبر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ) رواه مسلم.
الأمر الثاني: نصرتهم بالمال وفي بلادنا ولله الحمد فتح باب التبرعات فلا تترد في نصرة إخوانك بما تجود به نفسك.
الأمر الثالث: وهو نصرتهم بالدعاء وتحري أوقات الإجابه وفي جوف الليل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى وكذلك بين الأذان والإقامة وعند السجود فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم).
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وان يرزقنا الفقه في الدين وأن يفرج على أخواننا في غزة وان يرزقهم التمكين والعزة وان يوحد كلمته على التوحيد والسنة وأن يدحر عدوهم ويرد كيده عنهم إنه ولي ذلك والقادر عليه...
ابو البراء.....
تعليق