الحمد لله فالق الإصباح وخالق المساء والصباح، والصلاة والسلام على المبعوثِ للخلقِ فأضاء لهم الطريق كسراج والمصباح، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم من أهل الصلاح والفلاح.
أما بعد:
فالذي ورد من أذكار طرفي النهار – الصباح والمساء – جله ومعظمه يشملهما، والنزر اليسير يخص أحدهما، وبعضها تغير كلمة أو كلمات بما يناسب وقت الذكر.
وأذكار الصباح تشرع من بزوغ الفجر الصادق إلى طلوع الشمس ولا يشترط أن تكون بعد صلاة الفجر.
وأذكار المساء تبدأ من دخول وقت العصر إلى غروب الشمس على قول جمهور أهل العلم، ولا يشترط أن يصلي العصر؛ وبعض أهل العلم ذهبوا إلى أن المساء يبدأ من دخول وقت الظهر وبعضهم ذهب إلى أنه من غروب الشمس ودخول وقت المغرب.
ويمكن التفريق بين أحاديث أذكار الصباح وأذكار المساء وتقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: ما جاء في الحديث بيان مراعاة الوقت؛ وهي ثلاثة أذكار.
الذكر الأول: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: ((أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال: أراه قال: فيهن له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر))، وإذا أصبح قال ذلك أيضا: ((أصبحنا وأصبح الملك لله)).
أخرجه مسلم.
الذكر الثاني: عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا إذا أصبحنا: ((أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما، وما كان من المشركين)) وإذا أمسينا مثل ذلك.
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) والطبراني في ((الدعاء)).
قال محقق المسند: حديث صحيح.
الذكر الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح، يقول: ((اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور)) وإذا أمسى قال مثل ذلك ; إلا أنه قال: ((وإليك المصير)).
قال ابن حجر في ((بلوغ المرام من أدلة الأحكام)): أخرجه الأربعة؛ وصححه الألباني.
القسم الثاني: ما جاء في الحديث أنه يخص أحد الوقتين؛ وهو على نوعين.
النوع الأول: ما يخص أذكار الصباح؛ وهي أربعة أذكار.
الذكر الأول: عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة.
فقال: ((ما زلت على الحال التي فارقتك عليها)).
قالت: نعم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته)).
أخرجه مسلم.
الذكر الثاني: عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: في دبر الفجر: ((اللهم إني أسألك علما نافعا، وعملا متقبلا، ورزقا طيبا)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وابن ماجه في ((السنن)) والنسائي في ((السنن الكبرى)) الحميدي في ((المسند)) وأبو يعلى في ((المسند)) وابن راهوية في ((المسند)) وعبد بن حميد في ((المسند)) والطبراني في ((الدعاء)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) والطيالسي في ((المسند)) والبيهقي والصنعاني في ((الشعب)) وفي ((الدعوات الكبير)) السني في ((عمل اليوم والليلة)) كلهم من طريق مولى لأم سلمة.
وأخرجه الصنعاني في ((المصنف)) من طريق فيه رجل مبهم.
وأخرجه الطبراني في ((الكبير)) وفي ((الصغير)) وأبو نعيم الأصبهاني في ((أخبار أصبهان)) والإسماعيلي في ((معجم أسامي شيوخ)) كلهم من طريق الشعبي وهذه الطريق قال الإمام الألباني رحمه الله فيها في ((تمام المنة)): ((قلت: لكن أخرجه الطبراني في ((المعجم الصغير)) بإسناد جيد ليس فيه المجهول كما بينته في ((الروض النضير)) 1199)) اهـ.
وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
الذكر الثالث: عن المنيذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان يكون بافريقية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((من قال إذا أصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فأنا الزعيم لآخذ بيده حتى أدخله الجنة)).
رواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) وأبو نعيم الأصبهاني في ((معرفة الصحابة)).
قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)): رواه الطبراني بإسناد حسن.
وقال الألباني: حسن لغيره.
أما ما جاء في الرواية التي أخرجها أحمد والنسائي في ((السنن الكبرى)) والبغوي في ((شرح السنة)) بلفظ: ((من قال حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة))؛ فقد ضعفها الألباني.
الذكر الرابع: عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جلوس فقال: ((ما أصبحت غداة قط إلا استغفرت الله فيها مائة مرة)).
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وعبد بن حميد في ((المسند)) والروياني في ((المسند)) والطبراني في ((الأوسط)) وفي ((الدعاء)) ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في ((أخبار أصبهان)) وعبد بن حميد في ((المسند)).
قال ابن حجر في ((إتحاف الخيرة المهرة)): رواه عبد بن حميد، بسند صحيح.
وصححه الألباني في ((الصحيحة)) رقم (1600).
النوع الثاني: ما يخص أذكار المساء، وهو ذكر واحد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة.
قال: ((أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك)).
أخرجه مسلم.
وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يمسي ثلاث مرات أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره حمة تلك الليلة)).
قال سهيل: فكان أهلنا تعلموها فكانوا يقولونها كل ليلة فلدغت جارية منهم فلم تجد لها وجعا.
أخرجه الترمذي في ((الجامع)) واللفظ له وابن ماجة في ((السنن)) وأحمد في ((المسند)) وصححه الألباني.
أما الذكر الذي جاء عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يمسي: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، كان حقا على الله أن يرضيه)).
أخرجه الترمذي وضعفه الألباني، وقد صح من أذكار الصباح.
