إتحاف الخلان بما جاء عن أهل العلم في قاعدة الأقران
إعداد: أبو عبد الودود عيسى البيضاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن قاعدة " كلام الأقران يطوى و لا يروى " قاعدة صحيحة معروفة مشهورة عند أهل العلم ،إلا أنها أصبحت في الآونة الأخيرة مما يحتج به أصحاب التمييع و الأهواء في عدم الرد على المخالف،و هو أصل من أصول هذا الدين،فصارت كلمة حق أريد بها باطل، و هذا بعض كلام أهل العلم في بيان هذه القاعدة و ضوابط تطبيقها، غفر الله لنا و لهم.
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله ـ
السؤال: هل كلام الأقران في بعضهم يُردُّ مطلقًا ؟!
الجواب: القوم يَبْغُونَ بعد أن يموتوا يُتَكلَّم فيهم، قد شَبِعُوا ولعبوا وعبثوا بأموال النَّاس، سهل حينئذٍ لو تكلّم فيهم بعد موتهم، فما يُحبّون أن يسمعوا التّجريح فيهم وهم أحياء، من أجل هذا يقولون: كلام الأقران.
مع أنَّ كلام الأقران أبلغ وأعرف وأعلم من كلام من أتى بعدهم بقََرنين.
فالذي هو معاصر يعرف صدق الرّاوي من كذبه، ويعرف أيضًا ما هو عليه من الضعف ومن سوء الحفظ.
وأمّا الذي هو متأخِّر، فكيف يفعل؟ إن وجد له سند إلى ذلك الرَّاوي وإلاّ جمع أحاديث الرّاوي وعرضها على أحاديث الحفّاظ، فإن وافقت أحاديث الحفّاظ قبله ووثَّقه، وإن لم توافق أحاديث الحفاظ ضعّفه وردّها.
فالمهم أنّ جَرْح الأقران هو أَبْلَغُ، والذي يُردّ هو النادر، إذا علم أنّ هناك بينهم عداوة من أجل التنافس، أو من أجل الدُّنيا، أو من أجل أيِّ عداوة، فهذا ربّما يقال عنه: إنه من رواية الأقران، كما حصل لأبي نُعيم(1)، وابن منده(2)، وغير واحد من العلماء، ويقول الحافظ الذهبي: “هو من رواية الأقران لا يلتفت إليه”(3)
أمّا أن نقول: كلام يحيى بن معين في عمر بن هارون البَلْخِي ليس بصحيح! (4)
ونقول: كلام الإمام أحمد في يحيى بن عبد الحميد الحمَّاني: “إنَّه كان يكذب جهارًا” ليس بصحيح! (5)، فهذا كله باطل.
اقْرَءوا، اقرءوا –يا إخوان- كتبَ التراجم تجدونهم يقول أحدهم: “قدمت إليه فوجدته يحدّث بأحاديث لم يسمعها فضربت على حديثه”، وبعضهم يقول: “فلم أسمع منه”.
فالمهم أنَّ الإخوان المفلسين، وأصحاب “جمعية الحكمة” و”جمعية الإصلاح”، وكذلك “جمعية الإحسان” ليسوا من أهل هذا الفنِّ، إذا قدحوا في عالم فهم يقدحون فيه من أجل الدُّنيا.
أمَّا أهل العلم إذا قدحوا فيهم، فكلامهم فيهم مؤثِّر بحمد الله، والله المستعان.
وأنا أقول لكم: لو يمكن أن يشتروا سكوتنا بالملايين لفعلوا؛ ولكن هيهات هيهات أن نسكت على باطل(6).
فقد كان ابن الجوزي وغيره يقول: “لا يتسنَّى لكم الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا حيٌّ”(7). اهـ
السائل: إذًا فكلامهم في أهل العلم من الكلام المردود؛ لأنّهم تكلّموا لشيئ في نفوسهم.
الشيخ: نعم، كلامهم مردود؛ لأنّهم يريدون أن يدفعوا أن يدفعوا كلام أهل العلم لشيئ في نفوسهم حتّى لا يقبل كلام أهل العلم فيهم.
السائل: وهل يعتبرون من أقران أهل العلم أصلاً؟(
الشيخ: هم يعتبرون من أقران أهل الدرهم والدينار، من أهل التجار والتلبيسات وغيرهم، وإلا فليسوا أهلاً لأن يقبل كلامهم، وهو مردود –يا إخوان- ماله أثر؛ ولكن الأسئلة تتكرَّر في هذا، وإلا فنحمد الله، قد أعطيناهم قسطهم، وقد عرفهم النّاس من بريطانيا، ومن أمريكا، ومن فرنسا، ومن ألمانيا، قد عرفوهم أنهم مبتدعة، وعرفوا أهل السنة والله المستعان.
الحواشي:
(1): هو الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصفهاني الصُّوفي صاحب الحلية ترجمه الذهبي في (السِّير) من الطبقة الثالثة و العشرين برقم (4194).
(2): وهو الإمام الحافظ الجوَّال محدِّث الإسلام أبو عبد الله محمد بن إسحاق، ترجمته في (السير) (17 /2.
