الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعدُ:
فالذي ينظر في أحوال الناس في قراءة الركعة الأخيرة من صلاة الوتر يجدها على أربعة أقسام:
القسم الأول: ما يُقرأ أحيانا يجعل غالبًا مثل من يقرأ بسور المعوذات الثلاث - الإخلاص والفلق والناس - باستمرار وهذا خلاف ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
القسم الثاني: من يقرأ بسور الإخلاص دائمًا ولا يأتي بالمعوذتين أحيانا، وهذا أيضًا خلاف ما جاءت به السنة، فهؤلاء أخذوا بشيء وتركوا ما يفعل أحيانا.
القسم الثالث: من يقرأ بما شاء من السور والآيات، وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يقرأ في الوتر ما يشاء، وهذا أيضًا خلاف ما جاءت به السنة، وترك ما هو أولي.
جاء في ((مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر)) للمروزي رحمه الله عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ، فَأَوْتِرْ بِمَا شِئْتَ).
وأخرج عبد الرزاق الصنعاني في ((المصنف)) بإسناد صحيح عن الثوري عن منصور وغيره عن إبراهيم (أنه كان يستحب أن يقرأ في الركعة الآخرة من الوتر قل هو الله أحد وآمن الرسول بما أنزل إليه من ربه).
وأخرج عبد الرزاق الصنعاني في ((المصنف)) عن الثوري عن سلم بن عبد الرحمن عن زاذان عن علي أنه كان يوتر بإنا أنزلناه في ليلة القدر وإذا زلزلت وقل هو الله أحد
مصنف عبد الرزاق - (3 / 34)
4701 - عبد الرزاق عن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم قال اقرأ فيهن ما شئت ليس فيهن شيء موقوت
القسم الرابع: هم أسعد الناس بالدليل، جمعوا بين كل ما جاءت به السنة، فأخذ بالتوجيه النبوي وهو قرأة سورة الإخلاص غالبًا، وأحيانا يضاف لها سورة الفلق وسورة الناس أو يقرأ من غير هذه السور الثلاث أحيانا.
الدليل:
أما ما جاء أنه يقرأ غالبا:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في ركعة ركعة).
أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي في ((الصغرى)) و ((الكبرى)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن المنذر في ((الأوسط)) والدارمي والطبراني في المعاجم الثلاثة الكبير والأوسط والصغير والبيهقي في ((السنن الكبرى)) و ((السنن الصغرى)) وأبو يعلى في ((المسند)) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) والمروزي في ((صلاة الوتر)).
قال الإمام الألباني رحمه الله في ((أصل صفة الصلاة)) (2/539): ((وهذا سند صحيح كما قال الحافظ العراقي)).
قال الترمذى رحمه الله: ((وفي الباب عن علي وعائشة وعبد الرحمن بن أبزى عن أبي بن كعب ويروى عن عبد الرحمن بن أبزى عن النبي صلى الله عليه وسلم)) اهـ.
وفي أصل الصفة ذكر الإمام الألباني غير هؤلاء الصحابة وتوسع في التخرج.
أما ما جاء أنه يقرأ أحيانا:
أولا: ما يضاف لسورة الإخلاص.
عن عبد العزيز بن جريج قال سألنا عائشة بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان يقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين.
أخرجه أحمد في ((المسند)) والترمذي وابن ماجه وأبو داود وعبد الرزاق في ((المصنف)) وإسحاق بن راهوية في ((المسند)) والحاكم في ((المستدرك)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)).
وابن جريج له متابعة من عمرة بنت عبد الرحمن كما عند ابن حبان في ((صحيحه)) والدارقطني في ((السنن)) وابن المنذر في ((الأوسط)) والحاكم في ((المستدرك)) والطبراني في ((الأوسط)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) وفي ((الصغرى)) وفي ((معرفة السنن)) وفي ((شعب الإيمان)) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) وابن الأعرابي في ((المعجم)).
الحديث حسنه الحافظ ابن حجر في ((نتائج الأفكار))، وقال الإمام الألباني رحمه الله في ((أصل صفة الصلاة)) (2/539): ((قال الحاكم ((صحيح على شرطهما)) ووافقه الذهبي وهو كما قالا)) اهـ.