هذا ما تم جمعه وهناك أحاديث أخري في هذا الباب أعرضت عنها لضعفها.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأحد 21 ذي القعدة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 13 أغسطس سنة 2017 ف
أما بعد:
فالذي ورد من أذكار طرفي النهار – الصباح والمساء – جله ومعظمه يشملهما، والنزر اليسير يخص أحدهما، وبعضها تغير كلمة أو كلمات بما يناسب وقت الذكر.
وأذكار الصباح تشرع من بزوغ الفجر الصادق إلى طلوع الشمس ولا يشترط أن تكون بعد صلاة الفجر.
وأذكار المساء تبدأ من دخول وقت العصر إلى غروب الشمس على قول جمهور أهل العلم، ولا يشترط أن يصلي العصر؛ وبعض أهل العلم ذهبوا إلى أن المساء يبدأ من دخول وقت الظهر وبعضهم ذهب إلى أنه من غروب الشمس ودخول وقت المغرب.
ويمكن التفريق بين أحاديث أذكار الصباح وأذكار المساء وتقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: ما جاء في الحديث بيان مراعاة الوقت؛ وهي ثلاثة أذكار.
الذكر الأول: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: ((أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال: أراه قال: فيهن له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر))، وإذا أصبح قال ذلك أيضا: ((أصبحنا وأصبح الملك لله)).
أخرجه مسلم.
الذكر الثاني: عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا إذا أصبحنا: ((أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما، وما كان من المشركين)) وإذا أمسينا مثل ذلك.
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) والطبراني في ((الدعاء)).
قال محقق المسند: حديث صحيح.
الذكر الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح، يقول: ((اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور)) وإذا أمسى قال مثل ذلك ; إلا أنه قال: ((وإليك المصير)).
قال ابن حجر في ((بلوغ المرام من أدلة الأحكام)): أخرجه الأربعة؛ وصححه الألباني.
القسم الثاني: ما جاء في الحديث أنه يخص أحد الوقتين؛ وهو على نوعين.
النوع الأول: ما يخص أذكار الصباح؛ وهي أربعة أذكار.
الذكر الأول: عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة.
فقال: ((ما زلت على الحال التي فارقتك عليها)).
قالت: نعم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته)).
أخرجه مسلم.
الذكر الثاني: عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: في دبر الفجر: ((اللهم إني أسألك علما نافعا، وعملا متقبلا، ورزقا طيبا)).
أخرجه أحمد في ((المسند)) وابن ماجه في ((السنن)) والنسائي في ((السنن الكبرى)) الحميدي في ((المسند)) وأبو يعلى في ((المسند)) وابن راهوية في ((المسند)) وعبد بن حميد في ((المسند)) والطبراني في ((الدعاء)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) والطيالسي في ((المسند)) والبيهقي والصنعاني في ((الشعب)) وفي ((الدعوات الكبير)) السني في ((عمل اليوم والليلة)) كلهم من طريق مولى لأم سلمة.
وأخرجه الصنعاني في ((المصنف)) من طريق فيه رجل مبهم.
وأخرجه الطبراني في ((الكبير)) وفي ((الصغير)) وأبو نعيم الأصبهاني في ((أخبار أصبهان)) والإسماعيلي في ((معجم أسامي شيوخ)) كلهم من طريق الشعبي وهذه الطريق قال الإمام الألباني رحمه الله فيها في ((تمام المنة)): ((قلت: لكن أخرجه الطبراني في ((المعجم الصغير)) بإسناد جيد ليس فيه المجهول كما بينته في ((الروض النضير)) 1199)) اهـ.
وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
الذكر الثالث: عن المنيذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان يكون بافريقية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((من قال إذا أصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فأنا الزعيم لآخذ بيده حتى أدخله الجنة)).
رواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) وأبو نعيم الأصبهاني في ((معرفة الصحابة)).
قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)): رواه الطبراني بإسناد حسن.
وقال الألباني: حسن لغيره.
أما ما جاء في الرواية التي أخرجها أحمد والنسائي في ((السنن الكبرى)) والبغوي في ((شرح السنة)) بلفظ: ((من قال حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة))؛ فقد ضعفها الألباني.
الذكر الرابع: عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جلوس فقال: ((ما أصبحت غداة قط إلا استغفرت الله فيها مائة مرة)).
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وعبد بن حميد في ((المسند)) والروياني في ((المسند)) والطبراني في ((الأوسط)) وفي ((الدعاء)) ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في ((أخبار أصبهان)) وعبد بن حميد في ((المسند)).
قال ابن حجر في ((إتحاف الخيرة المهرة)): رواه عبد بن حميد، بسند صحيح.
وصححه الألباني في ((الصحيحة)) رقم (1600).
النوع الثاني: ما يخص أذكار المساء، وهو ذكر واحد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة.
قال: ((أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك)).
أخرجه مسلم.
وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يمسي ثلاث مرات أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره حمة تلك الليلة)).
قال سهيل: فكان أهلنا تعلموها فكانوا يقولونها كل ليلة فلدغت جارية منهم فلم تجد لها وجعا.
أخرجه الترمذي في ((الجامع)) واللفظ له وابن ماجة في ((السنن)) وأحمد في ((المسند)) وصححه الألباني.
أما الذكر الذي جاء عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يمسي: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، كان حقا على الله أن يرضيه)).
أخرجه الترمذي وضعفه الألباني، وقد صح من أذكار الصباح.
هذا ما تم جمعه وهناك أحاديث أخري في هذا الباب أعرضت عنها لضعفها.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأحد 21 ذي القعدة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 13 أغسطس سنة 2017 ف