بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
فلا يشك أحد من النّاس فضلا عن طلبة العلم لما للعلماء من مكانة عظيمة في الإسلام، فهم ورثة الأنبياء ، ويكفيهم شرفا وفضلا بذلك لما يحملونه من العلم الذي أعطاهم الله عز وجل إياه، فورثوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولأنهم هم الهداة، وهم مثل النجوم في السماء يهتدي بها الناس، ولهذا رفعهم الله عز وجل عنده درجات، فقال الله عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11]. قال الحكمي رحمه الله في الميمية :
والسالكون طريق العلم يسلكهم - - إلى الجنان طريقا بارئ النسم
والسامع العلم والواعي ليحفظه - - مؤديا ناشرا إياه في الأمم
فيا نظارته إذ كان متصفا بذا - - بدعوة خير الخلق كلهم
كفاك في فضل أهل العلم أن رفعوا - - من أجله درجات فوق غيرهم
فَالْعُلَمَاء هم الحافظون لكتاب الله القائمون بشرع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم الموضحون لحكم الله وهم الناصرون لدين الله وهم الْمَأْمُور بِلُزُوم جَمَاعَتهمْ وَترك مفارقتهم ومنازعتهم .
قَالَ الإِمَام البُخَارِيّ - رَحمَه الله - فِي كتاب الاعتصام (9/107) بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُزُومِ الجَمَاعَةِ، وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ .
فمحبة العلماء محبة للأنبياء ، والمرء يحشر مع من أحب ، وبغض العلماء بغض للأنبياء ؛ وما أخزى وأحقر وأذل من كان هذا حاله . فالكلام في أهل العلم والطعن فيهم ، وعدم احترامهم وعدم حفظ مكانتهم وشرفهم وانتقاصهم انتقاص لميراث النبي صلى الله عليه وسلم وتهوين للنصوص التي جاءت في فضلهم ، ومن هنا يظهر جليا ، خطورة الطعن في العلماء، ورميهم بالمداهنة ، وخفة الديانة، أو أنهم مرجئة الحكام ، أو أنهم يتكلمون بغير علم ، ويلقون الكلام جزافا ، أو .. أو .. مما تسمع من المتطاولين على شرف وقدر علماء الأمة الربانيين ، وهذا خطر عظيم يترتب عليه فقدان الثقة في العلماء ، ومن ثم فقدان العلماء ، مما يفتح الباب أمام أهل الجهل لينصبوا عليهم جاهلا يفتيهم بغير علم فيَضل ويُضل .. وليعلم الطاعنون على العلماء ، المؤذون لهم بأي أنواع من الأذى أن أذية العلماء أذية لله ورسوله ، ومن كان كذلك فليستعد لحرب الله الذي سينزلها به ولينظر هل يستطيع أو يقوى أن يحارب الله تعالى ؛ أم سيناله ذلة وخزي وعار وشنار وربما ختم له بسوء الخاتمة ؛ فيكون من أعداء الله لأن الله لا يعلن الحرب إلا على أعدائه .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: « مَنْ آذَى فَقِيهًا فَقَدْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ آذَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» الفقيه والمتفقه (ص142).
ومصداق ذلك في قول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ )) البخاري (6502).
وقوله : (آذنته بالحرب) أعلمته بالهلاك والنكال . فليستعد أولئك الذين يؤذون العلماء بالهلاك والنكال من الله تعالى .ثم ينظروا هل يستطيعون لذلك النكال والهلاك أم يجدون أعذارا لهم تنجيهم ؟!
قال تعالى :{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (5}
قال البغوي في تفسيره (6/376) مِنْ غَيْرِ أَنْ عَلِمُوا مَا أَوْجَبَ أَذَاهُمْ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَقَعُونَ فِيهِمْ وَيَرْمُونَهُمْ بِغَيْرِ جُرْمٍ .
قال قتادة :فإياكم وأذى المؤمن، فإن الله يحوطه، ويغضب له.تفسير ابن جرير(20/324).
قلت : إذا كانت هذا هو جزاء من يؤذي المؤمن بغير ما اكتسب فكيف بمن يؤذي ورثة الأنبياء الذين رفعهم الله على خلقه وارتضى شهادتهم على وحدانيته ؟!
قال القرطبي في تفسيره (14/240): أذية المؤمنين والمؤمنات هي أيضا بالأفعال والأقوال القبيحة، كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق.
وهذه الآية نظير الآية التي في النساء:{ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا}" [النساء: 112].
وقد قيل: إن من الأذية تعييره بحسب مذموم، أو حرفة مذمومة، أو شيء يثقل عليه إذا سمعه، لأن أذاه في الجملة حرام.انتهى .
وقوله (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) يقول: فقد احتملوا زورا وكذبًا وفرية شنيعة، والبهتان: أفحش الكذب، (وَإِثْمًا مُبِينًا) يقول: وإثما يبين لسامعه أنه إثم وزور.
