جمال وبهاء وجوه اهل السنة والجماعة:
قال ابن القيم رحمه الله ( ترى الرجل الصالح المحسن ذا الاخلاق الجميله من أحلى الناس صوره وان كان اسود او غير جميل ، ولا سيما اذا رزق حظا من صلاة الليل فانها تنور الوجه وتحسنه وقد كان بعض النساء تكثر من صلاة الليل ،فقيل لها في ذلك فقالت :انها تحسن الوجه وانا احب ان يحسن وجهي
واما الجمال الظاهر فزينة خص الله بها بعض الصور عن بعض ،وهي من زيادة الخلق التي في قوله تعالى < يزيد في الخلق ما يشاء > قالوا هو الصوت الحسن والصورة الحسنه وكما ان الجمال الباطن من اعظم نعم الله على عبده فالجمال الظاهر نعمة ايضا على عبده يوجب شكرا ، فان شكره بتقواه ازداد جمالا ،وان استعمل جماله في معاصيه عادت تلك المحاسن قبحا وشينا فحسن الباطن يستر قبح الظاهر ،وقبح الباطن يعلو جمال الظاهر >
روضة المحبين ونزهة المشتاقين
يقول ابن القيم فى مدارج السالكين مبينا العلاقة بين جمال الظاهر وجمال الباطن وأنهما متلازمان وأن ذلك من سنن الله تعالى فى خلقه : المدارج 3/301-302
البسط إرسال ظواهر العبد وأعماله على مقتضى العلم ويكون باطنه مغمورا بالمراقبة والمحبة والأنس بالله فيكون جماله في ظاهره وباطنه فظاهره قد اكتسى الجمال بموجب العلم وباطنه قد اكتسى الجمال بالمحبة والرجاء والخوف والمراقبة والأنس فالاعمال الظاهرة له دثار والاحوال الباطنة له شعار فلا حاله ينقص عليه ظاهر حكمه ولا علمه يقطع وارد حاله وقد جمع سبحانه بين الجمالين أعني جمال الظاهر وجمال الباطن في غير موضع من كتابه
منها قوله تعالى يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير
ومنها قوله تعالى في نساء الجنة فيهن خيرات حسان فهن حسان الوجوه خيرات الأخلاق
ومنها قوله تعالى ولقاهم نظرة وسرورا فالنظرة جمال الوجوه والسرور وجمال القلوب
ومنها قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فالنظرة تزين ظواهرهم والنظر يجمل بواطنهم
ومنها قوله تعالى وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا فالأساور جملت ظواهرهم والشراب الطهور طهر بواطنهم
ومنها قوله تعالى إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد فجمل ظاهرها بالكواكب وباطنها بالحراسة من الشياطين .
وقال فى الوابل الصيب يصف حال المتقين ونعيمهم الذى عجله الله لهم فى الدنيا وانشراح الناظرين لهم وأنس الناس بهم :قال تعالى : " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " فهذا في الدنيا ، ثم قال : " ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " فهذا في البرزخ والآخرة . وقال تعالى : " والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون " وقال تعالى : " وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا " حسنا" إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله " فهذا في الآخرة . وقال تعالى : " قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " فهذه أربعة مواضيع ذكر الله تعالى فيها أنه يجزي المحسن بإحسانه جزاءين : جزاء في الدنيا وجزاء في الآخرة .
فالاحسان له جزاء معجل ولا بد ، والإساءة لها جزاء معجل ولا بد . ولو لم يكن إلا ما يجازي به المحسن من انشراح صدوره في انفساح قلبه وسروره ولذاته بمعاملة ربه عز وجل وطاعته وذكره ونعيم روحه بمحبته .