(3): قال الذَّهبي -رحمه الله-: “أقذعَ الحافظ أبو نعيم في جرحه؛ لما بينهما من الوحشة، ونال منه واتّهمه فلم يلتفت إليه؛ لما بينهما من العظائم، نسأل الله العفوَ، فلقد نال ابن منده من أبي نُعيم وأسرف أيضًا” اهـ من ترجمة ابن منده من “الميزانِ”.
وفي “السِّير” (17 /34) بعد أن ساق الذهبيُّ كلامَ أبي نُعيم المقذِع قي أبي عبد الله ابن مندَه، قال: “لا نَعبأُ بقولك في خصمك للعداوة السَّائرة، كما لا نسمع أيضًا قوله فيك، فلقد رأيت لابن منده حَطًّا مُقْذِعًا على أبي نعيم وتبديعًا، وما لا أحبُّ ذكره، وكلٌّ منهم فصدوق في نفسه، غير متَّهم في نقله، بحمد الله). اهـ
قلتُ –أبو رواحة-: لأنَّ مثل ما بينهم من كلام الأقران الذي يطوى ولا يُرْوَى.
(4): فقد تنوَّع جرح ابن معين له؛ ومن ذلك قوله فيه: “ليس بشيئ، ليس بثقة، ضعيف، كذّاب، كان يكذب …” إلخ، كما في “تهذيب الكَمَال” و “سِيَر أعلام النبلاء” (9 /272).
قلت –أبو رواحة-: لم يتفرد ابن معين بتضعيفه؛ بل ضعَّفه جماعة منهم: أبو نعيم، وابن المديني، والدّارقطني، وغيرهم كما في ”
السِّير”.
(5): قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: “إن ابني أبي شيبة يقدمون بغداد فما ترى فيهم؟ فقال: جاء ابن الحماني إلى هاهنا فاجتمع عليه الناس وكان يكذب جِهاراً …” اهـ “السير” (10 / 530).
(6): ومقالته –رحمه الله- تذكّرني بمقالة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهَروي، حين قال “عُرضتُ علي السَّيف خمس مرَّات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك؛ لكن يقال لي: اسكت عمَّن خالفك، فأقول: لا أسكت” اهـ “السيّر” (18 / 503).
(7): لم أرهُ من قول ابن الجوزي، وإنّما الذي رأيته بمعناه من قول الدارقطني: “يا أهل بغداد، لا تظنُّوا أنَّ أحدًا يقدر أن يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا حيُّ”. اهـ من “فتح المغيث” للسّخاوي (1 / 260).
(: وإن تعجب فَعَجَبٌ أكبر أن تعلم أنَّ صاحب هذه المداخلة هو أحمد بن منصور العديني، الذي كان يرى أنَّ كلام أصحاب الجمعيات وأهل البدع لا يعتبر من كلام الأقران للعلماء، ثمّ لو فتّشت عن حاله الآن وجدته واحدًا من ألئك الذين جعلوا أنفسهم من أقران العلماء في فتنة أبي الحسن من أجل الدِّينار والدِّرهم، فتغيرت أقوالهم وأحوالهم، وساءت مقاصدهم ومناهجهم، نسأل الله العافية.
المصدر: الرد الوجيه على أهل بيت الفقيه للشيخ مقبل –رحمه الله- باعتناء أبي رواحة صفحة 36
http://www.fatwa1.com/1/index.php?s=+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%B1%D8%A7% D9%86&submit=%D8%A8%D8%AD%D8%AB
و سئل رحمه الله :" قولهم: (فلان يأخذ من كل أحد)، وأيضًا: (فلان حاطب ليل)، هل بين هذين القولين فرق؟ وما معنى قول مطين في محمد بن أبي شيبة: (عصا موسى تلقف ما يأفكون)"؟
الجواب: الظاهر أنّها بمعنى واحد، وقول مطين في محمد تحمل على الجرح لأنه يتكلم على محمد بن أبي شيبة، ومحمد يتكلم في مطين، ولا يقبل كلامهما في بعضهما لأنه من كلام الأقران.
فائدة حول رواية الأقران:
جرح الأقران أثبت من غيرهم، لأنّهم أعرف بقرنائهم، فهي مقبولة إلا إذا علم أن بينهما تنافسًا وعداوةً سواء لأجل دنيا، أو مناصب، أو خطأ في فهم، ويريد أن يلزم الآخر بخطأ فهمه.
فينبغي أن تعلم هذا ولا تصغ لقول المبتدعة والحزبيين والديمقراطيين: أن كلام الأقران ليس مقبولاً على الإطلاق.
أسئلة في المصطلح من أبي الحسن حفظه الله تعالى (السؤال123)
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ـ حفظه الله ـ :
يقول السائل: أحسن الله إليك صاحبالفضيلة : الآن كلما رد عالم على آخر أخطأ قالوا : هذا كلام الأقران يطوى ولا يروى، ما رأيكم في هذه القاعدة ؟ وهل هي على إطلاقها؟
الشيخ: أنا بينت لكم، يجب بيان الحق،يجب بيان الحق ورد الخطأ، وما نجامل أحداً، ما نجامل أحداً، نبين الخطأ وندل علىالحق الذي يقابله، ولا لنا شأن بفلان أو علان، نعم.
