شـريــط
( وصايا مهمة لعامة الأمة )
للشيخ صالح بن سعد السحيمي
- حفظه الله تبارك وتعالى -
نرحب بكم جميعا في هذا الملتقى العاشر الذي نتواصل به جميعا ، وهدفه كله ابتغاء وجه الله - تبارك وتعالى - في نشر العلم النافع ، وأن يكون ذلك من أسباب العمل الصالح .
ونشر السنة يحتاج إلى تواصٍ ، وتعاون ، وتتظافر جهود ، والحمد الله نحن فرحون بهذا التناصر والتواصي ، وهذا الحضور الذي نسأل الله – عز وجل – أن يثمر انتفاعا في المنهج ، وفي العمل ، وفي لزوم السنة ، ونسأل الله – عز وجل – أن يبارك في كل جهد ، ولا يحقر أحدٌ جهدا في نصر ، ولو بكلمة يسيرة ، ولو بحضور ، ولو بالدلالة على الخير ، والإرشاد إلى أئمة الهدى ، وعلماء أهل السنة والجماعة .
أيها الإخوة : لا شك أننا في هذا اللقاء نجثني فوائد كثيرة ، وأنا من أولهم .
وكلنا طلبة علم ، والعلم درجات ، والناس فيه رتب ، وفوق كل ذي علم عليم .
وإذا حضر مشايخنا ، وحضر أئمتنا انتفعنا جميعا من هذا .
ومن أعظم ما يكون من الانتفاع – سوى ما هو معلوم من العلم النافع – هو شحذ الهمم ، وهذا النشاط الذي نجده في أنفسنا ، وأجده في نفسي خاصة ، أجده في كل لقاء ألتقي به مع عالم ، أو إمام مبرز ، أو شيخ له باعه في طلب العلم ، وفي نشره ، وفي نصرة السنة ، خصوصا في المقامات التي قام فيها أهل البدع ، ورفعوا عقيرتهم في التثبيط على الولاة ، وتأييد الشر ، فكانت لهم مقامات هي بمنزلة الجهاد ، بل هي جهاد ، كانت من أسباب صيانة البلاد والعباد عن الشرور والفتن ، وكلنا حقيقة نرفل بنعمة الأمن والأمان والصحة والعافية بعد أن ذهبت ديارنا بسبب الاحتلال البعثي العراقي ، وعرفتهم جميعا مواقف أهل الأهواء ، ومواقف المتعالمين ، ومواقف أصحاب المناهج التكفيرية ، ومواقف القطبيين ، ولا بد كل جماعة أساسها : إما متعالمون ، وإما أنصاف متعالمين ، وإما أقوام غارقون في التنظير ، فإن للتنظير شهوة أعظم من شهوة ( أظنها قال النفس ) ؛ لذلك قال وهب بن منبه – رحمه الله تعالى – أن للعلم طغيانا كطغيان المال .
وفقه الواقع ثبت بالدليل القاطع ، وبالتجربة العملية أن المبرزين فيهم هم أئمتنا ، وعلماؤنا ، وأن أئمة التنظير الذين كانوا ينظرون في بريدة ، وفي جدة ، لم يقدموا للأمة حلا واقعيا أبدا ؛ ولذلك الأمة تمر بمتغيرات إقليمية خطيرة وحساسة تشبه الأجواء التي عشناها في تلك الأيام من بعض الوجوه ؛ لذلك نحتاج أن نذكركم ، ومثلكم – إن شاء الله – نرجو ونحسن فيه الظن - : أنه لن يكرر الخطأ أبدا ، ولن يغتر بأولئك القوم الذين نعتناهم بالنعوت المعروفة ، وإنما سيكيلون الأمر إلى عالمه كما الله - تبارك وتعالى - : ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) سورة النساء آية رقم (83) .
أيها الإخوة في الله : في بلادنا هذه ، في هذه الأيام خصوصا نرى حضورا نشيطا لبعض أولئك القوم الذين نعتناهم بما ذكرناه ، وحضورهم في مثل هذه المتغيرات الإقليمية لاشك أنه لا يبعث على الطمأنينية ؛ لمن جربهم ، وعرف سيرتهم ، وسبر مناهجهم ؛ لذلك يجب علينا في مثل هذه الأيام أن نكثف نشاطنا ديانة ، وطاعة لله – تبارك وتعالى - ، وقطعا للطريق حتى لا يكرر هؤلاء فتنتهم التي فعلوها من قبل .
وإذا نجم ناجم البدع ، أو أهلها وجد البدار إلى حد أئمة أهل السنة ، وإبرازهم إلى الناس ، وتقديمهم إلى الناس ، حتى نصون الناس ، وتصون الديار والبلاد والعباد عن الشرور والفتن ؛ ولذلك أيها الإخوة في الله هذا المخيم أقيم من أجل هذا الغرض ، وسيقام – إن شاء الله – مخيم مثل هذا – إن شاء الله – وهو من باب التكامل في الجهود ، والتناصر والتعاضد ، وليس من باب ( كلمة أظنها التضاهي ) بل المشايخ هم المشايخ ، ومعهم آخرون من أهل من ديار مختلفة : من المملكة العربية السعودية ، ومن مصر الشيخ حسن البنا شقيق الشيخ محمد البنا السلفي المعروف بجدة ، وليس حسن البنا الذي مات ، وننشر مذهب فرقته المعلومة ، كذلك إخوة من اليمن ، إخوة من الصومال الشيخ عثمان المعلمي ، مشايخ على السنة المحضة .
الشيخ عبد المالك الرمضاني ، وشيخنا الفاضل الكريم الشيخ صالح السحيمي ؛ وإن شاء الله نحاول – أيضا – في فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ ، وهناك – أيضا – ( أظنه قال أشياء ) أخرى وكبرى مفآجات – إن شاء الله – ، نسأل الله – عز وجل – أن ييسر الأمور .
وسيكون هذا الملتقى – إن شاء الله – في منطقة القرين ، في البراح الذي قبل سنترال القرين الذي أقمنا فيها ندوة الذب عن الإمامين ابن باز وابن عثيمين .
وسيكون تاريخ هذا الملتقى من (21) / (3) من هذا الشهر ، إلى (23) / (3) يعني : أربعاء وخميس وجمعة بعد المغرب مباشرة ، نصلي في مخيم مثل هذا ، في نفس المخيم ، نرجو من الإخوة الصلاة في نفس المخيم مباشرة ، أن يبكروا قبل صلاة المغرب ؛ لينتفعوا بالمشايخ .
وبعد الصلاة .....وأيضا نصرة ، وأيضا يحصل بهذا اللقاء من الفوائد الكثيرة ما هو معلوم .
شيخنا وضيفنا - لا شك - أنكم تعرفونه جميعا ، وهو – حقيقة - ممن ناصر الدعوة السلفية في الكويت ، وأكثرهم حضورا إلى الكويت ، وحصل بسبب محاضراته التي ألقاها خير كثير ، وما زال التواصل مستمرا مع شيخنا ، ومع سائر إخواننا ، وعلمائنا ، ومشايخنا .
فهذا اللقاء – لاشك – أنه – إن شاء الله – لقاء يحصل به سرور لأهل السنة في كل مكان ، فقلوب أهل تتآلف ، ولو باعدت الأوطان ؛ لأن كلمة التوحيد تجمعهم على الحق – بإذن الله تبارك وتعالى - .
شيخنا المحاضر هو فضيلة الشيخ العلامة الدكتور صالح بن سعد السحيمي الحربي ، وهو عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية ، ورئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية ، والمدرس بالمسجد النبوي ، وموجه الدعاة بمنطقة المدينة النبوية حاليا ؛ فنسأل الله – عز وجل - أن يسدده في محاضرته ، وأن ينفعنا جميعا بها ، وليتفضل فضيلة الشيخ .
والآن الشيخ صالح السحيمي – حفظه الله :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، وعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه ، وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فأقول : بادئ ذي بدء : أسأل الله لي ولكم الإخلاص والصواب في القول والعمل .
ثم إنني أشكر إخوتي على حسن ظنهم بأخيكم الصغير ، وإن كنت أعرف أنني لن أوفيَ مثل هذا الموقف حقه ، وبخاصة أن أخي الفاضل فضسلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ – وفقه الله – قد طرق كثيرا – إن لم يكن أكثر الوصايا التي أردت أن أتحدث عنها ، بما لا مزيد عليه ؛ فجزاه الله عني وعنكم وعن المسلمين خير ما يجزئ به عباده الصالحين ؛ لأن العنوان ( وصايا مهمة لعامة الأمة ) وقد تضمنت أسباب العزة والتمكين العظيمة التي عرض لها الشيخ – وفقه الله – ولا نقول : تعرص ؛ فإن كلمة تعرض خطأ لغوي يقع فيها بعض المحاضرين ، وإنما نقول : المسائل التي تكلم ، أو عرض لها ، أو تحدث عنها – جزاه الله خيرا - .
ولذلك لن أطيل فيها ، وقد تجدون تكرارا فاعذروني ؛ ولذلك سوف أختصر .
أسأل الله لي ولكم العلم النافع ، والعمل الصالح .
هذه الوصايا سوف أعرضها في نقاط مختصرة :
(10:14) الوصية الأولى والمهمة : وهي وصية الله لأنبيائه ، ورسله ، والأولين ، والآخرين : تقوى الله – عز وجل - .
( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) سورة النساء آية (131) .
وقال تبارك وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) سورة آل عمران آية (102) .
وقال تبارك وتعالى – مخابطا من يريد التزود بالعلم والعمل الصالح - : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ) سورة البقرة آية (282) .
تقوى الله – يا إخوتاه ! – تنحصر في ضابط مختصر وهو : امتثال أوامر الله – سبحانه وتعالى - واجتناب نواهيه .
العمل بكتاب الله – تعالى – على نور من الله ، وعلى هدى السلف الصالح ، والعمل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نور من الله ، وعلى هدي السلف الصالح .
هذه حقيقة التقوى .
بأن يطبق المسلم تعاليم الإسلام : قولا ، وعملا ، واعتقادا ؛ فإذا فعل ذلك استكمل التقوى ، وتنقص التقوى بحسب ما ينقص من أعمال ، مع أن بعض النقص - قد – يبطلها بالكلية ، والبعض ينقصها .
هذه هي الوصية الأولى .
أوصيكم ونفسي بتقوى الله : في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، وحتى على أثرة عليك – يا عبد الله ! – كما أوصى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أصحابه ، والأنصار خاصة .
(12:34) الوصية الثانية : العلم : التزود بالعلم النافع الذي هو أساس العمل الصالح ، وكثير ما يتحدث عن العلم ، وهو نوعان :
كفائي ، وعيني .
فالعلم العيني : هو أن يتعلم المرء المسلم القدر الذي تصح به عبادته ؛ حتى يعبد الله على بصيرة كما قال الله – تبارك وتعالى – مخاطبا رسوله – صلى الله عليه وسلم - : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) سورة يوسف آية (10 .
فيعرف التوحيد من الشرك ، والحلال من الحرام ، والهدى من الضلال ، والسنة من البدعة .
إذا حصل هذا القدر ؛ فإنه يكفيه لنفسه .
والقسم الثاني الكفائي : وهو العلم الذي يحتاج إليه المسلمون ، من توجيه ، وإرشاد ، واجتهاد ، وقضاء ، وفتيا ، وتعليم وتعلم ، وتعليل وبيان للحق ، وتحذير من الفتن .
وكونه يوجد القاضي ، والمفتي ، والمعلم ، والموجه ، بل والعلوم الكونية : كوجود الطبيب ، والمهندس ، وما يحتاج إليه المسلمون ، هذا النوع من العلم يعتبر فرضا كفائيا إن قام به من يكفي سقط الإثم عن الجميع ، وإن تركوه جميعا = أثموا جميعا .
هذا هو العلم الذي يقصده أهل العلم عندما يتحدثون .
والذي يطلب العلم ينال فوائدَ كثيرةً ؛ لستُ في صدد حصرها ، غير أنني سأقتصر على ذكر أمرين :
الفائدة الأولى : أن من يتعلم أمور دينه = يعبد الله على بصيرة ؛ لا يضع قدمه إلا حيث يجب أن توضع ، لا يفعل عبادة بهواه ، ولا بمحض اجتهاده ، ولا يتعصب ، ولا يتبع الهوى ، ولا ينفرد بالرأي ، وإنما يعبد الله على بصيرة ، على دليل ، على حجة ، على برهان ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) سورة يوسف آية (10 .
فهذا أمر من الله – تبارك وتعالى – لرسوله وأتباعه المؤمنين إلى يوم القيامة .
هذه الفائدة الأولى : أن من يتعلم ، ومن يتفقه في دين الله = يعبد الله على بصيرة ، لا تزعزه الأهواءُ ، ولا تخلخله الآراءُ المختلفة ، ولا يجري خلف كلّ ناعق ، ولا يطبل خلف كل مُـزمَّـر ؛ وإنما يثبت على قدم راسخة ؛ لأنه تعلم العلم الشرعي .
الفائدة الثانية – أو الثمرة الثانية من العلم - : أنه يكون مشعل هداية لغيره ؛ فيفيد ويستفيد ؛ ينفع الله به الأمة ، يهديهم إلى سواء السبيل ، يكون مفتاحا للخير ، مغلاقا للشر ، يكون قدوة صالحة للمؤمنين ؛ يقتدون به في أقواله ، وأفعاله – إذا سلك هذا الطريق - ؛ وقد بين الله - تبارك وتعالى – ذلك في كتابه حيث قال : ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) سورة التوبة آية (122) .
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في هذا المعنى : من دعا إلى هدى كان من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا .
وقال - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله البجلي : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة .
والمقصود : من أحْى سنة من سنن المصطفى – صلى الله عليه وسلم - .
هاتان الفائدتان أساس عظيم في طلب العلم الشرعي ، أو ثمرتان عظيمتان لطلب العلم الشرعي ، وهناك فوائد جمة لا أستطيع حصرها منها :
1 – أنه مسلك أهل الجنة ؛ إنه طريق يؤدي إلى الجنة .
2 – وأن الله يرفع درجاته .
3 – وأنه أشد الناس خشية لله .
4 – وأن فضله على غيره كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب .
5 – وأنه وراث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - .
6- وأنه لاتنطلي عليه الشبه التي تنطلي على غيره ؛ يبددها ويبدد ظلامها بنور العلم الشرعي .
7 – وأنه يلهج - دائما - بذكر الله . وغير ذلك من الفوائد الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى .
(18:55) الوصية الثالثة : الاعتصام بالكتاب والسنة ، وهذا لابد أن يبنى على العلم الذي سبق بيانه .
وهو ما بينه أخي - وفقه الله – فلا داعي للإطالة فيه .
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) سورة آل عمران آية (103) .
فالمعتصَم والملاذ هو كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : حبل الله هو الإسلام .
وقال : حبل الله هو القرآن .
والقرآن إذا ذكر شمل السنة ؛ لأن كليهما وحي من الله – سبحانه وتعالى - .
فالاعتصام بحبل الله المتين سبب لاجتماع الكلمة ، ووحدة الصف ؛ لسنا ممن يقول : وحدة الصف ولو اختلف الرأي . وإنما نقول : وحدة الصف على توحيد الله = هو الذي يجمع الأمة ؛ وهذه وصية ستأتي بعد قليل .
إذن الاعتصام بحبل الله – جل وعلا – والتمسك بالكتاب والسنة اللذين لن يفترقا حتى يردا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الحوض .
قال رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم – في خطبة الحاجة - كثيرا ماكان يكرر : إن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
قال الله - تبارك وتعالى - : ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) سورة الحشر آية (7) .
وقال تبارك وتعالى : ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) سورة الأنفال آية (24) .
وقال - جل وعلا - ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) سورة النساء آية (59) .
وقد تكلم أخي – وفقه الله - على هذه القضية بما لا مزيد عليه .
(21:29) الوصية الرابعة : الاقتداء بالصحابة – كما ذكر أخي – وفقه الله - الذين قال الله – تبارك وتعالى - في الاقتداء بهم ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ) سورة التوبة آية (100) .
