قال العلامة محمد خليل هراس رحمه الله: "يجب على صاحب الحق المستمسك بأهداب الوحي أن لا يعبأ بكثرة الخصوم ولا يفزعه صياحهم وضجيجهم، فإن كيد الباطل ضعيف مآله إلى التلاشي والزوال السريع، كمثل دخان تصاعد إلى طبقات الجو العليا، ثم أخذ بعض ذلك في الهبوط إلى الحضيض؛ وأما أهل الحق فإنهم لا يقاتلون أعداءهم بكثرة عددهم، ولكن بجليل أعمالهم وقويم أخلاقهم، ولو كانت المسألة مسألة عدد لما استطاعوا أن يفتحوا هذه الممالك العتيدة، ويواجهوا هذه الجيوش الجرارة التى كانت تفوقهم عشرات بل مئات المرات؛ وكذلك ما فتحوا قلوب الناس للهدى وحببوا إليهم الإسلام بمثل هذه الآراء المبتدعة التي يتبجح بها المتفلسفة وعلماء الكلام، وإنما كانت تقوم دعوتهم على العلم والإيمان مما جمع حولهم القلوب وحملها على الطاعة والاذعان". المصدز: شرح نونية ابن القيم، الجزء الأول، صفحة: 55
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في نونيته: وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا*** فأثبت فصيحتهم كمثل دخان
يرقى إلى الأوج الرفيع وبعده*** يهوي إلى قعر الحضيض الداني
هذا وإن قتال حزب الله بالـ*** أعمال لا بكتائب الشجعان
والله ما فتحوا البلاد بكثرة*** أنى وأعداءهم بلا حسبان
وكذاك ما فتحوا القلوب بهذه الـ*** آراء بل بالعلم والايمان