آلام الأمة في ترك الكتاب والسنة
كاتب المقال : هشام بن فهمي العارف
واجب علينا اتباع منهج السلف "منهج النبوة"، لأنه الدين ، والدين كله ، ولأنه منهج الخلاص من العذاب الذي تعيشه الأمة . والله ـ تعالى ـ أمر باتباع منهج السلف علماً وعملاً في كثير من نصوص كتابه ـ عز وجل ـ وكذلك نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هو بنفسه أشرف على تربية الصحابة ـ رأس السلف الصالح ـ ، بوحي من الله ـ تعالى ـ على أن يكونوا ـ رضوان الله عنهم ـ على هذا المنهج الرباني ، فكيف يتأتى للناس بعد ذلك ، بعد أن شهدوا خيرية القرون الأولى وفضل أهلها أن ينصرفوا إلى عقولهم وآرائهم الكاسدة الفاسدة في حل مشاكلهم دون الرجوع إلى المنهج الرباني العظيم للخروج من واقعهم الأليم .
قال شيخنا الإمام محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ : "العلاج هو العلاج ، والدواء هو الدواء ، فبمثل ما عالج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تلك الجاهلية الأولى ، فعلى الدعاة الإسلاميين اليوم ـ جميعهم ـ أن يعالجوا سوء الفهم لمعنى "لا إله إلا الله" ويعالجوا واقعهم الأليم بذلك العلاج والدواء نفسه ، ومعنى هذا واضح جداً ، إذا تدبرنا قول الله عز وجل : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21).
فرسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الأسوة الحسنة في معالجة مشاكل المسلمين في عالمنا المعاصر ، وفي كل وقت وحين ، ويقتضي ذلك منا أن نبدأ بما بدأ به نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو إصلاح ما فسد من عقائد المسلمين أولاً ، ومن عبادتهم ثانياً ، ومن سلوكهم ثالثاً... وإنما أريد أن يهتم بذلك المسلمين اهتماماً شديداً كبيراً".
وقد لخص خليفة المسلمين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ما تقدم بقوله : "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله". انتهى
لذلك فيجب على المسلمين اتباع المنهج الرباني الذي هو منهج النبوة ، منهج السلف الصالح ، ففيه العزة والخير والبركة .
أثر عن السلف الصالح ومنهـم على سبيل المثـال : مكحول الشامي ـ رحمـه الله ـ أنه قـال ـ بسند صحيح ـ : "القرآن إلى السُّنة أحوج من السُّنة إلى القرآن".
فالسنة مهمة جداً لأنه لولاها لما فسر القرآن وبُيِّن، قال ـ تعالى ـ : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).
وعن أيوب السختياني ـ التابعي الجليل ـ أنه قال : "إذا حدثت الرجل بسنة فقال : دعنا من هذا، وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال". وقال : وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي ـ رحمه الله ـ أنه قال لبعض الناس : "إنما هلكتم في حين تركتم الآثار" يعني بذلك الأحاديث الصحيحة . وأخرج البيهقي أيضاً عن الأوزاعي ـ رحمه الله ـ أنه قال لبعض أصحابه : "إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان مبلغاً عن الله تعالى". وأخرج البيهقي عن الزهري ـ رحمه الله ـ أنه قال : "كان من مضى من علمائنا يقولون : الاعتصام بالسنة نجاة". وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبير ـ التابعي الجليل ـ أنه قال : في قوله تعالى : "(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، قال : "الرد إلى الله الرد إلى كتابه ، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة".
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي : عن أمر سول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو سبيله ومنهاجه ، وطريقته ، وسنته ، وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائناً من كان ، كما ثبت في "الصحيحين"، وغيرهما ، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أي : فليخشى وليحذر من خالف شريعة الرسول باطناً أو ظاهرا ً: (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) أي في قلوبهم ، من كفر ، أو نفاق ، أو بدعة ، أو (يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي : في الدنيا بقتل أو حد ، أو حبس أو نحو ذلك .
منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ لأجل تمسكه بالسنة
قال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : "والله الذي لا إله إلا هو لولا أبو بكر استخلف ما عبد الله " ثم قال الثانية ، ثم قال الثالثة ، فقيل له : مه يا أبا هريرة ! فقال : " إن رسول الله وجَّه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام ، فلما نزل بذي خشب قبض رسول الله وارتدت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله ، فقالوا : يا أبا بكر ! ردَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟! فقال : والذي لا إله غيره ، لو جرت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله ما رددت جيشاً وجهه رسول الله ، ولا حللت لواءً عقده رسول الله ، فوجَّه أسامة ، فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا : لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم ، فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام".
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ : "وقد حقق العلماء أن غلبة الأنبياء على قسمين : غلبة بالحجة والبيان ، وهي ثابتة لجميعهم ، وغلبة بالسيف والسنان ، وهي ثابتة لخصوص الذين أمروا منهم بالقتال في سبيل الله".
قال الشيخ عبد المالك الرمضاني ـ حفظه الله ـ : "ولهذا قرر العلماء أن المؤمنين المستضعفين اليوم في مجتمعاتهم ، الذين لا يؤمرون بالقتال ، هم منتصرون بالحجة العلمية التي تدمغ كل باطل وجدال ، وأما الذين لهم القوة والسلطان فيؤمرون به لتتأيد الحجة بالسنان ، وعلى هذا فالحجة العلمية غالبة في كل زمان ، والحمد لله على هذا
".