وقال تبارك وتعالى – بعد أن ذكر صفات المهاجرين ، وصفات الأنصار في سورة الحشر – قال بعد ذلك – ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) سورة الحشر آية (10) .
وقد سمعتم الأحاديث التي أوردها أخي فضيلة الشيخ الدكتور فلاح – وفقه الله – فلا داعي لتكرارها .
(22:30) الوصية الخامسة : السير على هدي السلف الصالح ، وعلى رأسهم الصحابة - كما بُـيّـن في الوصية الرابعة - الذين بهم قام القرآن – هذه عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية كما ذكر في الحموية – وبه قاموا ، وبهم نطق القرآن ، وبه نطقوا .
أولئك الرعيل الأول الذين قال فيهم عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : من كان مستنا – أو من كان متأسيا في الرواية الأخرى – فليتأس بأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإنهم أعمق هذه الأمة علما ، وأقلها تكلفا ، وأصدقها قيلا ، وأحسنها خلقا ، أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه إلى أن قال : فاستمسكوا بهديهم فإنهم على الصراط المستقيم .
وقال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - : سن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وولاة الأمر من بعده ، الأخذ بها تصديق لكتاب الله ، واستكمال لطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغيرها ، ولا تبديلها ، ولا النظر في شيء خالفها ؛ من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين = ولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم ، وساءت مصيرا .
(24:30) الوصية السادسة : الرجوع إلى العلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله – جل وعلا – تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين يقضون بالحق وبه يعدلون .
( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) سورة النساء آية (83) .
مما آلمني مرة ونحن في مدينة من مدننا في المملكة أنني لما دعوت إلى لزوم العلماء والأخذ عنهم وثني الركب عندهم قام اثنان متأثران بجماعة موجودة في الساحة : جماعة صوفية تتلبس بلباس الدعوة وهي تدعوة إلى التصوف في حقيقة الأمر ، وكان هذان الشابان متأثرين بتلك الجماعة فخرجا معي : وكان إلى يميني فضيلة شيخنا الشيخ صالح البليهي - رحمه الله تعالى - وعن يساري فضيلة شيخنا الشيخ محمد المرشد - رحمه الله تعالى - .
أنا ذكرتُ بالمناسبة مشايخنا :
سماحة الشيخ ابن باز ، سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، وفضيلة الشيخ العثيمين ، الشيخ الألباني ، وغيرهم ، ذكرت عددا من المشايخ آنذاك ، وكان هذا قبل خمسة عشر سنة قديم الكلام هذا ، عفوا سبعة عشرة سنة !
فقال هذان الشابان : أنت تقول : إن العلم لا يوجد إلا عند هؤلاء ؟!
يا أخي ! اخرج في سبيل الله ومع هذه الجماعة ، والعلم يأتيك فويضات !!
لا إله إلا الله !!
التفت قلتُ : يا ابني ! وكان صغيرا (15) أو (14) – يا ابني كلمة ( فويضات ) من أين جاءتك ؛ في قلب نجد في قلب بلد التوحيد ؟!!
من أين جاءتك كلمة الفويضات ؟ جاءتك من الأحزاب ، وغيرهم من الأصحاب ، لا حول ولا قوة إلا بالله .
ناصحتُه ثم مضيت في سبيلي .
إذن الأمر السادس هو الرجوع إلى العلماء ، ولاسيما ونحن نشهد هذه الأيام – كما أشار أخي – وفقه الله – فضيلة الشيخ حسين - نشهد حملة شرسة على علماء الأمة من قبل منظري الفضائيات المشبوهة ، ومواقع الإنرنت .
ويصفون العلماء بأوصاف فاقوا فيها المعتزلة !! والله ما قال المعتزلة ربع قولهم .
وقد يحسب بعضهم على أنه من أهل المنهج ! زعما منه وإلا فهو بعيد عنه أعني منهج الحق منهج أهل السنة والجماعة.
لكنه يوالي عباد القبور ، ويوالي القائلين بوحدة الوجود ، ويوالي منكري صفات الرب - سبحانه وتعالى - ، ويوالي من يضع الأحاديث على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويوالي من يحرف القرآن عن ظاهره يواليه على إخوانه ؛ فأين دعواه سلوك المنهج السلفي ؟!
والدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء
فانتبه لهذه الوصية يا عبدَ الله ! لزوم العلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله – عز وجل - : تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ؛ وهم موجودون – ولله الحمد – وأتباعهم – ولله الحمد – موجودون ؛ لكن نقول : شذت فئة من شبابنا ، وطبلت خلف المطبلين ؛ فنسأل الله أن ينقذهم من هذا الوحل .
(28:37) الوصية السابعة : التواضع ؛ إذ أن من تواضع لله رفعه ، كثير من المتعالمين إنما أوصلهم إلى ما وصلوا إليه من الغرور إنما هو التعالم ، والتكبر ، والغرور ، والانخداع بما حصل من علم يسير .
يقول بعض السلف : لا يزال الرجل عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه عَـلِم فقد جهل .
ومما استفدته من شيخنا الشيخ حماد – رحمه الله تعالى – وهو من مشايخ الدعوة السلفية المباركة على نهج أئمتنا الأفاضل – قديما وحديثا - ؛ قال : إن العلم ثلاثة أنواع :
علم يورث الكبر .
علم يورث الخشية .
علم يورث التواضع .
ثم فصل – رحمه الله – وبين أن بعض من حصّل علما قليلا ؛ ثم أخذ يتباهى به على الناس ، ويتقعر ، ويتفاصح ، ويختار الكلام الغريب ، ويأتي بغرائب الأمور ، ويخالف في فتاواه ، ويتسرع في الفتوى ، وما إلى ذلك = هذا هو العلم الذي يورث الكبر ، قد يكون عنده شيء من العلم ، لكنه أضاعه بهذا الكبر ، إذا شعر بنفسه أن هذا العلم يجعله يتعاظم على الناس ، ويتكبر ؛ فليتق الله ، وليتبنه إلى أنه وصل إلى مرحلة خطيرة .
هذا العلم يورث الكبر ، وكثير من أرباب الفضائيات الذين يغتروا بعض الناس = من هذا القبيل ، من هذا القبيل .
وعلم يورث الخشية : العلم الذي يورث الخشية هو العلم الذي يعمل به صاحبه كلما حصّل علما ، عمل به ، ودعا إليه ، بعد التثبت منه ، والتحقق ، وبعد أن يتتلمذ على العلماء الربانيين ، ويثني الركب عندهم ؛ فهذا العلم يورثه الخشية ، قال الله – تبارك وتعالى - ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) سورة فاطر آية (2 .
وعلم يروث التواضع : إذا خشي الله ، النتيجة ما هي ؟
تواضع لعباد الله ، إذا خشي الله تواضع لعباد الله ؛ وهذا مصداق قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من تواضع لله رفعه ) .
إذن نحن في الوصية السابعة ماهي ؟
التواضع ؛ فتواضعوا لله يا طلبةَ العلم ، ويا مسلمون ؛ فإن ذلك يجعل المسلم : صافيَ القلب ، صافيَ النية ، صافيَ المشرب ، يعني يتحرى الحق ، دائما يشعر بأنه مقصر في جنب الله ، يشعر دائما بأنه ما حصل شيئا بالنسبة لغيره من العلماء الربانيين ؛ فيتواضع ، ويستكين لله – عز وجل - ويبلغ على قدر ما أعطاه الله – تبارك وتعالى - ولا يتجاوز حده الذي حدَّ الله له .
(32:2 الوصية الثامنة : التواصي والتعاون على البر والتقوى ؛ فإن كثرة البعد قد يؤدي إلى بعد القلوب لا سيما في الوقت الذي يزرع فيه بعض المَوْتُورين العداوة والبغضاء بين أهل السنة والجماعة خاصة . إما بالوشايات إما بالإشاعات إما بالأكاذيب إمما بتشويه السمعة ، إما ...
فالتواصل ؛ تواصل الإخوة وطلبة العلم فيما بينهم ، التعاون على البر والتقوى ، الاجتهاد فيما يرضي الله – سبحانه وتعالى - تذكر أخاك ، أرسل له رسالة ، كلمه ، واصله ، اتصل به إذا طال بينكما العهد ، جدد العهد به ، تفقد أحواله ، سل عنه ؛ فهذا مهم جدا ، مهم وفي غاية الأهمية ، قد يكون البعد يجعله يصدق كلاما يرد إليه : إما من الحساد ، أو من سوء الفهم ، أو من فهم .... والله يا إخوتاه ! أمس الأدنى البارحة ؛ أخبرني أخي المرافق لي الشيخ محمد المحاضر في جامعة طيبة أن طالب علم درسته وأحبه نسب إليّ ما لم أقل ؛ ويقول : أنا سمعته يقول : كذا وكذا !
لا أدري لعله فهم كلمة فبترها ، أو سمع كلمة فبرتها ....
فالتواصل والتعاون على البر والتقوى ، والاجتهاد في الاتصال بالمشايخ ، وطلبة العلم فيما بينهم = أمر مهم ، والله – تبارك وتعالى – يقول : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) سورة المائدة آية (2) .
فلابد من التواصل والتزاور ، وتعلمون أجر من يزور أخاه في الله ، وأن الملائكة تدعو له ؛ وتقول : ولك بمثل .
يعني القضايا – ما شاء الله - فضل عظيم لمن وفقه الله – تبارك وتعالى – فالتواصي والتعاون على البر والتقوى = أمر مطلوب بين طلبة العلم خاصة ، وبين المسلمين عامة .
(34:44) الوصية التاسعة : التثبت والتحري وما أدراك ما التثبت والتحري !!
نحن في عصر الإشاعات الكثيرة قد يكون مصدر بعضها إنترنت ، قد يكون المصدر جريدة وصحيفة ، قد يكون المصدر شريطا وزعه فلان وعلان ، قد يكون المصدر شخصا مغرضا يريد أن يوقع العداوة بين الناس ، قد يكون المصدر وسيلة من وسائل الإعلام ، قد يكون المصدر ظنا ؛ إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، والله – تبارك وتعالى – يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) سورة الحجرات آية (12) ، قد يكون المصدر تقصيرا عندي أنا ما استطعت أن أُفـهِـم أخي ما أريد !!
يعني فلا يتسرع المسلم في تصديق الإشاعات التي تثار ، وقد كثر القيل والقال في هذه المسألة .
الله – عز وجل – يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) سورة الحجرات آية (6) .
وقال – مخاطبا الصحابة - : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) سورة النساء آية (94) .
البعض من الإشاعات قد تكون إلزامات ، قد تكون إلزامات ! فلان قال : كذا وكذا ، إذًا هو يقصد كذا وكذا .
فلان كتب كذا كذا ، إذن هو يقصد كذا كذا !!
قد تكون الإشاعة ناتجة عن بتر كلامك ، بُـتـِرَ الكلام واقتصر على كلام ، كقاعدة من يَـقِـفُـون على ( فويل للمصلين ) ولم يقرأ ما بعدها .
قد يكون السبب ناتجا عن مرض في القلوب ، يحتاج إلى علاج ، والقلوب تصدأ كما يصدأ الحديد .
والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَـلَحت صَـلَح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ) .
ألا وإني أوصيكم ونفسي بالعناية بهذه القلوب ، وعلاجها بهدي كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وقراءة سيرة السلف الصالح من أمثال كتب مشايخنا : كتب ابن القيم ، وابن تيمة ، وابن عبد الوهاب ، والسعدي ، وغيرهم من المشايخ الذين كتبوا في هذا الباب .
فإذن الأمر هذا يحتاج إلى وقفة .
حتى البعض إذا ناصحه أخوه وبـيّـن له مسألة نفر منه !
قد تكون النصيحة بينه وبينه ! يقول له : يا فلان ! أنت أخي ، المؤمن مرآة أخيه ، فأنا – والله - أخي نصحني في مسألة ، وقال لي : ترى كذا وكذا ، إن كانت النصيحة واردة ، فالحمد لله ، فهذا .. إن كان لي ملحوظة عليها أقول : يا أخي ترى وجهة نظري كيت وكيت ، يسددني وأسدده ، والمؤمنون يكمل بعضهم بعضا ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بدمتهعم أدناهم ) .
أما أن أرتب على شيء وقع في نفسي ، أو في قلبي ، أو وشي إليّ ، أو نقل إليّ ، أو أشيع عندي ، ثم أبدأ أحمل على أخي ، وأزيد الطن بلة ، ثم تتنامى ؛ حتى تصبح كبيرة ، وهي عبارة عن فقاعات ، ولكن تنمو – والعياذ بالله - الشر ينمُّ بسرعة .
أنا – معليش – أذكر لكم شيئا أشبه ما يكون بالنكتة ، ولسنا في وقت النكت ، ولكن يعني ....
يقال : إن أحدهم أراد أن يختبر أمَّه فقال لها : أتدرين يا أماه اليوم ، أنا والله – لا مؤاخذة – يعني أتيت ببيضة !!
يا ابن الحلال كيف ... ؟
المهم أنني .. فادعي لي الله ما أدري الذي حصل لي .
راحت وأخبرت جارتها ، والعجوز التي بعدها قالت : بيضتان ، والتي بعدها .. إلى أن أصبحت (100) بيضة !!
طبعا هو ليس له الحق في امتحان أمه ، لا نقر على مثل هذا ، لكن هذه من الحكايات التي تؤكد – مع أنه عندنا ما يغنينا عنها ، لكن أنا أذكرها على أنها طرفة مثلا - يتنبه إلى خطورة الإشاعات .
فالجريان وراء الإشاعات يعتبر جريان وراء السراب ، وقد رتب البعض على تلك الإشاعات : الهجر ، والتبديع ، والولاء والبراء !! مصائب عظيمة خطيرة جدا ، وقد تكون لا شيء ، قد تكون وهما ، ومرضا في القلوب ، أو مرضا في النفوس ، فانتبه ياعبدَ الله ! أوصيك ونفسي بالوقوف طويلا عند هذه الأمور .
البعض منهم يأتيه مثلا – قد يكون خطيبا ، يفعله حتى بعض الخطباء عندنا – شاب طائش ! بقصاصة جريدة ، والله نشر في الجريدة الشيء الفلاني ، والخبر الفلاني ، يصعد على المنبر ويخطب على ضوء ما نشر في هذه الصحيفة !!
فيعني القضية تتطلب وقفة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) سورة الحجرات آية (12) .
انتبه ياعبدالله ! لا تلزم أخاك .
ثم هناك شيء آخر : يا أخي لا تعاتب في كل شيء ،( كلمة غير واضحة ولعلها فهب ) أني أخطأت أنا ، وحصلت مني هفوة !
إذا كنت في كل الأمور معاتبا // أخاك فلن تلقى الذي لا تعابه
لماذا لا تكظم ؟!
لماذا لا تكون من الذين قال الله فيهم ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) سورة آل عمران آية (134) .
سبحان الله ! يا أخي حاول أن تتصف بهذه الصفة ، فلان قال فيك الذي قال ، التقي به بوجه طلق ، وانْسَ كل ما قيل ، وعانقه ، وصافحه ؛ حتى تتحاث الذنوب بهذه المصاحفة ، وانسَ هذه الإشاعة التي قيلت ، لاسيما أنتم طلبة العلم ، والسلفيين خاصة ، والمسلمين عامة ، ينبغي أن يتنبهوا لهذه القضايا .
هل تعلم أنكما إذا تصافحتما تحاث خطايكما ؟ كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم - .
كم من هذا المعنى ؛ الحديث انتبه له ، اجعله نصب عينيك .
أم أن نفسك قالت لك : هذا الذي لا خير فيه ، تكبر علينا ، وفي قلبه كبر و ... قد يكون ما عنده لا تكبر ، ولا شيء ، يمكن هذا وهم في نفسك ، قد يكون وهما في نفسك .
