حدثنِي أَخِي فتحي إدريس قبل عشرين يوماً قال : سَمِعتُ الشيخ خالداً حمودة يقُولُ : إِنَُّه مِنْ زَمانٍ لَمْ يقرأ (( نيل الأوطار )) و (( سُبل السلام )) وإنما يَرجعُ دائِماً إلى كُتِبِ المُتَقَدِّمِين مثل : كتب الإمام ابن المُنْذِر والإمام ابن قُدامة - رحمهما الله تعالى - وغيرهما . انتهى .
هذا الكلام أعجبني كثِيراً لأنَّ فِيهِ تَوجِيهات حسنة ونصائِح غالية لطُلابِ العلمِ للرجُوعِ فِي بُحُوثِهِم ومراجعاتِهِم إلى كُتُبِ المتقدمِّين لأنها المَنْهَلُ الأول الذي يَرْجِع إليهِ كبار العلماءِ المُحَقِّقِين البارِزِين .
وَمِنَ الصُّدَفِ العجيبةِ أَنني وَجَدتُّ اليوم كلاماً للإمام المُجْتَهِدِ محمد بن عَلِـــي الشَّوكَانِي - رحمه الله - صاحب كِتابِ (( نيل الأوطارِ )) يُقَرِّرُ هذا الكلام ويُؤَكِّد عَلَيْهِ فِي كتابهِ النافِع (( أَدَبُ الطلبِ ومنتهَى الأَرَب )) ( ٢٠٤ - ٢٠٥ ) :
قال : (( .. وما أنفع الإطلاعِ على المؤلفاتِ البسيطةِ في حكاية مذاهبِ السلفِ وأهلِ المذاهِبِ وحكايةُ أدلتهم وما دار بين المتناظرين منهم ، إما تحقيقاً أو فرضاً ، كمؤلفاتِ ابن المُنذِرِ وابنِ قدامة وابن حزمٍ وابن تيمية ومن سلك مسالكهُم ، فإن المجتهد يزداد بذلك علما إلى علمه ، وبصيرة إلى بصيرته ، وقوة في الإستدلال إلى قوتهِ ، فإن تلك المؤلفاتِ هي مطارح أنظار المحققين ، ومطامح أفكار المجتهدين ، وكثيرا ما يحصل للعالم من النكتِ واللطائف الصالحةِ للإستدلالِ بها ما لا يحصل للعالم الآخر ، وإن تقاربت معارفهما وتوازنت علومهما ، بل قد يتيسر لمن هو أقل علما ما لا يتيسر لمن هو أكبر علما من الإستدلال والجواب والنقضِ والمعارضةِ ...
ثم قال :
ولا سيما مؤلفات أهل الإنصاف الذين لا يتعصَّبُون لمذهب من المذاهب ولا يقصدون إلا تقرير الحق وتبيين الصواب فإن المجتهد الطالب للحقِّ ينتفع بها ويستعين بأهلها فينظر فيما قد حرروه من الأدلةِ وقدروهُ من المباحث ويُعمل فكره في ذلك فيأخذ ما يرتضيهِ ويزيد عَلَيْهِ ما بلغت إليه قدرته ، ووصلت إليه ملكتهُ غير تاركٍ للبحثِ عن تصحيحِ ما قد صححوه وتضعيفِ ما قد ضعفوه على الوجه المتميز .. )) انتهى كلامه - رحمه الله -
فانظروا يا طلبة العلم - سددكم الله تعالى - إلى كلامِ هذا الإمام المجتهد فِي النصيحة بالإلتزام بمُؤلفاتِ المتقدمين والأخذ من علومها السليمة ومسائِلِهَا المرضية التي تُؤسَس الطالب على القواعد الشرعية المقررةِ في بابها وتجعلهُ يَرْمِي بِجذورِ علمهِ وفقههِ إلى علومِ الأولين وَيُواصِلُ مَدَّ رَحِمِهِ إلى الأصِيلِ منها من غير تعصبٍ ولا تقليد .
ومن أدام النظر إلى مثل كتاب (( نيلِ الأوطارِ )) و (( سبل السلام )) فإنه يجد مُؤلفِي هذه الشروحاتِ الطيبة يكثرون النقل عن المتقدمين ويجعلون كلامهم أصلاً في حكايةِ مسائِل الخلافِ والإجماع وأوجهِ القياس السليم ومذاهب الصحابة والتابعين وأدلتهم التي اعتمدوا عليها والإعتراضاتِ الواردةِ عليها .
و على هذا فَحَقِيقٌ بطالب العلم أن يعتمد على الكتب التي اعتمد عليها هؤلاء العلماء الكبار ليَفْهَمَ مَوَارِدَهُم ويضبطَ مبانِيهم التي قرَّرُوها بناء على كتب السلف والأئمة المعتمدين في نُقُولاَتِهِم لمذاهب السلف في مسائل العلم والنظر .
وفي الأخير أشكر أخانا الفاضل الشيخ خالد حمودة - حفظه الله - على حرصهِ على نفعِ إخوانهِ من طلبةِ العلم و الشكر موصولٌ للأخ الحبيب فتحي إدريس - وفقه الله تعالى - الذي كان سبباً في كتابةِ هذه السطورِ اليسيرةِ بعد ما أفادني بما نقلتُ عَنْهُ وحدثنِي به .
