إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

تنبيه حول ما يتداول في بعض المنتديات " حول مقاطعة المنتجات الغربية "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تنبيه حول ما يتداول في بعض المنتديات " حول مقاطعة المنتجات الغربية "

    الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
    فالأصل المقرر في عموم التعامل مع الكفار جوازه مطلقًا سواء كانوا أهل ذمة أو مستأمنين أو محاربين، ويستثنى من ذلك ماكان الحرام في ذات المتعامل فيه كالعوض المحرم مثل: الخمر ولحم الخنزير والميتة، أو كالمنفعة غير المباحة مثل: الفوائد الربوية، والعين غير المباحة مثل: العنب يتخذ خمرًا، أو ملك العين، أو إجارتها لغاية محرمة، وكذلك يحرم التعامل في الوسائل التي يستعين بها أهل الحرب على أهل الإسلام أو يستعينون بها في إقامة دينهم، وأعيادهم، ولا بيع مصحف ولا العبد المسلم للكافر مطلقًا، فما عدا هذا فمعاملتهم جائزة إجماعًا(١- المجموع للنووي: 11/40)، ويدل عليه ما ثبت وقوع معاملة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه أهل مكة قبل الهجرة، ومن يرد عليها من طوائف الكفار، كما عامل مع من وفد إلى المدينة من الأعراب الباقين على الشرك، وبعد هجرته صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة عامل هو صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه اليهود من أهل المدينة وممن حولها من الأعراب، وكانت معاملة الصحابة لهم -أيضا- بمرأى منه ومسمع، ولم ينقل على كثرة معاملاتهم التجارية والمالية، وطول مدتها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منع معاملة الكافر مهما كانت صفة كفره عنادًا أو جهلاً أو نفاقًا، بل أحاديث كثيرة ثبت فيها تعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه مع يهود المدينة بالبيع، والشراء، والقرض، والرهن، وغير ذلك من المعاملات المالية والتجارية المباحة في ملتنا، وقد بوَّبَ البخاري- رحمه الله- لهذا المعنى" باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب"(٢- صحيح البخاري: 4/410( 2216)).
    هذا، وليس جواز معاملة الكفار من الركون المنهى عنه، فقد انتفى بما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشترى من يهودي طعامًا ورهن درعًا من حديد"(٣- متفق عليه: أخرجه البخاري: 4/302 رقم( 206، ومسلم: 11/40 من حديث عائشة رضي الله عنها)، ولا يستفاد من الحديث جواز بيع السلاح للكفار، لأنَّ الدرع ليس من السلاح، والرهن ليس بيعًا، واليهودي كان من المستأمنين تحت الحماية والحراسة فلا يخشى منه سطوة، أما إعانة أعداء الله بالأسلحة فقد تقدم تحريم التعامل فيها إجماعًا، بل هي معدودة من الخيانة العظمى.
    وعليه فمن تمسك بمبدأ جواز معاملة الكفار، وخاصة ما للمسلمين فيه حاجة، فإنه لا يقدح أصلاً في عقيدة الولاء والبراء التي هي من أوثق عرى الإسلام، ما دام يبغض الشرك والكفر وأهله، ولا يرضى به ولا يقر عليه، ولا يتخذ الكفار أولياء يلقي إليهم بالمودة، ولا يناصرهم ويمدحهم، ولا يعينهم على المسلمين، ولا يتشبه بهم فيما هو من خصائصهم دنيا ودينًا، ولا يتخذهم بطانة له يحفظون سره، ويتولون أهم أعماله، ولا يتحاكم لهم، أو يرضى بحكمهم، ويترك حكم الله ورسوله، ولا يعظم الكافر بلفظ، أو فعل، ولا يشاركهم في أعيادهم، وأفراحهم، ولا يهنئهم عليها، ولا يواليهم في كل شيء في الظاهر والباطن، ولا يداهنهم ويجاملهم على حساب الدين، تلك هي بعض حقوق البراء التي يلتزم بها المسلم عقيدة وعملاً، وبها تحصل مخالفة أصحاب الجحيم، وتتحقق له الشخصية الذاتية المستقلة، سيرًا على الهدي القويم، والصراط المستقيم، وهي أعظم من مقاطعة السلع والبضائع، إذ هي من لوازم الشهادة، ومكملات الإيمان لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:" مَنْ أَحَبَّ فِي اللهِ، وَأَبْغَضَ فِي اللهِ، وَأَعْطَى للهِ، وَمَنَعَ للهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ"(٤- أخرجه أبو داود في السنة(4683)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (6/16/2،9/396/2)، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة:(380)، وفي صحيح الجامع (5965)).
    هذا، وأما مقاطعة البضائع والمنتجات لبعض الدول الكافرة فإن حكمها يختلف باختلاف طبيعة المجتمع المسلم، وقوة شوكته، وانعكاسات المقاطعة عليه، ذلك لأن المعلوم أن الدولة التي يعتمد اقتصادها وصناعتها على استيراد المنتوجات التجارية، والمواد المصنعة من الدول الكافرة، فهي مرهونة بها لضعفها، والكفر ملة واحدة، والكفار على قلب رجل واحد على أهل الإسلام، فلو قوطعت بعض البلدان الكافرة، فإنَّ الارتباط بغيرها يبقى مستمرًّا على الدوام لانتفاء قيام الأمة بنفسها، ولو تنازلت هذه الدول لحساب المقاطعين، فإنها لا تعود على مصلحة الإسلام ومنافعهم لهوانهم وضعف شوكتهم.
