الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فالتثبيط خلق ذميم وخصلة من خصال المنافقين، وصفة من صفات الشياطين.
عرفه العلامة أبو جعفر النحاس رحمه الله في ((معاني القرآن الكريم)): ((التثبيط: رد الإنسان عما يريد أن يفعله)) اهـ.
وقال العلامة ابن عطية الأندلسي رحمه الله في ((المحرر الوجيز)): ((التثبيط: التكسيل وكسر العزم)) اهـ.
وقال العلامة النووي رحمه الله في ((شرح على مسلم)): ((التثبيط: وهو التعويق)) اهـ.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((شفاء العليل)): ((التثبيط: رد الإنسان عن الشيء الذي يفعله)) اهـ.
فالشيطان قعد لابن آدم في طرق الخير، لا يبالي بأيها ظفر؛ والذين يشوشون ويقطعون طريق الدعوة على إخوانهم أصحاب التوحيد والمنهج السديد والرأي الرشيد، الذين يعلم الناس دينهم، ويصححون لهم اعتقاداتهم، وعباداتهم، ويحسنون لهم أخلاقهم، ويجملون لهم آدابهم، وينشرون العلم والسنة، ويقمعون البدعة ، فيكون هؤلاء المحبطين والمثبطين بذلك عائقا من عوائق الدعوة، مثلهم مثل ذلك الخسيس وشبههم شبه إبليس في التثبيط والتعويق.
قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة: 268].
قال العلامة القرطبي رحمه الله في ((أحكام القرآن)): ((الشيطان له مدخل في التثبيط للإنسان عن الإنفاق في سبيل الله، وهو مع ذلك يأمر بالفحشاء وهي المعاصي والإنفاق فيها. وقيل: أي بأن لا تتصدقوا فتعصوا وتتقاطعوا)) اهـ.
وعن سبرة بن أبي فاكه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة ومن قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة)).
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) و ((الصغرى)) وأحمد في ((المسند)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن حبان في ((صحيحه)) وصححه الإمام الألباني.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((ومن شره أنه قعد لابن آدم بطرق الخير كلها فما من طريق من طرق الخير إلا والشيطان مرصد عليه يمنعه بجهده أن يسلكه فإن خالفه وسلكه ثبطه فيه وعوقه وشوش عليه بالمعارضات والقواطع فإن عمله وفرغ منه قيض له ما يبطل أثره ويرده على حافرته)) اهـ.
فإلى المحبطين والمثبطين المرجفين تدبروا في كلام إمام من أئمة المسلمين؛ يقول العلامة الإمام ابن باز رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((فإن توجيه الطالبات وإرشادهن إلى الخير أمر مطلوب، وفيه خير عظيم، ولا تخافي أنك قد تتأخرين عن شيء مما دعوت الطالبات إليه، فالشيطان يبذل جهوده الخبيثة في التثبيط عن الخير، وعن الدعوة إلى الخير، ويقول للإنسان: إنك قد تدعو إلى هذا ولا تفعل؛ ليثبطه، وليس كل داع أو كل داعية يكون كاملاً، ويفعل كل شيء، لكن عليه الاجتهاد وعليه الحرص بأن يكون من أسبق الناس إلى ما يدعو إليه، وأن يكون من أبعد الناس عما ينهى عنه، ولكن ليس معنى هذا أنه إذا كان عنده شيء من القصور يتأخر، بل عليه أن يتقدم ويدعو إلى الله، ويرشد، سواءً كان ذكرًا أو أنثى، على المؤمن وعلى المؤمنة الجد في هذا الأمر، بالنصيحة والتوجيه للطلاب والطالبات، ولغير الطالبات أيضًا من نساء البيت، ونساء الجيران، وعند الاجتماعات المناسبة في الأعراس وغيرها، تكون المؤمنة مرشدة معلمة، وهكذا المؤمن عند اجتماعه بإخوانه في أي مناسبة، أو في البيت، أو في المسجد، يكون مرشدًا على حسب ما عنده من العلم، ولا يغتر بالشيطان، ولا يخدعه الشيطان، فليحذر أن يخدعه الشيطان، بأن يقول له: اسكت؛ فإنك قد تدعو إلى شيء ولا تفعل، وتنهى عن شيء وتفعل، فإن هذا من تثبيط الشيطان، ولكن ليجتهد، وليحرص على أن يكون من السابقين لما يدعو إليه، وعلى أن يكون من المتباعدين عمَّا ينهى عنه، ويستعين بالله ويسأله التوفيق، وليستمر في عمله الصالح، ودعوته الراشدة، وهكذا المؤمنة، المرأة الطالبة والأستاذة عليهما أن تستمرا بالدعوة والتوجيه، وأن تستعينا بالله على العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى، والله ولي التوفيق)) اهـ.
