((فتنة القلوب))
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
{{تعرضُ الفتنُ على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأيِ قلب أُشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوبُ على قلبين:
قلبٍ أسودٍ
مرباداً كالكوزِ مجخياً، لا يعرفُ معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشرب من هواهُ.
وقلب أبيض
فلا تضرهُ فتنة ما دامت السموات والأرضُ}}
مسلم(144)، وأحمد(5\386).
قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-عقب هذا الحديث في كتابه
(إغاثة اللهفان)(1\1
{{فشبه عرض الفتن على القلوب شيئاً فشيئاً كعرض عيدان الحصير، وهي طاقاتها شيئاً فشيئاً،
وقسم القلوب عند عرضها عليها إلى قسمين:
قلب:-أسود-
إذا عُرضت عليه فتنة أشربها كما يشرب السفنج الماء فتنكت فيه نكتة سوداء،
فلا يزال يشرب كُل فتنة تعرض عليه حتى يسود وينتكس، وهو معنى قوله:
((كالكوزِ مجخياً))
أي:مكبوباً منكوساً، فإذا اسود وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان به إلى الهلاك:
أحدهما:
اشتباه المعروف عليه بالمنكر،فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً،
وربما استحكم عليه هذا المرض حتى يعتقد
المعروف منكراً والمنكر معروفاً،
والسنة بدعة والبدعة سنة،
والحق باطلا والباطل حقاً.
الثاني:
تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول-صلى الله عليه وسلم-، وانقياده للهوى وإتباعه له.
وقلب أبيض:
قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحهُ، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها، فازداد نورهُ وإشراقه وقوته.
والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي:
فتن الشهوات،
وفتن الشبهات،
فتن الغي والضلال،
فتن المعاصي والبدع،
فتن الظلم والجهل.
فالأولى:
توجب فساد القصد والإرادة.
والثانية:
توجب فساد العلم والاعتقاد}}.
أخوكم:أبو عبد الله الحديدي