ثانيا: ما يُقرأ من غير سورة الإخلاص.
عن أبي مجلز قال: صلى أبو موسى بأصحابه وهو مرتحل من مكة إلى المدينة، فصلى العشاء ركعتين وسلم، ثم قام فقرأ مائة آية من سورة النساء في ركعة، فأنكر ذلك عليه. فقال: ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه، وأن أصنع مثل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أحمد في ((المسند)) واللفظ له ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) والنسائي في ((الصغرى)) وفي ((السنن الكبرى)) والطيالسي في ((المسند)) وابن المنذر في ((الأوسط)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)).
قال الإمام الألباني رحمه الله في ((أصل صفة الصلاة)) (2/544): ((أخرجه النسائي (1/251) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم الأحول عنه.
وإسناده صحيح.
ورواه أحمد (4/419) من طريق ثابت: ثنا عاصم به نحوه.
وسنده صحيح أيضا على شرط الشيخين)) اهـ.
وخلاصة ما يُقرأ في صلاة الوتر، قال الإمام الألباني رحمه الله في ((صفة الصلاة)) (ص 122): ((النسائي والحاكم وصححه) ( كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون) وفي الثالثة (قل هو الله أحد).
( الترمذي وأبو العباس وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ) وكان يضيف إليها أحيانا: (قل أعوذ برب الفلق) (وقل أعوذ برب الناس)
( النسائي وأحمد بسند صحيح ) ومرة: قرأ في ركعة الوتر بمائة آية من النساء)) اهـ.
وقال في ((قيام رمضان)) (ص 23): ((وفي الثالثة: (قل هو الله أحد) ويضيف إليها أحيانا: (قل أعوذ برب الفلق و (قل أعوذ برب الناس).
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ مرة في ركعة الوتر بمئة آية من النساء)) اهـ.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 27 رمضان 1436هـ
الموافق لـ: 13 يوليو سنة 2015 م
أما بعدُ:
فالذي ينظر في أحوال الناس في قراءة الركعة الأخيرة من صلاة الوتر يجدها على أربعة أقسام:
القسم الأول: ما يُقرأ أحيانا يجعل غالبًا مثل من يقرأ بسور المعوذات الثلاث - الإخلاص والفلق والناس - باستمرار وهذا خلاف ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
القسم الثاني: من يقرأ بسور الإخلاص دائمًا ولا يأتي بالمعوذتين أحيانا، وهذا أيضًا خلاف ما جاءت به السنة، فهؤلاء أخذوا بشيء وتركوا ما يفعل أحيانا.
القسم الثالث: من يقرأ بما شاء من السور والآيات، وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يقرأ في الوتر ما يشاء، وهذا أيضًا خلاف ما جاءت به السنة، وترك ما هو أولي.
جاء في ((مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر)) للمروزي رحمه الله عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ، فَأَوْتِرْ بِمَا شِئْتَ).
وأخرج عبد الرزاق الصنعاني في ((المصنف)) بإسناد صحيح عن الثوري عن منصور وغيره عن إبراهيم (أنه كان يستحب أن يقرأ في الركعة الآخرة من الوتر قل هو الله أحد وآمن الرسول بما أنزل إليه من ربه).
وأخرج عبد الرزاق الصنعاني في ((المصنف)) عن الثوري عن سلم بن عبد الرحمن عن زاذان عن علي أنه كان يوتر بإنا أنزلناه في ليلة القدر وإذا زلزلت وقل هو الله أحد
مصنف عبد الرزاق - (3 / 34)
4701 - عبد الرزاق عن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم قال اقرأ فيهن ما شئت ليس فيهن شيء موقوت
القسم الرابع: هم أسعد الناس بالدليل، جمعوا بين كل ما جاءت به السنة، فأخذ بالتوجيه النبوي وهو قرأة سورة الإخلاص غالبًا، وأحيانا يضاف لها سورة الفلق وسورة الناس أو يقرأ من غير هذه السور الثلاث أحيانا.