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 7 شوال سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 1 يونيو سنة 2017 ف
أما بعد:
فالتثبيط خلق ذميم وخصلة من خصال المنافقين، وصفة من صفات الشياطين.
عرفه العلامة أبو جعفر النحاس رحمه الله في ((معاني القرآن الكريم)): ((التثبيط: رد الإنسان عما يريد أن يفعله)) اهـ.
وقال العلامة ابن عطية الأندلسي رحمه الله في ((المحرر الوجيز)): ((التثبيط: التكسيل وكسر العزم)) اهـ.
وقال العلامة النووي رحمه الله في ((شرح على مسلم)): ((التثبيط: وهو التعويق)) اهـ.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((شفاء العليل)): ((التثبيط: رد الإنسان عن الشيء الذي يفعله)) اهـ.
فالشيطان قعد لابن آدم في طرق الخير، لا يبالي بأيها ظفر؛ والذين يشوشون ويقطعون طريق الدعوة على إخوانهم أصحاب التوحيد والمنهج السديد والرأي الرشيد، الذين يعلم الناس دينهم، ويصححون لهم اعتقاداتهم، وعباداتهم، ويحسنون لهم أخلاقهم، ويجملون لهم آدابهم، وينشرون العلم والسنة، ويقمعون البدعة ، فيكون هؤلاء المحبطين والمثبطين بذلك عائقا من عوائق الدعوة، مثلهم مثل ذلك الخسيس وشبههم شبه إبليس في التثبيط والتعويق.
قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة: 268].
قال العلامة القرطبي رحمه الله في ((أحكام القرآن)): ((الشيطان له مدخل في التثبيط للإنسان عن الإنفاق في سبيل الله، وهو مع ذلك يأمر بالفحشاء وهي المعاصي والإنفاق فيها. وقيل: أي بأن لا تتصدقوا فتعصوا وتتقاطعوا)) اهـ.
وعن سبرة بن أبي فاكه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة ومن قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة)).
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) و ((الصغرى)) وأحمد في ((المسند)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن حبان في ((صحيحه)) وصححه الإمام الألباني.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)): ((ومن شره أنه قعد لابن آدم بطرق الخير كلها فما من طريق من طرق الخير إلا والشيطان مرصد عليه يمنعه بجهده أن يسلكه فإن خالفه وسلكه ثبطه فيه وعوقه وشوش عليه بالمعارضات والقواطع فإن عمله وفرغ منه قيض له ما يبطل أثره ويرده على حافرته)) اهـ.
فإلى المحبطين والمثبطين المرجفين تدبروا في كلام إمام من أئمة المسلمين؛ يقول العلامة الإمام ابن باز رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((فإن توجيه الطالبات وإرشادهن إلى الخير أمر مطلوب، وفيه خير عظيم، ولا تخافي أنك قد تتأخرين عن شيء مما دعوت الطالبات إليه، فالشيطان يبذل جهوده الخبيثة في التثبيط عن الخير، وعن الدعوة إلى الخير، ويقول للإنسان: إنك قد تدعو إلى هذا ولا تفعل؛ ليثبطه، وليس كل داع أو كل داعية يكون كاملاً، ويفعل كل شيء، لكن عليه الاجتهاد وعليه الحرص بأن يكون من أسبق الناس إلى ما يدعو إليه، وأن يكون من أبعد الناس عما ينهى عنه، ولكن ليس معنى هذا أنه إذا كان عنده شيء من القصور يتأخر، بل عليه أن يتقدم ويدعو إلى الله، ويرشد، سواءً كان ذكرًا أو أنثى، على المؤمن وعلى المؤمنة الجد في هذا الأمر، بالنصيحة والتوجيه للطلاب والطالبات، ولغير الطالبات أيضًا من نساء البيت، ونساء الجيران، وعند الاجتماعات المناسبة في الأعراس وغيرها، تكون المؤمنة مرشدة معلمة، وهكذا المؤمن عند اجتماعه بإخوانه في أي مناسبة، أو في البيت، أو في المسجد، يكون مرشدًا على حسب ما عنده من العلم، ولا يغتر بالشيطان، ولا يخدعه الشيطان، فليحذر أن يخدعه الشيطان، بأن يقول له: اسكت؛ فإنك قد تدعو إلى شيء ولا تفعل، وتنهى عن شيء وتفعل، فإن هذا من تثبيط الشيطان، ولكن ليجتهد، وليحرص على أن يكون من السابقين لما يدعو إليه، وعلى أن يكون من المتباعدين عمَّا ينهى عنه، ويستعين بالله ويسأله التوفيق، وليستمر في عمله الصالح، ودعوته الراشدة، وهكذا المؤمنة، المرأة الطالبة والأستاذة عليهما أن تستمرا بالدعوة والتوجيه، وأن تستعينا بالله على العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى، والله ولي التوفيق)) اهـ.
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 7 شوال سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 1 يونيو سنة 2017 ف