تلخيص رسالة (إيضاح الدلالة في تخريج و تحقيق حديث
((لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)) )
أولاً:دراسة من الناحية الحديثية:
نص الحديث:
قال سعيد بن منصور في سننه حدثنا سفيان-هو ابن عيينة-عن جامع بن أبي راشد, عن شقيق بن سلمة قال: حذيفة لعبدالله ابن مسعود: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)) أو قال (( مسجد جامع)).
أخرجه الطحاوي و الطبراني في الكبير و عبدالرزاق موقوفاً و البيهقي و الذهبي في سير أعلام النبلاء و الإسماعيلي و الفاكهي.
مناقشة الإسناد:
1- شقيق بن سلمة أبو وائل الكوفي.
قال ابن معين : ثقة لا يسأل عن مثله, قال ابن عبدالبر : أجمعوا على أنه ثقة.
2- جامع بن أبي راشد الكوفي.
قال أحمد: شيخ ثقة, و قال النسائي: ثقة.
3- سفيان بن عيينة أبو محمد الكوفي سكن مكة.
قال الشافعي لولا مالك و سفيان لذهب علم الحجاز.
شبه و الجواب عنها.
1- أنه اختلف على حذيفة فيه:
فرواه شقيق بن سلمة مرفوعاً , و خالفه إبراهيم بن يزيد النخعي, فرواه موقوفاً من كلام حذيفة, و الرد على هذه المخالفة كما يلي:
إبراهيم هذا قال فيه على بن المديني و أبو حاتم: لم يلق أحداً من الصحابة .
قلت: فروايته منقطعة, و رواية شقيق متصلة ولا يجوز معارضة الصحيح بالضعيف.
تنبيه: رواية إبراهيم أخرجها ابن أبي شيبة و الصنعاني و الطبراني.
2- اختلف على ابن عيينة فيه:
فرواه عبدالرزاق الصنعاني موقوفاً و خالفه سعيد بن منصور و محمود بن آدم المروزي , و هشام بن عمار, و محمد بن الفرج, و سعيد بن عبدالرحمن, و محمد بن أبي عمر الداني فرووه عنه مرفوعاً.
فنظرت في تراجم هؤلاء, فإذا سعيد بن منصور في رتبة عبدالرزاق, و ربما أرفع, وبقي معنا محمود آدم, و هشام بن عمار ......على المعادلة فصح مرفوعاً و الحمد لله رب العالمين.
3- ثلاث شبه ذكرها صاحب رسالة (دفع الاعتساف عن محل الاعتكاف):
أ- قوله (محمود بن آدم لم يوثقه غير ابن حبان) : هذا قصور, بل قد وثقه ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل فقال ( و كان ثقة صدوقاً).
ب- قوله( ..... و عبدالرزاق لا يقارن في جودة حفظه و إتقانه بمحمود بن آدم المستور على أحسن أحوله...) : هذا قصور أيضاً, فإن محمود بن آدم ثقة , ثم هو لم ينفرد برفعه , بل قد مر معك أنه قد وافقه على رفعه سعيد بن منصور و هشام بن عمار و غيرهما.
جـ- قوله( ...فعلم أن حذيفة إنما قال ذلك اجتهاداً منه ولم يكن ابن مسعود ملزماً باجتهاده):
قلت هذا قلب للحقائق, و إلا فالصواب عكسه, ذلك أن حذيفة استند إلى نص فهو متبع له , و ابن مسعود ليس عنده نص فاجتهد, و كان اللازم عليه أن يتبع هذا النص, إذ لا اجتهاد مع النص.
و هناك أخطاءٌ أخرى.
تنبيه مهم:
في رواية سعيد: ( أو قال : (( مسجد جماعة)) ). و لم يذكرها من رواه مرفوعاً, و لا موقوفاً , نعم جاءت في بعض طرق عن إبراهيم النخعي , و لكن قد مر بك أن طريق إبراهيم منقطعة .
لكن يشهد لها حديث عائشة الآتي:
نص الحديث:
قال أبو داود في سننه حدثنا وهب بن بقية, قال أخبرنا خالد, عن عبد الرحمن يعني ابن إسحاق, عن الزهري , عن عروة عن عائشة أنها قالت: ( السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً و لا يشهد جنازة, و لا يمس امرأة, و لا يباشرها, و لا يخرج لحاجة إلا لما بد منه, ولا اعتكاف إلا بصوم, و لا اعتكاف إلا في مسجد جامع) .أخرجه الدارقطني و البيهقي .
مناقشة الإسناد:
كل رجال الإسناد بين الثقات و الحفاظ ماعدا عبدالرحمن بن إسحاق بن عبدالله المدني صدوق من السادسة و قد تابعه عقيل و ابن جريج.
فهو حسن بسند أبي داود والحديث صحيح , فقد تابع عقيل و ابن جريج و عبدالرحمن و يشهد له حديث حذيفة الذكور في الرسالة.
تنبيه: قول الصحابي من السنة كذا و كذا له حكم الرفع كم هو مقرر في كتب أصول الحديث.
ثانياً: دراسة من الناحية الفقهية:
أقول أهل العلم في مكان الاعتكاف:
1- لا إعتكاف إلا في مسجد النبي صلى الله عليه و سلم .
2- لا إعتكاف إلا في مسجد مكة و مسجد المدينة فقط.
3- لا إعتكاف إلا في مسجد نبي.
4- لا إتكاف إلا في أحد المساجد الثلاثة.
5- لا اعتكاف إلا في مصر جامع.
6- لا اعتكاف إلا في مسجد جامع.
7- لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة.
8- الاعتكاف جائز في كل مسجد و يعتكف الرجل في مسجد بيته.
ذكر هذه الأقوال ابن حزم في المحلى.
الراجح في المسألة:
و الراجح أن الاعتكاف مشروع في كل مسجد تقام فيه الجمعة و هو في المساجد الثلاثة أكمل, و هذا اختيار شيخنا العلامة المحدث الفقيه أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي يرحمه الله تعالى.( و هذا لزيادة (أو جماعة) و لحديث عائشة الذي في أبي داود. ا.هــ
قلت: و لا يخفى أن هذا لا يغني عن الرسالة الأصل و هي على صغرحجمها مفيدة و أرجو أن لا يكون هذا اختصار مخل إن شاء الله.
كتبه: أبوصهيب عاصم بن علي الأغبري.
تعليق