قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "هذا ينبني على الخلاف في اعتبار أن ولد آدم أشرف للمخلوقات، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} الإسراء: 70 ، فلم يقل الله تعالى: فضلناهم على من خلقنا، بل قال: {عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا}، فمن خلق الله تعالى من لم يفضل عليهم بنو آدم.
ومن ثم اختلف العلماء رحمهم الله في تفضيل الملائكة على بني آدم، فقيل: إن الملائكة أفضل لأنهم خلقوا من نور، ولأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولم يفتتنوا بالدنيا، وعلى ذلك فهم أفضل.
وقال آخرون: بل بنو آدم أفضل لأن الله سخر الملائكة لهم في الدنيا وفي الآخرة، ولأنهم ابتلوا بالفتن فصبروا، ومن ابتلى بالفتن وصبر نال درجة الصبر، بخلاف من لم يفتن، فدرجة الصبر عنده ضعيفة، ولأن في بني آدم الرسل والنبيين والصديقين والشهداء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (1): الملائكة أفضل باعتبار البداية؛ لأنهم خُلقوا من نور، واصطفاهم الله لنفسه، وبنو آدم أفضل باعتبار النهاية؛ لأنهم هم الذين يكونون في جوار الله في الجنة، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم، فهم أفضل باعتبار النهاية، وبذلك يكون قد جمع بين القولين رحمه الله.
وبناء على هذا إذا قلنا: بنو آدم أفضل من الملائكة، فمحمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق، وإذا قلنا الملائكة أفضل، فإنه يبقى النظر: هل محمد صلى الله عليه وسلم أفضل منهم؟ وذلك يحتاج إلى إثبات؛ لأن تفضيل الجنس على الجنس لا يمنع أن يكون فرد من أفراد هذا الجنس أفضل من الجنس الثاني، فتفضيل الجنس على الجنس تفضيل مطلق على مطلق، وتفضيل الفرد على الفرد أو على الجنس تفضيل معين، وإذا كان في هذا الجنس من فاق الجنس الأول لا يلزم أن يكون هذا الجنس أفضل من الآخر، فالفضل المطلق غير الفضل المقيد.
ولهذا لو قال قائل مثلاً: يوجد لعثمان رضي الله عنه مناقب ليست لعلي، ولعلي مناقب ليست لعثمان، ولعمر مناقب ليست لأبي بكر، ولأبي بكر مناقب ليست لعمر، فإن الفضل الخاص لا يلغي الفضل المطلق العام، وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام انه في آخر الزمان أيام الصبر، للعامل فيهن أجر خمسين من الصحابة (2) ، فلا يقال: إن هذا العامل الذي في آخر الزمان أفضل من الصحابة، أو أفضل من الخمسين، فهذا فضله خاص، حيث عمل في هذا الزمان المظلم الذي لا يجد فيه من ينصره، بل يجد من يستهزئ به ويسخر به، والصحابة كلهم يعملون بالحق، فكان أجر خمسين من الصحابة لما يعانيه من القيام بشرائع دينه، وليس أفضل من الصحابة بلا شك. المصدر: شرح العقيدة السفارينية الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية، صفحة: 445
للفائدة: اختلاف العلماء حول المفاضلة بين البشر والملائكة العلامة ابن عثيمين رحمه الله
(1) انظر مجموع الفتاوى 4-343.
(2) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، رقم (4341) ، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، رقم (305 . وابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) رقم (4014) .
ومن ثم اختلف العلماء رحمهم الله في تفضيل الملائكة على بني آدم، فقيل: إن الملائكة أفضل لأنهم خلقوا من نور، ولأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولم يفتتنوا بالدنيا، وعلى ذلك فهم أفضل.
وقال آخرون: بل بنو آدم أفضل لأن الله سخر الملائكة لهم في الدنيا وفي الآخرة، ولأنهم ابتلوا بالفتن فصبروا، ومن ابتلى بالفتن وصبر نال درجة الصبر، بخلاف من لم يفتن، فدرجة الصبر عنده ضعيفة، ولأن في بني آدم الرسل والنبيين والصديقين والشهداء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (1): الملائكة أفضل باعتبار البداية؛ لأنهم خُلقوا من نور، واصطفاهم الله لنفسه، وبنو آدم أفضل باعتبار النهاية؛ لأنهم هم الذين يكونون في جوار الله في الجنة، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم، فهم أفضل باعتبار النهاية، وبذلك يكون قد جمع بين القولين رحمه الله.
وبناء على هذا إذا قلنا: بنو آدم أفضل من الملائكة، فمحمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق، وإذا قلنا الملائكة أفضل، فإنه يبقى النظر: هل محمد صلى الله عليه وسلم أفضل منهم؟ وذلك يحتاج إلى إثبات؛ لأن تفضيل الجنس على الجنس لا يمنع أن يكون فرد من أفراد هذا الجنس أفضل من الجنس الثاني، فتفضيل الجنس على الجنس تفضيل مطلق على مطلق، وتفضيل الفرد على الفرد أو على الجنس تفضيل معين، وإذا كان في هذا الجنس من فاق الجنس الأول لا يلزم أن يكون هذا الجنس أفضل من الآخر، فالفضل المطلق غير الفضل المقيد.
ولهذا لو قال قائل مثلاً: يوجد لعثمان رضي الله عنه مناقب ليست لعلي، ولعلي مناقب ليست لعثمان، ولعمر مناقب ليست لأبي بكر، ولأبي بكر مناقب ليست لعمر، فإن الفضل الخاص لا يلغي الفضل المطلق العام، وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام انه في آخر الزمان أيام الصبر، للعامل فيهن أجر خمسين من الصحابة (2) ، فلا يقال: إن هذا العامل الذي في آخر الزمان أفضل من الصحابة، أو أفضل من الخمسين، فهذا فضله خاص، حيث عمل في هذا الزمان المظلم الذي لا يجد فيه من ينصره، بل يجد من يستهزئ به ويسخر به، والصحابة كلهم يعملون بالحق، فكان أجر خمسين من الصحابة لما يعانيه من القيام بشرائع دينه، وليس أفضل من الصحابة بلا شك. المصدر: شرح العقيدة السفارينية الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية، صفحة: 445
للفائدة: اختلاف العلماء حول المفاضلة بين البشر والملائكة العلامة ابن عثيمين رحمه الله
(1) انظر مجموع الفتاوى 4-343.
(2) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، رقم (4341) ، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، رقم (305 . وابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) رقم (4014) .
تعليق