بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
فقد قرأت حديثا عظيما يتوعد فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالويل الذين يستمعون القول الحق ، فلا يتبعون أحسنه ، الذين يعلمون أنه الحق ، ولا يعونه ولا يعملون به ، بل يهملوه إما تكبرا وعنادا ، وإما تعصبا وتقليدا، وإما غلوا وتقديسا فيما هم عليه ، أو في مشايخهم ، وما أكثر هؤلاء في زمننا الذين اتصفوا بصفات شر الدواب عند الله ..
قال تعالى :{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)}الأنفال .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - في تلبيس الجهمية (8/227): (وهذا كله ذم لمن سمع الكلام ولم يفهم معناه ولم يفهمه ، وإنما يستحق الذم إذا كان الكلام مما يمكن فهمه وفقهه ، وما لا يكون كذلك لم يستحق به الذم .
وقال الله فيمن لم يفهمها ويتدبرها: {وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ} [الأنفال: 23] ، فذمهم على أنهم لا يفهمون، ولو فهموا لم يعملوا بعلمهم. سجود التلاوة معانيه وأحكامه (1/37) ت : فواز أحمد زمرلي.
قلت : الحق الذي أرسل الله به رسله عليه نور، وهو مما لا يخفى ويلتبس على من أراد الله به خيرا فتعلم وعلم وتفقه وفقه ؛ بل لا يخفى على كثير من الكفار والمشركين ، ولذلك قال الله تعالى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ }(6)التوبة . ولكن ما أراد الله بهم خيرا لذلك لا يسمعهم الحق الذي كله خير .
فكذلك أقماع القول أهل الأهواء الذين في قلوبهم زيغ ومرض الشبهات ، وهؤلاء هم الذين لا يريدون سماع الحق ، أو يسمعون الحجة والدليل أنصع من ضوء النهار ، ولا يريدون فهمه على وجه الحق ، ويقولون نحن نسمع للحق ، وفي الحقيقة هم لا يسمعون فإعراضهم عنه ، وواقعهم يشهد بذلك ، وخاصة عند الفتن والخصومة الحزبية والطائفية والتعصب الذميم ، لذلك شبههم النبي صلى الله عليه وسلم بأقماع القول ؛ المصرين على ما هم عليه من العناد ، وعدم الاستجابة لله ورسوله لما يحييهم ..فهم كالذين قال الله فيهم :{كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ }(21)الأنفال .
وفي هذه السورة الفاضحة لهؤلاء من الآية (20 - 24 ) افتتح الله تعالى هذه الآيات بقوله عز وجل :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ }(20).
هذا نداء رباني للمؤمنين فيه الأمر المطلق بطاعة الله ورسوله ، والنهي المطلق عن التولي عما يأمر به وينهى عنه بعدم السماع والاتعاظ بما يؤمر به ، والاجتناب عما ينهي عنه ..
ثم ختمها بقوله جل وعز :{ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ..} وفي إعادة النداء للذين آمنوا والأمر بالاستجابة لله ورسوله هو تكرار لما تضمنته الآية السابقة : :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } وتوكيد للطاعة المطلقة والاستجابة الفورية دون تردد لكل أمر ونهي منه سبحانه ، فمن لم يفعل كان كشر الدواب الذين لا خير فيهم لأنهم يسمعون الحق وكأنهم ما سمعوه . ولا رفعوا به رأسا .
وقد رتب الله سبحانه في الآية الأخيرة ثمرة السمع والطاعة والاستجابة لله ورسوله فيما أمر وما نهى عنه وزجر بالحياة الطيبة في الدنيا والآخرة ، وكفى بها طيبة ، وليس فوقها ولا أفضل منها؛ لأن الله هو من وصفها بأنها طيبة ..
وفي الآيات التي بينهما حذر المؤمنين أن يكونوا أقماع القول يسمعون الحق بأذن فيدخل منها ليخرج من الأذن الأخرى كأنهم ما سمعوه ، مصرين على عدم الطاعة وعدم الاستجابة للحق الذي دعاهم إليه . ففي صحيح الأدب المفرد (293/380) (صحيح) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( ارْحَمُوا تُرحموا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ، ويلٌ لِأَقْمَاعِ القولِ وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ؛ الَّذِينَ يُصرّون عَلَى مَا فَعَلُوا وهم يعلمون)). السلسلة الصحيحة (482)وصحيح الجامع (874)(وصحيح الترغيب والترهيب (2257).