    وهذه النظرة المآلية تقديرية، غير أنَّ ولي الأمر المسلم -في مراعاته لمصالح المسلمين وتقديره للمفاسد- إنْ حكَّم سلطته التقديرية، بمشورة أهل الرأي والسداد، واختار المقاطعة الجماعية لأي بلد كافر، كحل مناسب، يعلي به راية الدين، وينصر به المسلمين، ويخزي به الكافرين، فإن طاعته فيما حكَّم لازمة لارتباط هذا الاختيار بالشئون الأمنية والعسكرية للبلاد التي تناط مهامها بولي الأمر دونما سواه، جريًا على قاعدة:"تصرف الحاكم يناط بالمصلحة" إذ أنَّ:"منزلة الإمام من الرعية منزلة الولي من اليتيم" كما قال الشافعي رحمه الله(٥- انظر: المنثور للزركشي: ( 1/183))، وعلى هذا المعنى تحمل الأحاديث الصحيحة الواردة في حصاره صلى الله عليه وآله وسلم لبني النضير، وتحريق نخيلهم، وفي منع ثمامة بن أثال، فقال لأهل مكة:" وَاللهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ"(٦- أخرجه البخاري في المغازي (4372)، ومسلم في الجهاد والسير (468، وأحمد (1008، والبيهقي (13215)، من حديث أبي هريرة رضي الله) وغيرها من الوقائع الكثيرة الدالة على الجهاد بالمال وغيره من أنواع الجهاد، المبنية على درء المفاسد وجلب المصالح فهي محمولة على تقدير إمام المسلمين وإذنه.
    ومما تقدم تقريره، فيمكن ترتيب الحاصل منه على الوجه التالي:
    أولا: إنَّ الأصل في التعامل التجاري والمالي مع الكفار جائز مطلقًا مالم يكن التعامل فيه محرما سواء كان عينًا أو عوضًا أو منفعة أو إجارة، كما لا يجوز أن يكون فيه إعانة على أهل الإسلام، أو ما يستعينون به على إقامة دينهم.
    ثانيا: لاحرج فيمن يتمسك بالأصل السابق، فإنه لا يقدح أبدًا في عقيدة الولاء والبراء ما دام يلتزم بحقوق البراء السالفة البيان، وبشرط أن لا يتعمد ترك الشراء من المسلم مطلقًا بإيثار الكافر عليه من غير تبرير صادق.
    ثالثا: ولا حرج- أيضا- فيمن سلك سبيل المقاطعة الفردية إن أراد سبيل إضعاف اقتصاد أهل الكفر، وإظهار براءته منهم، وعدم الرضا عنهم، لكن بشرط أن لا تصدر منه تصرفات الفساد والإفساد: إما بتضليل المخالف فيها، ورميه بموالاة أعداء الله، والتعاون معهم على باطلهم، وإتلاف الأموال، وإضاعة السلع والمنتجات بتحريقها وتكسيدها، فإنَّ ذلك ضرر بالمسلم وعدوان على ماله وعرضه: ﴿وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾[البقرة: 205]، قال صلى الله عليه وآله وسلم:" كُلُّ المُسْلِمِ عَلىَ المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ"(٧- أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب (6706)، وأبو داود في الأدب (4884)، والترمذي في البر والصلة (2052)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيكْمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا"(٨- أخرجه البخاري في العلم(67)، ومسلم في القسامة(4477)، وأحمد(2923)، والدارمي(196، والبيهقي(9894)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَضَرَرَ وَلاَضِرَارٍ"(٩- أخرجه ابن ماجه في الأحكام (2341)، وأحمد(3/267)، وصححه الألباني في الإرواء (3/40 رقم (896)، وفي غاية المرام:(6).
    ومن جهة أخرى لا يجوز أذية الكافر في دمه وماله وعرضه إن لم يكن محاربًا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم يقول الله تعالى:"يَاعِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلىَ نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُواْ"(١٠- أخرجه مسلم في الآداب والصلة (6737)، وابن حبان (621)، وأحمد(20960)، والبيهقي (11837)، والبزار (885)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ "‏أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوْ انْتَقَصَهُ حَقَّهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهُ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ‏.‏ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ‏‏‏‏‏"(١١- أخرجه أبو داود في الخراج:(3054) والبيهقي:( 19201)، من حديث صفوان بن سليم عن عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والحديث حسنه ابن حجر في موافقة الخبر الخبر(2/184)، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة: (459) "إسناده لا بأس به"، وصححه الألباني في الصحيحة( 1/807) ومشكاة المصابيح( 4047)) فالواجب التعامل معهم بالعدل، وخطأ الواحد منهم لايلزم به الجميع لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: 164]، ولقوله تعالى:﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8]، وإذا كان لهم مع أهل الإسلام عهود، أو كان لهم على المسلمين ديون، فلا يجوز لمن اتخذ من المقاطعة سبيلا أن لا يفي بعهدهم، أو يحرمهم من ديونهم، فالواجب الوفاء بها إليهم لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾[المائدة: 1]، ولقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: 34]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلىَ مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ(١٢- أخرجه الترمذي في البيوع :(1264) و أبو داود في الإجارة (3535) ، والدارمي في البيوع (2652). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صححه السخاوي في المقاصد الحسنة(51)، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (424)).
    رابعا: في حالة ما إذا تولى ولي الأمر أو الحاكم مسؤلية اختيار منع التعامل مع بلد كافر، تحقيقا لمصلحة المسلمين، فإنه تجب طاعته في المقاطعة الجماعية بما تقرر في القواعد العامة، وتحمل الأحاديث الواردة في هذا الشأن على هذا المعنى.
    هذا ما ندين به الله ربَّ العالمين في هذه المسألة، نسأل الله أن يعزَّ دينه، ويعلي كلمته، وينتصر لنبيه ودينه، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً، ويرزقنا اجتنابه، اللهم وفِّق هذه الأمة للتمسك بالعقيدة فيك، والرجوع إلى دينك، والاعتزاز به، إنَّك سميع قريب مجيب.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرًا.

