السراب الأصفر الموهوم على وسائل التواصل الإلكترونية
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
ففي خلال هذه الفترة - من قرابة شهر أو تزيد قليلا - راسلني عبر وسائل التواصل الإلكترونية أربعة أشخاص من دولتين متجاورتين، كل واحد يزعم أنه وقع على كنز من الذهب، ويرسل إلي صورا لقطع منه، وكل منهم يختلق قصة من نسج خياله، ويذكر المقدار ما وقع عليه من الأصفر البراق، ويعطيك من طرف اللسان حلاوة، ويعرض جزءًا من ذاك الكنز الموهوم مقابل تصريفه عندنا - ليسيل اللعاب -، ويطلب مني الحضور عنده – تشابهت قلوبهم.
وهؤلاء النصابون عبر هذه البرامج يلعبون على الوتر الحساس، لأن النفوس جُبلت على حب المال.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: (( لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ، ولن يملأ فاه إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب )) متفق عليه .
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((ومعناه أن ابن آدم لن يشبع من المال ولو كان له واد واحد لابتغى أي طلب أن يكون له واديان ولا يملأ جوفه إلا التراب وذلك إذا مات ودفن وترك الدنيا وما فيها حينئذ يقتنع لأنها فاتته ولكن مع ذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على التوبة لأن الغالب أن الذي يكون عنده طمع في المال أنه لا يحترز من الأشياء المحرمة من الكسب المحرم ولكن دواء ذلك بالتوبة إلى الله)) اهـ.
فلهذا أحببت أن أنبه إلى ذلك السراب الأصفر، وأن أحذر من هؤلاء النصابين أن يقع أحد في شباكهم.
ولا يخفي على ذي لب كيف يكتشف خدعاهم ومكرهم، وليسأل الواحد منا نفسه، لماذا يعطيك ذاك المحتال جزءًا من الكنز المزعوم بهذه السهولة من أجل أن تبيعه له في السوق؟
ولماذا يطلب منك الحضور لبلده ومعاينة ذاك السراب؟
كيف يثق بك وهو لم يتعرف عليك أصلا والبعض يزعم أن أخوه أو قريبه يعرفك؟
وكما يقال: (هذا كلام يضحك النمل في قراها والنحل في خلاياها).
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 12 شعبان سنة 1439 هـ
الموافق لـ: 29 أبريل سنة 2018 ف