الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فهذه قصة تبين أن من رد الحق وعاند وكابر وركب الباطل فهو في ترد وسقوط وتعاظم في البدعة والمخالفة، ومثل هؤلاء كمثل كرة الجليد في سرعة السقوط والتعاظم في لباطل.
والقصة أخرجها الدارمي في (السنن)) وغيره عن عمرو بن سلمة الهمداني قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري.
فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد.
قلنا: لا فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعا.
فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا.
قال: فما هو؟
فقال: إن عشت فستراه.
قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصا فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة.
قال: فماذا قلت لهم؟
قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار أمرك.
قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم.
فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟!
قالوا: يا أبا عبد الله حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وأنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلي ملة هي أهدي من ملة محمد، أو مفتتحوا باب ضلالة،
قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.
قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا ((أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم)).
فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.
خرج هذه القصة العلامة الألباني رحمه الله في ((السلسلة الصحيحة)) وقال: هذا إسناد صحيح.
ثم قال: ((البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة، ألا ترى أن أصحاب تلك الحلقات صاروا بعد من الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب؟
فهل من معتبر؟!)) اهـ.
فكل من رد الحق السديد وتكبر عنه فسلفه هؤلاء المارقين، وبئس السلف لمن خلف.
فهل من معتبر؟!
وأختم بوصية عظيم لإمام جليل، قال البربهاري رحمه الله في ((شرح السنة)): ((واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها، فعظمت وصارت دينا يدان بها، فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام.
فأنظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل، وتنظر هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء، فإن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار)) اهـ.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 12 ذي الحجة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 3 سبتمبر سنة 2017 ف
أما بعد:
فهذه قصة تبين أن من رد الحق وعاند وكابر وركب الباطل فهو في ترد وسقوط وتعاظم في البدعة والمخالفة، ومثل هؤلاء كمثل كرة الجليد في سرعة السقوط والتعاظم في لباطل.
والقصة أخرجها الدارمي في (السنن)) وغيره عن عمرو بن سلمة الهمداني قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري.
فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد.
قلنا: لا فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعا.
فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أنفا أمرا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا.
قال: فما هو؟
فقال: إن عشت فستراه.
قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصا فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة.
قال: فماذا قلت لهم؟
قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار أمرك.
قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم.
فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟!
قالوا: يا أبا عبد الله حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تبل وأنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلي ملة هي أهدي من ملة محمد، أو مفتتحوا باب ضلالة،
قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.
قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا ((أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم)).
فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.
خرج هذه القصة العلامة الألباني رحمه الله في ((السلسلة الصحيحة)) وقال: هذا إسناد صحيح.
ثم قال: ((البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة، ألا ترى أن أصحاب تلك الحلقات صاروا بعد من الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب؟
فهل من معتبر؟!)) اهـ.
فكل من رد الحق السديد وتكبر عنه فسلفه هؤلاء المارقين، وبئس السلف لمن خلف.
فهل من معتبر؟!
وأختم بوصية عظيم لإمام جليل، قال البربهاري رحمه الله في ((شرح السنة)): ((واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها، فعظمت وصارت دينا يدان بها، فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام.
فأنظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل، وتنظر هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء، فإن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار)) اهـ.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأحد 12 ذي الحجة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 3 سبتمبر سنة 2017 ف