فانتبه ! أكسر الحاجز أنت ! ابدأه بالسلام ، ابتدئ السنة ، وبخاصة أن البعض قد اتخذ طريقة في للهجر تختلف عن ضوابط السلف ؛ فيهجر بدون سبب واضح ، يا أخي ! مسائل الهجر ، وقواعد الهجر حددها العلماء ، قد يقع أخوك في مسألة ، ولا ينبغي لك أن تهجره ؛ لئلا يقع في ما هو أعظم ، لا تسْـلمه للأعداء ، انتبه ! تتركه لمن ؟ فتتلقفه الجماعات الأخرى ، هناك ألف جماعة تتحرى ، وأنت مباشرة تعنفه ، وتعابته ، وتصول ، وتجول عليه ، وتكيل له المكايل من الظنون وما إلى ذلك ؛ حتى تنفره ؟!!
انتبهوا ! لا يفهمني أحد خطأ ، لا يفهمني أحد خطأً !!
أنا لا أقصد العمل بالموزانات التي يدعو إليها دعاة البدع ؛ يقول : إذا أردت أن ترد على أهل البدع ؛ فأذكر حسناتهم أولا ، لا والله ! هذا مرفوض ، هذا مبدأ فاسد ، ولا أقصد القاعدة الفاسدة التي تقول : ( نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) لا سيما أنهم طبقوا تحتها حتى أصول الدين – وللأسف ! - .وإنما القضية ما هي ؟
القضية أنني .....
افرض أن أخي أخطأ ، وصدرت منه كلمة ؛ لماذا لا أذهب إليه ، لماذا لا أبين له ، لماذا لا أرسل إليه من يدعوه إلى الخير ، ويبين له حتى لا نسلمه أعداء منهج أهل السنة والجماعة .
أنا وقفت عند هذه المسألة – يا إخواني - لأنها - كما يقول الصحفيون - : حديث الساعة ، أو حديث شؤون الساعة .
فنحن لابد أن نعالج هذه المسألة .
أيضا هذه قد تجر إلى التسرع في مسألة الجرح والتعديل ، يا إخواني ! هذه لها ضوابط ، يعرفها أهل العلم ، أنا لن أعيدها – الآن – هنا – لكن يرجع فيها إلى العلماء الربانيين ، إلى أهل العلم الكبار .
فلان وقع في كذا ؛ هو مبتدع ، فلان مشى مع فلان قال : هذا مبتدع ! اتركه عنك .
فلان ذهب إلى المكان فلاني – على ما قالوا في اللغة العامية - ( اقصروك منو ، لا خليه يروح بس ، ما دام أنو راح مع المبتدع هو مبتدع ) !!
والله إني وجدت شخصا محسوبا على طلب العلم – زيد من الناس – قال عن أحد إخوانه كلمة ، نقَـل أن فلانا يقول في فلان : كيت وكيت ؛ فلما انتشرت القالة حققنا في الأمر ؛ فأحضر الرجل فقيل له : لماذا تنقل عن أخيك كذا وكذا ؟
قال : أنا سألته عن مسألة وعرفت – انتبهوا إخواني ! - أنه عندما أجاب أنه يعني فلانا !!
أشهد أن لا إله إلا الله !
كيف عرفت ؟
ظلمتني يا أخي !
كيف استنتجتَ من أنني أعني فلانا ؟
ووالله ! ما خطر في قلبي ذلك الرجل الذي أشرت إليه !
هذه كثير !! مسائل تحتاج إلى وقفة – يا إخوان ! – تحتاج إلى تركيز .
الآن يتصل بنا وبغيرنا من إخواننا من طلبة العلم ، ومن مشايخنا ؛ يتصل شخص بسماحة المفتي – وفقه الله - أو بمشايخنا الآخرين الشيخ صالح الفوازن ، الشيخ الغديان ، الشيخ صالح اللحيدان ، وغيرهم من مشايخنا ، الشيخ عبد المحسن العباد ، وغيرهم من مشايخنا ، الذكر ليس على سبيل الحصر – بارك الله فيكم – .
يأتي ويطرح مسألة يقول : يا شيخ ! ما رأيك في كذا ؟
فيجيب الشيخ جوابا مسدَّدا كاملا موفقا ، بعد قليل يأتي هذا المسكين الذي سأل ؛ فيضيف إلى جواب الشيخ الحكيم الذي هو فصل في المسألة التي سأل عنها ؛ فيجعل عنوانا ( رد الشيخ فلان على فلان من الناس ) !!
وهو يكذب !
أولا : أن الشيخ لم يقصد فلانا من الناس ؛ فافترى على الشيخ .
ثانيا : لا تنطبق المسألة على هذا الذي يزعم أنه يرد عليه .
ثالثا : فيها كذب وتزوير وسفه وتلبيس .
رابعا : فيها إشاعة للباطل .
خامسا : فيها إفساد للقلوب .
طيب ! الجاهل إذا رأى رد الشيخ فلان – من مشايخنا الكبار الذين نعتز بهم وبالتتلمذ عليهم – رد الشيخ فلان على فلان ؛ ماذا يتصور العامي الذي يقرأ هذا العنوان في مواقع الإنترنت ؟
خلاص المشايخ اختلفوا !!
يا سبحان الله !
ظلم الشيخ ، وظلم المجني عليه – الذي يزعم أنه مردود عليه - ، وظلم نفسه ، وظلم الأمة ؛ بهذا الطرح الفاسد .
فانتبه يا عبد الله !
الآن ملآنة الساحة من هذا الموضوع ! ملآنة من هذه الخزعبلات !
إخواني ! اسمحوا لي أن أطلت في هذه المسألة ؛ لأمر نحن نعاني منه الآن .
عشرات الأشرطة – الآن – ملئة : رد الشيخ فلان على فلان ، رد الشيخ فلان على فلان ، وكلها – لو حققت – لوجدت أنها من هذا القبيل .
فانتبه يا عبد الله ! واتق اللهَ ! تذكر الوقوف بين يدي الله ، وعند الله تجتمع الخصوم .
إذا وقف أمامك الشيخ المستفى ، والشيخ المظلوم ، والأمة التي ظلمتها بهذا الطرح بين يدي الله ، يوم نقف بين يدي الله غرلا بهما ، ليس أمامك إلا ما قدمت ؛ ما جوابك ؛ إذا كان هؤلاء كلهم خصوما لك ؟
ماذا تقول ؟
ما هي حجتك ؟
الدواوين ثلاثة :
ظلم لا يغفره الله وهو الشرك .
وظلم تحت مشيئة الله ، وهو ظلم العبد فيما بينه وبين ربه .
وظلم لا يترك الله منه شيئا ، وهو ظلم العباد فيما بينهم .
أتدرون من المفلس ؟ يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - .
قالوا : يارسول الله ! المفلس عندنا من لا درهم له ولا متاع .
قال : لا ! المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصوم وأعمال ، ثم يأتي وقد ظلم هذا ، وشتم هذا ، وسب هذا ، وضرب هذا ؛ فيؤخذ لهذا من حسانته ، ولذاك من حسناته ؛ فإذا فنيت حسناته أخذت من سيئاتهم فطرح عليه ؛ فطرح في النار .
تذكر يا صاحب الإشاعة ! هذا الموقف .
تذكر أنه ستخاصمك أمة ، ليس فردا ؛ فيما طرحت ، وفيما نشرت عبر الإنترنت أو عبر بعض الفضائيات .
ثم من المشكل أنهم إلى الآن يتسمون بأسماء مزورة ، وأسماء مزيفة ، وأسماء كبار ، وفلان الكذا ، وفلان الكذا ، وفلان الكذا .
مما يزهدني في أرض أندلس // أسماء معتضد فيها ومعتمد
أسماء مملكة في غير موضعها // كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
فاتق الله يا عبدَ الله !
لعلي – قد أكون أثقلت عليكم بالإطالة في هذه المسألة ؛ هذه مسألة خطيرة ، وفي غاية الخطورة .
ننتقل إلى بقية الوصايا باختصار .
(51:32) الوصية العاشرة : الأخلاق الطيبة : أخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، تقول عائشة – رضي الله عنها – كان خلقه القرآن ؛ فتخلقوا بأخلاق القرآن إخواني .
( وخالق الناس بخلق حسن )
( ألا أنبئكم بأقربكم مني منزلا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ) .
( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
مع إخوانك ، مع أهلك ، مع طلبة العلم ، مع المسلمين عامة ، مع غير المسلمين ، مع غير المسلمين .
(52:22) الوصية الحادية عشرة : التوسط والاعتدال في كل شيء ؛ وهذه أمور قد تحدث عنها فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - ، لكني أود أن أشير إلى أمر : نحن الآن نعيش بين تيارين :
تيار الشهوات .
تيار الشبهات .
تيار الشهوات : له قنوات تغذيه ، وله جهات تدعمه ، يتمثل في المناداة بحقوق الإنسان ، وحقوق المرأة ، وما ينشر هنا وهناك من أفلام ، وخزعبلات ، وتمثيليات ، ومسرحيات ، وبلاء ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) سورة التوبة آية (32) .
لكن الشهوات – في نظري – أنها أهون شأنا من الشبهات ؛ لأن الشهوات ينفع فيها الترغيب والترهيب ، لا شك أنها خطيرة ، المعاصي بريد الكفر ، لا نهون من شأنها ، لكن أريد أن تقارنوا بين حديثين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – فيما يتعلق بالشهوات والشبهات ، أذكرهما في نهاية الكلمة .
أما الشبهات فخطورتها أعظم ؛ لأن دعاتها يدعون باسم الدين ، وباسم الإسلام !
يقـتِّـلون المسلمين ويرون أن هذا جهاد في سبيل الله ، وهو إفساد ، يستحلون دماءَ المسلمين ، وأموالَهم ، والمستأمنين ، والذميين ، والمعاهَدين ويعتبرون هذا جهادا في سبيل الله !
قد أعطاهم منظروهم من القاعدة في الداخل ، أو المفتين في الخارج ، ممن يعيش بعضهم في بلاد الكفر ، أو في الكهوف أعطوهم مفاتيح الجنة ؛ ليس بينك وبين الجنة إلا أن تقتل رجل الأمن ، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تنسف المنشأة الفلانية ، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تنسف السوق الفلاني ، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تفجر الجسر الفلاني ؛ مثل ما يعطي البابواتُ النصارى صكوكَ الغفران !!
والله إني سمعتم أحدهم – الذين فجروا في المحيا – سمعت المسكينين اللذَين فجر نفسيهما في ذلك المكان يغنيان – يطلبان الجنة ، ولكن اللحن الذي يلحنانه – كما نشر في الشريط – هو لحن لامرأة فاجرة من المغنيات !!
يطلبون الجنة ، إلى أن وصلوا إلى أن كبّروا وفعلوا ما فعلوا ! وقتلوا المسلمين الصائمين في ليلة من ليالي رمضان . فلا حول ولا قوة إلا بالله .
فإذن القضية خطيرة جدا – الشبهات خطيرة :
فتحريف النصوص .
لَـيُّ أعناق النصوص .
الكذب على العلماء ؛ وبالمناسبة : إن أهل الشبهات في هذا العصر – وبخاصة الخوراج - ضموا إلى منهج الخوارج القدامى (( تقية الرافضة )) فكثيرا ما يتلونون ، بل بدأوا يفتونهم بجواز حلق لحاهم ، ولبس الملابس النسائية ، ولبس الملابس الضيقة ، وما إلى ذلك ؛ لأن عندهم الغاية تبرر الوسيلة .
وأنا وقفت على شريط لأحد المنظرين من الداخل نُـشِـر قبل نحو ست عشرة سنة ؛ قال فيه : إنَّـا قد نضطر في الدعوة إلى الله إلى تطبيق نظرية ( ميكافيلي ! )
ما هي نظرية ( ميكافيلي ) ؟
( الغاية تبرر الوسيلة )
ما دمت تريد الدعوة إلى الله افعل ما شئت : اقتل ، فجّر ، خرب ، افعل ما شئت ، البس ما شئت ، تجمع الصلوات كلها بعد نصف الليل تصلِّي الصلوات الخمس مع بعضها ؛ نسأل الله العافية والسلامة .
هذا مما كان يفتي بعضهم بعضا فيه !
فهذه الشبهات ؛ شبهات خطيرة ، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في تفسير قول الله – سبحانه وتعالى – : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) سورة آل عمران آية (7) ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حديث عائشة : فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ؛ فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم .
ابن القيم – رحمه الله - وارجعوا إلى كتاب ( الفاوائد ) اقرأوا هذه الفائدة ؛ ذكر أن مداخل الشيطان ثلاثة :
الشهوات .
والشبهات .
والغضب .
ثم ذكر أن أخطرها الشبهات ؛ لأن أصحابها يحسبونها دينا يقربوهم إلى الله ؛ وفي هذا المعنى يقول الإمام مالك – رحمه الله تعالى - : من ابتدع في الدين بدعة يرى أنها حسنة فقد زعم أن محمدا – صلى الله عليه وسلم – قد خان الرسالة ؛ لأن الله – تبارك وتعالى – يقول : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) سورة المائدة آية (3) ؛ فما لم يكن يومئذ دينا ، لا يكون اليوم دينا .
ونحن أمة وسط ؛ ( إن هذا الدين يسير ، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه فاستعينوا بالغدوة والروحة ، وشيء من الدلجة ) سبحان الله .
يعني استعينوا بالعبادة وهذا أمر سنتطرق إليه بعد قليل .
فانتبهوا ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) سورة البقرة آية (143) .
( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) سورة الفاتحة آية (6و7) .
)
وقد وضح ذلك وفصله في سورة النساء ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) سورة النساء آية (69) .
جعلني الله وإياكم منهم .
فالإسلام دين وسط : لا وكس ولا شطط .
أعود إلى ما وعدتكم به من ذكر الحديثين في خطورة الشبهات أكثر من الشهوات .
الرجل الذي كان يلقب ( حمارا ) واسمه عبد الله ، وكثيرا ما كان يجلد ، فجئ به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فلعنه أحدُ الحاضرين ؛ فقال – بعد أن جلده - : لا تلعنوه ؛ فإنه يحب الله ورسوله .
اسمحوا لي أن أقول لكم : تكلمت في مكان ؛ فقال أحد المنظرين لتلك الجماعات : أنت بهذا تهون من شأن !!
يا أخي ! هذا كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؛ والله المعاصي خطير ، المعاصي بريد الكفر ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء ؛ فإذا تاب واستغفر صقل قلبه ، فإن زاد = زادت حتى تعلو قلبه ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) سورة المطففين آية (14) .
المعاصي خطيرة ، لكن مع خطورتها ، فإن الذي يفعلها وهو معترف بذنبه ، وغير مقتنع بما يفعل ، ويسأل الله أن يعصمه = أقل خطرا من أصحاب الأهواء ، من أصحاب البدع ؛ لذلك فإن أصحاب البدع لا يرجعون - إلا من رحم الله – يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته .
وتعرفون قصة الثلاثة الذين عزموا على بعض الأمور ؛ فالنبي – صلى الله عليه وسلم - قال : أما أنا فإني أصوم وأفطر ، وأقوم وأصلي وأنام ، وأتزوج ، ومن رغب عن سنتي فليس مني ) .
والحديث الذي تقدم لنا ( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) .
يقول في هذا المعنى سفينان الثوري – رحمه الله – إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ؛ لأن المعصية يتاب منها ، والبدعة لا يتاب منها ) .
وقد عقد شيخ الإسلام في الفتاوي في الجزء الحادي عشر مقارنة في هذا السبيل ، في هذا الباب ؛ فارجعوا إليه .
(1:01:34) الوصية الثانية عشرة : العناية بالعبادة يا إخوان ! العناية بالعبادة ، ضعف أمر العبادة ، واشتغل الناس بالقيل والقال ، حتى فيما لا ينفع ، وفي السهر ، و.... و ... و... العبادة عظيمة يا إخوان !
( احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء ؛ يعرفك في الشدة ) .
ولعلكم تعرفون قصة أصحاب الصخرة – أصحاب الغار ، القصة طويلة ؛ عندما سدت الصخرة باب الغار :
توسل الأول : ببره لوالديه .
وتوسل الثاني : بعفته ، وبعده عن الحرام .