فلا يجوز السكوت، لأننا لوتركنا هذا الخطأ والخطأ الثاني والخطأ الثالث كثرت الأخطاء وصار الناس يظنون أنسكوت العلماء عنها يعتبرونه حجة.
فلابد من البيان، لاسيما إذاكان هذا الذي أخطأ قدوة - يتخذه الناس قدوة - أو له رئاسة فالأمر أخطر، فيبين، يبينخطأه عَلَشَانَ ما يغتر به، نعم.
يقال تروى ولا تطوى !! ما يقال هذا ! هذا كلام باطل، الي تروى ويُرَدُّ عليه، والذي يزعل يزعل والذي يرضى يرضى، لأن هدفنا الحق، ما هدفنا التعرض للأشخاص أو التنقص للأشخاص. نعم
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds/00879-26.ra
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ :
السائل:ما تعريف الأقران في علم الحديث؟و هل إذا طبقت قاعدة :كلام الأقران يطوى و لا يروى،أعددنا ذلك التطبيق طعنا في الشيخين؟
الشيخ ربيع: أي شيخين؟البخاري و مسلم؟ [..] ولا أبو بكر و عمر؟الشيخان مصطلح [..] أبو بكر و عمر ولا البخاري و مسلم..ها..أي شيخين؟آ شيخين متعاصرين..هذه قاعدة لا تطبق إلا في أضيق الحدود ،و إذا رأينا متخاصمين ،كل واحد منهم عندو هوى،فلا نقبل كلام أحد منهم في الآخر ،أما إذا [..] أحمد بن حنبل و يحيى بن معين و تكلموا في [..] الكرابيسي ،أو الحارث المحاسبي أقرانهما الذين عاصروهم،ما نقول هذا كلام أقران،نقبل كلام هؤلاء الأئمة بارك الله فيك ؛ في نقدي و جرحي مثال من ذكرنا ،و كتب الحرح و التعديل مليئة بالأقران،فلو أخذنا بهذه القاعدة ما قدمنا شيئا،فهذه يلبس بها أهل الباطل،[..] البعض يلبسون بها لإسقاط نقد أهل السنة في أهل البدع،فإذا كان واحد مبتدع ضال [..] بذاته نقول هذا أقران،[..] و لا ابن عثيمين على المالكي و أمثاله نقول [..] أقران؟كلام سخيف ! بارك الله فيكم،ومن يتكلم في الخميني نقول أقران؟ها.. من يتكلم في سيد قطب نقول أقران؟و هو يسب الصحابة و يطعن في الأنبياء و الخ [..] على أن نقد العلماء لأمثالهم الأصل أنهم يأخذوه من الكتب بارك الله فيكم،قال فلان في الكتاب الفلاني في الصفحة الفلانية،يعني كلام مدلل مثبت موثق،كيف نقول هؤلاء الأقران يلغى كلامهم؟ممن يسب أبو بكر و عمر مثلا و لا يسب عثمان و أنقل كلامه و أقدمه للناس تحذيرا من كتابه و من شخصه أيضا،يقال هذا كلام أقران؟هذه كلها من تلبيسات أهل البدع و الضلال، و من التمييع أيضا في نفس الوقت [..]
التفريغ من هذه المادة ،ابتداء من الدقيقة 15 و 17ثانية :
http://www.salafishare.com/arabic/21ERX5ETCUL3/C4TN3IY.rm
الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ـ حفظه الله ـ :
"القدح له أسباب من الأسباب أن يكون هذا قرينًا لهذا وكون هذا قرينًا لذاك يجعل القد كح جهلاً لأن القرين يكون مع مُنَافِسِهِ القرين في تنافس، فربما أراد أن يقلبه أو أن يكون مُقَدَّمًا عليه فجعله ذلك يقدح.
الإمام مالك تكلم في ابن أبي ذئب وابن أبي ذئب قال فيه الإمام مالك يستتاب مالك فإن تاب وإلاَّ قتل الإمام مالك أحد أئمة الإسلام وابن أبي ذئب ثقة غمام وهذا إمام وهذا إمام بينهم وما بين الأقران وقد قال ابن عبَّاس ما حاصله ((إنَّ العلماء أو قال نحوها ((إن العلماء ليتنافسون أو يتحاسدون كما تنافس وتحاسد التيوس في زروبها وهذا ظاهر بين فقد يكون قدح هذا في ذاك سببه أن هذا قرين لذاك والمؤمن المسدد الورع يحب من ينصر دين الله يحب من يقول الكلمة ول كان مامعه إلاَّ واحد أو ليس معه أحد، وذاك معه أمم من الناس المهم أن يكون دين الله جلّ وعلا منصورًا وأن تكون الكتاب والسنة منشورًا بين الخلق ليس اتمهم أن يكون هذا أكثر أو أنا عندي أكثر وذاك أفرح يخطئه، بل أفرح بصوابه ولو لم يكن معي أحد وأحزن لخطئه ولو كان معي أمة من الناس لهذا من أسباب القدح أن يكون هذا قرين لذاك من أسباب القدح الحسد والحسد نهى الله جلّ وعلا عنه وهو يأكل الحسنات كما جاء في الحديث قال جلّ وعلا {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وائتيناهم ملكًا عظيمًا. فمنهم من آمن به ومنهم من صدَّ عنه} وقد قال عليه الصلاة والسلام ((إيَّاكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب))."