وذكره وفرحه بربه سبحانه وتعالى أعظم مما يفرح القريب من السلطان الكريم عليه بسلطانه . وما يجازي به المسيء من ضيق الصدر وقسوة القلب وتشتته وظلمته وحزازاته وغمه وهمه وحزنه وخوفه وهذا أمر لا يكاد من له أدني حس وحياة يرتاب فيه ، بل الغموم والهموم والاحزان والضيق عقوبات عاجلة ونار دنيوية وجهنم حاضرة ، والاقبال على الله تعالى والانابة إليه والرضاء به وعنه وامتلاء القلب من محبته واللهج بذكره والفرح والسرور بمعرفته ثواب عاجل وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة .
وسمعت شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله يقول : أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة . وقال لي مرة : ما يصنع أعدائي بي ؟ أنا جنتي وبستاني في صدري ، إن رحت فهي معي لا تفارقني ، إن حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة . وكان يقول في محبسه في القلعة : لو بذلت ملء هذه القاعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة . أو قال ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ، ونحو هذا . وكان يقول في سجوده وهو محبوس اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله وقال لي مرة : المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى . والمأسور من أسره هواه . ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال : " فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط ، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها ، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق ، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً ، وأشرحهم صدراً ، وأقواهم قلباً ، وأسرهم نفساً ، تلوح نظرة النعيم على وجهه . وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه ، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة . فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه ، وفتح لهم أبوابها في دار العمل ، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها .
وكان بعض العارفين يقول : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف . وقال آخر : مساكين أهل الدنيا ، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها ؟ قيل : وما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله تعالى ومعرفته وذكره . أو نحو هذا . وقال آخر : إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً . وقال آخر : إنه لتمر بي أوقات أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب .
فمحبة الله تعالى ومعرفته ودوام ذكره والسكون إليه والطمأنينة إليه وإفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل والمعاملة بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد وعزماته وإرادته ، هو جنة الدنيا والنعيم الذي لا يشبهه نعيم ، وهو قوة عين المحبين، وحياة العارفين . وإنما تقر عيون الناس به على حسب قرة أعينهم بالله عز وجل ، فمن قرت عينه بالله قرت به كل عين ، ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات . أ.هــ
******منقول من عدة موضوعات مع التلخيص********
قال ابن القيم رحمه الله ( ترى الرجل الصالح المحسن ذا الاخلاق الجميله من أحلى الناس صوره وان كان اسود او غير جميل ، ولا سيما اذا رزق حظا من صلاة الليل فانها تنور الوجه وتحسنه وقد كان بعض النساء تكثر من صلاة الليل ،فقيل لها في ذلك فقالت :انها تحسن الوجه وانا احب ان يحسن وجهي
واما الجمال الظاهر فزينة خص الله بها بعض الصور عن بعض ،وهي من زيادة الخلق التي في قوله تعالى < يزيد في الخلق ما يشاء > قالوا هو الصوت الحسن والصورة الحسنه وكما ان الجمال الباطن من اعظم نعم الله على عبده فالجمال الظاهر نعمة ايضا على عبده يوجب شكرا ، فان شكره بتقواه ازداد جمالا ،وان استعمل جماله في معاصيه عادت تلك المحاسن قبحا وشينا فحسن الباطن يستر قبح الظاهر ،وقبح الباطن يعلو جمال الظاهر >
روضة المحبين ونزهة المشتاقين
يقول ابن القيم فى مدارج السالكين مبينا العلاقة بين جمال الظاهر وجمال الباطن وأنهما متلازمان وأن ذلك من سنن الله تعالى فى خلقه : المدارج 3/301-302
البسط إرسال ظواهر العبد وأعماله على مقتضى العلم ويكون باطنه مغمورا بالمراقبة والمحبة والأنس بالله فيكون جماله في ظاهره وباطنه فظاهره قد اكتسى الجمال بموجب العلم وباطنه قد اكتسى الجمال بالمحبة والرجاء والخوف والمراقبة والأنس فالاعمال الظاهرة له دثار والاحوال الباطنة له شعار فلا حاله ينقص عليه ظاهر حكمه ولا علمه يقطع وارد حاله وقد جمع سبحانه بين الجمالين أعني جمال الظاهر وجمال الباطن في غير موضع من كتابه
منها قوله تعالى يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير
ومنها قوله تعالى في نساء الجنة فيهن خيرات حسان فهن حسان الوجوه خيرات الأخلاق
ومنها قوله تعالى ولقاهم نظرة وسرورا فالنظرة جمال الوجوه والسرور وجمال القلوب
ومنها قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فالنظرة تزين ظواهرهم والنظر يجمل بواطنهم
ومنها قوله تعالى وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا فالأساور جملت ظواهرهم والشراب الطهور طهر بواطنهم
ومنها قوله تعالى إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد فجمل ظاهرها بالكواكب وباطنها بالحراسة من الشياطين .