وتوسل الثالث : بوفائه بعهده ، و( كلمة غير واضحة ) ؛ فأنجاهم الله – تبارك وتعالى - .
عند الصباح يحمد القوم السرى .
والذي يعبد الله كما ينبغي في رعيان شبابه ، وفي قوته ؛ فإن الله يكتب له مثل ذلك بعد أن يعجر ؛ إذا سافر العبد ، أو مرض . كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : إذا مرض العبدُ ، أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
فالعبادةَ العبادةَ !
اجعل لنفسك قسطا من الليل يا عبدَ الله ! اجعل لنفسك قسطا من الليل ، ولو قليلا ، ولو نصف ساعة ، تصلي فيها ما تيسر من التهجد ، تقرأ فيها ما تيسر من القرآن ، تعرض لنفحات الله – سبحانه وتعالى – هذا يعالج كثيرا من الأمراض التي تقدم ذكرها .
عندما ينزل ربُّـنا – سبحانه وتعالى – إلى السماء الدنيا ، فينادي عباده :
من يسألني فأعطيه ؟
من يدعوني فأستجيب له ؟
من يستغفرني فأغفر له ؟
(1:03:40) الوصية الثالثة عشرة : ملازمة الذكر يا عبدَ الله ! الزم الذكر ؛ تجد عواقبه حميدة ، تجد نفسك تسير في طاعة الله ، مطمئن القلب ، مرتاحَ البال ، مطمئنا في نفسك ، وعليك أن تحفظ من الأذكار الثابتة في كتاب الله – عز وجل – وفي سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلى رأس ذلك : تلاوة القرآن الكريم .
(1:04:14) الوصية الرابعة عشرة : يا أخي الكريم : مصاحبة الأخيار ، والبعد عن الأشرار ؛ فإن مصاحبة الأشرار تعدي يقول الله – تبارك وتعالى - : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) سورة الأنعام آية (6 .
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( مثل الجليس الصالح والجليس والسوء كحامل المسك ، ونافخ الكير ؛ فحامل المسك : فإما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما تجد منه ريحا طيبا ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) .
فاللهَ الله َ يا عبد الله ! في مصاحبة الأخيار .
فرح أنس – رضي الله عنه – يوما بقصة الرجل الذي جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : يارسول الله ! أخبرني عن الساعة ؟
قال : ماذا أعدت لها ؟
قال : حب الله ورسوله .
قال : المرء مع من أحب .
يقول أنس : فوالله ما فرحنا بشيء مثل فرحنا يومئذ ؛ حيث إنني أحب الله ورسوله ، وأحب أبا بكر وعمر ، أو كما قال – رضي الله عنه - .
فاخبتر نفسك في المحبة ؛ من تحب ؟
تحب أهل السنة ؟
تحب أهل التقوى ؟
تحب أهل التوحيد ؟
تحب أهل الطاعة ؟
تحب أهل الاستقامة الذين يعملون بهدي الكتاب والسنة ؟
أم أن في قلبك شيئا عليهم ؟
اختبر نفسك يا عبدَ الله ! اختبر قلبك ، كل منا يختبر قلبه .
والله المرء مع من أحب ؛ هذا كلام عظيم يا شيخ !
ولذلك ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : رجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه وافترقا عليه .
وذكر من حلاوة الإيمان : وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله .
فانظر من تحب يا عبدَ الله !
إنني لأعجب لقوم يحبون أهل الأهواء ، ويتعاطفون معهم ، يحبون عباد القبور ، ويفضلونهم على إخوانهم ؛ لأنه ينظِّـر لهم في الجماعة الفلانية أو العلانية .
تقول له : يا شيخ ! هذا عنده كذا وكذا .
يقول لك : لا ! هذا ... ما دام هو يدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية ، وأنتم جبناء ! ما تعرفون إقامة الدولة الإسلامية !!
بأي كتاب يريد أن يقيم الدولة الإسلامية ؟! ، بأي كتاب ؟!
المؤسس لهم نفسه يقول : أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تقم لكم في بلادكم ، فلو أنهم طبقوا الكلام الذي قاله مؤسسهم ، وهو من أصحاب الطرق الصوفية – وللأسف ! – لكن مع هذا كله نجد بعض أهل التوحيد ، الذين ترعرعوا في بلاد التوحيد ، ودرسوا التوحيد ، وتشربوه ، ونشأوا عليه منذ أن كانوا في المحاضن والروضات ؛ إذا بهم يتنكرون للتوحيد ، ويتنكرون لمن يدعو إلى التوحيد ، ويوالون هذه الأقوام ، أحدهم – يوما من الأيام – يشيد بشخص يدعو إلى الشرك ، شخص له أشرطة توزع – الآن – له أشرطة ، اسمحو لي أن أصرح باسمه ؛ وهو الجفري !! سمعته بأذنَيَّ هاتين يدعو إلى الشرك المعلن في أشرطة كثيرة ، ومع هذا ضحك على بعض إخواننا في بعض الأماكن ؛ فتسبب في بلبلة في تلك البلاد ، وغير بعض ثوابتهم ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) سورة الرعد آية (11) .
هذا من دعاة الشرك – الآن - يدعو علنا إلى الشرك ، فانتبهوا يا إخوان ! انتبهوا !
المشكلة أن حبك الشيء يعمي ويصم ؛ البعض يقرأ – مثلا – دعوتهم للشرك ؛ يقول لي - والله - : أنا سمعت أشرطته من أولها إلى آخرها كلها تدعو إلى التآلف ، والمحبة ، والإخوة ، .. و ... و...
كما سمعتم القاعدة التي ذكرها شيخنا وأخونا الشيخ حسين آل الشيخ – وفقه الله تعالى – القضية ليست قضية محبة بالعواطف ، القضية قضية دين ، دين ! فاعرفوا عمن تأخذون دينكم ؛ اعرفوا عمن تأخذون العلم الشرعي ، اعرفوا من تستفتون .
والله يا إخوان ! أنا أقترح أن توزع بالذات الجواب على مسألة - المحاضرة كلها – ولكن مسألة الفتوى أقترح أن تطبع بالملايين ، وتوزع في أرجاء العالم الإسلامي كافة – إن شاء الله تعالى - .
فانتبهوا يا إخوان ! الفتوى خطيرة جدا ؛ الصحابة يتدافعون الفتوى ، كل منهم يحيل للآخر ، وهم علماءُ ، ونحن نتسابق إليها .
إياكم وبعض المفتين الذين يظهرون في الفضائيات ! يكفي أنهم أباحوا الربا ، وأباحوا الغناء ، وأباحوا الاختلاط ، وأباحوا توريث المسلم من غير المسلم ، والعكس ، وأباحوا وحدة الأديان ، وأباحوا ، وأباحوا ، وأباحوا .. ماذا تعد ؟!!
مع هذا يعدون – في نظر بعض الناس - من العلماء الكبار ! - والعياذ بالله - .
انتبه يا عبدَ الله ! واعرف عمن تأخذ دينك .
هذه انطلقنا إليها من الوصية الأخيرة : مصاحبة الأخيار .
انتبه !
ويترتب عليها – أيضا – سؤال الأخيار ، سؤال أهل العلم ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) سورة النحل (43) وسورة الأنبياء آية (7) .
والله يا إخواننا علماؤنا أشرعوا بيوتهم للفتوى ، هذا شيخنا سماحة المفتي – الآن – يوم الخميس كله لطلبة العلم بأكمله ، فضلا عن استقباله في دار الإفتاء ، وفي نور على الدرب ، وفي ، وفي ...
لا نسمع كلام الناعقين الذين يقولون : إنهم لا ينزلون إلى الأمة في الساحة ، لا ينزلون إلى الشباب في الساحة !!
هذا ظلم ، ظلم ، ظلم ، انتبه يا عبدَ الله ! ظلم .
نحن لا ندعي الكمال لأحد ؛ العصمة للرسل – عليهم الصلاة والسلام - لكن والله ! علماؤنا بذلوا كل ما يستطيعون ؛ فاجتهدوا في ملازمتهم ، والأخذ عنهم .
لعلي أختم بوصية أخيرة وهي :
(1:11:19) الوصية الخامسة عشرة : الحق واحد أو متعدد ؟
واحد أنى وجده المسلم اتبعه ، فالقاعدة التي تقول : إن الحق يتعدد قاعدة فاسد ، أو يقول : كل مجتهد مصيب ، هذه قاعدة فاسدة .
المجتهد فعلا – كما ذكر أخي ما نحتاج أن نعيد المسألة - إن اجتهد فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر ، مع كونه مؤهلا ، إذا كان مؤهلا ، أما المتطفلون على الاجتهاد ، وأدعياء الاجتهاد ، والرويبضة هؤلاء يجب أن نحذر ، وأن نكون على بينة من أمرنا ، وأن نعرف الحق ؛ الحق عليه نور ، الحق أبلج ، والباطل لجلج ، الحق الذي يستند إلى الدليل الشرعي ، والله عليه نور من الله ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) سورة آية (37) .
إخوتي وأحبتي في الله ! الوصايا تتزاحم – والله !- في ذهني ؛ ولكني أشعر أنني قد أطلت عليكم ، لا سيما عند الوصية التاسعة ؛ فتحملوني في هذا .
وأصيكم ونفسي في الختام بتقوى الله – جل وعلا - والجد والاجتهاد في طلب العلم النافع ، والعمل الصالح .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم الاستقامة على طاعته ، والعمل بما يرضيه ، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع ، والعمل الصالح .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
( وصايا مهمة لعامة الأمة )
للشيخ صالح بن سعد السحيمي
- حفظه الله تبارك وتعالى -
(( كلام المقدم ))
نرحب بكم جميعا في هذا الملتقى العاشر الذي نتواصل به جميعا ، وهدفه كله ابتغاء وجه الله - تبارك وتعالى - في نشر العلم النافع ، وأن يكون ذلك من أسباب العمل الصالح .
ونشر السنة يحتاج إلى تواصٍ ، وتعاون ، وتتظافر جهود ، والحمد الله نحن فرحون بهذا التناصر والتواصي ، وهذا الحضور الذي نسأل الله – عز وجل – أن يثمر انتفاعا في المنهج ، وفي العمل ، وفي لزوم السنة ، ونسأل الله – عز وجل – أن يبارك في كل جهد ، ولا يحقر أحدٌ جهدا في نصر ، ولو بكلمة يسيرة ، ولو بحضور ، ولو بالدلالة على الخير ، والإرشاد إلى أئمة الهدى ، وعلماء أهل السنة والجماعة .
أيها الإخوة : لا شك أننا في هذا اللقاء نجثني فوائد كثيرة ، وأنا من أولهم .
وكلنا طلبة علم ، والعلم درجات ، والناس فيه رتب ، وفوق كل ذي علم عليم .
وإذا حضر مشايخنا ، وحضر أئمتنا انتفعنا جميعا من هذا .
ومن أعظم ما يكون من الانتفاع – سوى ما هو معلوم من العلم النافع – هو شحذ الهمم ، وهذا النشاط الذي نجده في أنفسنا ، وأجده في نفسي خاصة ، أجده في كل لقاء ألتقي به مع عالم ، أو إمام مبرز ، أو شيخ له باعه في طلب العلم ، وفي نشره ، وفي نصرة السنة ، خصوصا في المقامات التي قام فيها أهل البدع ، ورفعوا عقيرتهم في التثبيط على الولاة ، وتأييد الشر ، فكانت لهم مقامات هي بمنزلة الجهاد ، بل هي جهاد ، كانت من أسباب صيانة البلاد والعباد عن الشرور والفتن ، وكلنا حقيقة نرفل بنعمة الأمن والأمان والصحة والعافية بعد أن ذهبت ديارنا بسبب الاحتلال البعثي العراقي ، وعرفتهم جميعا مواقف أهل الأهواء ، ومواقف المتعالمين ، ومواقف أصحاب المناهج التكفيرية ، ومواقف القطبيين ، ولا بد كل جماعة أساسها : إما متعالمون ، وإما أنصاف متعالمين ، وإما أقوام غارقون في التنظير ، فإن للتنظير شهوة أعظم من شهوة ( أظنها قال النفس ) ؛ لذلك قال وهب بن منبه – رحمه الله تعالى – أن للعلم طغيانا كطغيان المال .
وفقه الواقع ثبت بالدليل القاطع ، وبالتجربة العملية أن المبرزين فيهم هم أئمتنا ، وعلماؤنا ، وأن أئمة التنظير الذين كانوا ينظرون في بريدة ، وفي جدة ، لم يقدموا للأمة حلا واقعيا أبدا ؛ ولذلك الأمة تمر بمتغيرات إقليمية خطيرة وحساسة تشبه الأجواء التي عشناها في تلك الأيام من بعض الوجوه ؛ لذلك نحتاج أن نذكركم ، ومثلكم – إن شاء الله – نرجو ونحسن فيه الظن - : أنه لن يكرر الخطأ أبدا ، ولن يغتر بأولئك القوم الذين نعتناهم بالنعوت المعروفة ، وإنما سيكيلون الأمر إلى عالمه كما الله - تبارك وتعالى - : ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) سورة النساء آية رقم (83) .
أيها الإخوة في الله : في بلادنا هذه ، في هذه الأيام خصوصا نرى حضورا نشيطا لبعض أولئك القوم الذين نعتناهم بما ذكرناه ، وحضورهم في مثل هذه المتغيرات الإقليمية لاشك أنه لا يبعث على الطمأنينية ؛ لمن جربهم ، وعرف سيرتهم ، وسبر مناهجهم ؛ لذلك يجب علينا في مثل هذه الأيام أن نكثف نشاطنا ديانة ، وطاعة لله – تبارك وتعالى - ، وقطعا للطريق حتى لا يكرر هؤلاء فتنتهم التي فعلوها من قبل .
وإذا نجم ناجم البدع ، أو أهلها وجد البدار إلى حد أئمة أهل السنة ، وإبرازهم إلى الناس ، وتقديمهم إلى الناس ، حتى نصون الناس ، وتصون الديار والبلاد والعباد عن الشرور والفتن ؛ ولذلك أيها الإخوة في الله هذا المخيم أقيم من أجل هذا الغرض ، وسيقام – إن شاء الله – مخيم مثل هذا – إن شاء الله – وهو من باب التكامل في الجهود ، والتناصر والتعاضد ، وليس من باب ( كلمة أظنها التضاهي ) بل المشايخ هم المشايخ ، ومعهم آخرون من أهل من ديار مختلفة : من المملكة العربية السعودية ، ومن مصر الشيخ حسن البنا شقيق الشيخ محمد البنا السلفي المعروف بجدة ، وليس حسن البنا الذي مات ، وننشر مذهب فرقته المعلومة ، كذلك إخوة من اليمن ، إخوة من الصومال الشيخ عثمان المعلمي ، مشايخ على السنة المحضة .
الشيخ عبد المالك الرمضاني ، وشيخنا الفاضل الكريم الشيخ صالح السحيمي ؛ وإن شاء الله نحاول – أيضا – في فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ ، وهناك – أيضا – ( أظنه قال أشياء ) أخرى وكبرى مفآجات – إن شاء الله – ، نسأل الله – عز وجل – أن ييسر الأمور .
وسيكون هذا الملتقى – إن شاء الله – في منطقة القرين ، في البراح الذي قبل سنترال القرين الذي أقمنا فيها ندوة الذب عن الإمامين ابن باز وابن عثيمين .
وسيكون تاريخ هذا الملتقى من (21) / (3) من هذا الشهر ، إلى (23) / (3) يعني : أربعاء وخميس وجمعة بعد المغرب مباشرة ، نصلي في مخيم مثل هذا ، في نفس المخيم ، نرجو من الإخوة الصلاة في نفس المخيم مباشرة ، أن يبكروا قبل صلاة المغرب ؛ لينتفعوا بالمشايخ .
وبعد الصلاة .....وأيضا نصرة ، وأيضا يحصل بهذا اللقاء من الفوائد الكثيرة ما هو معلوم .
