فقد من الله على الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله بتوفيقه لشرح كتاب فضل الإسلام للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فكان شرحا ماتعا مملؤا بالفوائد و الدرر و اليوم أتحف إخواني بتفريغ للمقدمة التى قدم بها الشيخ بين يدي شرحه و كانت في شرح حديث " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه و لا الجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط ".
فبارك الله فيه و في علمه و وقته ...
قال حفظه الله :أيها الفضلاء ..
بين يدي الدرس أوجه كلمة قصيرة لي و لإخواني لعل الله عزوجل أن ينفعنا بها .
أيها الفضلاء إن من أخلاق الإسلام العظيمة ما جاء في قول النبي صلى الله عليه و سلم "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه و لا الجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط ".
فربنا سبحانه و تعالى ذو الجلال و الإكرام و إن من إجلاله أن تتصف أيها المؤمن بهذا الخُلق العظيم بأن تجّل أو تُكرم ذا الشيبة المسلم فالرجل الكبير الذي شابت لحيته في الإسلام هو أهل للإكرام فهو أكبر منك سنا و أول تقدما في الإسلام منك قد صلى لله أكثر مما صليت و صام لله عزوجل أكثر مما صمت أصبح ذا حكمة و حنكة علمته الأيام و التجارب فينبغي أن تقترب منه و أن تستفيد منه و أن تجله و أن تكرمه و حامل القرآن الذى هو من أهل الله و خاصته الذى حفظ القرآن و قرأه و عمل بما فيه على الوسطية المحمدية من غير إفراط و لا تفريط فهو يعمل بما في القرآن على فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم و لا يغلو فإن الغلو من العامة مذموم و من حامل القرآن أشد ذما و لا يجفوا و لا يقصر بل يسير في عمله على الوسطية التي جاء بها محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم قال العلماء و يؤخذ من هذا أن من خُلق المؤمن أن يُجل العلماء الذين عٌرفوا بالعلم و البصيرة في الدين فيكرمهم و يحترمهم و يعرف لهم حقهم و أنهم نور لهذه الامة و يقترب منهم و يستفيد منهم و يستغفر لهم إن أخطأوا فإن العلماء بشر يصيبون و يخطئون لكن العبرة بأصل السير و لذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم ": و إن العلم ليستغفر له من في السماوات و من في الأرض حتى الحيتان في الماء ".
فالعالم يستغفر له الخلق فينبغي على المؤمن إذا رأى خطأ من عالم أن يحفظ له فضله و ان يعرف له قدره و أن يلتمس له عذره و ان يستغفر له فكيف إذا جمع العالم بين الصفتين كان عالما و كان ذا شيبة لاشك انه احق أن يُجل و أحق بان يُكرم و أحق بأن يُتأدب معه وأن يُخبر على ما قد يبدر منه من غير قصد أو بقصد فإنه قد جمع بين صفتين كل واحدة منهما يستحق بها الإجلال و الإكرام بنص حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و من إجلال الله .
ومن خُلق المؤمنين العظيمة أن يُجل المسلم السلطان لاسيما إذا كان يتحرى العدل ويعلن الحكم بالشرع ويعمل بما استطاع فإنه أحق بأن يحترم وأحق بأن يهاب و أحق بأن يُحَب في الله و أحق بأن يُذب عن عرضه فهذا الخُلق العظيم خُلق إكرام من يستحق الإكرام و على راسهم من بينهم حبيبنا و قدوتنا و نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ينبغي علينا جميعا أن نتخلق به و أن نربي أبناءنا و ذرياتنا عليه و أن نجعل ذلك شعارا في بيوتنا و ان نذكر الناس به.
فإنه للأسف الشديد في هذا الزمان قل العمل بهذا الخُلق فتجد من يتقدم على كبار السن و يجرئ عليهم و تجد من يجرئ على العلماء و يلمزون العلماء و يصفونهم بصفات ذميمة كقول بعض السفهاء إنهم علماء سلاطين أو أنهم يقولون ما يٌقال لهم أو غير ذلك من الصفات التى يُنزه عنها العامي فكيف بالعالم الذى شُهِد له بالعلم و كثير كثير كثير من السفهاء قد جعلوا السلاطين و ولاة الأمر غرضا يرمونهم بأقذع السباب و بأقبح الكلمات و يتسترون وراء وسائل التواصل الاجتماعي فإنه ينبغي علينا أيها الإخوة ان نحاول أن ننشر هذا الخُلق بين الناس و على الشيوخ و على طلاب العلم أن يعلموا طلابهم و يؤدبوهم على هذا الخُلق العظيم و لاشك أيها الإخوة أن العلم بشر و أن الطالب بشر و أن العامي بشر وقد يحصل و يعرض للبشر ما يجعله يخرج عن متعاده أو يخرج عن شيء من أخلاقه . والواجب على الجميع إذا بدر من أحدهم ما ينبغي أن يُعتذر منه أو يُرجع عنه أن يرجعوا إلى أصولهم و إلى أخلاقهم و أن يعتذروا عن الزلل لمن وصل إليه الزلل فإن هذا من أفضل و أجمل و ألطف أخلاق المسلمين و لن تقوم الاخوة و تستمر إلا إذا تخلقنا بهذه الاخلاق العظيمة الشريفة.
الملف الصوتى في المرفقات