    الجزائر في: 14 محرم 1427ﻫ
    الموافقﻟ: 13 فبراير 2006م



  • #2
    المقاطعة التجارية ليست من الشرع ولا من العقل




    الغلو في الدين : تجاوز لحدود الشريعة وتقرُّبٌ إلى الله بما لم يأذن به الله بحسن نيَّةٍ وقصدٍ في غالب الحال، وحسن النِّيَّة والقصد لا يغني عن حسن العمل بالاتباع لا بالابتداع، قال الله تعالى: { يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الحَقَّ } [النساء:171]، والتقرب إلى الله بغير شرعه غلوٌّ في الدين، والدعوة إلى ذلك قول على الله بغير علمٍ، ومعظم الشرك فما دونه من البدع نتج عن حسن النية مع الجهل، قال الله تعالى عن شرِّ خلقه: { إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } [الأعراف: 30]، وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ } [يونس: 18]، وفي الآية الأخرى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى } [الزُّمر: 3].

    وقد فرح أكثر المسلمين باتِّفاق كلمة المنتمين إلى الإسلام على مقاطعة البضائع الدنمركيَّة على اختلاف فِرَقهم وطوائفهم وجماعاتهم وأحزابهم وظنُّوا ذلك من علامات الهدى ( وبعض الظنِّ إثم )، ورأى أكثرهم ـ ومن بينهم بعض طلاب العلم الشرعيِّ ـ وجوب المقاطعة إذا كانت مؤثرةً، كأنَّ النتائج تُحلُّ الحرام أو تحرم الحلال.