شيخنا وضيفنا - لا شك - أنكم تعرفونه جميعا ، وهو – حقيقة - ممن ناصر الدعوة السلفية في الكويت ، وأكثرهم حضورا إلى الكويت ، وحصل بسبب محاضراته التي ألقاها خير كثير ، وما زال التواصل مستمرا مع شيخنا ، ومع سائر إخواننا ، وعلمائنا ، ومشايخنا .
فهذا اللقاء – لاشك – أنه – إن شاء الله – لقاء يحصل به سرور لأهل السنة في كل مكان ، فقلوب أهل تتآلف ، ولو باعدت الأوطان ؛ لأن كلمة التوحيد تجمعهم على الحق – بإذن الله تبارك وتعالى - .
شيخنا المحاضر هو فضيلة الشيخ العلامة الدكتور صالح بن سعد السحيمي الحربي ، وهو عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية ، ورئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية ، والمدرس بالمسجد النبوي ، وموجه الدعاة بمنطقة المدينة النبوية حاليا ؛ فنسأل الله – عز وجل - أن يسدده في محاضرته ، وأن ينفعنا جميعا بها ، وليتفضل فضيلة الشيخ .
والآن الشيخ صالح السحيمي – حفظه الله :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، وعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه ، وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فأقول : بادئ ذي بدء : أسأل الله لي ولكم الإخلاص والصواب في القول والعمل .
ثم إنني أشكر إخوتي على حسن ظنهم بأخيكم الصغير ، وإن كنت أعرف أنني لن أوفيَ مثل هذا الموقف حقه ، وبخاصة أن أخي الفاضل فضسلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ – وفقه الله – قد طرق كثيرا – إن لم يكن أكثر الوصايا التي أردت أن أتحدث عنها ، بما لا مزيد عليه ؛ فجزاه الله عني وعنكم وعن المسلمين خير ما يجزئ به عباده الصالحين ؛ لأن العنوان ( وصايا مهمة لعامة الأمة ) وقد تضمنت أسباب العزة والتمكين العظيمة التي عرض لها الشيخ – وفقه الله – ولا نقول : تعرص ؛ فإن كلمة تعرض خطأ لغوي يقع فيها بعض المحاضرين ، وإنما نقول : المسائل التي تكلم ، أو عرض لها ، أو تحدث عنها – جزاه الله خيرا - .
ولذلك لن أطيل فيها ، وقد تجدون تكرارا فاعذروني ؛ ولذلك سوف أختصر .
أسأل الله لي ولكم العلم النافع ، والعمل الصالح .
هذه الوصايا سوف أعرضها في نقاط مختصرة :
(10:14) الوصية الأولى والمهمة : وهي وصية الله لأنبيائه ، ورسله ، والأولين ، والآخرين : تقوى الله – عز وجل - .
( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) سورة النساء آية (131) .
وقال تبارك وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) سورة آل عمران آية (102) .
وقال تبارك وتعالى – مخابطا من يريد التزود بالعلم والعمل الصالح - : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ) سورة البقرة آية (282) .
تقوى الله – يا إخوتاه ! – تنحصر في ضابط مختصر وهو : امتثال أوامر الله – سبحانه وتعالى - واجتناب نواهيه .
العمل بكتاب الله – تعالى – على نور من الله ، وعلى هدى السلف الصالح ، والعمل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نور من الله ، وعلى هدي السلف الصالح .
هذه حقيقة التقوى .
بأن يطبق المسلم تعاليم الإسلام : قولا ، وعملا ، واعتقادا ؛ فإذا فعل ذلك استكمل التقوى ، وتنقص التقوى بحسب ما ينقص من أعمال ، مع أن بعض النقص - قد – يبطلها بالكلية ، والبعض ينقصها .
هذه هي الوصية الأولى .
أوصيكم ونفسي بتقوى الله : في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، وحتى على أثرة عليك – يا عبد الله ! – كما أوصى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أصحابه ، والأنصار خاصة .
(12:34) الوصية الثانية : العلم : التزود بالعلم النافع الذي هو أساس العمل الصالح ، وكثير ما يتحدث عن العلم ، وهو نوعان :
كفائي ، وعيني .
فالعلم العيني : هو أن يتعلم المرء المسلم القدر الذي تصح به عبادته ؛ حتى يعبد الله على بصيرة كما قال الله – تبارك وتعالى – مخاطبا رسوله – صلى الله عليه وسلم - : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) سورة يوسف آية (10 .
فيعرف التوحيد من الشرك ، والحلال من الحرام ، والهدى من الضلال ، والسنة من البدعة .
إذا حصل هذا القدر ؛ فإنه يكفيه لنفسه .
والقسم الثاني الكفائي : وهو العلم الذي يحتاج إليه المسلمون ، من توجيه ، وإرشاد ، واجتهاد ، وقضاء ، وفتيا ، وتعليم وتعلم ، وتعليل وبيان للحق ، وتحذير من الفتن .
وكونه يوجد القاضي ، والمفتي ، والمعلم ، والموجه ، بل والعلوم الكونية : كوجود الطبيب ، والمهندس ، وما يحتاج إليه المسلمون ، هذا النوع من العلم يعتبر فرضا كفائيا إن قام به من يكفي سقط الإثم عن الجميع ، وإن تركوه جميعا = أثموا جميعا .
هذا هو العلم الذي يقصده أهل العلم عندما يتحدثون .
والذي يطلب العلم ينال فوائدَ كثيرةً ؛ لستُ في صدد حصرها ، غير أنني سأقتصر على ذكر أمرين :
الفائدة الأولى : أن من يتعلم أمور دينه = يعبد الله على بصيرة ؛ لا يضع قدمه إلا حيث يجب أن توضع ، لا يفعل عبادة بهواه ، ولا بمحض اجتهاده ، ولا يتعصب ، ولا يتبع الهوى ، ولا ينفرد بالرأي ، وإنما يعبد الله على بصيرة ، على دليل ، على حجة ، على برهان ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) سورة يوسف آية (10 .
فهذا أمر من الله – تبارك وتعالى – لرسوله وأتباعه المؤمنين إلى يوم القيامة .
هذه الفائدة الأولى : أن من يتعلم ، ومن يتفقه في دين الله = يعبد الله على بصيرة ، لا تزعزه الأهواءُ ، ولا تخلخله الآراءُ المختلفة ، ولا يجري خلف كلّ ناعق ، ولا يطبل خلف كل مُـزمَّـر ؛ وإنما يثبت على قدم راسخة ؛ لأنه تعلم العلم الشرعي .
الفائدة الثانية – أو الثمرة الثانية من العلم - : أنه يكون مشعل هداية لغيره ؛ فيفيد ويستفيد ؛ ينفع الله به الأمة ، يهديهم إلى سواء السبيل ، يكون مفتاحا للخير ، مغلاقا للشر ، يكون قدوة صالحة للمؤمنين ؛ يقتدون به في أقواله ، وأفعاله – إذا سلك هذا الطريق - ؛ وقد بين الله - تبارك وتعالى – ذلك في كتابه حيث قال : ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) سورة التوبة آية (122) .
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في هذا المعنى : من دعا إلى هدى كان من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا .
وقال - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله البجلي : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة .
والمقصود : من أحْى سنة من سنن المصطفى – صلى الله عليه وسلم - .
هاتان الفائدتان أساس عظيم في طلب العلم الشرعي ، أو ثمرتان عظيمتان لطلب العلم الشرعي ، وهناك فوائد جمة لا أستطيع حصرها منها :
1 – أنه مسلك أهل الجنة ؛ إنه طريق يؤدي إلى الجنة .
2 – وأن الله يرفع درجاته .
3 – وأنه أشد الناس خشية لله .
4 – وأن فضله على غيره كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب .
5 – وأنه وراث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - .
6- وأنه لاتنطلي عليه الشبه التي تنطلي على غيره ؛ يبددها ويبدد ظلامها بنور العلم الشرعي .
7 – وأنه يلهج - دائما - بذكر الله . وغير ذلك من الفوائد الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى .
(18:55) الوصية الثالثة : الاعتصام بالكتاب والسنة ، وهذا لابد أن يبنى على العلم الذي سبق بيانه .
وهو ما بينه أخي - وفقه الله – فلا داعي للإطالة فيه .
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) سورة آل عمران آية (103) .
فالمعتصَم والملاذ هو كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : حبل الله هو الإسلام .
وقال : حبل الله هو القرآن .
والقرآن إذا ذكر شمل السنة ؛ لأن كليهما وحي من الله – سبحانه وتعالى - .
فالاعتصام بحبل الله المتين سبب لاجتماع الكلمة ، ووحدة الصف ؛ لسنا ممن يقول : وحدة الصف ولو اختلف الرأي . وإنما نقول : وحدة الصف على توحيد الله = هو الذي يجمع الأمة ؛ وهذه وصية ستأتي بعد قليل .
إذن الاعتصام بحبل الله – جل وعلا – والتمسك بالكتاب والسنة اللذين لن يفترقا حتى يردا على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الحوض .
قال رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم – في خطبة الحاجة - كثيرا ماكان يكرر : إن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
قال الله - تبارك وتعالى - : ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) سورة الحشر آية (7) .
وقال تبارك وتعالى : ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) سورة الأنفال آية (24) .
وقال - جل وعلا - ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) سورة النساء آية (59) .
وقد تكلم أخي – وفقه الله - على هذه القضية بما لا مزيد عليه .
(21:29) الوصية الرابعة : الاقتداء بالصحابة – كما ذكر أخي – وفقه الله - الذين قال الله – تبارك وتعالى - في الاقتداء بهم ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ) سورة التوبة آية (100) .
وقال تبارك وتعالى – بعد أن ذكر صفات المهاجرين ، وصفات الأنصار في سورة الحشر – قال بعد ذلك – ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) سورة الحشر آية (10) .
وقد سمعتم الأحاديث التي أوردها أخي فضيلة الشيخ الدكتور فلاح – وفقه الله – فلا داعي لتكرارها .
(22:30) الوصية الخامسة : السير على هدي السلف الصالح ، وعلى رأسهم الصحابة - كما بُـيّـن في الوصية الرابعة - الذين بهم قام القرآن – هذه عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية كما ذكر في الحموية – وبه قاموا ، وبهم نطق القرآن ، وبه نطقوا .
أولئك الرعيل الأول الذين قال فيهم عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : من كان مستنا – أو من كان متأسيا في الرواية الأخرى – فليتأس بأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإنهم أعمق هذه الأمة علما ، وأقلها تكلفا ، وأصدقها قيلا ، وأحسنها خلقا ، أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه إلى أن قال : فاستمسكوا بهديهم فإنهم على الصراط المستقيم .
وقال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - : سن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وولاة الأمر من بعده ، الأخذ بها تصديق لكتاب الله ، واستكمال لطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغيرها ، ولا تبديلها ، ولا النظر في شيء خالفها ؛ من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين = ولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم ، وساءت مصيرا .
(24:30) الوصية السادسة : الرجوع إلى العلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله – جل وعلا – تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين يقضون بالحق وبه يعدلون .
( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) سورة النساء آية (83) .
مما آلمني مرة ونحن في مدينة من مدننا في المملكة أنني لما دعوت إلى لزوم العلماء والأخذ عنهم وثني الركب عندهم قام اثنان متأثران بجماعة موجودة في الساحة : جماعة صوفية تتلبس بلباس الدعوة وهي تدعوة إلى التصوف في حقيقة الأمر ، وكان هذان الشابان متأثرين بتلك الجماعة فخرجا معي : وكان إلى يميني فضيلة شيخنا الشيخ صالح البليهي - رحمه الله تعالى - وعن يساري فضيلة شيخنا الشيخ محمد المرشد - رحمه الله تعالى - .
أنا ذكرتُ بالمناسبة مشايخنا :
سماحة الشيخ ابن باز ، سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، وفضيلة الشيخ العثيمين ، الشيخ الألباني ، وغيرهم ، ذكرت عددا من المشايخ آنذاك ، وكان هذا قبل خمسة عشر سنة قديم الكلام هذا ، عفوا سبعة عشرة سنة !
فقال هذان الشابان : أنت تقول : إن العلم لا يوجد إلا عند هؤلاء ؟!
يا أخي ! اخرج في سبيل الله ومع هذه الجماعة ، والعلم يأتيك فويضات !!
لا إله إلا الله !!
التفت قلتُ : يا ابني ! وكان صغيرا (15) أو (14) – يا ابني كلمة ( فويضات ) من أين جاءتك ؛ في قلب نجد في قلب بلد التوحيد ؟!!
من أين جاءتك كلمة الفويضات ؟ جاءتك من الأحزاب ، وغيرهم من الأصحاب ، لا حول ولا قوة إلا بالله .
ناصحتُه ثم مضيت في سبيلي .
إذن الأمر السادس هو الرجوع إلى العلماء ، ولاسيما ونحن نشهد هذه الأيام – كما أشار أخي – وفقه الله – فضيلة الشيخ حسين - نشهد حملة شرسة على علماء الأمة من قبل منظري الفضائيات المشبوهة ، ومواقع الإنرنت .
ويصفون العلماء بأوصاف فاقوا فيها المعتزلة !! والله ما قال المعتزلة ربع قولهم .
وقد يحسب بعضهم على أنه من أهل المنهج ! زعما منه وإلا فهو بعيد عنه أعني منهج الحق منهج أهل السنة والجماعة.
لكنه يوالي عباد القبور ، ويوالي القائلين بوحدة الوجود ، ويوالي منكري صفات الرب - سبحانه وتعالى - ، ويوالي من يضع الأحاديث على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويوالي من يحرف القرآن عن ظاهره يواليه على إخوانه ؛ فأين دعواه سلوك المنهج السلفي ؟!
والدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء
فانتبه لهذه الوصية يا عبدَ الله ! لزوم العلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله – عز وجل - : تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ؛ وهم موجودون – ولله الحمد – وأتباعهم – ولله الحمد – موجودون ؛ لكن نقول : شذت فئة من شبابنا ، وطبلت خلف المطبلين ؛ فنسأل الله أن ينقذهم من هذا الوحل .
(28:37) الوصية السابعة : التواضع ؛ إذ أن من تواضع لله رفعه ، كثير من المتعالمين إنما أوصلهم إلى ما وصلوا إليه من الغرور إنما هو التعالم ، والتكبر ، والغرور ، والانخداع بما حصل من علم يسير .
يقول بعض السلف : لا يزال الرجل عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه عَـلِم فقد جهل .
ومما استفدته من شيخنا الشيخ حماد – رحمه الله تعالى – وهو من مشايخ الدعوة السلفية المباركة على نهج أئمتنا الأفاضل – قديما وحديثا - ؛ قال : إن العلم ثلاثة أنواع :
علم يورث الكبر .
علم يورث الخشية .
علم يورث التواضع .
ثم فصل – رحمه الله – وبين أن بعض من حصّل علما قليلا ؛ ثم أخذ يتباهى به على الناس ، ويتقعر ، ويتفاصح ، ويختار الكلام الغريب ، ويأتي بغرائب الأمور ، ويخالف في فتاواه ، ويتسرع في الفتوى ، وما إلى ذلك = هذا هو العلم الذي يورث الكبر ، قد يكون عنده شيء من العلم ، لكنه أضاعه بهذا الكبر ، إذا شعر بنفسه أن هذا العلم يجعله يتعاظم على الناس ، ويتكبر ؛ فليتق الله ، وليتبنه إلى أنه وصل إلى مرحلة خطيرة .
هذا العلم يورث الكبر ، وكثير من أرباب الفضائيات الذين يغتروا بعض الناس = من هذا القبيل ، من هذا القبيل .
وعلم يورث الخشية : العلم الذي يورث الخشية هو العلم الذي يعمل به صاحبه كلما حصّل علما ، عمل به ، ودعا إليه ، بعد التثبت منه ، والتحقق ، وبعد أن يتتلمذ على العلماء الربانيين ، ويثني الركب عندهم ؛ فهذا العلم يورثه الخشية ، قال الله – تبارك وتعالى - ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) سورة فاطر آية (2 .
