بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد، فإن أعظم نعمة أنعم الله بها على المسلمين أن هداهم للإسلام وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهي النعمة التي لا يماثلها نعمة ولا يدانيها نعمة، ومن أعظم نعم الله على المسلم بعد نعمة الإسلام نعمة العقل ونعمة الصحة والعافية، ومن شكر الله عز وجل على هذه النعم أن يستعملها المسلم في طاعة الله وفي كل ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وأن لا يستعملها في معصية الله ولا في ما فيه مضرته في الدنيا والآخرة.
وقد انتشر في هذا الزمان استخدام الجوالات وشبهها، وهي نعمة لمن استخدمها في الخير، ونقمة لمن استخدمها في الشر، والعاقل الناصح لنفسه هو الذي يقتصر في استخدامها على ما يعود عليه بالخير في الدنيا والآخرة، فيستعملها في الاتصالات المباحة وفي الوصول إلى الفوائد العلمية النافعة التي تحصل له بواسطتها بيسر وسهولة.وأما استخدامها في غير ذلك مما يعود على المسلم بالضرر في دنياه وآخرته فالواجب الحذر منه والابتعاد عنه ليسلم من عمى البصر وعمى البصيرة؛ لأن إدامة النظر في هذه الجوالات يضعف البصر وقد يكون سببا في ذهابه وفقد هذه النعمة العظيمة، وأعظم من ذلك عمى البصيرة الذي يجلب للمسلم أمراض الشهوات التي تدمر أخلاقه، وأمراض الشبهات التي تدمر عقله، وقد بين الله عز وجل خطورة ذهاب البصائر بقوله: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، والمعنى أن عمى البصائر هو العمى الحقيقي الذي تحصل به الخسارة في الدنيا والآخرة، وذلك بترك سبيل الهداية والأخذ بأسباب الضلال والغواية كما قال الله عن قوم صالح: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}، وقال صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» رواه البخاري (6412)، وهو أول حديث عنده في كتاب الرقاق، والمعنى أن من استعمل صحته وشغل وقته فيما يعود عليه بالخير فهو الرابح، ومن استعملها في غير ذلك فهو المغبون الخاسر، وقال صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» رواه البخاري (647 ومسلم (7130) واللفظ له، والمعنى أن الطريق إلى الجنة فيه مشقة وتعب يُحتاج فيه إلى مجاهدة الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، فيصبر المسلم على الطاعات ولو شقت على النفوس؛ لأن العاقبة تكون حميدة، وأما النار فإن الطريق إليها فيه شهوات تميل إليها النفوس، منها ما هو محرم، ومنها ما هو مباح يكون معه الإسراف وتجاوز الحد، فيصبر المسلم عن المعاصي ولو مالت إليها النفوس؛ لأن الوقوع فيها عاقبته وخيمة، وقد قيل: إنما ثقلت على النفوس الطاعات؛ لأنها حضرت مرارتها وغابت حلاوتها، وخفت على النفوس المعاصي؛ لأنها حضرت حلاوتها وغابت مرارتها.
واستخدام الجوالات وشبهها في نظر الرجال إلى النساء والنساء إلى الرجال وما يحصل منهم من فحش وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه زنى، ففي صحيح مسلم (6754) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه».والفتنة في الجوالات وشبهها عظيمة وخطيرة لكونها تكون في أيدي الكبار والصغار وفي متناولهم بالليل والنهار، وحرص الآباء وكل من له ولاية خاصة على سلامة من تحت أيديهم من الاستخدام السيء للجوالات وشبهها لازم متعين لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته» الحديث رواه البخاري (893) ومسلم (4724) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.وأسأل الله أن يوفق المسلمين في كل مكان حكومات وشعوبا رجالا ونساء كبارا وصغارا لكل خير، وأن يحفظهم من الشرور جميعها ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع مجيب.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
المقالات »
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد، فإن أعظم نعمة أنعم الله بها على المسلمين أن هداهم للإسلام وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهي النعمة التي لا يماثلها نعمة ولا يدانيها نعمة، ومن أعظم نعم الله على المسلم بعد نعمة الإسلام نعمة العقل ونعمة الصحة والعافية، ومن شكر الله عز وجل على هذه النعم أن يستعملها المسلم في طاعة الله وفي كل ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وأن لا يستعملها في معصية الله ولا في ما فيه مضرته في الدنيا والآخرة.
وقد انتشر في هذا الزمان استخدام الجوالات وشبهها، وهي نعمة لمن استخدمها في الخير، ونقمة لمن استخدمها في الشر، والعاقل الناصح لنفسه هو الذي يقتصر في استخدامها على ما يعود عليه بالخير في الدنيا والآخرة، فيستعملها في الاتصالات المباحة وفي الوصول إلى الفوائد العلمية النافعة التي تحصل له بواسطتها بيسر وسهولة.وأما استخدامها في غير ذلك مما يعود على المسلم بالضرر في دنياه وآخرته فالواجب الحذر منه والابتعاد عنه ليسلم من عمى البصر وعمى البصيرة؛ لأن إدامة النظر في هذه الجوالات يضعف البصر وقد يكون سببا في ذهابه وفقد هذه النعمة العظيمة، وأعظم من ذلك عمى البصيرة الذي يجلب للمسلم أمراض الشهوات التي تدمر أخلاقه، وأمراض الشبهات التي تدمر عقله، وقد بين الله عز وجل خطورة ذهاب البصائر بقوله: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، والمعنى أن عمى البصائر هو العمى الحقيقي الذي تحصل به الخسارة في الدنيا والآخرة، وذلك بترك سبيل الهداية والأخذ بأسباب الضلال والغواية كما قال الله عن قوم صالح: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}، وقال صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» رواه البخاري (6412)، وهو أول حديث عنده في كتاب الرقاق، والمعنى أن من استعمل صحته وشغل وقته فيما يعود عليه بالخير فهو الرابح، ومن استعملها في غير ذلك فهو المغبون الخاسر، وقال صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» رواه البخاري (647 ومسلم (7130) واللفظ له، والمعنى أن الطريق إلى الجنة فيه مشقة وتعب يُحتاج فيه إلى مجاهدة الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، فيصبر المسلم على الطاعات ولو شقت على النفوس؛ لأن العاقبة تكون حميدة، وأما النار فإن الطريق إليها فيه شهوات تميل إليها النفوس، منها ما هو محرم، ومنها ما هو مباح يكون معه الإسراف وتجاوز الحد، فيصبر المسلم عن المعاصي ولو مالت إليها النفوس؛ لأن الوقوع فيها عاقبته وخيمة، وقد قيل: إنما ثقلت على النفوس الطاعات؛ لأنها حضرت مرارتها وغابت حلاوتها، وخفت على النفوس المعاصي؛ لأنها حضرت حلاوتها وغابت مرارتها.
واستخدام الجوالات وشبهها في نظر الرجال إلى النساء والنساء إلى الرجال وما يحصل منهم من فحش وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه زنى، ففي صحيح مسلم (6754) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه».والفتنة في الجوالات وشبهها عظيمة وخطيرة لكونها تكون في أيدي الكبار والصغار وفي متناولهم بالليل والنهار، وحرص الآباء وكل من له ولاية خاصة على سلامة من تحت أيديهم من الاستخدام السيء للجوالات وشبهها لازم متعين لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته» الحديث رواه البخاري (893) ومسلم (4724) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.وأسأل الله أن يوفق المسلمين في كل مكان حكومات وشعوبا رجالا ونساء كبارا وصغارا لكل خير، وأن يحفظهم من الشرور جميعها ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع مجيب.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
المقالات »
عبد المحسن بن حمد العباد البدر