لفت نظري أن الذين يقولون :
عدونا هم اليهود الذين استولوا على فلسطين، وأن الكلام في الشيعة الروافض والتحذير منهم طائفية تفرق المسلمين، الذين يقولون ذلك كلامهم يوافق كلام ساسة إيران اليوم، لما يُذكر سجلهم الإجرامي وأفعالهم الخبيثة ضد أمة الإسلام ودول المسلمين، وسعيها في نشر الفوضى والاضطراب في أرجاء البلاد الإسلامية بدعوى تصدير الثورة!ولفت نظري أن الرافضة يفرحون بانضمامهم تحت اسم المسلمين ليتسللوا من ذلك إلى الوصول إلى مآربهم الخبيثة في نشر الفوضى والثورة الخمينية التي تبشر بولاية الفقيه.
قال : هذه طائفية، وينبغي أن نسعى إلى جمع المسلمين ووحدتهم، وعدونا معروف وهو اليهود.
قلت: ذكر الفرق المبتدعة والتحذير منها ليس من الطائفية، وذكري للروافض والتحذير منهم، وأن علماء أهل السنة حكموا بكفرهم، هذا ليس من الطائفية، ألا ترى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر فرق التفرق والاختلاف وحذر منهم,فقال: "وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: الجماعة" وفي رواية قال: "ما أنا عليه واصحابي".
وجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "القدرية مجوس هذه الأمة"، وجاء عنه : "الخوارج كلاب أهل النار".
فذكر أهل البدع والتحذير منهم ليس من الطائفية، و ليس من باب تفريق المسلمين، إنما من باب اتباع السنة في التحذير من أهل البدع، وفي الرافضة هو من باب التحذير من أهل البدع المكفرة.
ومما تقدّم تعلم أن أعداء المسلمين ليسوا فقط هم اليهود، بل كل أصحاب البدع والاختلاف، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحذر منهم، فقال كما جاء في حديث أبي نجيح العرباض بن سارية: "من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور".
قال : انهم اجتهدوا فأخطأوا ، فلهم أجر وفاتهم أجر.
قلت : قضية أنهم اجتهدوا فهذا كلام لا يسوغ؛ إذ من أين لهم الاجتهاد؟!
أما تعلم أن الاجتهاد له شروط، ذكرها أهل العلم، وهي:
- إشرافه على نصوص الكتاب والسنة.
- معرفة السنن المتعلقة بالأحكام.
- معرفة الإجماع.
- معرفة الخلاف.
- معرفة القياس.
- معرفة كيفية النظر.
- معرفة لسان العرب.
- معرفة الناسخ والمنسوخ.
- معرفة مصطلح الحديث.
- معرفة أصول الفقه.
مع الفطنة والذكاء، وأمور أخرى ذكرها بعض أهل العلم(1).
[فالمجتهد إذا كان كامل الآلة في الاجتهاد - كما تقدم في هذه الشروط - فإن اجتهد في الفروع فأصاب فله أجران، على اجتهاده وإصابته، وإن اجتهد فيها وأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده](2).
وقد بوب البخاري في صحيحه في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة:
"بَاب إِذَا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ أَوْ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ".
وأورد تحته بسنده عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"(3).
وقرر ابن تيمية (ت728هـ) رحمه الله أن من تكلم في الدين بغير علم جاهلاً فإنه كاذب آثم.
ومن تكلم كذلك متعمداً خلاف الحق فهو في النار.
بخلاف من تكلم باجتهاد يسوغ له الكلام، فإنه اجتهد فاتقى الله ما استطاع، وابتغى طلب العلم بحسب الإمكان، وتكلم ابتغاء وجه الله، وعلم رجحان دليل على دليل فقال بموجب الراجح فهذا مطيع مأجور أجرين إن أصاب وإن أخطأ أجراً واحداً(4).
فالأمر مشروط في الحاكم الذي اجتهد بعلم، ومعنى ذلك أن لديه الآلة العلمية التي تؤهله للاجتهاد، أمّا من لم يبلغ هذه الدرجة فإنه إن أصاب فقد أثم وأخطأ، لأنه قد خاض فيما ليس من شأنه، ولم يتأهل له.
_______________________
(1) انظر شرح هذه الشروط وما يتعلق بها كتاب البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (6/ 199 - 204).
(2) شرح متن الورقات للمحلي/ على هامش حاشية النفحات على شرح الورقات/ ص172 - 173، بتصرف يسير.
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، حديث رقم (7352)، ومسلم في كتاب الأقضية إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، حديث رقم (1716).
(4) الأخنائية (الرد على الأخنائي) ص 105 - 109.
منقول من حساب الشيخ بالتليجرام