بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد:
أيها الأخوة: فمما نحتاج أن نسمعه ونتحدث عنه «قبول الحق» وتعظيم الحق.
تعلمون - حفظكم الله - أن دعوة أهل السنة قائمة على الحق: بحثاً عنه وتعلماً له، وتسليماً ورضاً به، ودعوة إليه، وصبراً في سبيله، ومنابذة لما يخالفه، فنحن بحاجة إلى أن نكون على هذا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «الحق يدور مع الرسول حيث دار، ويدور مع صحابته - دون غيرهم - حيث داروا» وكلام شيخ الإسلام هذا قاعدة عظيمة من القواعد التي يجب الاعتناء بها سيراً وطلباً ودعوة ودفاعاً.
فمن أراد أن يكون مع الحق فلينظر أين الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا دُعيت إلى شيء؛ فابحث عن الدليل الذي جاء من الرسول صلى الله عليه وسلم، هل هذا الذي دُعيت إليه من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل ستكون في الصفِّ الذي فيه الرسول، وفي الجهة التي فيها الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لأنك إذا كنت في جهة ليس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتلك من المشاقّة والمحادّة والمخالفة والإعراض والاعتراض، خصوصاً إذا تعمد الشخص أن يكون في جهة ليس فيها الرسول عليه الصلاة والسلام.
فالذي يريد أن يتعبَّد الله العبودية الشافية الكافية التامة فليكن باحثاً عما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، لا يبغي بذلك بديلاً.
وأن يبحث عما كان عليه السلف، لأنه هنالك من يأتي بتأويلات، وأن الرسول عنى بهذا كذا، والرسول كذا، وهذا يكون كذا، فانظر ما الذي كان عليه السلف الصالح - رضي الله عنهم - فإنهم قد نجوا من الابتداعات والضلالات، ووطَّنوا أنفسهم على الحق، قبولاً له، وعملاً به، وسيراً عليه، ودعوة إليه، وبذلوا النفس والنفيس من أجل الحق، فإذا سمعت شخصاً يقول: قال الله كذا، قال الرسول كذا، ومعنى كذا: كذا، فقل له: أين الصحابة؟ هل هم في هذا الذي أنت فيه؟ ولا شك أن هذا لا يتحقق إلا بالعلم الشرعي، فمن أراد أن يعرف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السلف؛ هذا يحتاج إلى علم، فإذا لم يكن عندك علم فترجع إلى من عنده العلم، حتى تُوفق لهذا السير العظيم.
فتعظيم الحق والرجوع إليه؛ هذه هي ميزة كل صادق، ومخلص، وغيور على الحق، وراغب فيه، ومقدِّم له على نفسه، وماله، وأقربائه، وأحبابه، وعلى أكابر الرجال في عصره، وقبل عصره.
فاقبل الحق مطلقاً لك وعليك، حاكماً على النفس، على المال، على الجاه، على كل ما يكون مطروقاً في هذه الحياة، للأسف أن هذا السير حُرم منه الكثير والكثير، ولا أعني بذلك أهل البدع والضلالات، فهذا أمرهم واضح، أنهم قد تركوه تعمداً، لكن أيضاً بعض أهل السنة من بعد عصر السلف، لم يكونوا في المستوى الذي كان عليه السلف، ومع هذا لا يزالون من أهل السنة، لكن المطلوب المجاهدة للنفس، والتقديم للحق ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.