عن كسرى !
من بشائر اندحار مجوس إيران عن العراق وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين؛ دعوة قادتهم إلى استعادة ملك كسرى، وأنهم يريدون أن يعيدوا دولة فارس أيام كسرى؛
ووجه كون هذا من البشائر ، ما جاءنا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من أن الإسلام يعلو و لا يعلا عليه؛ فكيف تعلو عليه المجوسية؟!
ومن المبشرات ما جاء في الحديث عند البخاري تحت رقم (3027)، ومسلم تحت رقم (1740) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «هَلَكَ كِسْرَى، ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
وأخرج البخاري تحت رقم (4424) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ " فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ، قَالَ: «فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ»
قال ابن حجر في فتح الباري لابن حجر (6/ 625- 626): "وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ لِأَنَّ آخِرَهُمْ قُتِلَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الرُّومِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَبْقَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ وَلَا قَيْصَرُ بِالشَّامِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: وَسَبَبُ الْحَدِيثِ أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَأْتُونَ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ تُجَّارًا فَلَمَّا أَسْلَمُوا خَافُوا انْقِطَاعَ سَفَرِهِمْ إِلَيْهِمَا لِدُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لَهُمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَتَبْشِيرًا لَهُمْ بِأَنَّ مُلْكَهُمَا سَيَزُولُ عَنِ الْإِقْلِيمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.
وَقِيلَ : الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ قَيْصَرَ بَقِيَ مُلْكُهُ وَإِنَّمَا ارْتَفَعَ مِنَ الشَّامِ وَمَا وَالَاهَا وَكِسْرَى ذَهَبَ مُلْكُهُ أَصْلًا وَرَأْسًا؛ أَنَّ قَيْصَرَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهُ وَكَادَ أَنْ يُسْلِمَ ، ...، وَكِسْرَى لَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَزَّقَهُ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقَ مُلْكُهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ فَكَانَ كَذَلِكَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ يَمْلِكُ مِثْلَ مَا يَمْلِكُ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ وَبِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ الَّذِي لَا يَتِمُّ لِلنَّصَارَى نُسُكٌ إِلَّا بِهِ وَلَا يَمْلِكُ عَلَى الرُّومِ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ قَدْ دَخَلَهُ إِمَّا سِرًّا وَإِمَّا جَهْرًا، فَانْجَلَى عَنْهَا قَيْصَرُ وَاسْتُفْتِحَتْ خَزَائِنُهُ وَلَمْ يَخْلُفْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَيَاصِرَةِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ بَعْدَهُ.
وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي بَابِ الْحَرْبُ خَدْعَةٌ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ : "هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ وَلَيَهْلِكَنَّ قَيْصَرُ".
قِيلَ : وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَمَّا هَلَكَ كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»، وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا مَاتَ شِيرَوَيْهِ بْنُ كِسْرَى فَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَهُ بُورَانَ.
وَأَمَّا قَيْصَرُ فَعَاشَ إِلَى زَمَنِ عُمَرَ سَنَةَ عِشْرِينَ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ: مَاتَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي حَارَبَ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِّ وَلَدُهُ وَكَانَ يُلَقَّبُ أَيْضًا قَيْصَرَ.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ وَقَعَ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُمَا لَمْ تبْق مملكتها عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَّرْتُهُ"اهـ.
والله اعلم.
منقول عن صفحة الشيخ محمد بازمول حفظه الله
من بشائر اندحار مجوس إيران عن العراق وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين؛ دعوة قادتهم إلى استعادة ملك كسرى، وأنهم يريدون أن يعيدوا دولة فارس أيام كسرى؛
ووجه كون هذا من البشائر ، ما جاءنا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من أن الإسلام يعلو و لا يعلا عليه؛ فكيف تعلو عليه المجوسية؟!
ومن المبشرات ما جاء في الحديث عند البخاري تحت رقم (3027)، ومسلم تحت رقم (1740) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «هَلَكَ كِسْرَى، ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
وأخرج البخاري تحت رقم (4424) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ " فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ، قَالَ: «فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ»
قال ابن حجر في فتح الباري لابن حجر (6/ 625- 626): "وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ لِأَنَّ آخِرَهُمْ قُتِلَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الرُّومِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَبْقَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ وَلَا قَيْصَرُ بِالشَّامِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: وَسَبَبُ الْحَدِيثِ أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَأْتُونَ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ تُجَّارًا فَلَمَّا أَسْلَمُوا خَافُوا انْقِطَاعَ سَفَرِهِمْ إِلَيْهِمَا لِدُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لَهُمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَتَبْشِيرًا لَهُمْ بِأَنَّ مُلْكَهُمَا سَيَزُولُ عَنِ الْإِقْلِيمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.
وَقِيلَ : الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ قَيْصَرَ بَقِيَ مُلْكُهُ وَإِنَّمَا ارْتَفَعَ مِنَ الشَّامِ وَمَا وَالَاهَا وَكِسْرَى ذَهَبَ مُلْكُهُ أَصْلًا وَرَأْسًا؛ أَنَّ قَيْصَرَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهُ وَكَادَ أَنْ يُسْلِمَ ، ...، وَكِسْرَى لَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَزَّقَهُ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقَ مُلْكُهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ فَكَانَ كَذَلِكَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ يَمْلِكُ مِثْلَ مَا يَمْلِكُ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ وَبِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ الَّذِي لَا يَتِمُّ لِلنَّصَارَى نُسُكٌ إِلَّا بِهِ وَلَا يَمْلِكُ عَلَى الرُّومِ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ قَدْ دَخَلَهُ إِمَّا سِرًّا وَإِمَّا جَهْرًا، فَانْجَلَى عَنْهَا قَيْصَرُ وَاسْتُفْتِحَتْ خَزَائِنُهُ وَلَمْ يَخْلُفْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَيَاصِرَةِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ بَعْدَهُ.
وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي بَابِ الْحَرْبُ خَدْعَةٌ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ : "هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ وَلَيَهْلِكَنَّ قَيْصَرُ".
قِيلَ : وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَمَّا هَلَكَ كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»، وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا مَاتَ شِيرَوَيْهِ بْنُ كِسْرَى فَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَهُ بُورَانَ.
وَأَمَّا قَيْصَرُ فَعَاشَ إِلَى زَمَنِ عُمَرَ سَنَةَ عِشْرِينَ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ: مَاتَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي حَارَبَ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِّ وَلَدُهُ وَكَانَ يُلَقَّبُ أَيْضًا قَيْصَرَ.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ وَقَعَ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُمَا لَمْ تبْق مملكتها عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَّرْتُهُ"اهـ.
والله اعلم.
منقول عن صفحة الشيخ محمد بازمول حفظه الله