الضرة التقنية
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فكما يشتكي بعض طلبة العلم وهم عاكفون على الكتب والتحصيل والطلب -وهم في عبادة- من مضايقة أهليهم وكراهيتهم لما هم عليه، في المقابل تجد الشكوى من بعض النساء من أزواجهن بسبب أنهم عاكفون على برامج التواصل ليل نهار، حتى باتت تلك البرامج أشد على بعضهن من ثلاث ضرائر.
وذلك لما يتسب لهن من الإهمال، وهذا الفعل الشنيع والخطأ الجسيم يكون قبيحا إن استخدام تلك البرامج فيما هو مباح، ويزداد الأمر قبحا والواقع مرا، إن كان استخدامها فيما حرم الله، من مشاهدة ما يغضب الله، وسماع ما حرم الله، ومراسلة النساء والفتيات التي يحرم مراسلتهن، ليوقع منهن في شراكه الساذجات، ويغفل أو يتغافل على أن يرسل إلى زوجته كلمة من تلك الكلمات المعسولة الرقيقة التي يغازل به هؤلاء النساء، والرسول صلى الله عليه السلام يقول:((الكلمة الطيبة صدقة)) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وعلى ذلك الحال وهو يعبث بجواله قد يستغرق الواحد منهم معظم الليل، في مداعبة الزوجة التقنية - الجوال - وينسى الزوجة الحقيقية، حتى إذا قرب الفجر وقع على السرير، وأخذ في الغطيط، كأنه جيفة حمار، وضيع الصلاة.
وهذا الفعل القبيح خلاف ما أمر به نبينا عليه الصلاة والسلام من الرفق بالنساء وحسن معاشرتهن.
أخرج الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))، والحديث صححه الألباني.
وهذا الخطاء ليس مقتصرا على المتزوجين، بل يقع فيه أيضا بعض العزاب، فأقاموا علاقة غير شرعية مع العشيقة التقنية - الجوال - ورتكبوا ما حرم الله، وكذلك من النساء والفتيات أرتمين في أحضان العشيق التقني، فوقعن فيما نهي الله عنه، فحري بنا جميعا أن نتوب ونؤوب، ونعض على أصابع الندم، ونستغفر الله مما جنته يدانا وسولته لنا أنفسنا الضالمة، ونكثر من الأعمال الصالحة، قبل أن لا ينفع الندم.
أما من استخدم تلك البرامج في طلب العلم والتحصيل والدعوة إلى الله فعليه أن يوازن بين هذا الأمر الجليل وبين حقوق وواجبات الأهل عليه، ولا يكون كالذي يبني قصرا ويهدم مصرا.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
مكة: ليلة الإثنين 19 رمضان سنة 1439 هـ
الموافق لـ: 3 يونيو سنة 2018 ف