قواعد القواعد
الشيخ محمد علي فركوس ـ حفظه الله ـ :
السـؤال:
هل المسائلُ الخلافيةُ الواقعةُ بين العلماء في جرح وتعديل الأشخاص أو في كلام بعضهم في بعض لها أحكام المسائل الفقهية الاجتهادية من حيث ما يترتب عليها من سعة الصدر وعدم التشنيع على المخالف وحمله على أحسن المحامل والنظر في قوله تصويبًا وتخطيئًا لا قدحًا وتبديعًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فأقوالُ العلماء في الجرح والتعديلِ أو في كلامِ بعضِهم في بعضٍ أمرٌ اجتهاديٌّ يَقبلُ الإصابةَ والخطأَ، والمجتهدُ مأجورٌ على اجتهادِهِ وإن أخطأَ فله أجرٌ واحدٌ، فهو بكُلِّ حالٍ مأجورٌ، والإثمُ عنه مرفوعٌ، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ»(١- أخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنة» باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (6916)، ومسلم في «الأقضية» باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ: (4487)، وأبو داود في «الأقضية» باب في القاضي يخطئ (3574)، وابن ماجه في «الأحكام» يجتهد فيصيب الحق (2314)، وأحمد: (17360)، من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه)، ويترتَّب على ذلك ما ورد في السؤال من سعة الصدر وعدمِ التشنيعِ على المخالف وحملِهِ على أحسنِ المحامل؛ لأنّ الأصلَ في العلماء أنهم أهلُ عَدْلٍ وإنصافٍِ، وإنما قد يقع منهم من الطَّعن غيرِ المعتبر لِهَوًى، ومسالكُ الهوى ومساربه دقيقَةٌ، والمعصومُ من عصمه اللهُ.
قال الإمام الذهبي: «لسنا ندَّعِي في أئمَّةِ الجرح والتعديل العصمةَ من الغلط النادِرِ، ولا من الكلام بنَفَسٍ حادٍّ فيمن بينه وبينهم شحناء وإحنة، وقد عُلِمَ أنّ كثيرًا من كلامِ الأقران بعضِهم في بعض مُهْدَرٌ لا عبرةَ به، لا سيما إذا وَثَّقَ الرجلَ جماعةٌ يلوح على قولهم الإنصاف»(٢- «سير أعلام النبلاء» للذهبي: (7/40-41))، وقال -رحمه الله- في مؤلَّف آخر: «وكلام الأقران بعضِهم في بعضٍ لا يعبأ به لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلاّ من عصمه الله، وما علمت أنّ عصرًا من الأعصار سَلِمَ أهلُهُ من ذلك سِوَى الأنبياءِ والصدِّيقين ولو شئتُ لسَرَدْتُ من ذلك كراريس»(٣- «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/111)).
وقال ابنُ عبد البر: «إنّ من صحّت عدالتُهُ، وثبتت في العلم أمانتُهُ، وبانت ثقتُهُ وعنايته بالعلم لم يُلتفتْ إلى قول أحدٍ إلاّ أن يأتي في جرحه بِبَيِّنَةٍ عادلةٍ يصحُّ بها جرحه على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدات والمعاينة(٤- «جامع بيان العلم وفضله»: (2/152)).
هذا، ولا ينبغي أن يفهم أنّ قاعدة: «الجَرْحُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ» على إطلاقها، بحيث ترد قاعدة: «كَلاَمُ الأَقْرَانِ فِي بَعْضٍ يُطْوَى وَلاَ يُرْوَى»؛ لأنَّ الصحيح أنه إذا لم تدلَّ على جَرحه بيِّنةٌ عادلةٌ بقيتْ عدالتُهُ قائمةً خاصّةً إذا كَثُرَ مادحوه، وقلّ جارحوه، قال التاج السبكي: «الحذر كلّ الحذر أن تفهم قاعدتهم: «الجرح مقدم على التعديل» على إطلاقها، بل الصواب أنّ من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه وندر جارحوه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصُّب مذهبيٍّ أو غيرِه لم يلتفت إلى جرحه»(٥- «طبقات الشافعية» للسبكي: (1/18)، ثمّ زاد -رحمه الله- قائلاً: «عرفناك أنّ الجارح لا يقبل منه الجرح، وإن فسّره في حقّ من غلبت طاعته على معاصيه، ومادحوه على ذامّيه، ومُزَكُّوه على جارحيه، إذا كانت هناك منافسة دنيوية، كما يكون بين النظراء أو غير ذلك، وحينئذٍ فلا يلتفت لكلام الثوريِّ وغيرِه في أبي حنيفة، وابن أبي ذئب وغيرِه في مالكٍ، وابنِ معينٍ في الشافعي، والنسائيِّ في أحمدَ بنِ صالحٍ ونحوِه، ولو أطلقنا تقديم الجرحِ لَمَا سَلِمَ لنا أحدٌ من الأئمّة، إذ ما من إمامٍ إلاّ وقد طَعَنَ فيه الطاعنون، وهَلَكَ فيه الهالكون»(٦- المصدر السابق: (1/190)).
