التلويث السياسي للأطفال من خلال أفلام الكرتون (الحلقة الأولى)
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فما زال أهل الشر يروجون لباطلهم بكل ما أوتوا من قوة في كل وقت وحين، وما زال أهل الحق لهم بالمرصاد، يصدون عدوانهم ويترصدون حركاتهم وسكناتهم ويقمعونهم في عقر دارهم، فيردون على شبهاتهم ويكسرون أسلحتهم ويصرعون باطلهم ويهزمون جيوشهم الجرارة التي تحارب الدين والأخلاق.
ولأهل الباطل أساليب ماكرة ووسائل متعددة في محاربة الإسلام وأهله، ومن تلك الوسائل الخبيثة أفلام الكرتون، فكم روجوا لعقائد فاسدة وأخلاق رديئة؟
وكم عبثوا بالفطر السليمة لكثير من الأطفال؟
وكم أفسدوا من عقائدهم وأخلاقهم؟
وكم زرعوا فيهم من الشرك؟
وكم غرسوا فيهم من الأخلاق السيئة؟
فأنبتوا أشجارا خبيثة، أنتجت أمراضا فتاكة، عملت على إضعاف الأمة الإسلامية، بل ومحاربتها من الداخل.
فأفلام الكرتون مرتع خصب لحقن الأطفال بتلك السموم، ومن هذه السموم التي عملوا على سقيها للأطفال: الأفكار الثورية لتلويث عقولهم من نعومة أظفارهم، ليخرجوا لنا شبابا يحاربون بهم حكام المسلمين، ويشعلون بهم نار الفتن، ويلقونهم كالحطب ليؤججوا بهم تلك النار.
عمل أصحاب الفن بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربي – ربيع الفتن والقتل وهتك الأعراض وسرقة أموال الدولة وقطع الطريق وسلب الناس ممتلكاتهم – ورفع الثوريون شعار (ارحل) في ذاك الربيع على اخرج فيلم كرتون يصورون فيه أن الحاكم ثعلب شرير مستحوذ على ممتلكات الغابة وهو الآمر الناهي فيها، يظلم شعبه الذي صوروه في صورة أرانب كالمساجين يعملون ويكدون في غابة الثعلب ويحلمون بالحرية ويشتهون القليل من لقمة العيش والتي صوروها في حزمة جزر.
فبعد هذا الظلم والقهر والاستعباد من الحاكم – الثعلب الشرير – انتفض الشعب – الأرانب – من أجل الخبز – الجزر - توحدوا وكسروا حاجز الخوف وخرجوا بصدور عارية كما يقال، ورفع الأرانب لافتات مكتوب عليها شعار الربيع المدمر (ارحل) في مقابل مخالب وأنياب الثعلب، ولكن الثعلب الشرير – الحاكم – اضطرب وخاف وأصبح حملا وديعا، فنقض عليه الأرانب – الشعب -، فلاذ الثعلب – الحاكم – بالفرار وهرب خارج مملكته الغابة – الدولة -، وانتصر الأرانب – الشعب – على ذلك الحاكم الجائر – الثعلب – من أجل الجزر – العيش الكريم -، هكذا صوروا هذا المشهد الخبيث.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يكملوا الفيلم ويصور لنا صراع الأرانب على الجزر بعد هزيمة الثعلب؟
ولماذا لم يخرجوا لنا فيلما آخرا وصوروا لنا فيها الغابة المجاورة التي دخلها الربيع المدمر، وتحالف حاكمها – الثعلب كما صوره - مع زعماء غابات أخرى من الذئاب والدببة والأسود، فأرسلوا جراءهم وقاتلوا مع الثعلب جنبا إلى جنب، ففتكوا بكثير من الأرانب التي حملة شعار (ارحل)، وقتل أيضا من الأبرياء الذين كانوا يقابعون في حفرهم، وقطع كثير من الأشجار وأحرق كثير منها، مما اضطر كثيرا من الأرانب للهرب إلى الغابات المجاورة والبعيدة، واصبح كثير من تلك الأرانب عالة على أصحاب الغابات التي هرعوا لها، وما زالت الحرب قائمة على أشدها ونارها مستعرة تأكل الأخضر واليابس، فلا للثعلب هزموا ولا على الجزر تحصلوا - فلا لدين أقاموا ولا لدنيا قعدوا -؟
فإلى العقلاء انظروا - بارك الله فيكم – إلى من يريد الخير بكم ولدنياكم وينصح لكم ولا يغشكم، ويعمل على وأد الفتنة في مهدها ورفع شعار (الزم بيتك)، ويحرص على تطبيق ما جاء به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
أخرج مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر؟
قال: ((نعم)).
قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟
قال: ((نعم)).
قلت: فهل وراء ذلك الخير شر.
قال: ((نعم)).
قلت: كيف؟
قال: ((يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس)).
قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟
قال: ((تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع)).
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 22 ذي الحجة سنة 1439 هـ
الموافق 2 سبتمبر 2018 ف