الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء والمرسلين :
وبعد
فقد اطلعت علي مقال الأخ عزالدين بن سالم الزخار حفظه الله تعالى بعنوان " تقديم السؤال عما يستغرب من الأقوال والأفعال "
وألفيته مقال طيب نافع حوى من النصح والإرشاد الشيء الكثير ، فجزاه الله خيرا وكتب الله له الأجر والمثوبة ونفع الله به
والله ولي التوفيق .
وكتبه / أبو أنور سالم بامحرز
الرياض : ١٦ من ذي القعدة ١٤٣٨ للهجرة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالذين يقدمون السؤال عما يصدر من إخوانهم من أقوال وأفعال تستغرب، هذا أحكم في اختيار لفظهم، وأسلم لهم من الوقوع في الحرج.
البعض ليس له هم إلا الاعتراض وسرعة الإنكار، والهجوم بسيل من التساؤلات بعضها لا طائل تحته، بعضهم يحاجج بعقله، وبعضهم ما عرف إلا قولا واحدا في المسألة لقصور علمه، والذي علمه قد يكون هو المرجوح، وبعضهم يشدد النكير في المسائل الاجتهادية والقاعدة تقول: (لا إنكار في مسائل الاجتهاد).
وهذا لا يستغرب من حدثاء الأسنان، حديثو الاستقامة، لكن الغريب أن يحصل هذا ممن لهم زمن طويل على المنهج القويم، ولو أخذوا بهدي نبينا الكريم عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم لكان أحفظ لماء وجههم، فقد تنقطع الحجة، وتنكسر بالسائل اللجة، ويدخل في اللجلجة وتنتابه المجمجة.
فالذي يسأل عما استغرب من إخوانه الذين يلتقي معهم ويلتقون معه على نفس الطريق وهو الصراط المستقيم.
ما الدليل؟
من سبقك بهذا القول من أهل العلم؟
من سلفك في فعلك؟
هل عرضت هذا الفهم على أهل العلم؟
ففي تقديم مثل هذا الأسئلة تقليل من دائرة الخلاف والشقاق.
وأسلم لوجه من اعترض، وأحكم له في التصرف، وأوثق للإخوة، وأصفي للمودة، وخاصة عند انتقاء أفضل العبارات ومزجها بالدعاء، وهذا مع إرادة النصح والوصول إلى الحق، وخاصة إذا كان النقاش بعيدا عن أعين الناس وفي غرفة على الخاص.
أخرج البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام وكلنا فارس.
قال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين)).
فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلنا: الكتاب.
فقالت: ما معنا كتاب.
فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا.
فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك.
فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: عمر يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما حملك على ما صنعت؟)).
قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صدق ولا تقولوا له إلا خيرا)).
فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه.
فقال: ((أليس من أهل بدر فقال لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم)).
هذا الحديث جاء فيه تقديم السؤال ولم يكن اعتراض من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ما حملك على ما صنعت؟
فانظر مع عظم ما كان من حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، إلا أن السؤال كان سؤال استفهام ولم يكن سؤال توبيخ وإنكار، ثم أتبعه بحسن التماس العذر.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر.
فقال: ((ما هذه؟))
قال: من الواهنة.
فقال: ((انزعها; فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك; ما أفلحت أبدا)).
هذا الحديث ضعفه الإمام الألباني رحمه الله في ((الضعيفة)) تحت رقم (1029) وقال: ((للحديث علة ثالثة وهي الوقف، وهو الأشبه عندي)) اهـ.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((القول المفيد على كتاب التوحيد)): ((ففي هذا الحديث دليل على عدة فوائد:
1- أنه ينبغي لمن أراد إنكار المنكر أن يسأل أولا عن الحال؛ لأنه قد يظن ما ليس بمنكر منكرا، ودليله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ما هذه)). والاستفهام هنا للاستعلام فيما يظهر وليس للإنكار ...)) إلخ.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 9 ذي القعدة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 1 أغسطس سنة 2017 ف
وبعد
فقد اطلعت علي مقال الأخ عزالدين بن سالم الزخار حفظه الله تعالى بعنوان " تقديم السؤال عما يستغرب من الأقوال والأفعال "
وألفيته مقال طيب نافع حوى من النصح والإرشاد الشيء الكثير ، فجزاه الله خيرا وكتب الله له الأجر والمثوبة ونفع الله به
والله ولي التوفيق .