أمّا إذا قامت البيِّنة العادلة على خطئه أو عُرِضَ كلامُهُ على الكتاب والسُّنَّة فخالفهما فإنّ قولَه مردود، ولا يلزم -حَسَب قواعدِ أهل العلم- أن يبدّع أو يحكم بخروجه من أهل السنّة بمجرّد خطئه في المسائل العلمية والعملية، فإن أصرَّ على خطئه أو بانت معصيته فالجَرح المفسّر مقدَّمٌ على التعديل لاشتماله على زيادة علم.
أمّا إن جهل مراده فينظر في سيرة المجتهد إن كانت حسنةً حمل كلامه على الوجه الحسن، لقوله تعالى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ [الأعراف: 58]، وإن كانت سيرته غيرَ ذلك حمل كلامه على الوجه السيِّء لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا﴾ [الأعراف: 58].
أمّا إذا عرف مراد المتكلّم لكنه جهل حكم الشرع فيه، فالواجب أن يمسك عنه ولا يجوز له أن يتكلّم إلا بعلم، فالعلم ما قام الدليل عليه، وشهد له البرهان وأيّدته الحجّة.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
١- أخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنة» باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (6916)، ومسلم في «الأقضية» باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ: (4487)، وأبو داود في «الأقضية» باب في القاضي يخطئ (3574)، وابن ماجه في «الأحكام» يجتهد فيصيب الحق (2314)، وأحمد: (17360)، من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.
٢- «سير أعلام النبلاء» للذهبي: (7/40-41).
٣- «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/111).
٤- «جامع بيان العلم وفضله»: (2/152).
٥- «طبقات الشافعية» للسبكي: (1/18.
٦- المصدر السابق: (1/190).
http://www.ferkous.com/rep/Bb17.php
الشيخ أبو عاصم عبد الله الغامدي ـ حفظه الله ـ :
السائل:ما صحة قاعدة :كلام الأقران يطوى و لا يروى؟و ما حدود تطبيقها؟
بارك الله فيكم وأحسن إليكم
الشيخ :الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :
أجعل الإجابة على سؤالكفي نقاط فأقول وبالله التوفيق :
1-الأصل في هذا الباب : أن كلام الأقران في بعضهم مقبول لأن المعاصر أكثر اطلاعا من المتأخر فلا يقال في مثل هذا أن كلامهم
فيمن عاصرهم يطوى ولايروى ثم إن أكثر ما في كتب الجرح والتعديل هو من هذاالقبيل فلو أطلقنا تلك القاعدة لأسقطنا تلك الكتب كلها .
2-هذه الكلمة : ((يطوى ولايروى )) قالها العلماء ومنهم الذهبي في حالات خاصة
مثل ماكان من قبيلالحسد أولأغراض تقع بينهم وضربوا لذلك أمثلة لم يقبلها العلماء مثل كلام النسائي فيأحمد بن صالح المصري وكلام مالك في ابن اسحاقوكلام ابن اسحاق قي مالك وهكذاكلام ابن منده في أبي نعيم وكذا كلام أبي نعيم في ابن منده وهكذا ... ففي مثل هذاقالوا عن كلامهم : (يطوى ولايروى)
http://akssa.org/vb/showthread.php?t=3155
الشيخ أبو عمر أسامة العتيبي ـ حفظه الله ـ :
سئل حفظه الله نفس السؤال فأجاب:
" فإن قاعدة : "كلام الأقران يطوى ولا يروى" قاعدة معروفة مشهورة، وكثيراً ما يدندنحولها الإمام الذهبي في كتبه..
ولكنها محمولة على ما إذا كان كلام القرينلقرينه بسبب المعاصرة والمنافسة في العلم والمنزلة فينزغ الشيطان بينهم، فيتكلمأحدهم في أخيه بشيء من الغلو والتعصب، أو قد يتسرع في إلقاء الأحكام بسبب ما عندهمن المنافسة ..
ولعل هذا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (( لا تجوز شهادةخائن ولا خائنة ولا محدود في الإسلام ولا ذي غمر على أخيه)) ومعنى قوله: ((ذي غمرعلى أخيه)) أي ذي حقد وعداوة أو خصام..
ولكن ليس الأمر على إطلاقه، بل إذاكان سبب الكلام لحقد أو خصام أو منافسه علم ذلك بيقين وهذه الأمور قد تكون المعاصرةسبب لها أما إذا كان لا يظهر شيء من ذلك فالأصل أن العالم لا يتكلم في غيره إلابعلم وبصيرة، لا سيما إن كان يستند إلى ما قال إلى حجة وبرهان ..
فلا يجوزلمسلم أن يغمض عينيه عن الحجة، أو أن يرد الحق ويسكت عن الباطل بحجة المعاصرةوأنهما من الأقران..
وأعظم من ذلك إذا كانت دعوى الأقران كاذبة كمن يزعم أنمحمد حسان أو الحويني من أقران الشيخ ربيع لأجل رد كلامه فيهما ...