وقال فى الوابل الصيب يصف حال المتقين ونعيمهم الذى عجله الله لهم فى الدنيا وانشراح الناظرين لهم وأنس الناس بهم :قال تعالى : " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " فهذا في الدنيا ، ثم قال : " ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " فهذا في البرزخ والآخرة . وقال تعالى : " والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون " وقال تعالى : " وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا " حسنا" إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله " فهذا في الآخرة . وقال تعالى : " قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " فهذه أربعة مواضيع ذكر الله تعالى فيها أنه يجزي المحسن بإحسانه جزاءين : جزاء في الدنيا وجزاء في الآخرة .
فالاحسان له جزاء معجل ولا بد ، والإساءة لها جزاء معجل ولا بد . ولو لم يكن إلا ما يجازي به المحسن من انشراح صدوره في انفساح قلبه وسروره ولذاته بمعاملة ربه عز وجل وطاعته وذكره ونعيم روحه بمحبته .
وذكره وفرحه بربه سبحانه وتعالى أعظم مما يفرح القريب من السلطان الكريم عليه بسلطانه . وما يجازي به المسيء من ضيق الصدر وقسوة القلب وتشتته وظلمته وحزازاته وغمه وهمه وحزنه وخوفه وهذا أمر لا يكاد من له أدني حس وحياة يرتاب فيه ، بل الغموم والهموم والاحزان والضيق عقوبات عاجلة ونار دنيوية وجهنم حاضرة ، والاقبال على الله تعالى والانابة إليه والرضاء به وعنه وامتلاء القلب من محبته واللهج بذكره والفرح والسرور بمعرفته ثواب عاجل وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة .
وسمعت شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله يقول : أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة . وقال لي مرة : ما يصنع أعدائي بي ؟ أنا جنتي وبستاني في صدري ، إن رحت فهي معي لا تفارقني ، إن حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة . وكان يقول في محبسه في القلعة : لو بذلت ملء هذه القاعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة . أو قال ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ، ونحو هذا . وكان يقول في سجوده وهو محبوس اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله وقال لي مرة : المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى . والمأسور من أسره هواه . ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال : " فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط ، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها ، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق ، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً ، وأشرحهم صدراً ، وأقواهم قلباً ، وأسرهم نفساً ، تلوح نظرة النعيم على وجهه . وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه ، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة . فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه ، وفتح لهم أبوابها في دار العمل ، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها .
وكان بعض العارفين يقول : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف . وقال آخر : مساكين أهل الدنيا ، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها ؟ قيل : وما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله تعالى ومعرفته وذكره . أو نحو هذا . وقال آخر : إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً . وقال آخر : إنه لتمر بي أوقات أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب .
فمحبة الله تعالى ومعرفته ودوام ذكره والسكون إليه والطمأنينة إليه وإفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل والمعاملة بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد وعزماته وإرادته ، هو جنة الدنيا والنعيم الذي لا يشبهه نعيم ، وهو قوة عين المحبين، وحياة العارفين . وإنما تقر عيون الناس به على حسب قرة أعينهم بالله عز وجل ، فمن قرت عينه بالله قرت به كل عين ، ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات . أ.هــ
******منقول من عدة موضوعات مع التلخيص********
تعليق