وصايا نفيسة أخاطب بها ذريتي نفعهم الله وغيرهم بها/للعلامة عبد المحسن العباد-حفظه الله-
1439/09/18هـ
إن أهم شيء أوصيكم به تقوى الله؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}، وهي سبب كل خير في الدنيا والآخرة؛ قال الله عزوجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}، وقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}.
وأوصيكم بالأخذ بأسباب السعادة والحذر من الوقوع في أسباب الشقاوة، قال الله عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.وأوصيكم أن يستشعر كل منكم في جميع أحواله اطلاع الله عليه؛ فلا يراه الله على معصية ويراه على الطاعة، قال الله عز وجل: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}، وقال: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، وقال: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}، وقال صلى الله عليه وسلم في بيان معنى الإحسان في حديث جبريل المشهور، قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» رواه مسلم.وأوصيكم بالاستعداد ليوم المعاد؛ قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، وقال: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}، وقال: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}، وقال: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}، وقال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، وقال: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}وأوصيكم بالاستسلام والانقياد لما جاء عن الله ورسوله، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}، وقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}، وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.وأوصيكم بحفظ أوقاتكم وعمارتها فيما يعود عليكم بسعادة الدنيا والآخرة واستعمال ما منحكم الله من صحة وعافية فيما يعود عليكم بالخير والسعادة في الدنيا والآخرة؛ قال الله عز وجل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، وقال: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» رواه البخاري ومسلم، وقال علي رضي الله عنه: «ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل» أورده البخاري في: «باب في الأمل وطوله» من كتاب الرقاق من صحيحه.وأوصيكم بالتعاطف والتراحم فيما بينكم، فيرحم كبيركم صغيركم، ويوقر صغيركم كبيركم، وأن تصلحوا ذات بينكم، قال الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}وأوصيكم أن تكونوا قرة عين لكل محب لكم؛ قال الله عز وجل في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، قال البخاري في صحيحه في أول تفسير سورة الفرقان: «وقال الحسن: (هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا): في طاعة الله، وما شيء أقر لعين المؤمن أن يرى حبيبه في طاعة الله».وأوصيكم بصحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة» رواه البخاري ومسلم.وأوصيكم بالإكثار من قراءة القرآن وتأمل معانيه، قال تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}، وقال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.وأوصيكم بالمحافظة على الصلوات التي فرضها الله عليكم في أوقاتها والإتيان بما أمكن من النوافل، قال الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، ولأهميتها وُصفت في بعض الأحاديث الثابتة بأنها عمود الإسلام، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وأنها آخر ما يفقد من الدين، وأداء الصلوات المفروضة من الرجال يكون جماعة في المساجد للأدلة الكثيرة الدالة على ذلك، وقد ذكرت جملة منها في آخر رسالة: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها» طبعت في عام 1430هـ، وكتبت في ذلك كلمة بعنوان: «تحذير أهل الطاعة من الهذيان المثبط عن صلاة الجماعة».وأوصيكم بالحذر من استعمال الجوالات ونحوها فيما يعود عليكم بالضرر والعاقبة الوخيمة في الدنيا والآخرة، ولما في ذلك من عمى البصائر والأبصار، قال الله عز وجل: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، وقد كتبت كلمة بعنوان: «احذروا عمى بصائركم وأبصاركم بنظركم في الجوالات وشبهها أيها المسلمون».وأوصيكم بالحرص على قراءة الكتب المفيدة والاستماع للأشرطة النافعة مما جاء عن العلماء المحققين في هذا العصر مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين رحمهما الله.وأوصي النساء من ذريتي بالمحافظة على الحجاب، فتستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب ولا تختلط بهم، وكشف المرأة لوجهها سفور عند علماء اللغة والشريعة، أما علماء اللغة فقد جاء في القاموس المحيط للفيروز آبادي في مادة «سفر»: «والمرأة كشفت عن وجهها، فهي سافر»، وأما العلماء فأبرز شخصية علمية في هذا العصر شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله فقد قال في مجموع فتاويه (5/224): «ومن المعلوم أن الدعوة إلى سفور المرأة عن وجهها دعوة باطلة ومنكرة شرعا وعقلاً ومناهضة للدين الإِسلامي ومعادية له ... ودعاة السفور المروجون له يدعون إلى ذلك إما عن جهل وغفلة وعدم معرفة لعواقبه الوخيمة، وإما عن خبث نية وسوء طوية لا يعبأون بالأخلاق الفاضلة ولا يقيمون لها وزنا، وقد يكون عن عداوة وبغضاء كما يفعل العملاء والأجراء من الخونة والأعداء»، أوصي النساء من ذريتي في مختلف الطبقات بالمحافظة على الحجاب الشرعي والابتعاد عن قيادة السيارات، وقد كتبت رسالة بعنوان: «وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها» طبعت في عام 1430هـ وكتبت في بيان تحريم وخطر قيادة المرأة السيارة كلمات عديدة ورسالة بعنوان: «لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟» طبعت في عام 1427هـ.وأسأل الله لكم جميعا الصلاح والفلاح والتوفيق لخيري الدنيا والآخرة، وأسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان حاكمين ومحكومين، وأن يمنحهم الفقه في الدين والثبات على الحق، إنه سميع مجيب، رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين، وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
1439/09/18هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.إن أهم شيء أوصيكم به تقوى الله؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}، وهي سبب كل خير في الدنيا والآخرة؛ قال الله عزوجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}، وقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}.