أعاننا الله لتحقيق هذه المطالب الشريفة على الوجه الذي يرضي ربنا سبحانه وتعالى والله الموفق .
كتبه: الفقير إلى عفو ربه أبو جواد غاليب آل عبد اللطيف
هذا الكلام أعجبني كثِيراً لأنَّ فِيهِ تَوجِيهات حسنة ونصائِح غالية لطُلابِ العلمِ للرجُوعِ فِي بُحُوثِهِم ومراجعاتِهِم إلى كُتُبِ المتقدمِّين لأنها المَنْهَلُ الأول الذي يَرْجِع إليهِ كبار العلماءِ المُحَقِّقِين البارِزِين .
وَمِنَ الصُّدَفِ العجيبةِ أَنني وَجَدتُّ اليوم كلاماً للإمام المُجْتَهِدِ محمد بن عَلِـــي الشَّوكَانِي - رحمه الله - صاحب كِتابِ (( نيل الأوطارِ )) يُقَرِّرُ هذا الكلام ويُؤَكِّد عَلَيْهِ فِي كتابهِ النافِع (( أَدَبُ الطلبِ ومنتهَى الأَرَب )) ( ٢٠٤ - ٢٠٥ ) :
قال : (( .. وما أنفع الإطلاعِ على المؤلفاتِ البسيطةِ في حكاية مذاهبِ السلفِ وأهلِ المذاهِبِ وحكايةُ أدلتهم وما دار بين المتناظرين منهم ، إما تحقيقاً أو فرضاً ، كمؤلفاتِ ابن المُنذِرِ وابنِ قدامة وابن حزمٍ وابن تيمية ومن سلك مسالكهُم ، فإن المجتهد يزداد بذلك علما إلى علمه ، وبصيرة إلى بصيرته ، وقوة في الإستدلال إلى قوتهِ ، فإن تلك المؤلفاتِ هي مطارح أنظار المحققين ، ومطامح أفكار المجتهدين ، وكثيرا ما يحصل للعالم من النكتِ واللطائف الصالحةِ للإستدلالِ بها ما لا يحصل للعالم الآخر ، وإن تقاربت معارفهما وتوازنت علومهما ، بل قد يتيسر لمن هو أقل علما ما لا يتيسر لمن هو أكبر علما من الإستدلال والجواب والنقضِ والمعارضةِ ...
ثم قال :
ولا سيما مؤلفات أهل الإنصاف الذين لا يتعصَّبُون لمذهب من المذاهب ولا يقصدون إلا تقرير الحق وتبيين الصواب فإن المجتهد الطالب للحقِّ ينتفع بها ويستعين بأهلها فينظر فيما قد حرروه من الأدلةِ وقدروهُ من المباحث ويُعمل فكره في ذلك فيأخذ ما يرتضيهِ ويزيد عَلَيْهِ ما بلغت إليه قدرته ، ووصلت إليه ملكتهُ غير تاركٍ للبحثِ عن تصحيحِ ما قد صححوه وتضعيفِ ما قد ضعفوه على الوجه المتميز .. )) انتهى كلامه - رحمه الله -
فانظروا يا طلبة العلم - سددكم الله تعالى - إلى كلامِ هذا الإمام المجتهد فِي النصيحة بالإلتزام بمُؤلفاتِ المتقدمين والأخذ من علومها السليمة ومسائِلِهَا المرضية التي تُؤسَس الطالب على القواعد الشرعية المقررةِ في بابها وتجعلهُ يَرْمِي بِجذورِ علمهِ وفقههِ إلى علومِ الأولين وَيُواصِلُ مَدَّ رَحِمِهِ إلى الأصِيلِ منها من غير تعصبٍ ولا تقليد .
ومن أدام النظر إلى مثل كتاب (( نيلِ الأوطارِ )) و (( سبل السلام )) فإنه يجد مُؤلفِي هذه الشروحاتِ الطيبة يكثرون النقل عن المتقدمين ويجعلون كلامهم أصلاً في حكايةِ مسائِل الخلافِ والإجماع وأوجهِ القياس السليم ومذاهب الصحابة والتابعين وأدلتهم التي اعتمدوا عليها والإعتراضاتِ الواردةِ عليها .
و على هذا فَحَقِيقٌ بطالب العلم أن يعتمد على الكتب التي اعتمد عليها هؤلاء العلماء الكبار ليَفْهَمَ مَوَارِدَهُم ويضبطَ مبانِيهم التي قرَّرُوها بناء على كتب السلف والأئمة المعتمدين في نُقُولاَتِهِم لمذاهب السلف في مسائل العلم والنظر .
وفي الأخير أشكر أخانا الفاضل الشيخ خالد حمودة - حفظه الله - على حرصهِ على نفعِ إخوانهِ من طلبةِ العلم و الشكر موصولٌ للأخ الحبيب فتحي إدريس - وفقه الله تعالى - الذي كان سبباً في كتابةِ هذه السطورِ اليسيرةِ بعد ما أفادني بما نقلتُ عَنْهُ وحدثنِي به .
أعاننا الله لتحقيق هذه المطالب الشريفة على الوجه الذي يرضي ربنا سبحانه وتعالى والله الموفق .
كتبه: الفقير إلى عفو ربه أبو جواد غاليب آل عبد اللطيف