ألا تخشى يا من تطلق لسانك في ورثة الأنبياء بالثلب والنقيصة أن ينالك شيء من هذا الوعيد الشديد التي توعد الله تعالى من يقوم بأذية عباده فضلا عن أوليائه ، راجع نفسك ، وانظر أين تضع قدمك ، واستعد للمثول بين يدي ربك ؛ فإن الجرم عظيم ، لا يقل عن جرم أعداء الله الذين أعلن عليهم الحرب .
قال ابن كثير (6/480) وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} أَيْ: يَنْسُبُونَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ بُرَآء مِنْهُ ، لَمْ يَعْمَلُوهُ وَلَمْ يَفْعَلُوهُ. وقوله : {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} وَهَذَا هُوَ الْبُهْتُ الْبَيِّنُ أَنْ يُحْكَى أَوْ يُنْقَلَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مَا لَمْ يَفْعَلُوهُ، عَلَى سَبِيلِ الْعَيْبِ وَالتَّنَقُّصِ لَهُمْ، ومَنْ أَكْثَرِ مَنْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْوَعِيدِ الكفرةُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ الرَّافِضَةُ الَّذِينَ يَتَنَقَّصُونَ الصَّحَابَةَ وَيَعِيبُونَهُمْ بِمَا قَدْ بَرَّأهم اللَّهُ مِنْهُ، وَيَصِفُونَهُمْ بِنَقِيضِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ أَخْبَرَ أنه قد رضي عن المهاجرين وَالْأَنْصَارِ وَمَدَحَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ الْأَغْبِيَاءُ يَسُبُّونَهُمْ وَيَتَنَقَّصُونَهُمْ ، وَيَذْكُرُونَ عَنْهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَا فَعَلُوهُ أَبَدًا، فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مَنْكُوسُو (هكذا وردت) الْقُلُوبِ يَذُمُّونَ الْمَمْدُوحِينَ، وَيَمْدَحُونَ الْمَذْمُومِينَ . قلت : وبعدهم في المنزلة من يطعن على ولاة الأمر ويخرج عليهم وعن طاعتهم في المعروف وفي مقدمتهم العلماء فإن أذيتهم إعلان عن العداوة لله تعالى وقد آذن الله بحرب من يفعل ذلك .
وَالْعُلَمَاء أَيْضا هم المسمون فِي كتاب الله أهل الْأَمر الْمَأْمُور بطاعتهم فِي السِّرّ والجهر قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم}
قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أولُوا الْأَمر الْعلمَاء حَيْثُ كَانُوا ،وَكَذَا قَالَه جَابر وَمُجاهد وَعَطَاء وَالْحسن وَالضَّحَّاك وَالْمبَارك بن فضَالة وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد رَحِمهم الله تَعَالَى ذكره الثعالبي وَغَيره .
وَقَالَ الواحدي - رَحمَه الله - أولُوا الْأَمر الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء .
وَقَالَ الثعالبي - رَحمَه الله - فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم} إِنَّهُم حَملَة الْفِقْه وَالْحكمَة .حَكَاهُ عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم .
وَقد قيل فيهمَا غير ذَلِك لَكِن هَذَا هُوَ الْأَصَح . نشر طيّ التعريف في فضل حملة العلم الشريف والرد على ماقتهم السخيف (1/43).
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "أيُّ الرِّبَا أَرْبَى عِنْدَ اللَّهِ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "أَرْبَى الرِّبَا عِنْدَ اللَّهِ استحلالُ عِرْضِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ"، ثُمَّ قَرَأَ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} صحيح الجامع (2203)
وقال صلى الله عليه وسلم : ((الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه )). الصجيحة (1871) صحيح الجامع (2531)(3537-3538-3579).
هل رأيتهم أقبح من هذه الفعلة الشنيعة أن يأتي الرجل أمه وهي أدنى أبواب الربا ، وأن أكبره مضعف سبعين مرة ، وهو أربى الربا الذي هو استطالة الرجل في عرض أخيه ، فكيف باستطالة التلميذ في عرض شيخه بالباطل ، أو استطالة طالب العلم في عرض العالم الذي لم يوافقه على ما أراد ...
فصح أَن استحلال أو شتم أو سب أو استطالة المرء في عرض أخيه بَاب من أعظم أَبْوَاب الرِّبَا الذي أذن الله سبحانه بالحرب عليه ، هذا في عامة النّاس فكيف بم ينتقص أو يطعن أو يسب أو يشتم أعراض العلماء ، وصدق من قال :لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض وأمن أكل منها مات .
قال الهيثمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/187): تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ صَرِيحُ هَذَا الْوَعِيدِ الَّذِي لَا أَشَدَّ مِنْهُ إذْ مُحَارَبَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - لِلْعَبْدِ لَمْ تُذْكَرْ إلَّا فِي أَكْلِ الرِّبَا وَمُعَادَاةِ الْأَوْلِيَاءِ، وَمَنْ عَادَاهُ اللَّهُ لَا يُفْلِحُ أَبَدًا ... ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ فِي الْخَادِمِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ الْحَدِيثِ وَتَأَمَّلْ هَذَا الْوَعِيدَ وَهُوَ حِينَئِذٍ وَآكْلُ الرِّبَا فِي قَرْنٍ {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279].