وأوصيكم بالأخذ بأسباب السعادة والحذر من الوقوع في أسباب الشقاوة، قال الله عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.وأوصيكم أن يستشعر كل منكم في جميع أحواله اطلاع الله عليه؛ فلا يراه الله على معصية ويراه على الطاعة، قال الله عز وجل: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}، وقال: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، وقال: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}، وقال صلى الله عليه وسلم في بيان معنى الإحسان في حديث جبريل المشهور، قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» رواه مسلم.وأوصيكم بالاستعداد ليوم المعاد؛ قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، وقال: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}، وقال: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}، وقال: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}، وقال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، وقال: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}وأوصيكم بالاستسلام والانقياد لما جاء عن الله ورسوله، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}، وقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}، وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.وأوصيكم بحفظ أوقاتكم وعمارتها فيما يعود عليكم بسعادة الدنيا والآخرة واستعمال ما منحكم الله من صحة وعافية فيما يعود عليكم بالخير والسعادة في الدنيا والآخرة؛ قال الله عز وجل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، وقال: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» رواه البخاري ومسلم، وقال علي رضي الله عنه: «ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل» أورده البخاري في: «باب في الأمل وطوله» من كتاب الرقاق من صحيحه.وأوصيكم بالتعاطف والتراحم فيما بينكم، فيرحم كبيركم صغيركم، ويوقر صغيركم كبيركم، وأن تصلحوا ذات بينكم، قال الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}وأوصيكم أن تكونوا قرة عين لكل محب لكم؛ قال الله عز وجل في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، قال البخاري في صحيحه في أول تفسير سورة الفرقان: «وقال الحسن: (هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا): في طاعة الله، وما شيء أقر لعين المؤمن أن يرى حبيبه في طاعة الله».وأوصيكم بصحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة» رواه البخاري ومسلم.وأوصيكم بالإكثار من قراءة القرآن وتأمل معانيه، قال تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}، وقال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.وأوصيكم بالمحافظة على الصلوات التي فرضها الله عليكم في أوقاتها والإتيان بما أمكن من النوافل، قال الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، ولأهميتها وُصفت في بعض الأحاديث الثابتة بأنها عمود الإسلام، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وأنها آخر ما يفقد من الدين، وأداء الصلوات المفروضة من الرجال يكون جماعة في المساجد للأدلة الكثيرة الدالة على ذلك، وقد ذكرت جملة منها في آخر رسالة: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها» طبعت في عام 1430هـ، وكتبت في ذلك كلمة بعنوان: «تحذير أهل الطاعة من الهذيان المثبط عن صلاة الجماعة».وأوصيكم بالحذر من استعمال الجوالات ونحوها فيما يعود عليكم بالضرر والعاقبة الوخيمة في الدنيا والآخرة، ولما في ذلك من عمى البصائر والأبصار، قال الله عز وجل: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، وقد كتبت كلمة بعنوان: «احذروا عمى بصائركم وأبصاركم بنظركم في الجوالات وشبهها أيها المسلمون».وأوصيكم بالحرص على قراءة الكتب المفيدة والاستماع للأشرطة النافعة مما جاء عن العلماء المحققين في هذا العصر مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين رحمهما الله.وأوصي النساء من ذريتي بالمحافظة على الحجاب، فتستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب ولا تختلط بهم، وكشف المرأة لوجهها سفور عند علماء اللغة والشريعة، أما علماء اللغة فقد جاء في القاموس المحيط للفيروز آبادي في مادة «سفر»: «والمرأة كشفت عن وجهها، فهي سافر»، وأما العلماء فأبرز شخصية علمية في هذا العصر شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله فقد قال في مجموع فتاويه (5/224): «ومن المعلوم أن الدعوة إلى سفور المرأة عن وجهها دعوة باطلة ومنكرة شرعا وعقلاً ومناهضة للدين الإِسلامي ومعادية له ... ودعاة السفور المروجون له يدعون إلى ذلك إما عن جهل وغفلة وعدم معرفة لعواقبه الوخيمة، وإما عن خبث نية وسوء طوية لا يعبأون بالأخلاق الفاضلة ولا يقيمون لها وزنا، وقد يكون عن عداوة وبغضاء كما يفعل العملاء والأجراء من الخونة والأعداء»، أوصي النساء من ذريتي في مختلف الطبقات بالمحافظة على الحجاب الشرعي والابتعاد عن قيادة السيارات، وقد كتبت رسالة بعنوان: «وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها» طبعت في عام 1430هـ وكتبت في بيان تحريم وخطر قيادة المرأة السيارة كلمات عديدة ورسالة بعنوان: «لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟» طبعت في عام 1427هـ.وأسأل الله لكم جميعا الصلاح والفلاح والتوفيق لخيري الدنيا والآخرة، وأسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان حاكمين ومحكومين، وأن يمنحهم الفقه في الدين والثبات على الحق، إنه سميع مجيب، رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين، وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.