وعلم يروث التواضع : إذا خشي الله ، النتيجة ما هي ؟
تواضع لعباد الله ، إذا خشي الله تواضع لعباد الله ؛ وهذا مصداق قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من تواضع لله رفعه ) .
إذن نحن في الوصية السابعة ماهي ؟
التواضع ؛ فتواضعوا لله يا طلبةَ العلم ، ويا مسلمون ؛ فإن ذلك يجعل المسلم : صافيَ القلب ، صافيَ النية ، صافيَ المشرب ، يعني يتحرى الحق ، دائما يشعر بأنه مقصر في جنب الله ، يشعر دائما بأنه ما حصل شيئا بالنسبة لغيره من العلماء الربانيين ؛ فيتواضع ، ويستكين لله – عز وجل - ويبلغ على قدر ما أعطاه الله – تبارك وتعالى - ولا يتجاوز حده الذي حدَّ الله له .
(32:2 الوصية الثامنة : التواصي والتعاون على البر والتقوى ؛ فإن كثرة البعد قد يؤدي إلى بعد القلوب لا سيما في الوقت الذي يزرع فيه بعض المَوْتُورين العداوة والبغضاء بين أهل السنة والجماعة خاصة . إما بالوشايات إما بالإشاعات إما بالأكاذيب إمما بتشويه السمعة ، إما ...
فالتواصل ؛ تواصل الإخوة وطلبة العلم فيما بينهم ، التعاون على البر والتقوى ، الاجتهاد فيما يرضي الله – سبحانه وتعالى - تذكر أخاك ، أرسل له رسالة ، كلمه ، واصله ، اتصل به إذا طال بينكما العهد ، جدد العهد به ، تفقد أحواله ، سل عنه ؛ فهذا مهم جدا ، مهم وفي غاية الأهمية ، قد يكون البعد يجعله يصدق كلاما يرد إليه : إما من الحساد ، أو من سوء الفهم ، أو من فهم .... والله يا إخوتاه ! أمس الأدنى البارحة ؛ أخبرني أخي المرافق لي الشيخ محمد المحاضر في جامعة طيبة أن طالب علم درسته وأحبه نسب إليّ ما لم أقل ؛ ويقول : أنا سمعته يقول : كذا وكذا !
لا أدري لعله فهم كلمة فبترها ، أو سمع كلمة فبرتها ....
فالتواصل والتعاون على البر والتقوى ، والاجتهاد في الاتصال بالمشايخ ، وطلبة العلم فيما بينهم = أمر مهم ، والله – تبارك وتعالى – يقول : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) سورة المائدة آية (2) .
فلابد من التواصل والتزاور ، وتعلمون أجر من يزور أخاه في الله ، وأن الملائكة تدعو له ؛ وتقول : ولك بمثل .
يعني القضايا – ما شاء الله - فضل عظيم لمن وفقه الله – تبارك وتعالى – فالتواصي والتعاون على البر والتقوى = أمر مطلوب بين طلبة العلم خاصة ، وبين المسلمين عامة .
(34:44) الوصية التاسعة : التثبت والتحري وما أدراك ما التثبت والتحري !!
نحن في عصر الإشاعات الكثيرة قد يكون مصدر بعضها إنترنت ، قد يكون المصدر جريدة وصحيفة ، قد يكون المصدر شريطا وزعه فلان وعلان ، قد يكون المصدر شخصا مغرضا يريد أن يوقع العداوة بين الناس ، قد يكون المصدر وسيلة من وسائل الإعلام ، قد يكون المصدر ظنا ؛ إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، والله – تبارك وتعالى – يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) سورة الحجرات آية (12) ، قد يكون المصدر تقصيرا عندي أنا ما استطعت أن أُفـهِـم أخي ما أريد !!
يعني فلا يتسرع المسلم في تصديق الإشاعات التي تثار ، وقد كثر القيل والقال في هذه المسألة .
الله – عز وجل – يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) سورة الحجرات آية (6) .
وقال – مخاطبا الصحابة - : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) سورة النساء آية (94) .
البعض من الإشاعات قد تكون إلزامات ، قد تكون إلزامات ! فلان قال : كذا وكذا ، إذًا هو يقصد كذا وكذا .
فلان كتب كذا كذا ، إذن هو يقصد كذا كذا !!
قد تكون الإشاعة ناتجة عن بتر كلامك ، بُـتـِرَ الكلام واقتصر على كلام ، كقاعدة من يَـقِـفُـون على ( فويل للمصلين ) ولم يقرأ ما بعدها .
قد يكون السبب ناتجا عن مرض في القلوب ، يحتاج إلى علاج ، والقلوب تصدأ كما يصدأ الحديد .
والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَـلَحت صَـلَح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ) .
ألا وإني أوصيكم ونفسي بالعناية بهذه القلوب ، وعلاجها بهدي كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وقراءة سيرة السلف الصالح من أمثال كتب مشايخنا : كتب ابن القيم ، وابن تيمة ، وابن عبد الوهاب ، والسعدي ، وغيرهم من المشايخ الذين كتبوا في هذا الباب .
فإذن الأمر هذا يحتاج إلى وقفة .
حتى البعض إذا ناصحه أخوه وبـيّـن له مسألة نفر منه !
قد تكون النصيحة بينه وبينه ! يقول له : يا فلان ! أنت أخي ، المؤمن مرآة أخيه ، فأنا – والله - أخي نصحني في مسألة ، وقال لي : ترى كذا وكذا ، إن كانت النصيحة واردة ، فالحمد لله ، فهذا .. إن كان لي ملحوظة عليها أقول : يا أخي ترى وجهة نظري كيت وكيت ، يسددني وأسدده ، والمؤمنون يكمل بعضهم بعضا ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بدمتهعم أدناهم ) .
أما أن أرتب على شيء وقع في نفسي ، أو في قلبي ، أو وشي إليّ ، أو نقل إليّ ، أو أشيع عندي ، ثم أبدأ أحمل على أخي ، وأزيد الطن بلة ، ثم تتنامى ؛ حتى تصبح كبيرة ، وهي عبارة عن فقاعات ، ولكن تنمو – والعياذ بالله - الشر ينمُّ بسرعة .
أنا – معليش – أذكر لكم شيئا أشبه ما يكون بالنكتة ، ولسنا في وقت النكت ، ولكن يعني ....
يقال : إن أحدهم أراد أن يختبر أمَّه فقال لها : أتدرين يا أماه اليوم ، أنا والله – لا مؤاخذة – يعني أتيت ببيضة !!
يا ابن الحلال كيف ... ؟
المهم أنني .. فادعي لي الله ما أدري الذي حصل لي .
راحت وأخبرت جارتها ، والعجوز التي بعدها قالت : بيضتان ، والتي بعدها .. إلى أن أصبحت (100) بيضة !!
طبعا هو ليس له الحق في امتحان أمه ، لا نقر على مثل هذا ، لكن هذه من الحكايات التي تؤكد – مع أنه عندنا ما يغنينا عنها ، لكن أنا أذكرها على أنها طرفة مثلا - يتنبه إلى خطورة الإشاعات .
فالجريان وراء الإشاعات يعتبر جريان وراء السراب ، وقد رتب البعض على تلك الإشاعات : الهجر ، والتبديع ، والولاء والبراء !! مصائب عظيمة خطيرة جدا ، وقد تكون لا شيء ، قد تكون وهما ، ومرضا في القلوب ، أو مرضا في النفوس ، فانتبه ياعبدَ الله ! أوصيك ونفسي بالوقوف طويلا عند هذه الأمور .
البعض منهم يأتيه مثلا – قد يكون خطيبا ، يفعله حتى بعض الخطباء عندنا – شاب طائش ! بقصاصة جريدة ، والله نشر في الجريدة الشيء الفلاني ، والخبر الفلاني ، يصعد على المنبر ويخطب على ضوء ما نشر في هذه الصحيفة !!
فيعني القضية تتطلب وقفة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) سورة الحجرات آية (12) .
انتبه ياعبدالله ! لا تلزم أخاك .
ثم هناك شيء آخر : يا أخي لا تعاتب في كل شيء ،( كلمة غير واضحة ولعلها فهب ) أني أخطأت أنا ، وحصلت مني هفوة !
إذا كنت في كل الأمور معاتبا // أخاك فلن تلقى الذي لا تعابه
لماذا لا تكظم ؟!
لماذا لا تكون من الذين قال الله فيهم ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) سورة آل عمران آية (134) .
سبحان الله ! يا أخي حاول أن تتصف بهذه الصفة ، فلان قال فيك الذي قال ، التقي به بوجه طلق ، وانْسَ كل ما قيل ، وعانقه ، وصافحه ؛ حتى تتحاث الذنوب بهذه المصاحفة ، وانسَ هذه الإشاعة التي قيلت ، لاسيما أنتم طلبة العلم ، والسلفيين خاصة ، والمسلمين عامة ، ينبغي أن يتنبهوا لهذه القضايا .
هل تعلم أنكما إذا تصافحتما تحاث خطايكما ؟ كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم - .
كم من هذا المعنى ؛ الحديث انتبه له ، اجعله نصب عينيك .
أم أن نفسك قالت لك : هذا الذي لا خير فيه ، تكبر علينا ، وفي قلبه كبر و ... قد يكون ما عنده لا تكبر ، ولا شيء ، يمكن هذا وهم في نفسك ، قد يكون وهما في نفسك .
فانتبه ! أكسر الحاجز أنت ! ابدأه بالسلام ، ابتدئ السنة ، وبخاصة أن البعض قد اتخذ طريقة في للهجر تختلف عن ضوابط السلف ؛ فيهجر بدون سبب واضح ، يا أخي ! مسائل الهجر ، وقواعد الهجر حددها العلماء ، قد يقع أخوك في مسألة ، ولا ينبغي لك أن تهجره ؛ لئلا يقع في ما هو أعظم ، لا تسْـلمه للأعداء ، انتبه ! تتركه لمن ؟ فتتلقفه الجماعات الأخرى ، هناك ألف جماعة تتحرى ، وأنت مباشرة تعنفه ، وتعابته ، وتصول ، وتجول عليه ، وتكيل له المكايل من الظنون وما إلى ذلك ؛ حتى تنفره ؟!!
انتبهوا ! لا يفهمني أحد خطأ ، لا يفهمني أحد خطأً !!
أنا لا أقصد العمل بالموزانات التي يدعو إليها دعاة البدع ؛ يقول : إذا أردت أن ترد على أهل البدع ؛ فأذكر حسناتهم أولا ، لا والله ! هذا مرفوض ، هذا مبدأ فاسد ، ولا أقصد القاعدة الفاسدة التي تقول : ( نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) لا سيما أنهم طبقوا تحتها حتى أصول الدين – وللأسف ! - .وإنما القضية ما هي ؟
القضية أنني .....
افرض أن أخي أخطأ ، وصدرت منه كلمة ؛ لماذا لا أذهب إليه ، لماذا لا أبين له ، لماذا لا أرسل إليه من يدعوه إلى الخير ، ويبين له حتى لا نسلمه أعداء منهج أهل السنة والجماعة .
أنا وقفت عند هذه المسألة – يا إخواني - لأنها - كما يقول الصحفيون - : حديث الساعة ، أو حديث شؤون الساعة .
فنحن لابد أن نعالج هذه المسألة .
أيضا هذه قد تجر إلى التسرع في مسألة الجرح والتعديل ، يا إخواني ! هذه لها ضوابط ، يعرفها أهل العلم ، أنا لن أعيدها – الآن – هنا – لكن يرجع فيها إلى العلماء الربانيين ، إلى أهل العلم الكبار .
فلان وقع في كذا ؛ هو مبتدع ، فلان مشى مع فلان قال : هذا مبتدع ! اتركه عنك .
فلان ذهب إلى المكان فلاني – على ما قالوا في اللغة العامية - ( اقصروك منو ، لا خليه يروح بس ، ما دام أنو راح مع المبتدع هو مبتدع ) !!
والله إني وجدت شخصا محسوبا على طلب العلم – زيد من الناس – قال عن أحد إخوانه كلمة ، نقَـل أن فلانا يقول في فلان : كيت وكيت ؛ فلما انتشرت القالة حققنا في الأمر ؛ فأحضر الرجل فقيل له : لماذا تنقل عن أخيك كذا وكذا ؟
قال : أنا سألته عن مسألة وعرفت – انتبهوا إخواني ! - أنه عندما أجاب أنه يعني فلانا !!
أشهد أن لا إله إلا الله !
كيف عرفت ؟
ظلمتني يا أخي !
كيف استنتجتَ من أنني أعني فلانا ؟
ووالله ! ما خطر في قلبي ذلك الرجل الذي أشرت إليه !
هذه كثير !! مسائل تحتاج إلى وقفة – يا إخوان ! – تحتاج إلى تركيز .
الآن يتصل بنا وبغيرنا من إخواننا من طلبة العلم ، ومن مشايخنا ؛ يتصل شخص بسماحة المفتي – وفقه الله - أو بمشايخنا الآخرين الشيخ صالح الفوازن ، الشيخ الغديان ، الشيخ صالح اللحيدان ، وغيرهم من مشايخنا ، الشيخ عبد المحسن العباد ، وغيرهم من مشايخنا ، الذكر ليس على سبيل الحصر – بارك الله فيكم – .
يأتي ويطرح مسألة يقول : يا شيخ ! ما رأيك في كذا ؟
فيجيب الشيخ جوابا مسدَّدا كاملا موفقا ، بعد قليل يأتي هذا المسكين الذي سأل ؛ فيضيف إلى جواب الشيخ الحكيم الذي هو فصل في المسألة التي سأل عنها ؛ فيجعل عنوانا ( رد الشيخ فلان على فلان من الناس ) !!
وهو يكذب !
أولا : أن الشيخ لم يقصد فلانا من الناس ؛ فافترى على الشيخ .
ثانيا : لا تنطبق المسألة على هذا الذي يزعم أنه يرد عليه .
ثالثا : فيها كذب وتزوير وسفه وتلبيس .
رابعا : فيها إشاعة للباطل .
خامسا : فيها إفساد للقلوب .
طيب ! الجاهل إذا رأى رد الشيخ فلان – من مشايخنا الكبار الذين نعتز بهم وبالتتلمذ عليهم – رد الشيخ فلان على فلان ؛ ماذا يتصور العامي الذي يقرأ هذا العنوان في مواقع الإنترنت ؟
خلاص المشايخ اختلفوا !!
يا سبحان الله !
ظلم الشيخ ، وظلم المجني عليه – الذي يزعم أنه مردود عليه - ، وظلم نفسه ، وظلم الأمة ؛ بهذا الطرح الفاسد .
فانتبه يا عبد الله !
الآن ملآنة الساحة من هذا الموضوع ! ملآنة من هذه الخزعبلات !
إخواني ! اسمحوا لي أن أطلت في هذه المسألة ؛ لأمر نحن نعاني منه الآن .
عشرات الأشرطة – الآن – ملئة : رد الشيخ فلان على فلان ، رد الشيخ فلان على فلان ، وكلها – لو حققت – لوجدت أنها من هذا القبيل .
فانتبه يا عبد الله ! واتق اللهَ ! تذكر الوقوف بين يدي الله ، وعند الله تجتمع الخصوم .
إذا وقف أمامك الشيخ المستفى ، والشيخ المظلوم ، والأمة التي ظلمتها بهذا الطرح بين يدي الله ، يوم نقف بين يدي الله غرلا بهما ، ليس أمامك إلا ما قدمت ؛ ما جوابك ؛ إذا كان هؤلاء كلهم خصوما لك ؟
ماذا تقول ؟
ما هي حجتك ؟
الدواوين ثلاثة :
ظلم لا يغفره الله وهو الشرك .
وظلم تحت مشيئة الله ، وهو ظلم العبد فيما بينه وبين ربه .
وظلم لا يترك الله منه شيئا ، وهو ظلم العباد فيما بينهم .
أتدرون من المفلس ؟ يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - .
قالوا : يارسول الله ! المفلس عندنا من لا درهم له ولا متاع .