وقوله : (الأقماع) بفتح الهمزة جمع (قمع) بكسر القاف وفتح الميم وتسكن: الإناء الذي يجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع. شبه استماع الذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئا مما يفرغ فيها، فكأنه يمر عليها مجتازا كما يمر الشراب في القمع.
كذلك قال الزمخشري : من المجاز " ويل لأقماع القول " وهم الذين يستمعون ولا يعون.
وقال الحافظ ابن رجب في فتح الباري (1/197): وأقماع القول: الذين آذانهم كالقمع يدخل فيه سماع الحق من جانب ويخرج من جانب آخر لا يستقر فيه.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/12: وَالْأَقْمَاعُ جَمْعُ قِمْعٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا كَنِطْعٍ وَنِطَعٍ، وَقِيلَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَهُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يَنْزِلُ فِي رُءُوسِ الظُّرُوفِ لِتُمْلَأَ بِالْمَائِعَاتِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَالْأَدْهَانِ. شَبَّهَ أَسْمَاعَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْقَوْلَ ( الحق ) وَلَا يَعُونَهُ وَيَحْفَظُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ بِالْأَقْمَاعِ الَّتِي لَا تَعِي شَيْئًا مِمَّا يُفَرَّغُ فِيهَا فَكَأَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا مُجْتَازًا كَمَا يَمُرُّ الشَّرَابُ فِي الْأَقْمَاعِ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ (4/109): وفي رواية ((ويْلٌ لأَقْماع الآذانِ))وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَوَّلُ مَنْ يُسَاقُ إلَى النَّارِ الْأَقْمَاعُ الَّذِينَ إذَا أَكَلُوا لَمْ يَشْبَعُوا، وَإِذَا جَمَعُوا لَمْ يَسْتَغْنُوا» أَيْ كَانَ مَا يَأْكُلُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ يَمُرُّ بِهِمْ مُجْتَازًا غَيْرَ ثَابِتٍ فِيهِمْ وَلَا بَاقٍ عِنْدَهُمْ، وَقِيلَ أَرَادَ بِهِمْ أَهْلَ الْبَطَالَاتِ الَّذِينَ لَا هَمَّ لَهُمْ إلَّا فِي تَرْجِئَةِ الْأَيَّامِ بِالْبَاطِلِ، فَلَا هُمْ فِي عَمَلِ الدُّنْيَا وَلَا عَمَلِ الْآخِرَةِ.
قلت : والحديث أخرجه تمام في جزء من حديثه عن علي". ذكره أبو حامد في إحياء علوم الدين قال ابن السبكي: (6/ 346) لم أجد له إسناداً.
وبعد دخلوهم النّار يقمعون بمقامع من حديد ، وذلك في قَولُه تَباركَ وتَعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } (الحج: 21 -22): أي آلات يُقمَعُون بها ويُضرَبون.
وقوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ }(20) الأنفال . قال أبو جعفر(13/457- 45: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله (أطيعوا الله ورسوله) ، فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه (ولا تولوا عنه) ، يقول: ولا تدبروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخالفين أمره ونهيه "وأنتم تسمعون" أمرَه إياكم ونهيه، وأنتم به مؤمنون .
15852- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا وأنتم تسمعون) ، أي: لا تخالفوا أمره، وأنتم تسمعون لقوله، وتزعمون أنكم منه. والقول في تأويل قوله تعالى : {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله من أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا، أيها المؤمنون، في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالمشركين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم قالوا: "قد سمعنا"، بآذاننا "وهم لا يسمعون"، يقول: وهم لا يعتبرون ما يسمعون بآذانهم ولا ينتفعون به، لإعراضهم عنه، وتركهم أن يُوعُوه قلوبهم ويتدبروه. فجعلهم الله، إذ لم ينتفعوا بمواعظ القرآن وإن كانوا قد سمعوها بأذانهم، بمنزلة من لم يسمعها.