    واختلف رأيي عن رأي الأغلبيَّة فرددت الأمر إلى الله (كتابه) وإلى رسوله (سنته) فوجدت ما يلي:

    1- قال الله تعالى: { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } [الأنعام: 116]، { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } [يوسف: 106]، وكثيرٌ من آيات الكتاب المحكمة تبيِّن أنَّ الصالحين: { وَقَلِيلٌ مَا هُمْ } [ص: 24] ، وأنَّ: { أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [الأعراف: 187].

    2- وبيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ أمَّته: (ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النَّار إلا واحدة»، و«لا تزال طائفةٌ منها على الحقِّ)، وكما أنَّ هذه الأمَّة (فقهاؤها في القرون المفضَّلة بخاصَّة) لا تجتمع على ضلالة، فهي كلُّها لا تجتمع على هدًى؛ بل إنَّ فرقةً وطائفةً واحدةً تكون: (على مثل ما عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه) لا يضرُّهم من خالفهم ولا من خذلهم من الأفراد والفرق والطوائف والأحزاب، بل إنَّ أكثر هؤلاء المخالفين لمنهاج النبوَّة والصحبة والاتِّباع: (سيتبعون سنن من كان قبلهم من اليهود والنصارى والمشركين شبرًا بشبرٍ وذرعًا بذراعٍ)؛ كما دلت الأحاديث المعتدُّ بها في (الصحيحين) وغيرهما.

    3- خير عصور المسلمين عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عصر خلفائه، ثم عصر الحسن ومعاوية رضي الله عنهم، ثم عصر التابعين حتى آخر الخلفاء الاثني عشر من قريشٍ رحمهم الله جميعًا، ولم تخل ولاية من هذه الولايات من منافقٍ أو خائنٍ أو عاصٍ أو خارج على السنة أو الجماعة (بل عليهما معًا) أو جاهلٌ، وإنما يُعتدُّ بأولي العلم أهل الحَلِّ والعقد، وأكثر النَّاس في كلِّ عصرٍ ليسوا من أولئك كما تقدَّم.

    4- النتائجُ لا تصلح دليلًا على الخير أو الشرِّ، فقد يؤيد الله الإسلامَ بالرجل الفاجر، ويأتي الرسول من أولي العزم من الرسل يوم القيامة وليس معه إلا قليل من المؤمنين بعد الدعوة الصالحة إلى الله تعالى مئات السنين، ويأتي النبيُّ وليس معه أحدٌ، كما دلَّت الآيةُ والحديثُ.

    5- لا أعلمُ سلفًا للمقاطعين إلا مشركي قريش حين حُصِرَ النبي صلى الله عليه وسلم ومن شايعه من المؤمنين والكافرين في الشِّعب بمكة المباركة قبل الهجرة، ومقاطعة الهند (بقيادة غاندي الهندوسي) بضائع وخدمات إنكلترا، ومقاطعة الأمم المتحدة دولة جنوب أفريقيا العنصرية، ومقاطعة أمريكا ليبيا والعراق ونحوها، ولا أعلم بينها من حقَّق غايته غير أتباع غاندي من الهندوس لما تميَّزت به الصوفيَّة الوثنيَّة في الهند من صبرٍ على شظف العيش واعتياد على قلة الأثاث والمتاع: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} [الإسراء: 20].

    6- قد يتشبَّثُ المقاطعون برواية من روايات السِّير والتواريخ عن قصَّة ثمامة بن أثال، كعادتهم: العمل على غير هدى من الله ثم البحث عن دليل ولو كالقشَّة لمحاولة النَّجاة من الغرق وستر عورة الجهل.

    ولو ثبت مقاطعة ثمامة رضي الله عنه مشركي قريش بمنعه قومه من بيعهم الحنطة فإنَّما هي مثل مقاطعة المملكة المباركة في عهد الملك سعود رحمه الله عليه أوربا عام: 1376 بمنعه بيعهم البترول، ثم في عهد الملك فيصل مقاطعة أمريكا عام 1393 إعانةً للعرب في مصر وفلسطين؛ فإنه سيِّد قومه وليس فردًا من الغوغاء.

    ولم ترتبط قضية ثمامة رضي الله عنه بأمر ولا فعل ولا تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم ـ فيما علمتُ ـ إلا بالشفاعة لقريش لإنهاء مقاطعتهم إذا صحَّ هذا الجزءُ من الرواية.