فالمقارنة موضع اشتباه لا يجوز أن تتخذ ذريعة بحال لرد الحق ومساندةالباطل
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد"
ثم سئل حفظه الله : هل تطبق هذه القاعدة على الشيخين الفوزان و الجبرين ؟
فأجاب: "الشيخ الفوزان هو من أقران الشيخ ابن جبرين هذا صحيح مع أن الشيخ الفوزان أعلم من الشيخ ابن جبرين في العقيدة، وأقعد منه في المنهج السلفي وفي الفقه وغيرذلك..
وليس الشيخ الفوزان ممن يتهم في كلامه بأن الدافع عليه المعاصرة وكونفلان من الأقران..
وكلام المشايخ في ابن جبرين بسبب ما له من فتاوى مزعجةلأهل السنة، وبسبب ما تكلم فيه من أمور تشد من عضد أهل البدع والضلال من الإخوانيينوالقطبيين والحزبيين والتبليغيين بل حتى الخوارج الخلَّص..
أسأل الله له الهداية والصلاح.."
الشيخ أبو الحسن علي الرملي ـ حفظه الله ـ :
السـؤال:
هل المسائلُ الخلافيةُ الواقعةُ بين العلماء في جرح وتعديل الأشخاص أو في كلام بعضهم في بعض لها أحكام المسائل الفقهية الاجتهادية من حيث ما يترتب عليها من سعة الصدر وعدم التشنيع على المخالف وحمله على أحسن المحامل والنظر في قوله تصويبًا وتخطيئًا لا قدحًا وتبديعًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فأقوالُ العلماء في الجرح والتعديلِ أو في كلامِ بعضِهم في بعضٍ أمرٌ اجتهاديٌّ يَقبلُ الإصابةَ والخطأَ، والمجتهدُ مأجورٌ على اجتهادِهِ وإن أخطأَ فله أجرٌ واحدٌ، فهو بكُلِّ حالٍ مأجورٌ، والإثمُ عنه مرفوعٌ، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ»(١- أخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنة» باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (6916)، ومسلم في «الأقضية» باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ: (4487)، وأبو داود في «الأقضية» باب في القاضي يخطئ (3574)، وابن ماجه في «الأحكام» يجتهد فيصيب الحق (2314)، وأحمد: (17360)، من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه)، ويترتَّب على ذلك ما ورد في السؤال من سعة الصدر وعدمِ التشنيعِ على المخالف وحملِهِ على أحسنِ المحامل؛ لأنّ الأصلَ في العلماء أنهم أهلُ عَدْلٍ وإنصافٍِ، وإنما قد يقع منهم من الطَّعن غيرِ المعتبر لِهَوًى، ومسالكُ الهوى ومساربه دقيقَةٌ، والمعصومُ من عصمه اللهُ.
قال الإمام الذهبي: «لسنا ندَّعِي في أئمَّةِ الجرح والتعديل العصمةَ من الغلط النادِرِ، ولا من الكلام بنَفَسٍ حادٍّ فيمن بينه وبينهم شحناء وإحنة، وقد عُلِمَ أنّ كثيرًا من كلامِ الأقران بعضِهم في بعض مُهْدَرٌ لا عبرةَ به، لا سيما إذا وَثَّقَ الرجلَ جماعةٌ يلوح على قولهم الإنصاف»(٢- «سير أعلام النبلاء» للذهبي: (7/40-41))، وقال -رحمه الله- في مؤلَّف آخر: «وكلام الأقران بعضِهم في بعضٍ لا يعبأ به لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلاّ من عصمه الله، وما علمت أنّ عصرًا من الأعصار سَلِمَ أهلُهُ من ذلك سِوَى الأنبياءِ والصدِّيقين ولو شئتُ لسَرَدْتُ من ذلك كراريس»(٣- «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/111)).
وقال ابنُ عبد البر: «إنّ من صحّت عدالتُهُ، وثبتت في العلم أمانتُهُ، وبانت ثقتُهُ وعنايته بالعلم لم يُلتفتْ إلى قول أحدٍ إلاّ أن يأتي في جرحه بِبَيِّنَةٍ عادلةٍ يصحُّ بها جرحه على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدات والمعاينة(٤- «جامع بيان العلم وفضله»: (2/152)).
هذا، ولا ينبغي أن يفهم أنّ قاعدة: «الجَرْحُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ» على إطلاقها، بحيث ترد قاعدة: «كَلاَمُ الأَقْرَانِ فِي بَعْضٍ يُطْوَى وَلاَ يُرْوَى»؛ لأنَّ الصحيح أنه إذا لم تدلَّ على جَرحه بيِّنةٌ عادلةٌ بقيتْ عدالتُهُ قائمةً خاصّةً إذا كَثُرَ مادحوه، وقلّ جارحوه، قال التاج السبكي: «الحذر كلّ الحذر أن تفهم قاعدتهم: «الجرح مقدم على التعديل» على إطلاقها، بل الصواب أنّ من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه وندر جارحوه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصُّب مذهبيٍّ أو غيرِه لم يلتفت إلى جرحه»(٥- «طبقات الشافعية» للسبكي: (1/18)، ثمّ زاد -رحمه الله- قائلاً: «عرفناك أنّ الجارح لا يقبل منه الجرح، وإن فسّره في حقّ من غلبت طاعته على معاصيه، ومادحوه على ذامّيه، ومُزَكُّوه على جارحيه، إذا كانت هناك منافسة دنيوية، كما يكون بين النظراء أو غير ذلك، وحينئذٍ فلا يلتفت لكلام الثوريِّ وغيرِه في أبي حنيفة، وابن أبي ذئب وغيرِه في مالكٍ، وابنِ معينٍ في الشافعي، والنسائيِّ في أحمدَ بنِ صالحٍ ونحوِه، ولو أطلقنا تقديم الجرحِ لَمَا سَلِمَ لنا أحدٌ من الأئمّة، إذ ما من إمامٍ إلاّ وقد طَعَنَ فيه الطاعنون، وهَلَكَ فيه الهالكون»(٦- المصدر السابق: (1/190)).