يقول جل ثناؤه لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تكونوا أنتم في الإعراض عن أمر رسول الله، وترك الانتهاء إليه وأنتم تسمعونه بآذانكم، كهؤلاء المشركين الذين يسمعون مواعظ كتاب الله بآذانهم، ويقولون: "قد سمعنا"، وهم عن الاستماع لها والاتعاظ بها معرضون كمن لا يسمَعُها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – مجموع الفتاوى (10/16):وقوله تعالى :{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} فَقَوْلُهُ: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} لَمْ يُرِدْ بِهِ مُجَرَّدَ إسْمَاعِ الصَّوْتِ لِوَجْهَيْنِ.
أَحَدِهِمَا : أَنَّ هَذَا السَّمَاعَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَى الْمَدْعُوِّينَ إلَّا بِهِ. كَمَا قَالَ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}، وَقَالَ {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} ... وَالثَّانِي : أَنَّهُ وَحْدَهُ لَا يَنْفَعُ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ حَصَلَ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ وَكَفَرُوا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ إسْمَاعِ الْفِقْهِ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ اللَّهُ لِمَنْ فِيهِ خَيْرٌ وَهَذَا نَظِيرُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ}.
وَهَذِهِ الْآيَةُ وَالْحَدِيثُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ السَّمَاعُ الَّذِي يَفْقَهُ مَعَهُ الْقَوْلَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ خَيْرًا ؛ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا ، وَأَنَّ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا أَوْ أَرَادَ بِهِ خَيْرًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَهُ وَيُفَقِّهَهُ ؛ إذْ الْحَدِيثُ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهُهُ ؛ فَالْأَوَّلُ مُسْتَلْزِمٌ لِلثَّانِي ، وَالصِّيغَةُ عَامَّةٌ فَمَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْعُمُومِ فَلَا يَكُونُ اللَّهُ أَرَادَ بِهِ خَيْرًا ، وَقَدْ انْتَفَى فِي حَقِّهِ اللَّازِمُ فَيَنْتَفِي الْمَلْزُومُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} بَيَّنَ أَنَّ الْأَوَّلَ شَرْطٌ لِلثَّانِي شَرْطًا نَحْوِيًّا ، وَهُوَ مَلْزُومٌ وَسَبَبٌ ؛ فَيَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا أَسْمَعَهُ هَذَا الْإِسْمَاعَ ؛ فَمَنْ لَمْ يُسْمِعْهُ إيَّاهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا، فَتَدَبَّرْ كَيْفَ وَجَبَ هَذَا السَّمَاعُ ، وَهَذَا الْفِقْهُ ، وَهَذَا حَالُ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ الَّذِينَ يَقُولُونَ ( أي يأخذون ) بِسَمَاعِ لَا فِقْهَ مَعَهُ أَوْ فِقْهٍ لَا سَمَاعَ مَعَهُ أَعْنِي هَذَا السَّمَاعَ..
وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَ وَفَقِهَ يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ؛ بَلْ قَدْ يَفْقَهُ وَلَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ خَيْرًا ..
وَدَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ إسْمَاعَ التَّفْهِيمِ إنَّمَا يُطْلَبُ لِمَنْ فِيهِ خَيْرٌ ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ ، فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا يُطْلَبُ تَفْهِيمُهُ. و " الصِّنْفُ الثَّالِثُ " مَنْ سَمِعَ الْكَلَامَ وَفَقِهَهُ؛ لَكِنَّهُ لَمْ يَقْبَلْهُ وَلَمْ يُطِعْ أَمْرَهُ: كَالْيَهُودِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إلَّا قَلِيلًا}.
وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} إلَى قَوْلِهِ : {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ} أَيْ تِلَاوَةً.
إلى أن قال :{طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} فَهِيَ (أي القلوب ) وَإِنْ سَمِعَتْ الْخِطَابَ وَفَقِهَتْهُ لَا تَقْبَلُهُ وَلَا تُؤْمِنُ بِهِ لَا تَصْدِيقًا لَهُ وَلَا طَاعَةً وَإِنْ عَرَفُوهُ كَمَا قَالَ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}...
إلى أن قال : وَهَذَا جَزَاءُ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ وَفَقِهَ كَلَامَ الرُّسُلِ وَلَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لَهُ بِالْإِقْرَارِ تَصْدِيقًا وَعَمَلًا .انتهى .