قال : لا ! المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصوم وأعمال ، ثم يأتي وقد ظلم هذا ، وشتم هذا ، وسب هذا ، وضرب هذا ؛ فيؤخذ لهذا من حسانته ، ولذاك من حسناته ؛ فإذا فنيت حسناته أخذت من سيئاتهم فطرح عليه ؛ فطرح في النار .
تذكر يا صاحب الإشاعة ! هذا الموقف .
تذكر أنه ستخاصمك أمة ، ليس فردا ؛ فيما طرحت ، وفيما نشرت عبر الإنترنت أو عبر بعض الفضائيات .
ثم من المشكل أنهم إلى الآن يتسمون بأسماء مزورة ، وأسماء مزيفة ، وأسماء كبار ، وفلان الكذا ، وفلان الكذا ، وفلان الكذا .
مما يزهدني في أرض أندلس // أسماء معتضد فيها ومعتمد
أسماء مملكة في غير موضعها // كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
فاتق الله يا عبدَ الله !
لعلي – قد أكون أثقلت عليكم بالإطالة في هذه المسألة ؛ هذه مسألة خطيرة ، وفي غاية الخطورة .
ننتقل إلى بقية الوصايا باختصار .
(51:32) الوصية العاشرة : الأخلاق الطيبة : أخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، تقول عائشة – رضي الله عنها – كان خلقه القرآن ؛ فتخلقوا بأخلاق القرآن إخواني .
( وخالق الناس بخلق حسن )
( ألا أنبئكم بأقربكم مني منزلا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ) .
( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
مع إخوانك ، مع أهلك ، مع طلبة العلم ، مع المسلمين عامة ، مع غير المسلمين ، مع غير المسلمين .
(52:22) الوصية الحادية عشرة : التوسط والاعتدال في كل شيء ؛ وهذه أمور قد تحدث عنها فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - ، لكني أود أن أشير إلى أمر : نحن الآن نعيش بين تيارين :
تيار الشهوات .
تيار الشبهات .
تيار الشهوات : له قنوات تغذيه ، وله جهات تدعمه ، يتمثل في المناداة بحقوق الإنسان ، وحقوق المرأة ، وما ينشر هنا وهناك من أفلام ، وخزعبلات ، وتمثيليات ، ومسرحيات ، وبلاء ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) سورة التوبة آية (32) .
لكن الشهوات – في نظري – أنها أهون شأنا من الشبهات ؛ لأن الشهوات ينفع فيها الترغيب والترهيب ، لا شك أنها خطيرة ، المعاصي بريد الكفر ، لا نهون من شأنها ، لكن أريد أن تقارنوا بين حديثين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – فيما يتعلق بالشهوات والشبهات ، أذكرهما في نهاية الكلمة .
أما الشبهات فخطورتها أعظم ؛ لأن دعاتها يدعون باسم الدين ، وباسم الإسلام !
يقـتِّـلون المسلمين ويرون أن هذا جهاد في سبيل الله ، وهو إفساد ، يستحلون دماءَ المسلمين ، وأموالَهم ، والمستأمنين ، والذميين ، والمعاهَدين ويعتبرون هذا جهادا في سبيل الله !
قد أعطاهم منظروهم من القاعدة في الداخل ، أو المفتين في الخارج ، ممن يعيش بعضهم في بلاد الكفر ، أو في الكهوف أعطوهم مفاتيح الجنة ؛ ليس بينك وبين الجنة إلا أن تقتل رجل الأمن ، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تنسف المنشأة الفلانية ، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تنسف السوق الفلاني ، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تفجر الجسر الفلاني ؛ مثل ما يعطي البابواتُ النصارى صكوكَ الغفران !!
والله إني سمعتم أحدهم – الذين فجروا في المحيا – سمعت المسكينين اللذَين فجر نفسيهما في ذلك المكان يغنيان – يطلبان الجنة ، ولكن اللحن الذي يلحنانه – كما نشر في الشريط – هو لحن لامرأة فاجرة من المغنيات !!
يطلبون الجنة ، إلى أن وصلوا إلى أن كبّروا وفعلوا ما فعلوا ! وقتلوا المسلمين الصائمين في ليلة من ليالي رمضان . فلا حول ولا قوة إلا بالله .
فإذن القضية خطيرة جدا – الشبهات خطيرة :
فتحريف النصوص .
لَـيُّ أعناق النصوص .
الكذب على العلماء ؛ وبالمناسبة : إن أهل الشبهات في هذا العصر – وبخاصة الخوراج - ضموا إلى منهج الخوارج القدامى (( تقية الرافضة )) فكثيرا ما يتلونون ، بل بدأوا يفتونهم بجواز حلق لحاهم ، ولبس الملابس النسائية ، ولبس الملابس الضيقة ، وما إلى ذلك ؛ لأن عندهم الغاية تبرر الوسيلة .
وأنا وقفت على شريط لأحد المنظرين من الداخل نُـشِـر قبل نحو ست عشرة سنة ؛ قال فيه : إنَّـا قد نضطر في الدعوة إلى الله إلى تطبيق نظرية ( ميكافيلي ! )
ما هي نظرية ( ميكافيلي ) ؟
( الغاية تبرر الوسيلة )
ما دمت تريد الدعوة إلى الله افعل ما شئت : اقتل ، فجّر ، خرب ، افعل ما شئت ، البس ما شئت ، تجمع الصلوات كلها بعد نصف الليل تصلِّي الصلوات الخمس مع بعضها ؛ نسأل الله العافية والسلامة .
هذا مما كان يفتي بعضهم بعضا فيه !
فهذه الشبهات ؛ شبهات خطيرة ، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في تفسير قول الله – سبحانه وتعالى – : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) سورة آل عمران آية (7) ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حديث عائشة : فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ؛ فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم .
ابن القيم – رحمه الله - وارجعوا إلى كتاب ( الفاوائد ) اقرأوا هذه الفائدة ؛ ذكر أن مداخل الشيطان ثلاثة :
الشهوات .
والشبهات .
والغضب .
ثم ذكر أن أخطرها الشبهات ؛ لأن أصحابها يحسبونها دينا يقربوهم إلى الله ؛ وفي هذا المعنى يقول الإمام مالك – رحمه الله تعالى - : من ابتدع في الدين بدعة يرى أنها حسنة فقد زعم أن محمدا – صلى الله عليه وسلم – قد خان الرسالة ؛ لأن الله – تبارك وتعالى – يقول : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) سورة المائدة آية (3) ؛ فما لم يكن يومئذ دينا ، لا يكون اليوم دينا .
ونحن أمة وسط ؛ ( إن هذا الدين يسير ، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه فاستعينوا بالغدوة والروحة ، وشيء من الدلجة ) سبحان الله .
يعني استعينوا بالعبادة وهذا أمر سنتطرق إليه بعد قليل .
فانتبهوا ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) سورة البقرة آية (143) .
( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) سورة الفاتحة آية (6و7) .
)
وقد وضح ذلك وفصله في سورة النساء ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) سورة النساء آية (69) .
جعلني الله وإياكم منهم .
فالإسلام دين وسط : لا وكس ولا شطط .
أعود إلى ما وعدتكم به من ذكر الحديثين في خطورة الشبهات أكثر من الشهوات .
الرجل الذي كان يلقب ( حمارا ) واسمه عبد الله ، وكثيرا ما كان يجلد ، فجئ به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فلعنه أحدُ الحاضرين ؛ فقال – بعد أن جلده - : لا تلعنوه ؛ فإنه يحب الله ورسوله .
اسمحوا لي أن أقول لكم : تكلمت في مكان ؛ فقال أحد المنظرين لتلك الجماعات : أنت بهذا تهون من شأن !!
يا أخي ! هذا كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؛ والله المعاصي خطير ، المعاصي بريد الكفر ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء ؛ فإذا تاب واستغفر صقل قلبه ، فإن زاد = زادت حتى تعلو قلبه ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) سورة المطففين آية (14) .
المعاصي خطيرة ، لكن مع خطورتها ، فإن الذي يفعلها وهو معترف بذنبه ، وغير مقتنع بما يفعل ، ويسأل الله أن يعصمه = أقل خطرا من أصحاب الأهواء ، من أصحاب البدع ؛ لذلك فإن أصحاب البدع لا يرجعون - إلا من رحم الله – يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته .
وتعرفون قصة الثلاثة الذين عزموا على بعض الأمور ؛ فالنبي – صلى الله عليه وسلم - قال : أما أنا فإني أصوم وأفطر ، وأقوم وأصلي وأنام ، وأتزوج ، ومن رغب عن سنتي فليس مني ) .
والحديث الذي تقدم لنا ( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) .
يقول في هذا المعنى سفينان الثوري – رحمه الله – إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ؛ لأن المعصية يتاب منها ، والبدعة لا يتاب منها ) .
وقد عقد شيخ الإسلام في الفتاوي في الجزء الحادي عشر مقارنة في هذا السبيل ، في هذا الباب ؛ فارجعوا إليه .
(1:01:34) الوصية الثانية عشرة : العناية بالعبادة يا إخوان ! العناية بالعبادة ، ضعف أمر العبادة ، واشتغل الناس بالقيل والقال ، حتى فيما لا ينفع ، وفي السهر ، و.... و ... و... العبادة عظيمة يا إخوان !
( احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء ؛ يعرفك في الشدة ) .
ولعلكم تعرفون قصة أصحاب الصخرة – أصحاب الغار ، القصة طويلة ؛ عندما سدت الصخرة باب الغار :
توسل الأول : ببره لوالديه .
وتوسل الثاني : بعفته ، وبعده عن الحرام .
وتوسل الثالث : بوفائه بعهده ، و( كلمة غير واضحة ) ؛ فأنجاهم الله – تبارك وتعالى - .
عند الصباح يحمد القوم السرى .
والذي يعبد الله كما ينبغي في رعيان شبابه ، وفي قوته ؛ فإن الله يكتب له مثل ذلك بعد أن يعجر ؛ إذا سافر العبد ، أو مرض . كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : إذا مرض العبدُ ، أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
فالعبادةَ العبادةَ !
اجعل لنفسك قسطا من الليل يا عبدَ الله ! اجعل لنفسك قسطا من الليل ، ولو قليلا ، ولو نصف ساعة ، تصلي فيها ما تيسر من التهجد ، تقرأ فيها ما تيسر من القرآن ، تعرض لنفحات الله – سبحانه وتعالى – هذا يعالج كثيرا من الأمراض التي تقدم ذكرها .
عندما ينزل ربُّـنا – سبحانه وتعالى – إلى السماء الدنيا ، فينادي عباده :
من يسألني فأعطيه ؟
من يدعوني فأستجيب له ؟
من يستغفرني فأغفر له ؟
(1:03:40) الوصية الثالثة عشرة : ملازمة الذكر يا عبدَ الله ! الزم الذكر ؛ تجد عواقبه حميدة ، تجد نفسك تسير في طاعة الله ، مطمئن القلب ، مرتاحَ البال ، مطمئنا في نفسك ، وعليك أن تحفظ من الأذكار الثابتة في كتاب الله – عز وجل – وفي سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلى رأس ذلك : تلاوة القرآن الكريم .
(1:04:14) الوصية الرابعة عشرة : يا أخي الكريم : مصاحبة الأخيار ، والبعد عن الأشرار ؛ فإن مصاحبة الأشرار تعدي يقول الله – تبارك وتعالى - : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) سورة الأنعام آية (6 .
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( مثل الجليس الصالح والجليس والسوء كحامل المسك ، ونافخ الكير ؛ فحامل المسك : فإما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما تجد منه ريحا طيبا ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) .
فاللهَ الله َ يا عبد الله ! في مصاحبة الأخيار .
فرح أنس – رضي الله عنه – يوما بقصة الرجل الذي جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : يارسول الله ! أخبرني عن الساعة ؟
قال : ماذا أعدت لها ؟
قال : حب الله ورسوله .
قال : المرء مع من أحب .
يقول أنس : فوالله ما فرحنا بشيء مثل فرحنا يومئذ ؛ حيث إنني أحب الله ورسوله ، وأحب أبا بكر وعمر ، أو كما قال – رضي الله عنه - .
فاخبتر نفسك في المحبة ؛ من تحب ؟
تحب أهل السنة ؟
تحب أهل التقوى ؟
تحب أهل التوحيد ؟
تحب أهل الطاعة ؟
تحب أهل الاستقامة الذين يعملون بهدي الكتاب والسنة ؟
أم أن في قلبك شيئا عليهم ؟
اختبر نفسك يا عبدَ الله ! اختبر قلبك ، كل منا يختبر قلبه .
والله المرء مع من أحب ؛ هذا كلام عظيم يا شيخ !
ولذلك ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : رجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه وافترقا عليه .
وذكر من حلاوة الإيمان : وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله .
فانظر من تحب يا عبدَ الله !
إنني لأعجب لقوم يحبون أهل الأهواء ، ويتعاطفون معهم ، يحبون عباد القبور ، ويفضلونهم على إخوانهم ؛ لأنه ينظِّـر لهم في الجماعة الفلانية أو العلانية .
تقول له : يا شيخ ! هذا عنده كذا وكذا .
يقول لك : لا ! هذا ... ما دام هو يدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية ، وأنتم جبناء ! ما تعرفون إقامة الدولة الإسلامية !!
بأي كتاب يريد أن يقيم الدولة الإسلامية ؟! ، بأي كتاب ؟!
المؤسس لهم نفسه يقول : أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تقم لكم في بلادكم ، فلو أنهم طبقوا الكلام الذي قاله مؤسسهم ، وهو من أصحاب الطرق الصوفية – وللأسف ! – لكن مع هذا كله نجد بعض أهل التوحيد ، الذين ترعرعوا في بلاد التوحيد ، ودرسوا التوحيد ، وتشربوه ، ونشأوا عليه منذ أن كانوا في المحاضن والروضات ؛ إذا بهم يتنكرون للتوحيد ، ويتنكرون لمن يدعو إلى التوحيد ، ويوالون هذه الأقوام ، أحدهم – يوما من الأيام – يشيد بشخص يدعو إلى الشرك ، شخص له أشرطة توزع – الآن – له أشرطة ، اسمحو لي أن أصرح باسمه ؛ وهو الجفري !! سمعته بأذنَيَّ هاتين يدعو إلى الشرك المعلن في أشرطة كثيرة ، ومع هذا ضحك على بعض إخواننا في بعض الأماكن ؛ فتسبب في بلبلة في تلك البلاد ، وغير بعض ثوابتهم ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) سورة الرعد آية (11) .
هذا من دعاة الشرك – الآن - يدعو علنا إلى الشرك ، فانتبهوا يا إخوان ! انتبهوا !
المشكلة أن حبك الشيء يعمي ويصم ؛ البعض يقرأ – مثلا – دعوتهم للشرك ؛ يقول لي - والله - : أنا سمعت أشرطته من أولها إلى آخرها كلها تدعو إلى التآلف ، والمحبة ، والإخوة ، .. و ... و...
كما سمعتم القاعدة التي ذكرها شيخنا وأخونا الشيخ حسين آل الشيخ – وفقه الله تعالى – القضية ليست قضية محبة بالعواطف ، القضية قضية دين ، دين ! فاعرفوا عمن تأخذون دينكم ؛ اعرفوا عمن تأخذون العلم الشرعي ، اعرفوا من تستفتون .
والله يا إخوان ! أنا أقترح أن توزع بالذات الجواب على مسألة - المحاضرة كلها – ولكن مسألة الفتوى أقترح أن تطبع بالملايين ، وتوزع في أرجاء العالم الإسلامي كافة – إن شاء الله تعالى - .
فانتبهوا يا إخوان ! الفتوى خطيرة جدا ؛ الصحابة يتدافعون الفتوى ، كل منهم يحيل للآخر ، وهم علماءُ ، ونحن نتسابق إليها .
إياكم وبعض المفتين الذين يظهرون في الفضائيات ! يكفي أنهم أباحوا الربا ، وأباحوا الغناء ، وأباحوا الاختلاط ، وأباحوا توريث المسلم من غير المسلم ، والعكس ، وأباحوا وحدة الأديان ، وأباحوا ، وأباحوا ، وأباحوا .. ماذا تعد ؟!!