    7- ولو كان للنتيجة أو التأثير علاقةٌ بحكم المقاطعة شرعًا (وقطعًا لا علاقة) فإنَّ النتيجة كانت شرًّا على الإسلام والمسلمين:

    * الرسوم الكارِكَتيرية التي اقترفها صحفيٌّ علمانيٌّ في جريدة دنمركية لا يقرؤها إلا قليل من الناس في منطقة واحدة من العالم تتكلم لُغَةً لا يعرفها إلا أهلها، وبَقِيَتْ قريبًا من أربعة أشهر لا يُعرف عنها شيءٌ خارج أرضها؛ حرَّك الهوى والشيطان عربيًّا هاجر من أرض البركة والقداسة إلى أرض العلمانية والنصرانية من أجل المال ـ كما يقول عن نفسه ـ، وعرفتُ عنه من بعضِ دعاة السُّنة الصَّحيحة أنَّه من أكثر أقرانه حِقْدًا على دعاة السنة، فأخذ هذه الرسومَ وأضاف إليها رسومًا لم تُنشر وإنما ادَّعى أنَّها أرسلت إليه بالبريد، ونشرها في كلِّ بقعة في العالم، فهو ـ حقيقةً ـ تولَّى كِبْرَ نشرها أكثر من الصَّحفيِّ العلماني فكان كمن يشيع الفاحشة في الذين آمنوا (بل وفي الذين كفروا)، وما دفاعه ونصرته وذبُّه المزعوم عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا كمثل ما تقول الأسطورة عن الدبِّ الأحمق الذي رضخ رأس المحسن إليه بدعوى حمايته من ذبابٍ وقعتْ عليه، بل يضرب أهلُ مهجره بمِثْل حماقته مَثَلَ السَّوء فيقولون: (بمثل هذا الصديق لا نحتاج إلى عدوٍّ)؛ لأنه صديقٌ بقوله، عدوٌّ بفعله وقوله وفكره، هدانا الله وإياهم جميعًا وتجاوز عنَّا وعنهم، وعاملهم بنيَّاتهم فهي خيرٌ من عملهم.

    * تسبَّبت المقاطعة التجارية وسحب السفراء (وأسوأ منهما تحريق الأعلام والسفارات وقتل الأبرياء) بإثارة الحقد على الإسلام والمسلمين ونقل الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم أو اتِّهامه بالإرهاب من جريدة مغمورة في منطقة نائية ولُغةٍ مجهولة إلى جميع الجرائد والفضائيات ومراكز التهريج والمهرِّجين في كل بقعة في العالم وبكل لُغَة إلا ما شاء الله، وتسابق أتباع كلِّ ناعقٍ (من الأصدقاء الأعداء المنتمين للإسلام والمدعين نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته) على نشرها في الجوَّالات والمساجد والمراكز الإسلامية.

    * وأَضرَّت المقاطعة بتجارة المسلمين قبل غيرهم فامتنع أكثر الجهلة عن شراء بضاعة المسلم التي استوردها من الدَّنمرك قبل أن ينفخ شيطان الهوى والجهل في نار الفتنة، رغم كثرة الأحاديث الصحيحة عن شراء واستعارة واستدانة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بضاعة المشرك واليهودي والنصراني وقبوله الهدية إذا جاءته من أحدهم فضلًا عن مطلق التعاون معهم جميعًا على البرِّ والعدل والإحسان؛ كما سبق في القسم الأول من هذا المقال.

    * وأَضرَّت المقاطعةُ بفَهم المسلم للإسلام (الولاء والبراء والمحبة والنُّصرة والتَّضحية) فخالف الحركيُّون سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملة غير المسلمين وفي توجيه المسلم إلى الدَّفع بالتي هي أحسن، بل خالفوا كتاب الله في ذلك كلِّه ودعوا النَّاس إلى التي هي أسوأ.

    وخير ما رأيت من هذه الزوبعة ما نُقل عن أحد التُّجار استعداده لتمويل محاكمة المجرم الدَّنمركيِّ؛ إن جاز اللجوء إلى محكمة الطَّاغوت.