فإياك أن تكون منهم فتكون من أقماع القول لا تريد أن تسمع قول ورثة الأنبياء فيما يبلغوك عن الله ورسوله فهم اعلم النّاس به ؛ أو تسمع ولا تريد أن تفهم ، أو تريد أن تفهم، وإذا فهمت أعرضت ولم تقبل ولم تعمل فيحال بينك وبين قلبك .
وهذا أمر فظيع أن يحول الله بينك وبين قلبك فتكون من أهل الأهواء والبدع الذين هم أحط وأشر من شر الدواب .
هم وقال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }(24).
قال أبو جعفر (13/465): وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: معناه: استجيبوا لله وللرسول بالطاعة، إذا دعاكم الرسول لما يحييكم من الحق.
وقال القرطبي (7/389) وقال مجاهد والجمهور: المعنى استجيبوا للطاعة وما تضمنه القرآن من أوامر ونواهي، ففيه الحياة الأبدية، والنعمة السرمدية . قال الخازن (2/303): يعني أجيبوهما بالطاعة والانقياد لأمرهما إِذا دَعاكُمْ يعني الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإنما وجد الضمير في قوله تعالى: " إذا دعاكم " لأن استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم استجابة لله تعالى ، وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد، واستدل أكثر الفقهاء بهذه الآية على أن ظاهر الأمر للوجوب لأن كل من أمره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بفعل فقد دعاه إليه ، وهذه الآية تدل على أنه لا بد من الإجابة في كل ما دعا الله ورسوله إليه .
وقال السعدي (1/31: يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان منهم وهو الاستجابة لله وللرسول، أي: الانقياد لما أمرا به والمبادرة إلى ذلك والدعوة إليه، والاجتناب لما نهيا عنه، والانكفاف عنه والنهي عنه.
وقوله: {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} وصف ملازم لكل ما دعا الله ورسوله إليه، وبيان لفائدته وعظيم حكمته ، فإن حياة القلب والروح بعبودية الله تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام.
قال ابن القيم رحمه الله – في كتابه الفوائد (1/132): وقوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }(24). فَأَمرهمْ بالاستجابة لَهُ وَلِرَسُولِهِ حِين يَدعُوهُم إِلَى مَا فِيهِ حياتهم ثمَّ حذّرهم من التَّخَلُّف والتأخر عَن الاستجابة الَّذِي يكون سَببا لِأَن يحول بَينهم وَبَين قُلُوبهم قَالَ تَعَالَى :{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقين}...
إلى أن قال : وَقَالَ تَعَالَى فِي حقّهم {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وآتاهم تقواهم}..
وقال في زاد المعاد (3/502):وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُعَاقِبُ مَنْ فَتَحَ لَهُ بَابًا مِنَ الْخَيْرِ فَلَمْ يَنْتَهِزْهُ، بِأَنْ يَحُولَ بَيْنَ قَلْبِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ بَعْدُ مِنْ إِرَادَتِهِ عُقُوبَةً لَهُ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ إِذَا دَعَاهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِجَابَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال: 24] .
وَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَذَا فِي قَوْلِهِ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110].
وَقَالَ تَعَالَى : {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5] ، وَقَالَ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التوبة: 115] وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ .
وقال - رحمه الله – : الدَّلِيلُ الثَّانِيَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَعْوَتُهُ نَوْعَانِ: مُوَاجَهَةٌ ، وَنَوْعٌ بِوَاسِطَةِ الْمُبَلِّغِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَتَيْنِ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَيَاتَهُ فِي تِلْكَ الدَّعْوَةِ وَالِاسْتِجَابَةِ لَهَا ، وَمِنَ الْمُمْتَنَعِ أَنْ يَأْمُرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِجَابَةِ لِمَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا مَا ، أَوْ يُجِيبَهُ بِمَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا ، أَوْ يَتَوَعَّدَهُ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِجَابَةِ لِمَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا؛ بِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَاقَبَهُ، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ.
