الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد ينسب البعض البنت لأمنا حواء كما فعلت بنت الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في كتابها الذي عنونت له بـ ((الفتوى في زينة بنت حوى))، وهذا خطأ بيِّن.
ومنه قول الشاعر:
بناتُ حواءَ أعشابٌ وأزهارُ ... فاستلهمِ العقلَ وانظرْ كيف تختارُ
ولا يغرَّنكَ الوجهُ الجميلُ فكم ... في الزهرِ سمٌ وكم في العُشْبِ عقارُ
وقد ورد التنصيص من الشرع الحكيم أن نسبة الأبناء ذكورا وإناثا تكون إلى الأب، فيتبع الولد في النسب أباه، قال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله}.
قال الإمام المفسر ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((قوله: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله}: هذا أمر ناسخ لما كان في ابتداء الإسلام من جواز ادعاء الأبناء الأجانب، وهم الأدعياء، فأمر الله تعالى برد نسبهم إلى آبائهم في الحقيقة، وأن هذا هو العدل والقسط.
قال البخاري، رحمه الله: حدثنا مُعَلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز بن المختار، حدثنا موسى بن عقبة قال: حدثني سالم عن عبد الله بن عمر؛ أن زيد بن حارثة رضي الله عنهما مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله}. وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي، من طرق، عن موسى بن عقبة، به)) اهـ.
وحذر من أن ينتسب الرجل لغير أبيه، أخرج البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى قوما ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار)).
كما حذر من الطعن في الأنساب، أخرج مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة " وقال: ((النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب)).
كما أن الابن قد ينسب إلى الأب الأعلى، قال الله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا}.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله في ((فتح القدير)): (({وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا} فكان صلاحه مقتضياً لرعاية ولديه وحفظ مالهما، قيل: هو الذي دفنه؛ وقيل: هو الأب السابع من عند الدافن له، وقيل: العاشر)) اهـ.
وأصرح من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:
أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب
فمن النصوص السابقة يتبين أن الانتساب الشرعي يكون للأب، وهذا حق له، وليس هذا للأم، سواء كانوا ذكورا أو إناثا.
بل جاء النصوص صريحة وواضحة في نسبة البنات لأبيهم آدم عليه الصلاة والسلام.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج فلما كنا بسرف طمثت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي.
فقال: ((لعلك نفست ؟)).
قلت: نعم.
قال: ((فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)). متفق عليه.
وجاء في ((الصحيحة)) للإمام الألباني رحمه الله تحت رقم (2507): ((أما بعد يا عائشة! فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، [إنما أنت من بنات آدم]، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه)). وفي رواية: ((فإن التوبة من الذنب الندم)).
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 28 المحرم سنة 1439 هـ
الموافق لـ: 18 أكتوبر سنة 2017 ف
أما بعد:
فقد ينسب البعض البنت لأمنا حواء كما فعلت بنت الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في كتابها الذي عنونت له بـ ((الفتوى في زينة بنت حوى))، وهذا خطأ بيِّن.
ومنه قول الشاعر:
بناتُ حواءَ أعشابٌ وأزهارُ ... فاستلهمِ العقلَ وانظرْ كيف تختارُ
ولا يغرَّنكَ الوجهُ الجميلُ فكم ... في الزهرِ سمٌ وكم في العُشْبِ عقارُ
وقد ورد التنصيص من الشرع الحكيم أن نسبة الأبناء ذكورا وإناثا تكون إلى الأب، فيتبع الولد في النسب أباه، قال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله}.
قال الإمام المفسر ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((قوله: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله}: هذا أمر ناسخ لما كان في ابتداء الإسلام من جواز ادعاء الأبناء الأجانب، وهم الأدعياء، فأمر الله تعالى برد نسبهم إلى آبائهم في الحقيقة، وأن هذا هو العدل والقسط.
قال البخاري، رحمه الله: حدثنا مُعَلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز بن المختار، حدثنا موسى بن عقبة قال: حدثني سالم عن عبد الله بن عمر؛ أن زيد بن حارثة رضي الله عنهما مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله}. وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي، من طرق، عن موسى بن عقبة، به)) اهـ.
وحذر من أن ينتسب الرجل لغير أبيه، أخرج البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى قوما ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار)).
كما حذر من الطعن في الأنساب، أخرج مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة " وقال: ((النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب)).
كما أن الابن قد ينسب إلى الأب الأعلى، قال الله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا}.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله في ((فتح القدير)): (({وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا} فكان صلاحه مقتضياً لرعاية ولديه وحفظ مالهما، قيل: هو الذي دفنه؛ وقيل: هو الأب السابع من عند الدافن له، وقيل: العاشر)) اهـ.
وأصرح من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:
أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب
فمن النصوص السابقة يتبين أن الانتساب الشرعي يكون للأب، وهذا حق له، وليس هذا للأم، سواء كانوا ذكورا أو إناثا.
بل جاء النصوص صريحة وواضحة في نسبة البنات لأبيهم آدم عليه الصلاة والسلام.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج فلما كنا بسرف طمثت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي.
فقال: ((لعلك نفست ؟)).
قلت: نعم.
قال: ((فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)). متفق عليه.
وجاء في ((الصحيحة)) للإمام الألباني رحمه الله تحت رقم (2507): ((أما بعد يا عائشة! فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، [إنما أنت من بنات آدم]، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه)). وفي رواية: ((فإن التوبة من الذنب الندم)).
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 28 المحرم سنة 1439 هـ
الموافق لـ: 18 أكتوبر سنة 2017 ف
تعليق