مع هذا يعدون – في نظر بعض الناس - من العلماء الكبار ! - والعياذ بالله - .
انتبه يا عبدَ الله ! واعرف عمن تأخذ دينك .
هذه انطلقنا إليها من الوصية الأخيرة : مصاحبة الأخيار .
انتبه !
ويترتب عليها – أيضا – سؤال الأخيار ، سؤال أهل العلم ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) سورة النحل (43) وسورة الأنبياء آية (7) .
والله يا إخواننا علماؤنا أشرعوا بيوتهم للفتوى ، هذا شيخنا سماحة المفتي – الآن – يوم الخميس كله لطلبة العلم بأكمله ، فضلا عن استقباله في دار الإفتاء ، وفي نور على الدرب ، وفي ، وفي ...
لا نسمع كلام الناعقين الذين يقولون : إنهم لا ينزلون إلى الأمة في الساحة ، لا ينزلون إلى الشباب في الساحة !!
هذا ظلم ، ظلم ، ظلم ، انتبه يا عبدَ الله ! ظلم .
نحن لا ندعي الكمال لأحد ؛ العصمة للرسل – عليهم الصلاة والسلام - لكن والله ! علماؤنا بذلوا كل ما يستطيعون ؛ فاجتهدوا في ملازمتهم ، والأخذ عنهم .
لعلي أختم بوصية أخيرة وهي :
(1:11:19) الوصية الخامسة عشرة : الحق واحد أو متعدد ؟
واحد أنى وجده المسلم اتبعه ، فالقاعدة التي تقول : إن الحق يتعدد قاعدة فاسد ، أو يقول : كل مجتهد مصيب ، هذه قاعدة فاسدة .
المجتهد فعلا – كما ذكر أخي ما نحتاج أن نعيد المسألة - إن اجتهد فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر ، مع كونه مؤهلا ، إذا كان مؤهلا ، أما المتطفلون على الاجتهاد ، وأدعياء الاجتهاد ، والرويبضة هؤلاء يجب أن نحذر ، وأن نكون على بينة من أمرنا ، وأن نعرف الحق ؛ الحق عليه نور ، الحق أبلج ، والباطل لجلج ، الحق الذي يستند إلى الدليل الشرعي ، والله عليه نور من الله ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) سورة آية (37) .
إخوتي وأحبتي في الله ! الوصايا تتزاحم – والله !- في ذهني ؛ ولكني أشعر أنني قد أطلت عليكم ، لا سيما عند الوصية التاسعة ؛ فتحملوني في هذا .
وأصيكم ونفسي في الختام بتقوى الله – جل وعلا - والجد والاجتهاد في طلب العلم النافع ، والعمل الصالح .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم الاستقامة على طاعته ، والعمل بما يرضيه ، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع ، والعمل الصالح .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
(( الأسئلة ))
كلام من المقدم فيه : شكره للمشايخ وللمرافقين لهم وما شابه ذلك .
ثم قال : يقول فضيلة الشيخ : أرجو تعليقكم على قول الإمام أحمد : أحب أهل السنة على ما كان منهم ؟
الجواب : الكمال لله والعصمة لرسل الله عليهم الصلاة والسلام ، فالمسلم صاحب السنة يُـحَـب على ما كان منه ، يعني وإن وجد منه تقصير ، ومن ( أظنها قال : النصائح ) التي ربما تسمعونها - إن شاء الله - في المخيم الآخر - إن يسر الله لي مجيئا - مسألة الولاء والبراء سأبين مسألة تتعلق بهذا السؤال ، وهي أن المسلم قد يوالى من جانب ويكره من جانب آخر ، أو قد توجد فيه صفة تستحق الولاء ، والتأييد والنصرة ، بينما توجد فيه صفة أخرى ، قد يعني تؤخذ عليه ، ويكره فيه هذا الجانب ، فالولاء من جانب ... فيحب بقدر ما - كما قال أهل العلم -ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام جميل في هذه المسائل - : يحب على قدر ما فيه من خير ، ويكره على قدر ما فيه من شر .
بخلاف الذين يفسرون الولاء بغير ( كلام غير واضح ) في هذه الأزمنة ، وهذا سيأتي بينانه - إن شاء الله تبارك وتعالى - .
فالذي يلتزم السنة - ولو كان عنده شيء من التقصير - تحبه على قدر ما عنده من سنة ، ولا تخذله ، ولا تُـسْـلِـمْـهُ للأعداء ؛ لأنه صدر منه كيت وكيت ، وإنما ناصحه وتعاهده ، واتصل به وبين له الحق ، وبين له تقصيره ، ولا تُـسْـلِـمْـهُ إلى غيرك . هذا المقصود .
هذا سؤال من الإنترنت يقول : فضيلة الشيخ ! نريد منكم وصية للسلفيين المقيمين في بلاد الكفر ، ومع هذه ( كلمتان غير واضحتين ) وجزاكم الله خيرا ؟
الجواب : هذا السؤال ذكرني بشيء ، بعض الإخوة في الأقليات الإسلامية الموجودة في بلاد الكفار – أنا أقول : البعض ، لا أقول : الكل ، دّبَّ بينهم الخلاف والتصارع على الأشخاص .
فكثيرا ما يتصل بنا من تلك الدول ولا هم لهم إلا التصارع على رموز معينة وعلى أشخاص معينين ، وقد يكون ثمة شيء من سوء التفاهم بين بعض المشايخ ، وكلاهما فيه خير ؛ فتنعكس سلبا بسبب ( الإنترنت ) وللأسف ! وما يحويه من : إثارات وأباطيل وإشاعات ، وتضخيم ، وما إلى ذلك ؛ فتضخم الأمور ، وتنعكس سلبا حتى على المسليمن في البلاد غير المسلمة .
أوصيهم ونفسي بتقوى الله أولا ، ثم الجد والاجتهاد في العلم الشرعي الذي – كما قلت في أول المحاضرة - : يوصلك إلى أمرين عظيمين :
1 - أن تعبد الله على بصيرة .
2 – وأن تكون مشعل هداية .
فبالعلم تفرق بين الأمور : بين الحلال والحرام ، بين التوحيد والشرك .. إلى آخره .
ثم أوصيك ثالثا : إذا أشكل عليك أمر ، أو وجدت من يتصارعون على أمر ؛ فعليك أن ترجع للعلماء الكبار ؛ فالذي تجده يؤيده العلماء الربانيون ؛ فاعلم أنه هو الذي معه الحق – إن شاء الله - ، والذي يخالف منهجهم ورأيهم ؛ فهو الذي غير هدى .
فبهذا المقياس – بإذن الله – تستطيع أن تصل إلى الخير ، واجتهد ، وخذ أشرطة العلماء الكبار ، وكتبهم ، وادرسها ، واكتب لهم كتابة فيما أشكل من المسائل العظام ، هناك كتاب يا إخواني ينبغي لطلبة العلم أن يقتنوه في الداخل والخارج كتاب ( الفتاوى المهمة في المسائل المدلهمة ) ينبغي أن يقتنى هذا الكتاب ، ففيه بيان مسلك علمائنا – حفظهم الله – في قضايا الأمة .
وكما أشار فضيلة الشيخ : بأن قضية فقه الواقع ، والله ! الذي يعلمه علماؤنا ، وليس علماء القصاصات والأشرطة والمجلات .
الوصية السادسة عشرة : لعلي تذكرت وصية فاتتني يا إخوان ! الكتب والأشرطة التي في الساحة أكثرها - بل جلها - على غير منهج أهل السنة والجماعة .
إما أن يدعو إلى الخروج والتهييج ، أو إلى بعض الرذائل ، تجده إما يدعو إلى رذيلة ، أو يدعو إلى شبهة تفوق في خطورتها هذه الرذيلة .
ليس كل ما في الساحة سليم : من الأشرطة ، والكتب التي توزيع هنا وهناك ، في بعض الأماكن ، وتباع في مكتباتنا ، وتنشر .
الكثير منها يحتوى على تأسيس – أو على تقعيد - لمنهح فاسد ، فسد به كثير – أو البعض - من شباب الأمة .
فانتبهوا لهذا الخطر ، هو يدخل في مسألة التثبت التي أشرت إليها في إحدى الوصايا .
وفقني الله وإياكم لكل خير ، وأستميحكم عذرا ، لعل لأخي الشيخ محمد بن رمزان الهاجري – وفقه الله - الذي نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يوفقني وإياه : له جهود مباركة في الداخل والخارج ، في زيارة طلاب العلم ، وتبصير إخوانه في كل مكان ، فقد رافقته في داخل المملكة وخارجها ، وأعرف أنه لا يريد أن أبوح بهذا الكلام ، ولكن الحق يذكر لأهله ، ومن باب أن تدعوا له بالتسديد ؛ لأنه موفق في دعوته على منهج مشايخنا وعلمائنا الأفاضل .
وفق الله الجميع لما فيه رضاه .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
انتهت المحاضرة
ثم فيه ثناء من أحدهم على محاضرة الشيخ .
تنبيه :
قمت بوضع اسم السورة ورقم الآية التي ذكرها الشيخ .
قد يذكر الشيخ لفظة ( الوصية ) وقد لا يذكرها ؛ لذا وضعت لفظة ( الوصية ) أمام كل وصية ذكرها الشيخ .
فرغه وطبعه ونسقه أبو عبد الخالق أشرف السلفي .
مـــن هـنـا حمل الشريط على ملف وورد
أشرف السلفي
.
كلام من المقدم فيه : شكره للمشايخ وللمرافقين لهم وما شابه ذلك .
ثم قال : يقول فضيلة الشيخ : أرجو تعليقكم على قول الإمام أحمد : أحب أهل السنة على ما كان منهم ؟
الجواب : الكمال لله والعصمة لرسل الله عليهم الصلاة والسلام ، فالمسلم صاحب السنة يُـحَـب على ما كان منه ، يعني وإن وجد منه تقصير ، ومن ( أظنها قال : النصائح ) التي ربما تسمعونها - إن شاء الله - في المخيم الآخر - إن يسر الله لي مجيئا - مسألة الولاء والبراء سأبين مسألة تتعلق بهذا السؤال ، وهي أن المسلم قد يوالى من جانب ويكره من جانب آخر ، أو قد توجد فيه صفة تستحق الولاء ، والتأييد والنصرة ، بينما توجد فيه صفة أخرى ، قد يعني تؤخذ عليه ، ويكره فيه هذا الجانب ، فالولاء من جانب ... فيحب بقدر ما - كما قال أهل العلم -ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام جميل في هذه المسائل - : يحب على قدر ما فيه من خير ، ويكره على قدر ما فيه من شر .
بخلاف الذين يفسرون الولاء بغير ( كلام غير واضح ) في هذه الأزمنة ، وهذا سيأتي بينانه - إن شاء الله تبارك وتعالى - .
فالذي يلتزم السنة - ولو كان عنده شيء من التقصير - تحبه على قدر ما عنده من سنة ، ولا تخذله ، ولا تُـسْـلِـمْـهُ للأعداء ؛ لأنه صدر منه كيت وكيت ، وإنما ناصحه وتعاهده ، واتصل به وبين له الحق ، وبين له تقصيره ، ولا تُـسْـلِـمْـهُ إلى غيرك . هذا المقصود .
هذا سؤال من الإنترنت يقول : فضيلة الشيخ ! نريد منكم وصية للسلفيين المقيمين في بلاد الكفر ، ومع هذه ( كلمتان غير واضحتين ) وجزاكم الله خيرا ؟
الجواب : هذا السؤال ذكرني بشيء ، بعض الإخوة في الأقليات الإسلامية الموجودة في بلاد الكفار – أنا أقول : البعض ، لا أقول : الكل ، دّبَّ بينهم الخلاف والتصارع على الأشخاص .
فكثيرا ما يتصل بنا من تلك الدول ولا هم لهم إلا التصارع على رموز معينة وعلى أشخاص معينين ، وقد يكون ثمة شيء من سوء التفاهم بين بعض المشايخ ، وكلاهما فيه خير ؛ فتنعكس سلبا بسبب ( الإنترنت ) وللأسف ! وما يحويه من : إثارات وأباطيل وإشاعات ، وتضخيم ، وما إلى ذلك ؛ فتضخم الأمور ، وتنعكس سلبا حتى على المسليمن في البلاد غير المسلمة .
أوصيهم ونفسي بتقوى الله أولا ، ثم الجد والاجتهاد في العلم الشرعي الذي – كما قلت في أول المحاضرة - : يوصلك إلى أمرين عظيمين :
1 - أن تعبد الله على بصيرة .
2 – وأن تكون مشعل هداية .
فبالعلم تفرق بين الأمور : بين الحلال والحرام ، بين التوحيد والشرك .. إلى آخره .
ثم أوصيك ثالثا : إذا أشكل عليك أمر ، أو وجدت من يتصارعون على أمر ؛ فعليك أن ترجع للعلماء الكبار ؛ فالذي تجده يؤيده العلماء الربانيون ؛ فاعلم أنه هو الذي معه الحق – إن شاء الله - ، والذي يخالف منهجهم ورأيهم ؛ فهو الذي غير هدى .
فبهذا المقياس – بإذن الله – تستطيع أن تصل إلى الخير ، واجتهد ، وخذ أشرطة العلماء الكبار ، وكتبهم ، وادرسها ، واكتب لهم كتابة فيما أشكل من المسائل العظام ، هناك كتاب يا إخواني ينبغي لطلبة العلم أن يقتنوه في الداخل والخارج كتاب ( الفتاوى المهمة في المسائل المدلهمة ) ينبغي أن يقتنى هذا الكتاب ، ففيه بيان مسلك علمائنا – حفظهم الله – في قضايا الأمة .
وكما أشار فضيلة الشيخ : بأن قضية فقه الواقع ، والله ! الذي يعلمه علماؤنا ، وليس علماء القصاصات والأشرطة والمجلات .
الوصية السادسة عشرة : لعلي تذكرت وصية فاتتني يا إخوان ! الكتب والأشرطة التي في الساحة أكثرها - بل جلها - على غير منهج أهل السنة والجماعة .
إما أن يدعو إلى الخروج والتهييج ، أو إلى بعض الرذائل ، تجده إما يدعو إلى رذيلة ، أو يدعو إلى شبهة تفوق في خطورتها هذه الرذيلة .
ليس كل ما في الساحة سليم : من الأشرطة ، والكتب التي توزيع هنا وهناك ، في بعض الأماكن ، وتباع في مكتباتنا ، وتنشر .
الكثير منها يحتوى على تأسيس – أو على تقعيد - لمنهح فاسد ، فسد به كثير – أو البعض - من شباب الأمة .
فانتبهوا لهذا الخطر ، هو يدخل في مسألة التثبت التي أشرت إليها في إحدى الوصايا .
وفقني الله وإياكم لكل خير ، وأستميحكم عذرا ، لعل لأخي الشيخ محمد بن رمزان الهاجري – وفقه الله - الذي نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يوفقني وإياه : له جهود مباركة في الداخل والخارج ، في زيارة طلاب العلم ، وتبصير إخوانه في كل مكان ، فقد رافقته في داخل المملكة وخارجها ، وأعرف أنه لا يريد أن أبوح بهذا الكلام ، ولكن الحق يذكر لأهله ، ومن باب أن تدعوا له بالتسديد ؛ لأنه موفق في دعوته على منهج مشايخنا وعلمائنا الأفاضل .
وفق الله الجميع لما فيه رضاه .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
انتهت المحاضرة
ثم فيه ثناء من أحدهم على محاضرة الشيخ .
تنبيه :
قمت بوضع اسم السورة ورقم الآية التي ذكرها الشيخ .
قد يذكر الشيخ لفظة ( الوصية ) وقد لا يذكرها ؛ لذا وضعت لفظة ( الوصية ) أمام كل وصية ذكرها الشيخ .
فرغه وطبعه ونسقه أبو عبد الخالق أشرف السلفي .
مـــن هـنـا حمل الشريط على ملف وورد
أشرف السلفي
.