كاتب المقال : هشام بن فهمي العارف
واجب علينا اتباع منهج السلف "منهج النبوة"، لأنه الدين ، والدين كله ، ولأنه منهج الخلاص من العذاب الذي تعيشه الأمة . والله ـ تعالى ـ أمر باتباع منهج السلف علماً وعملاً في كثير من نصوص كتابه ـ عز وجل ـ وكذلك نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي هو بنفسه أشرف على تربية الصحابة ـ رأس السلف الصالح ـ ، بوحي من الله ـ تعالى ـ على أن يكونوا ـ رضوان الله عنهم ـ على هذا المنهج الرباني ، فكيف يتأتى للناس بعد ذلك ، بعد أن شهدوا خيرية القرون الأولى وفضل أهلها أن ينصرفوا إلى عقولهم وآرائهم الكاسدة الفاسدة في حل مشاكلهم دون الرجوع إلى المنهج الرباني العظيم للخروج من واقعهم الأليم .
قال شيخنا الإمام محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ : "العلاج هو العلاج ، والدواء هو الدواء ، فبمثل ما عالج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تلك الجاهلية الأولى ، فعلى الدعاة الإسلاميين اليوم ـ جميعهم ـ أن يعالجوا سوء الفهم لمعنى "لا إله إلا الله" ويعالجوا واقعهم الأليم بذلك العلاج والدواء نفسه ، ومعنى هذا واضح جداً ، إذا تدبرنا قول الله عز وجل : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21).
فرسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الأسوة الحسنة في معالجة مشاكل المسلمين في عالمنا المعاصر ، وفي كل وقت وحين ، ويقتضي ذلك منا أن نبدأ بما بدأ به نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو إصلاح ما فسد من عقائد المسلمين أولاً ، ومن عبادتهم ثانياً ، ومن سلوكهم ثالثاً... وإنما أريد أن يهتم بذلك المسلمين اهتماماً شديداً كبيراً".
وقد لخص خليفة المسلمين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ما تقدم بقوله : "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله". انتهى
لذلك فيجب على المسلمين اتباع المنهج الرباني الذي هو منهج النبوة ، منهج السلف الصالح ، ففيه العزة والخير والبركة .
أثر عن السلف الصالح ومنهـم على سبيل المثـال : مكحول الشامي ـ رحمـه الله ـ أنه قـال ـ بسند صحيح ـ : "القرآن إلى السُّنة أحوج من السُّنة إلى القرآن".
فالسنة مهمة جداً لأنه لولاها لما فسر القرآن وبُيِّن، قال ـ تعالى ـ : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).
وعن أيوب السختياني ـ التابعي الجليل ـ أنه قال : "إذا حدثت الرجل بسنة فقال : دعنا من هذا، وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال". وقال : وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي ـ رحمه الله ـ أنه قال لبعض الناس : "إنما هلكتم في حين تركتم الآثار" يعني بذلك الأحاديث الصحيحة . وأخرج البيهقي أيضاً عن الأوزاعي ـ رحمه الله ـ أنه قال لبعض أصحابه : "إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان مبلغاً عن الله تعالى". وأخرج البيهقي عن الزهري ـ رحمه الله ـ أنه قال : "كان من مضى من علمائنا يقولون : الاعتصام بالسنة نجاة". وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبير ـ التابعي الجليل ـ أنه قال : في قوله تعالى : "(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، قال : "الرد إلى الله الرد إلى كتابه ، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة".
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي : عن أمر سول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو سبيله ومنهاجه ، وطريقته ، وسنته ، وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائناً من كان ، كما ثبت في "الصحيحين"، وغيرهما ، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أي : فليخشى وليحذر من خالف شريعة الرسول باطناً أو ظاهرا ً: (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) أي في قلوبهم ، من كفر ، أو نفاق ، أو بدعة ، أو (يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي : في الدنيا بقتل أو حد ، أو حبس أو نحو ذلك .
منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ لأجل تمسكه بالسنة
قال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : "والله الذي لا إله إلا هو لولا أبو بكر استخلف ما عبد الله " ثم قال الثانية ، ثم قال الثالثة ، فقيل له : مه يا أبا هريرة ! فقال : " إن رسول الله وجَّه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام ، فلما نزل بذي خشب قبض رسول الله وارتدت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله ، فقالوا : يا أبا بكر ! ردَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟! فقال : والذي لا إله غيره ، لو جرت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله ما رددت جيشاً وجهه رسول الله ، ولا حللت لواءً عقده رسول الله ، فوجَّه أسامة ، فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا : لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم ، فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام".
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ : "وقد حقق العلماء أن غلبة الأنبياء على قسمين : غلبة بالحجة والبيان ، وهي ثابتة لجميعهم ، وغلبة بالسيف والسنان ، وهي ثابتة لخصوص الذين أمروا منهم بالقتال في سبيل الله".
قال الشيخ عبد المالك الرمضاني ـ حفظه الله ـ : "ولهذا قرر العلماء أن المؤمنين المستضعفين اليوم في مجتمعاتهم ، الذين لا يؤمرون بالقتال ، هم منتصرون بالحجة العلمية التي تدمغ كل باطل وجدال ، وأما الذين لهم القوة والسلطان فيؤمرون به لتتأيد الحجة بالسنان ، وعلى هذا فالحجة العلمية غالبة في كل زمان ، والحمد لله على هذا
".
المصدر : من موقع الاسلام العتيق