السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح حديث جبريل عليه السلام من الأربعين النووية عند الفقرة:
كان أول من قال بالقدر في البصرة معبد الجهني ، فخرجت أنا و حميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: فنسأله، ونبدي له ما حصل في بلدنا من هذا الرأي الباطل والقول المحدث، وهو أنه لا قدر. قال: (فوفق لنا عبد الله بن عمر ، فاكتنفاه، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إليّ) يعني أن صاحبه سكت ولم يتكلم، ففهم يحيى بن يعمر أنه يريد منه أن يتكلم. فبدأ يحيى بن يعمر بالكلام:
وقال: (إنه ظهر قبلنا أناس ..) وذكر شيئاً من عبادتهم، وشيئاً من قراءتهم للقرآن، وهذا شيء غريب؛ لأنه لو كان هذا الذي اعتقدوه في القدر من أناس ليس لهم اشتغال بالقرآن، وليس لهم اشتغال بالعلم لكان الأمر أهون، فيقال: هؤلاء جهال يتكلمون عن جهل، لكن الأدهى أن هذا الذي حصل منه هذا الشيء يشتغل بالقرآن والعلم، فتكون المصيبة به أكبر والبلية به أعظم؛ لأنه عنده شيء من المعرفة وشيء من الاشتغال بالقرآن وبالعلم، فمثل هذا هو الذي يحصل به الضرر بخلاف الجاهل؛ فإن الأمر فيه هين؛ لأنه لا يعلم، فإذا عُلّم تعلم، وأما الإنسان الذي يقدم على شيء عن علم ومعرفة عليه ظاناً أنه حق وهو باطل فهذا هو الذي يصعب أمره، ويكون محل خطر على الناس، قبل ذلك على نفسه، أما ضرره على الناس فلأنهم يغترون به، ويظنون أنه صاحب علم، وأن هذا الذي قاله إنما قاله عن علم ومعرفة، وإنما هو -في الحقيقة- ضلال وانحراف في العلم. وأما خطره على نفسه فلأنه يعتقد أنه على حق، فيستمر على باطله، وقد يموت وهو على باطله؛ ولهذا جاء في الحديث: (إن الله تعالى حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يتوب من بدعته) ومعنى ذلك أن الإنسان إذا كان مبتدعاً فقد يستمر على بدعته إلى أن يموت عليها، ولا تحصل له التوبة؛ لأنه يظن نفسه على حق، وأما إذا كان صاحب معصية ويعرف أن هذا ذنب وأنه عاص لله فيه فهذا هو الذي يرجى له التوبة؛ لأنه يشعر بالخطأ، ويشعر بالتقصير، وأما ذاك فإنه لا يشعر بالتقصير بل يظن أنه على حق، كما قال تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا [فاطر:8]، فهو يبقى على باطله. فإذا كان لديه علم ومعرفة فإنه يكون أشد ضرراً على نفسه وعلى غيره، أما على نفسه فبابتعاده عن التوبة، وأنه قد يموت على بدعته، وأما على غيره فباغترار الناس به، فإنهم يظنون أن مقالته تلك قالها بناء على علم. ثم قال بعد ذكر شيء من صلاحهم في الظاهر ومن عباداتهم: (يقولون: (لا قدر وأن الأمر أنف))، يعنون أنه لم يسبق قضاء ولا قدر، وأن الناس يستأنفون أعمالهم، وأن هذه الأفعال التي توجد لم يسبق تقدير الله عز وجل لها، ولا علم الله عز وجل بها، وهذه -كما يقول بعض أهل العلم- طريقة الغلاة الذين ينكرون العلم القديم -أو العلم الأزلي- بالأشياء قبل خلقها، وينكرون أيضاً أن الله تعالى قدر الأشياء وكتبها، ولهذا قال ابن عمر : (أخبرهم بأني بريء منهم، وأنهم برآء مني) يعني: لست منهم وليسوا مني؛ لأنهم أنكروا أمراً معلوماً من دين الإسلام بالضرورة، وهو خبر صادق لا بد منه، بل هو من أصول الإيمان التي بينها جبريل للناس بسؤاله النبي عليه الصلاة والسلام عنها، إذن: فالأمر ليس هيناً وليس سهلاً.
قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح حديث جبريل عليه السلام من الأربعين النووية عند الفقرة:
كان أول من قال بالقدر في البصرة معبد الجهني ، فخرجت أنا و حميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: فنسأله، ونبدي له ما حصل في بلدنا من هذا الرأي الباطل والقول المحدث، وهو أنه لا قدر. قال: (فوفق لنا عبد الله بن عمر ، فاكتنفاه، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إليّ) يعني أن صاحبه سكت ولم يتكلم، ففهم يحيى بن يعمر أنه يريد منه أن يتكلم. فبدأ يحيى بن يعمر بالكلام:
وقال: (إنه ظهر قبلنا أناس ..) وذكر شيئاً من عبادتهم، وشيئاً من قراءتهم للقرآن، وهذا شيء غريب؛ لأنه لو كان هذا الذي اعتقدوه في القدر من أناس ليس لهم اشتغال بالقرآن، وليس لهم اشتغال بالعلم لكان الأمر أهون، فيقال: هؤلاء جهال يتكلمون عن جهل، لكن الأدهى أن هذا الذي حصل منه هذا الشيء يشتغل بالقرآن والعلم، فتكون المصيبة به أكبر والبلية به أعظم؛ لأنه عنده شيء من المعرفة وشيء من الاشتغال بالقرآن وبالعلم، فمثل هذا هو الذي يحصل به الضرر بخلاف الجاهل؛ فإن الأمر فيه هين؛ لأنه لا يعلم، فإذا عُلّم تعلم، وأما الإنسان الذي يقدم على شيء عن علم ومعرفة عليه ظاناً أنه حق وهو باطل فهذا هو الذي يصعب أمره، ويكون محل خطر على الناس، قبل ذلك على نفسه، أما ضرره على الناس فلأنهم يغترون به، ويظنون أنه صاحب علم، وأن هذا الذي قاله إنما قاله عن علم ومعرفة، وإنما هو -في الحقيقة- ضلال وانحراف في العلم. وأما خطره على نفسه فلأنه يعتقد أنه على حق، فيستمر على باطله، وقد يموت وهو على باطله؛ ولهذا جاء في الحديث: (إن الله تعالى حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يتوب من بدعته) ومعنى ذلك أن الإنسان إذا كان مبتدعاً فقد يستمر على بدعته إلى أن يموت عليها، ولا تحصل له التوبة؛ لأنه يظن نفسه على حق، وأما إذا كان صاحب معصية ويعرف أن هذا ذنب وأنه عاص لله فيه فهذا هو الذي يرجى له التوبة؛ لأنه يشعر بالخطأ، ويشعر بالتقصير، وأما ذاك فإنه لا يشعر بالتقصير بل يظن أنه على حق، كما قال تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا [فاطر:8]، فهو يبقى على باطله. فإذا كان لديه علم ومعرفة فإنه يكون أشد ضرراً على نفسه وعلى غيره، أما على نفسه فبابتعاده عن التوبة، وأنه قد يموت على بدعته، وأما على غيره فباغترار الناس به، فإنهم يظنون أن مقالته تلك قالها بناء على علم. ثم قال بعد ذكر شيء من صلاحهم في الظاهر ومن عباداتهم: (يقولون: (لا قدر وأن الأمر أنف))، يعنون أنه لم يسبق قضاء ولا قدر، وأن الناس يستأنفون أعمالهم، وأن هذه الأفعال التي توجد لم يسبق تقدير الله عز وجل لها، ولا علم الله عز وجل بها، وهذه -كما يقول بعض أهل العلم- طريقة الغلاة الذين ينكرون العلم القديم -أو العلم الأزلي- بالأشياء قبل خلقها، وينكرون أيضاً أن الله تعالى قدر الأشياء وكتبها، ولهذا قال ابن عمر : (أخبرهم بأني بريء منهم، وأنهم برآء مني) يعني: لست منهم وليسوا مني؛ لأنهم أنكروا أمراً معلوماً من دين الإسلام بالضرورة، وهو خبر صادق لا بد منه، بل هو من أصول الإيمان التي بينها جبريل للناس بسؤاله النبي عليه الصلاة والسلام عنها، إذن: فالأمر ليس هيناً وليس سهلاً.