أمّا إذا قامت البيِّنة العادلة على خطئه أو عُرِضَ كلامُهُ على الكتاب والسُّنَّة فخالفهما فإنّ قولَه مردود، ولا يلزم -حَسَب قواعدِ أهل العلم- أن يبدّع أو يحكم بخروجه من أهل السنّة بمجرّد خطئه في المسائل العلمية والعملية، فإن أصرَّ على خطئه أو بانت معصيته فالجَرح المفسّر مقدَّمٌ على التعديل لاشتماله على زيادة علم.
أمّا إن جهل مراده فينظر في سيرة المجتهد إن كانت حسنةً حمل كلامه على الوجه الحسن، لقوله تعالى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ [الأعراف: 58]، وإن كانت سيرته غيرَ ذلك حمل كلامه على الوجه السيِّء لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا﴾ [الأعراف: 58].
أمّا إذا عرف مراد المتكلّم لكنه جهل حكم الشرع فيه، فالواجب أن يمسك عنه ولا يجوز له أن يتكلّم إلا بعلم، فالعلم ما قام الدليل عليه، وشهد له البرهان وأيّدته الحجّة.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
١- أخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنة» باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (6916)، ومسلم في «الأقضية» باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ: (4487)، وأبو داود في «الأقضية» باب في القاضي يخطئ (3574)، وابن ماجه في «الأحكام» يجتهد فيصيب الحق (2314)، وأحمد: (17360)، من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.
٢- «سير أعلام النبلاء» للذهبي: (7/40-41).
٣- «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/111).
٤- «جامع بيان العلم وفضله»: (2/152).
٥- «طبقات الشافعية» للسبكي: (1/18.
٦- المصدر السابق: (1/190).
http://www.ferkous.com/rep/Bb17.php
الشيخ أبو عاصم عبد الله الغامدي ـ حفظه الله ـ :
السائل:ما صحة قاعدة :كلام الأقران يطوى و لا يروى؟و ما حدود تطبيقها؟
بارك الله فيكم وأحسن إليكم
الشيخ :الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :
أجعل الإجابة على سؤالكفي نقاط فأقول وبالله التوفيق :
1-الأصل في هذا الباب : أن كلام الأقران في بعضهم مقبول لأن المعاصر أكثر اطلاعا من المتأخر فلا يقال في مثل هذا أن كلامهم
فيمن عاصرهم يطوى ولايروى ثم إن أكثر ما في كتب الجرح والتعديل هو من هذاالقبيل فلو أطلقنا تلك القاعدة لأسقطنا تلك الكتب كلها .
2-هذه الكلمة : ((يطوى ولايروى )) قالها العلماء ومنهم الذهبي في حالات خاصة
مثل ماكان من قبيلالحسد أولأغراض تقع بينهم وضربوا لذلك أمثلة لم يقبلها العلماء مثل كلام النسائي فيأحمد بن صالح المصري وكلام مالك في ابن اسحاقوكلام ابن اسحاق قي مالك وهكذاكلام ابن منده في أبي نعيم وكذا كلام أبي نعيم في ابن منده وهكذا ... ففي مثل هذاقالوا عن كلامهم : (يطوى ولايروى)
http://akssa.org/vb/showthread.php?t=3155
الشيخ أبو عمر أسامة العتيبي ـ حفظه الله ـ :
سئل حفظه الله نفس السؤال فأجاب:
" فإن قاعدة : "كلام الأقران يطوى ولا يروى" قاعدة معروفة مشهورة، وكثيراً ما يدندنحولها الإمام الذهبي في كتبه..
ولكنها محمولة على ما إذا كان كلام القرينلقرينه بسبب المعاصرة والمنافسة في العلم والمنزلة فينزغ الشيطان بينهم، فيتكلمأحدهم في أخيه بشيء من الغلو والتعصب، أو قد يتسرع في إلقاء الأحكام بسبب ما عندهمن المنافسة ..
ولعل هذا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (( لا تجوز شهادةخائن ولا خائنة ولا محدود في الإسلام ولا ذي غمر على أخيه)) ومعنى قوله: ((ذي غمرعلى أخيه)) أي ذي حقد وعداوة أو خصام..
