قال الشيخ عمر بازمول في محاضرة بعنوان "مقدمات في الفقه الإسلامي"
ومما تقدم تعلم أن ما يقوله بعض الناس: المسألة إذا كانت خلافيه يجوز لكل إنسان أن يأخذ بالذي يهواه والذي يعجبه!
ومما تقدم تعلم أن ما يقوله بعض الناس: المسألة إذا كانت خلافيه يجوز لكل إنسان أن يأخذ بالذي يهواه والذي يعجبه!
هذا لا يجوز، وليس على هذا أهل العلم، ولم يكن الاختلاف عندهم حجة، ولا محلاً للاتباع في يوم من الأيام كما ذكر ذلك ابن عبد البر النمري رحمه الله في كتابه "جامع بيان العلم وفضله"، حيث قال رحمه الله: "الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ، ولا حجة في قوله"اهـ([46]).
بل على العامي في مثل هذه الحال، الرجوع إلى من يثق في علمه وورعه، ويفاضل بينه وبين غيره بحسب ذلك، فإن لم يتيسر له ذلك ينظر ما يطمئن إليه قلبه المتجرد لطاعة الله تعالى.
قال ابن عبدالبر النمري (ت463هـ) رحمه الله: " والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم فإن استوت الأدلة وجب الميل مع الأشبه بما ذكرنا بالكتاب والسنة ، فإذا لم يبن ذلك وجب التوقف ولم يجز القطع إلا بيقين فإن اضطر أحد إلى استعمال شيء من ذلك في خاصة نفسه جاز له ما يجوز للعامة من التقليد واستعمل عند إفراط التشابه والتشاكل وقيام الأدلة على كل قول بما يعضده قوله e : "البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في الصدر فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك"([47]).
هذا حال من لا ينعم النظر ولا يحسنه وهو حال العامة التي يجوز لها التقليد فيما نزل بها وأفتاها بذلك علماؤها .
وأما المفتون فغير جائز عند أحد ممن ذكرنا قوله لأحد أن يفتي ولا يقضي إلا حتى يتبين له وجه ما يفتي به من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو ما كان في معنى هذه الأوجه"اهـ([48]).
قال الشاطبي رحمه الله: "الحنيفية السمحة إنما أتى فيها السماح مقيدا بما هو جار على أصولها؛ وليس تتبع الرخص ولا اختيار الأقوال بالتشهي بثابت من أصولها، ... ،
ثم نقول: تتبع الرخص ميل مع أهواء النفوس، والشرع جاء بالنهي عن اتباع الهوى فهذا مضاد لذلك الأصل المتفق عليه ومضاد أيضا لقوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[، وموضع الخلاف موضع تنازع؛
فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس وإنما يرد إلى الشريعة وهى تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض"اهـ([49]).
------------------------------------------------
([46]) جامع بيان العلم وفضله (2/89).
([47]) أخرجه أحمد في المسند (الميمنية 4/194)، والطبراني في الكبير الطبرانى (22/219 ، رقم 585)، وفي مسند الشاميين (1/444)، وقال في مجمع الزوائد (1/214): "رواه أحمد والطبراني في الصحيح طرف من أوله ورجاله ثقات"اهـ. وصححه الأرنؤوط تحقيق المسند الرسالة تحت رقم (17777)، والألباني في صحيح الجامع الصغير.
([48]) جامع بيان العلم وفضله (2/80-81).
([49]) الموافقات (4/145).
http://salafiduroos.net/dw1429/modules.php?name=News&file=article&sid=16
تعليق