قال العلامة الألباني رحمه الله: " وأعيد التنبيه بأنني لا أعني الكلام في بيان الأهم فالمهم وما دونه على أن يقتصر الدعاة فقط على الدعوة إلى هذه الكلمة الطيبة وفهم معناها، بعد أن أتم الله عز وجل علينا النعمة بإكماله لدينه ! (1) بل لا بد لهؤلاء الدعاة أن يحملوا الإسلام كُلًّا لا يتجزأ، وأنا حين أقول هذا- بعد ذلك البيان الذي خلاصته: أن يهتم الدعاة الإسلاميون حقًّا بأهم ما جاء به الإسلام، وهو تفهيم المسلمين العقيدة الصحيحة النابعة من الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله"، أريد أن أسترعي النظر إلى هذا البيان لا يعني أن يفهم المسلم فقط أن معنى: "لا إله إلا الله"، هو لا معبود بحق في الوجود إلا الله فقط ! بل هذه يستلزم أيضًا أن يفهم العبادات التي ينبغي أن يعبد ربنا عز وجل بها، ولا يوجه شيئًا منها لعبد من عباد الله تبارك وتعالى، فهذا التفصيل لا بد أن يقترن بيانه أيضًا بذلك المعنى الموجز للكلمة الطيبة، ويحسن أن أضرب مثلا - أو أكثر من مثل، حسبما يبدو لي - لأن البيان الإجمالي لا يكفي.
أقول: إن كثيرًا من المسلمين الموحدين حقًّا والذين لا يوجهون عبادة من العبادات إلى غير الله عز وجل ذهنهم خالٍ من كثير من الأفكار والعقائد الصحيحة التي جاء ذكرها في الكتاب والسنة، فكثير من هؤلاء الموحدين يمرون على كثير من الآيات وبعض الأحاديث التي تتضمن عقيدة وهم غير منتبهين إلى ما تضمنته، مع أنها من تمام الإيمان بالله عز وجل خذوا مثلا عقيدة الإيمان بعلو الله عز وجل على ما خلقه، أنا أعرف بالتجربة أن كثيرًا من إخواننا الموحدين السلفيين يعتقدون معنا بأن الله عز وجل على العرش استوى دون تأويل، ودون تكييف، ولكنهم حين يأتيهم معتزليون عصريون، أو جهميون عصريون، أو ماتريدي أو أشعري ويلقي إليه شبهة قائمة على ظاهر آية لا يفهم معناها المُوسوِس ولا المُوسوَس إليه، فيحار في عقيدته، ويضل عنها بعيدًا، لماذا؟ لأنه لم يتلق العقيدة الصحيحة من كل الجوانب التي تعرض لبيانها كتاب ربنا عز وجل وحديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم". المصدر: التوحيد أولا يا دعاة الإسلام، صفحة 11
(1) قال الله عز في علاه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} سورة المائدة - الآية 3