    وأعجبني خطيبُ جُمُعةٍ أخطأ بإثارته القضيَّة الظنيَّة في خطبة الجمعة وهي العبادة التي لا يصلح لها إلا اليقين، ولكنَّه أصاب جزاه الله خيرًا بتحذيره من نشر الصور المحرَّمة في الجوالات والأماكن العامة، وتحذيره من اتِّهام من لا يرى المقاطعة أو لا يأخذ بها بعدم محبة الرسول ونصرته.

    * وأذكر ـ قبل بضع عشرة سنة ـ أن دولة مسلمة سحبت سفيرها لتمنع الدولةُ الأخرى محطةً تلفزيونية من نشر فِلْم سينمائيٍّ ساقط من الدرجة السفلى فكانت النتيجة: رفْعه للدرجة الأولى، وجذب من لم يكن ليشاهده إلى مشاهدته، ونشره في حينه لأن دول الديمقراطية لا تملك منع وسائل الإعلام الخاصة (وكلها إلا النَّادر خاصَّة) من نشر ما ترغبه وبخاصة إذا وُجِد التَّحدي وهُدِّدت حرَّية التعبير المشؤومة التي تفتح أفواه الإعلاميِّين وتُكسِبُهم قُوْتَهُم، والله الهادي إلى سواء السبيل.

    وكتبه: سعد الحصين، الرياض: 21/2/1427

    تعليق


    • #3
      انظر ما سببته المقاطعة الجائرة لمصنعنا

      السلام عليكم ورحمة الله. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم اما بعد.
      انا اعمل مسؤول مبيعات بمصنع سعودي للدهانات. وهذا المصنع بدأ العمل منذ خمسة وثلاثين عام بشراكة مع الدنماركيين حيث امتلكو ربع المصنع، ومنذ حوالي خمسة عشر عام اشترى السعوديين حصة الدنماركيين فاصبح المصنع مملوك بالكامل للمسلمين وبقي ترخيص صناعي مع الدنمارك لا يتجاوز 3% من المبيعات.
      عندما بدأت المقاطعة وجدنا انفسنا نعامل من قبل العملاء والمهندسين كأننا نكره الرسول علية الصلاة والسلام ولا نغار عليه، وبالرغم من شرحنا الوافي والموثق بالشهادات الصادرة من الوزارات المختصة بان الشركة سعودية بالكامل و حوالي 90% من العاملين بها من المسلمين وباننا لا نشتري اية مواد خام من الدنمرك، بالرغم من هذا كله كان معظم الزبائن يتعاملون مع دهاناتنا وكأنها لحم خنزير او خمور. ولقد قاطعنا معظم العملاء وبعضهم طرد البائعين واستغل هذه الفرصة ليظهر علنا كم هو يحب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبعض الناس قامو بتحطيم بعض محلاتنا ووقع علينا اذى لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى.

      ولقد وزعنا بعض فتاوى علماء السنة ولكن للاسف اغتر معظم الناس بكلام القرضاوي وسلمان عوده ومن على شاكلتهم.

      ومصنعا منذ المقاطعة خسر الكثير من الملايين وما زال والله المستعان.
      يمكنني ان اكتب الكثير والكثير من الظلم الذي وقع علينا بسبب هذه المقاطعة الجائرة، ولكن ما اردته هو تاييد اخي الحصين، جزاه الله خيرا، واعتقد ام ما ذكرة اخي المسلم في البند الثالث بضوابطة من الصعب ان لم يكم من المستحيل تطبيقه.

      وجزاكم الله خيرا

      تعليق


      • #4
        أخي الكريم ، جزاكم الله خيرًا على ماتفضلتم به من الشرح والبيان

        أحببت أن أشير أن الشيخ سعد الحصين من علية القوم من أفاضل العلماء الكبار الذين عرفوا الشيخ إبن باز رحمه الله وتتلمذوا على يديه وسمعت الشيخ إبن باز يشير أنه أعتمد على كلامه في تبديع جماعة التبليغ والتحذير منها وهذا يوضح لك مدى ثقة الشيخ رحمه الله بالشيخ سعد الحصين أحببت الإشارة إلى هذا الأمر

        كما أحببت أن نواسيك ونصبرك فالأمر في النهاية دنيا إن شاء الله وللأسف الجهل منشر حتى عند بعض من يظن بهم الخير للأسف الشديد فالحزبيات تكثر ودعاة الباطل أنتشروا

        نسـأل الله أن يميتنا على الإسلام والسنة

        وبالله التوفيق

        تعليق

        يعمل...
        X