وكتبه / أبو أنور سالم بامحرز
الرياض : ١٦ من ذي القعدة ١٤٣٨ للهجرة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالذين يقدمون السؤال عما يصدر من إخوانهم من أقوال وأفعال تستغرب، هذا أحكم في اختيار لفظهم، وأسلم لهم من الوقوع في الحرج.
البعض ليس له هم إلا الاعتراض وسرعة الإنكار، والهجوم بسيل من التساؤلات بعضها لا طائل تحته، بعضهم يحاجج بعقله، وبعضهم ما عرف إلا قولا واحدا في المسألة لقصور علمه، والذي علمه قد يكون هو المرجوح، وبعضهم يشدد النكير في المسائل الاجتهادية والقاعدة تقول: (لا إنكار في مسائل الاجتهاد).
وهذا لا يستغرب من حدثاء الأسنان، حديثو الاستقامة، لكن الغريب أن يحصل هذا ممن لهم زمن طويل على المنهج القويم، ولو أخذوا بهدي نبينا الكريم عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم لكان أحفظ لماء وجههم، فقد تنقطع الحجة، وتنكسر بالسائل اللجة، ويدخل في اللجلجة وتنتابه المجمجة.
فالذي يسأل عما استغرب من إخوانه الذين يلتقي معهم ويلتقون معه على نفس الطريق وهو الصراط المستقيم.
ما الدليل؟
من سبقك بهذا القول من أهل العلم؟
من سلفك في فعلك؟
هل عرضت هذا الفهم على أهل العلم؟
ففي تقديم مثل هذا الأسئلة تقليل من دائرة الخلاف والشقاق.
وأسلم لوجه من اعترض، وأحكم له في التصرف، وأوثق للإخوة، وأصفي للمودة، وخاصة عند انتقاء أفضل العبارات ومزجها بالدعاء، وهذا مع إرادة النصح والوصول إلى الحق، وخاصة إذا كان النقاش بعيدا عن أعين الناس وفي غرفة على الخاص.
أخرج البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام وكلنا فارس.
قال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين)).
فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلنا: الكتاب.
فقالت: ما معنا كتاب.
فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا.
فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك.
فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: عمر يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما حملك على ما صنعت؟)).
قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صدق ولا تقولوا له إلا خيرا)).
فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه.
فقال: ((أليس من أهل بدر فقال لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم)).
هذا الحديث جاء فيه تقديم السؤال ولم يكن اعتراض من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ما حملك على ما صنعت؟
فانظر مع عظم ما كان من حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، إلا أن السؤال كان سؤال استفهام ولم يكن سؤال توبيخ وإنكار، ثم أتبعه بحسن التماس العذر.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر.
فقال: ((ما هذه؟))
قال: من الواهنة.
فقال: ((انزعها; فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك; ما أفلحت أبدا)).
هذا الحديث ضعفه الإمام الألباني رحمه الله في ((الضعيفة)) تحت رقم (1029) وقال: ((للحديث علة ثالثة وهي الوقف، وهو الأشبه عندي)) اهـ.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((القول المفيد على كتاب التوحيد)): ((ففي هذا الحديث دليل على عدة فوائد:
1- أنه ينبغي لمن أراد إنكار المنكر أن يسأل أولا عن الحال؛ لأنه قد يظن ما ليس بمنكر منكرا، ودليله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ما هذه)). والاستفهام هنا للاستعلام فيما يظهر وليس للإنكار ...)) إلخ.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 9 ذي القعدة سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 1 أغسطس سنة 2017 ف