بسم الله الرحمن الرحيم
أحيانًا في بعض مجالسنا يأتي ذكر شيء من مخالفات بعض المنحرفين من أهل الزيغ والضلال، ولعل من شناعة القول لذلك المخالف تكون به طرفه، فتخرج من أحد الإخوان كلمة ((اللهم اهده)).
فتنطلق النظرات، ويُتهامس ببعض الكلمات، وكأنها بدعة من القول، بل لعل الداعي بالهداية يرمى بالتميع والتخذيل وينهش في عرضه، ويُتكلم فيه من وراء ظهره.
أربعوا على أنفسكم أخواني، فليست الهداية حكرًا على السلفيين، ولا بدلها فقط للمؤمنين، بل جاء الدعاء من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بها للكافرين، فكيف بمن انحرف من المسلمين؟!
وهذا شيء من الأدلة على ما دللت.
أخرج البخاري في صحيحه وغيره عن عبد الله بن مسعود: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يحكي نبيًا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)).
ثم جاء النسخ بالاستغفار للمشركين، قال الله تعالى: }مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ{ [التوبة:113] .
أخرج مسلم في صحيحه وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله إن دوسًا قد كفرت وأبت فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، فقال: ((اللهم أهد دوسًا وائت بهم)).
أخرج مسلم في صحيحه وغيره عن أبي هريرة، قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أهد أم أبي هريرة)).
أخرج الترمذى في جامعه واللفظ له وأبو داود في سننه وصححه الألباني عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم.
أخرج الترمذى في جامعه عن جابر، قال: قالوا: يا رسول الله أخرقتنا نبال ثقيف فادع الله عليهم. قال: اللهم أهد ثقيفا.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب وضعفه الألباني.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن مصعب بن شيبة عن أبيه قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم حنين والله ما أخرجني الإسلام ولا معرفة به ولكني أنفت أن تظهر هوازن على قريش فقلت وأنا واقف معه : يا رسول الله إني أرى خيلا بلقاء قال :
يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر.
فضرب بيده على صدري ثم قال : ((اللهم أهد شيبة)).
ثم ضربها الثانية ثم قال :
اللهم أهد شيبة ثم ضربها الثالثة فقال : ((اللهم أهد شيبة)).
فو الله ما رفع يده من صدري من الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلي منه ...
وهذا الحديث لم أر من بين حاله.
ومما يستأنس به ما أخرجه الترمذى في جامعه وغيره وصححه الألباني، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب.
قال: وكان أحبهما إليه عمر)).
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر .
فهذا هدي رسولنا الكريم، وسيرة الهادي البشير، والسراج المنير، في الدعاء بالهداية للمشركين، وبالمغفرة للكافرين.
فاقتبس أخي من نوره، وخذ بخُلقه، وأتبع سنته، واهتد بهديه، تكن من المفلحين، ومع الراشدين، وفقنا الله وإياكم لما فيه خير الدنيا والدين.
وليس معنى هذا مخالطته والدخول والخروج معه ومؤاكلته ومشاربته، فهجرهم ومفاصلتهم والتحذير منهم مطلوب وفي كلام العلم معلوم.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 13 المحرم سنة 1436 هـ
الموافق لـ: 6 نوفمبر سنة 2014 ف
أحيانًا في بعض مجالسنا يأتي ذكر شيء من مخالفات بعض المنحرفين من أهل الزيغ والضلال، ولعل من شناعة القول لذلك المخالف تكون به طرفه، فتخرج من أحد الإخوان كلمة ((اللهم اهده)).
فتنطلق النظرات، ويُتهامس ببعض الكلمات، وكأنها بدعة من القول، بل لعل الداعي بالهداية يرمى بالتميع والتخذيل وينهش في عرضه، ويُتكلم فيه من وراء ظهره.
أربعوا على أنفسكم أخواني، فليست الهداية حكرًا على السلفيين، ولا بدلها فقط للمؤمنين، بل جاء الدعاء من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بها للكافرين، فكيف بمن انحرف من المسلمين؟!
وهذا شيء من الأدلة على ما دللت.
أخرج البخاري في صحيحه وغيره عن عبد الله بن مسعود: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يحكي نبيًا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)).
ثم جاء النسخ بالاستغفار للمشركين، قال الله تعالى: }مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ{ [التوبة:113] .
أخرج مسلم في صحيحه وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله إن دوسًا قد كفرت وأبت فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، فقال: ((اللهم أهد دوسًا وائت بهم)).
أخرج مسلم في صحيحه وغيره عن أبي هريرة، قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أهد أم أبي هريرة)).
أخرج الترمذى في جامعه واللفظ له وأبو داود في سننه وصححه الألباني عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم.
أخرج الترمذى في جامعه عن جابر، قال: قالوا: يا رسول الله أخرقتنا نبال ثقيف فادع الله عليهم. قال: اللهم أهد ثقيفا.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب وضعفه الألباني.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن مصعب بن شيبة عن أبيه قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم حنين والله ما أخرجني الإسلام ولا معرفة به ولكني أنفت أن تظهر هوازن على قريش فقلت وأنا واقف معه : يا رسول الله إني أرى خيلا بلقاء قال :
يا شيبة إنه لا يراها إلا كافر.
فضرب بيده على صدري ثم قال : ((اللهم أهد شيبة)).
ثم ضربها الثانية ثم قال :
اللهم أهد شيبة ثم ضربها الثالثة فقال : ((اللهم أهد شيبة)).
فو الله ما رفع يده من صدري من الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلي منه ...
وهذا الحديث لم أر من بين حاله.
ومما يستأنس به ما أخرجه الترمذى في جامعه وغيره وصححه الألباني، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب.
قال: وكان أحبهما إليه عمر)).
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر .
فهذا هدي رسولنا الكريم، وسيرة الهادي البشير، والسراج المنير، في الدعاء بالهداية للمشركين، وبالمغفرة للكافرين.
فاقتبس أخي من نوره، وخذ بخُلقه، وأتبع سنته، واهتد بهديه، تكن من المفلحين، ومع الراشدين، وفقنا الله وإياكم لما فيه خير الدنيا والدين.
وليس معنى هذا مخالطته والدخول والخروج معه ومؤاكلته ومشاربته، فهجرهم ومفاصلتهم والتحذير منهم مطلوب وفي كلام العلم معلوم.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 13 المحرم سنة 1436 هـ
الموافق لـ: 6 نوفمبر سنة 2014 ف