ولكن ليس الأمر على إطلاقه، بل إذاكان سبب الكلام لحقد أو خصام أو منافسه علم ذلك بيقين وهذه الأمور قد تكون المعاصرةسبب لها أما إذا كان لا يظهر شيء من ذلك فالأصل أن العالم لا يتكلم في غيره إلابعلم وبصيرة، لا سيما إن كان يستند إلى ما قال إلى حجة وبرهان ..
فلا يجوزلمسلم أن يغمض عينيه عن الحجة، أو أن يرد الحق ويسكت عن الباطل بحجة المعاصرةوأنهما من الأقران..
وأعظم من ذلك إذا كانت دعوى الأقران كاذبة كمن يزعم أنمحمد حسان أو الحويني من أقران الشيخ ربيع لأجل رد كلامه فيهما ...
فالمقارنة موضع اشتباه لا يجوز أن تتخذ ذريعة بحال لرد الحق ومساندةالباطل
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد"
ثم سئل حفظه الله : هل تطبق هذه القاعدة على الشيخين الفوزان و الجبرين ؟
فأجاب: "الشيخ الفوزان هو من أقران الشيخ ابن جبرين هذا صحيح مع أن الشيخ الفوزان أعلم من الشيخ ابن جبرين في العقيدة، وأقعد منه في المنهج السلفي وفي الفقه وغيرذلك..
وليس الشيخ الفوزان ممن يتهم في كلامه بأن الدافع عليه المعاصرة وكونفلان من الأقران..
وكلام المشايخ في ابن جبرين بسبب ما له من فتاوى مزعجةلأهل السنة، وبسبب ما تكلم فيه من أمور تشد من عضد أهل البدع والضلال من الإخوانيينوالقطبيين والحزبيين والتبليغيين بل حتى الخوارج الخلَّص..
أسأل الله له الهداية والصلاح.."
الشيخ أبو الحسن علي الرملي ـ حفظه الله ـ :
قال حفظه الله مجيبا على مثل السؤال السابق:
"القاعدة التي أصلها أهل الحديث :" كلام الأقران يطوى ولا يروى " قاعدة صحيحة لا شك فيها ، ولكن بعض الناس يفهما فهما خاطئا ، فيأخذها على إطلاقها.
والصواب أن هذه القاعدة يعمل بها
إذا ثبتت عدالة المتكلم فيه وتزكيته من العلماء المعتبرين
ووجدت قرينة تدل على أن كلام القرين في قرينه ناتج عن خلاف شخصي أو حسد
أو لم توجد قرينة ؛ ولكنه لم يأت ببينة عادلة يصح بها جرحه على طريق الشهادات.
ولم يتابعه العلماء المعتبرون على جرحه .
قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض
قد غلط فيه كثير من الناس وضلت فيه نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك ، والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم إمامته وبانت ثقته وبالعلم عنايته لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة يصح بها جرحته على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب تصديقه فيما قاله لبراءته من الغل والحسد والعداوة والمنافسة وسلامته من ذلك كله ، فذلك كله يوجب قبول قوله من جهة الفقه والنظر ، وأما من لم تثبت إمامته ولا عرفت عدالته ولا صحت لعدم الحفظ والإتقان روايته ، فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه ، والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين قول أحد من الطاعنين : إن السلف رضي الله عنهم قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير ، منه في حال الغضب ومنه ما حمل عليه الحسد ، كما قال ابن عباس ، ومالك بن دينار ، وأبو حازم ، ومنه على جهة التأويل مما لا يلزم المقول فيه ما قاله القائل فيه ، وقد حمل بعضهم على بعض بالسيف تأويلا واجتهادا لا يلزم تقليدهم في شيء منه دون برهان وحجة توجبه ، ونحن نورد في هذا الباب من قول الأئمة الجلة الثقات السادة ، بعضهم في بعض مما لا يجب أن يلتفت فيهم إليه ولا يعرج عليه ، وما يوضح صحة ما ذكرنا ، وبالله التوفيق
وقال الإمام الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء في ترجمة قتادة بن دعامة :
قلت: كلام الأقران يطوى ولا يروى، فإن ذكر تأمله المحدث، فإن وجد له متابعا، وإلا أعرض عنه.
وقال في ترجمة الإمام الشافعي رحمه الله :
قلت: كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية، لا يلتفت إليه، بل يطوى ولا يروى، كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والاجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله تعالى حيث يقول: { والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا } [ الحشر: 10 ]"
http://www.alqayim.net/index.php?display=fatwa&fid=52
الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني ـ حفظه الله ـ :
سئل حفظه الله عن هذه القاعدة فأجاب :
"بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الكلام وهو قولهم كلام الأقران يطوى ولايروى ليسعلى إطلاقه بل مقصودهم ماكان في ذم بعضهم البعض مبالغة بغير حق كقول النسائي فيأحمد المصري كذاب يتفلسف وقيل كان أحمد المصري الثقة قد طرده من حلقته وكلاهما علىالعين والرأس
ونحو ذلك مما لايرجع إلى قواعد الجرح والتعديل وكان سببه حظ النفسوالله أعلم "
http://www.al-sunan.com/vb/showthread.php?t=3937
وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم