الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وأصحابه ومَن اتَّبع هداه إلى يوم الدٍّين، أمَّا بعد:
فهذا مقطع صوتيٌّ مهمٌّ جدا ننصح بالاستماع له، وهي نصيحـة مِن الشَّيخ العلامة محمَّد بن هـادي المدخليِّ ـ حفظـه الله تعالى ـ لطالب العلم بأنْ لا يتجاوز مرتبته العلميَّة والتَّحذير مِن مسلك خطير جدا ..
للتَّحميل مِن هذا الرابط
هنا
تفريغ شبكة الإمام الآجري
ونحنُ نرى اليوم وكُلُّكم يعرف هذا، يبتدأ الطَّالبُ -طالب العلم- في المُستوى الأوَّل؛ وإذا به يحشرُ نفسَه في آخر المُستويات، فينتقلُ مِن المُبتدِئين إلى المُنتهِين! وهذا غلطٌ كبيرٌ، ومسلَكٌ خطيرٌ.فهذا مقطع صوتيٌّ مهمٌّ جدا ننصح بالاستماع له، وهي نصيحـة مِن الشَّيخ العلامة محمَّد بن هـادي المدخليِّ ـ حفظـه الله تعالى ـ لطالب العلم بأنْ لا يتجاوز مرتبته العلميَّة والتَّحذير مِن مسلك خطير جدا ..
للتَّحميل مِن هذا الرابط
هنا
تفريغ شبكة الإمام الآجري
فأمَّا كونُهُ غلطًا فمِن حيث أنَّه وضع نفسَه في غير موضعه، ولو جئتَ به إلى الدِّراسةِ المُرتَّبةِ -حقُّهُ في الابتدائيَّة - لا يُمكن أن يُقبل في الثَّانويَّة أبدًا؛ لا بُدَّ أنْ يمُرَّ بهذه المراحل ويتدرَّج.
فأنتَ تراه يضع نفسَه في مرحلةِ الجامعة، أو مرحلة ما فوق الجامعة؛ وذلك لأنَّه قد سأل بعض الأسئلة، وحصَّل بعض الأجوبة، وعلِم بعض المسائل مِن مسائل المُتقدِّمين على مستواه، فظنَّ أنَّه في ذلك المُستوى، ورُبَّما أخذ هذه المسائل، فصار يتنقَّل بها بين الأشياخ...
ما جواب كذا؟ ما جواب كذا؟ ما جواب كذا؟ وكأنَّه يمتحن الأشياخ.
والمشايخ يعرِفون هذا الصِّنف مِن النَّاس، وربَّما أعرضُوا عنه، ولم يُجيبُوه؛ فيفُوتُهُ الخير، بل والَّذي أخافُ على مِثلِ هذا أنْ يُظنَّ به السُّوء.
فيجبُ على طالبِ العلم أنْ يتجنَّب هذا المزلَق فلا يُوقع نفسَهُ فيه؛ فإنَّ الغلطَ يُورثُ الغلطَ، فإذا وضعتَ نفسَك في المكان الغلط، فلا تغضبْ إنْ جاء مِن بعض المشايخ وحلَّ بك الغلط؛ قسوا عليك، زجروك، أسمَعُوك ما لا تُحبُّ أنْ تسمعَ؛ أنتَ الَّذي تسبَّبْتَ في ذلك.
وأمَّا كوْنُهُ مزلقٌ خطيرٌ؛ فذلك لأنَّ صاحبَ هذا المَسلَك يُفسِدُ ولا يُصلحُ، ويُحدِثُ الإحَنَّ والشُّرور بين إخوانِهِ، وطبقتِهِ مِن طلبة العلم، بل ورُبَّما تجاوزهم إلى مَن فوقهم، وهذا حينما يحصل - وأنا أعرفه، وجُلُّكم يعرفه -، حينما يحصل؛ يحصل بسببه الخلط والخبط، فكم مِن إنسان أُسيء إليه مِن خِيرة الطَّلبة بسبب دُخول هذا الصِّنف الَّذي تقُول له زيدًا، فيسمعُهُ عَمرًا، وينطقُهُ خالدًا، ويكتبُهُ بَكرًا! تترتَّبُ على نقله للكلمات الَّتي لا يفهمُها؛ لأنَّه لم يصِلْ إلى مُستوى اللُّغة الَّتي يتفاهم بها مع الشَّيخ ومع العالِم.
والعالِمُ إذا سمِع مِنه هذا -وهو لا يعرفه- ظنَّه بهذه المنزلة؛ فأجابَهُ على ما يظنُّ، ويحدُثُ بذلك ما يحدُثُ حينما ينقلِبُ بالسُّؤال والجواب، وقد تغيَّر الجواب فنُزِّل ووُضِع في غير موضِعِه، وانقسم النَّاس حينئذٍ بسببِه إلى ما تعلمون!
هذا يُؤيِّدُهُ، وهذا يُعارِضُهُ، هذا يقول حقٌّ، وهذا يقول: غلَطٌ، وهذا يقول: قصد الشَّيخُ كذا، وهذا يقول: لا الشَّيخُ ما قصد كذا.
وإذا رجعُوا إلى الشَّيخِ وإذا الكلام كلُّه-الَّذي قصد وما قصد-! لم يقلْهُ الشَّيخُ على هذا النَّحوِ بسببِ أنَّ مِثلَ هذا لا تحِلُّ له الرِّوايةَ؛ لأنَّه يُحيل الألفاظ عن معانيها، فلا هو بالحافظ، ولا هو بالضابط للمعنى، وهذه مُشكلةٌ خطيرةٌ جدا جدا، ونحنُ نراها، ونُعاني مِنها.
فالواجبُ على طالبِ العلم أنْ يضع نفسَهُ في المكان الَّذي يعرفُهُ مِن نفسِهِ، ولا يتجاوزه.