وروي عن الإمام أحمد أنه قال : (لحوم العلماء مسمومة، من شمها مرض، ومن أكلها مات). ((المعيد في أدب المفيد والمستفيد)) (ص: 71). وعن مخلد قال: حدثنا بعض أصحابنا قال: ذكرت يوماً عند الحسن بن ذكوان رجلاً بشيء، فقال: (مه لا تذكر العلماء بشيء، فيميت الله قلبك).
لحوم أهل العلم مسمومة ... ومن يعاديهم سريع الهلاك
فكن لأهل العلم عونا، وإن ... عاديتهم يوما فخذ ما أتاك
قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى: (واعلم يا أخي - وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمر عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم لِنَعش العلم خلق ذميم). ((تبيين كذب المفتري)) (ص: 2.
وَأنْشد بَعضهم فِي معنى مَا قَالَه ابْن عَسَاكِر رَحمَه الله شعرًا يَقُول فِيهِ
(وتجنب الْعلمَاء وَإِن هم خلطوا- - - فالعلم يغْفر زلَّة الْعلمَاء)
(فلحومهم مَسْمُومَة وبأكلها - - - يخْشَى هَلَاك الشّعْر وَالشعرَاء)
وَأَن من أطلق لِسَانه فِي الْعلمَاء بالثلب بلاه الله قبل مَوته بِمَوْت الْقلب وَأي مُصِيبَة أعظم من موت الْقلب الَّذِي هُوَ دَلِيل على غضب الرب سُبْحَانَهُ فَإِن الَّذِي مَاتَ قلبه لَا يخشع وَلَا فِيهِ المواعظ قطّ تنجع وَإِذا تليت عَلَيْهِ آيَات ربه أصر مستكبرا كَأَن لم يسمع فبشره بِعَذَاب أَلِيم وخطب عَظِيم جسيم .ا.ه
قال العلامة السعدي – رحمه الله - (1/671) أي: بغير جناية منهم موجبة للأذى {فَقَدِ احْتَمَلُوا} على ظهورهم {بُهْتَانًا} حيث آذوهم بغير سبب {وَإِثْمًا مُبِينًا} حيث تعدوا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر الله باحترامها.
ولهذا كان سب آحاد المؤمنين، موجبًا للتعزير، بحسب حالته وعلو مرتبته، فتعزير من سب الصحابة أبلغ ، وتعزير من سب العلماء، وأهل الدين، أعظم من غيرهم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنْ الْكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ» حَدِيثٌ حَسَنٌ.وقال في صحيح الترغيب والترهيب [صحيح لغيره] انظر الصحيحة (3950).
حكم الذين يؤذون العلماء أن يعزروا وأن ينكل بهم في الدنيا قبل الآخرة حيث يكون جزاء الحرب عليهم إن لم يتوبوا العذاب الشديد .
فال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ اللَّخْمِيُّ ، أَنَّ زِيَادًا ،خَطَبَ النَّاسَ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: " إِنِّي بِتُّ لَيْلَتِي هَذِهِ مُهْتَمًّا بِثَلَاثَةٍ: بِذِي الشَّرَفِ ، وَذِي الْعِلْمِ ، وَذِي السِّنِّ ، لَا أُوتَى بِرَجُلٍ رَدَّ عَلَى ذِي شَرَفٍ ، لَيَضَعَ بِذَلِكَ شَرَفَهُ إِلَّا عَاقَبْتُهُ ، وَلَا أُوتَى بِرَجُلٍ رَدَّ عَلَى ذِي عِلْمٍ ، لَيَضَعَ بِذَلِكَ عِلْمَهُ إِلَّا عَاقَبْتُهُ ، وَلَا أُوتَى بِرَجُلٍ رَدَّ عَلَى ذِي شَيْبَةٍ ، لِيَضَعَهُ بِذَلِكَ إِلَّا عَاقَبْتُهُ ، إِنَّمَا النَّاسُ بِأَعْلَامِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ ، وَذَوِي أَسْنَانِهِمْ " الفقيه والمتفقه (ص 143).
فيَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ ، لا تؤذوا العلماء ، ولا تنالوا منهم فإنهم أولياء الله يوشك أن يمسكهم فيحصل ضلال كبير وفساد عريض .
وعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ )) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن وأخرجه أبو داود (4880)الشيخ الألباني حسن صحيح، المشكاة (5044 / التحقيق الثاني) ، التعليق الرغيب (3 / 177) وصحيح الترغيب والترهيب (2340) .ا.ه.وقد ورد من حديث ابن عمر عند الترمذي (2033) بسند حسن .
اللهم نسألك حبك وحب من يحبك ، اللهم طهر قلوبك من الغل والحسد لأوليائك وألسنتنا من قول السوء والأذى لهم وانفعنا بعلمهم وسمتهم واحشرنا في زمرتهم إنك سميع قريب مجيب .