قلت : قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]. إن الاستجابة لإصلاح ذات البين ، والإصلاح بين النّاس يكمن في إصلاح النّفس بالاستجابة لله تعالى ولسنة رسوله ، ثم السمع والطاعة لمن ولاه الله أمر بيان السنة وللحث على لزوم الجماعة ، وفي ذلك الحياة الطيبة ، التي لا شيء وأفضل منها ولا أطيب .. وذلك خير من الهم والغم الذي في الفرقة والتنازع والاختلاف .
وقال ابن القيم – رحمه الله- : الدَّلِيلُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] .
وَهَذَا يَعُمُّ كُلَّ مُخَالِفٍ بَلَغَهُ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَوْ كَانَ مَا بَلَغَهُ لَمْ يُفِدْهُ عِلْمًا لَمَا كَانَ مُتَعَرِّضًا بِمُخَالَفَةِ مَا لَا يُفِيدُ عِلْمًا لِلْفِتْنَةِ وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا لِمُخَالِفِ أَمْرِهِ عُذْرٌ. مختصر الصواعق المرسلة (1/581).
وليس من شك أن مخالفة أمر ورثة الأنبياء وولاة الأمر من أعظم المخالفات التي ينبغي أن يحذر منها اللبيب العاقل الذي يريد النجاة من عذاب النّار ، فإذا كان هذا في نفسه فكيف بمن كان سببا في مخالفات كثيرة للسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أعظمها أن تؤتى السنة وتفرق الجماعة من قبله ؟؟!!.
فاحذر أخي ؛ أيها العاقل اللبيب أن تكون من أقماع القول الذين إذا جاءهم الحق وكان عليهم أعرضوا عنهم وأهملوه ولو يعوه ، فتصيبك فتنة أو عذاب أليم ، وتكون من شر الدواب عند الله ...أو يحيل الله بينك وبين قلبك ، فيطبع عليه وذلك منتهى العقوبة والحرمان ..
واعلم أن الوعيد بالويل ليس أمرا هينا ؛ بل هو أمر عظيم فالويل : هُوَ الدُّعَاء بالشدة والهلاك. وقيل : هُوَ وَاد فِي جَهَنَّم، يسيل فِيهِ صديد أهل النَّار.
وكلاهما أمر فظيع ؛ وعقاب شنيع تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، وتلين قلوبهم للحق والخضوع له ..
والعجب كل العجب في هذا الزمان الذي كثر فيه هذا النوع من النّاس (( أقماع القول ))، الذين لهم حظ وافر من التشبه باليهود الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ، فلا تكن أنت (وأنت السلفي) الذي يعظم الأمر والنهي ويوقر العلماء الأكابر من الذين يسمعون القول الحق ويعلمونه ولا يرفعون به رأسا ؛ بل منهم من لا يكتفي بذلك حتى يهون من شأن الحق (1) الذي سمعه أو بلغه ويرده ويؤوله على غير وجهه انتصارا لحزبه وطائفته ، أو اتباعا لزيغه ومرض قلبه نعوذ بالله من ذلك ..
فكم من مواعظ ومحاضرات ودروس ألقيت على أقماع القول ، فدخلت من أذن ، وخرجت من الأخرى ، وأكنهم ما سمعوها ، أو أنهم سمعوها وفقهوا معناها ومع ذلك لم تظهر ثمار ذلك عليهم لأنهم أقماع لا يسمعون وإذا سمعوا لا يفهمون وإذا تفهموا لا يقبلون ، ولا يهتمون ولا يرفعون بذلك رأسا .. بل يصرون على ما هم عليه من تعصب ، وإعراض لا لشيء إلا أن الحق ظهر على أيدي غيرهم . وأخيرا أخي تأمل معي هذه الآيات ، قال تعالى :{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }(54)لحج .
وقال تعالى :{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }(213) البقرة .
وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ، وَيَقُولُ: " اللهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتَلَفْتُ فِيهِ مَنِ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " . أخرجه الخمسة مسلم (770) (200) ، وأبو داود (767) ، والترمذي (3420) ، والنسمائي فىِ "المجتبى(3/212-213)، وفي "السنن الكبرى" (1322) ، وابن ماجه (1357).صحيح أبي داود (743). اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنباه واجعلنا وإخواننا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأهدنا يا ربنا بإذنك إلى صراطك المستقيم .. برحمتك يا أرحم الراحمين .