الدليل:
أما ما جاء أنه يقرأ غالبا:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في ركعة ركعة).
أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي في ((الصغرى)) و ((الكبرى)) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) وابن المنذر في ((الأوسط)) والدارمي والطبراني في المعاجم الثلاثة الكبير والأوسط والصغير والبيهقي في ((السنن الكبرى)) و ((السنن الصغرى)) وأبو يعلى في ((المسند)) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) والمروزي في ((صلاة الوتر)).
قال الإمام الألباني رحمه الله في ((أصل صفة الصلاة)) (2/539): ((وهذا سند صحيح كما قال الحافظ العراقي)).
قال الترمذى رحمه الله: ((وفي الباب عن علي وعائشة وعبد الرحمن بن أبزى عن أبي بن كعب ويروى عن عبد الرحمن بن أبزى عن النبي صلى الله عليه وسلم)) اهـ.
وفي أصل الصفة ذكر الإمام الألباني غير هؤلاء الصحابة وتوسع في التخرج.
أما ما جاء أنه يقرأ أحيانا:
أولا: ما يضاف لسورة الإخلاص.
عن عبد العزيز بن جريج قال سألنا عائشة بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان يقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين.
أخرجه أحمد في ((المسند)) والترمذي وابن ماجه وأبو داود وعبد الرزاق في ((المصنف)) وإسحاق بن راهوية في ((المسند)) والحاكم في ((المستدرك)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)).
وابن جريج له متابعة من عمرة بنت عبد الرحمن كما عند ابن حبان في ((صحيحه)) والدارقطني في ((السنن)) وابن المنذر في ((الأوسط)) والحاكم في ((المستدرك)) والطبراني في ((الأوسط)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) وفي ((الصغرى)) وفي ((معرفة السنن)) وفي ((شعب الإيمان)) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) وابن الأعرابي في ((المعجم)).
الحديث حسنه الحافظ ابن حجر في ((نتائج الأفكار))، وقال الإمام الألباني رحمه الله في ((أصل صفة الصلاة)) (2/539): ((قال الحاكم ((صحيح على شرطهما)) ووافقه الذهبي وهو كما قالا)) اهـ.
ثانيا: ما يُقرأ من غير سورة الإخلاص.
عن أبي مجلز قال: صلى أبو موسى بأصحابه وهو مرتحل من مكة إلى المدينة، فصلى العشاء ركعتين وسلم، ثم قام فقرأ مائة آية من سورة النساء في ركعة، فأنكر ذلك عليه. فقال: ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه، وأن أصنع مثل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أحمد في ((المسند)) واللفظ له ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) والنسائي في ((الصغرى)) وفي ((السنن الكبرى)) والطيالسي في ((المسند)) وابن المنذر في ((الأوسط)) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)).
قال الإمام الألباني رحمه الله في ((أصل صفة الصلاة)) (2/544): ((أخرجه النسائي (1/251) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم الأحول عنه.
وإسناده صحيح.
ورواه أحمد (4/419) من طريق ثابت: ثنا عاصم به نحوه.
وسنده صحيح أيضا على شرط الشيخين)) اهـ.
وخلاصة ما يُقرأ في صلاة الوتر، قال الإمام الألباني رحمه الله في ((صفة الصلاة)) (ص 122): ((النسائي والحاكم وصححه) ( كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون) وفي الثالثة (قل هو الله أحد).
( الترمذي وأبو العباس وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ) وكان يضيف إليها أحيانا: (قل أعوذ برب الفلق) (وقل أعوذ برب الناس)
( النسائي وأحمد بسند صحيح ) ومرة: قرأ في ركعة الوتر بمائة آية من النساء)) اهـ.
وقال في ((قيام رمضان)) (ص 23): ((وفي الثالثة: (قل هو الله أحد) ويضيف إليها أحيانا: (قل أعوذ برب الفلق و (قل أعوذ برب الناس).
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ مرة في ركعة الوتر بمئة آية من النساء)) اهـ.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 27 رمضان 1436هـ
الموافق لـ: 13 يوليو سنة 2015 م