الأسماء والكنى والألقاب في ميزان الشريعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،و بعد :
مقدمــة :
إن الاسم عنوان المسمى ، ودليل عليه ، وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمولود زينة ووعاء وشعار يُدعي به في الدنيا والآخرة ، ولذلك اعتنى الإسلام بتسمية المولود ورغّب في بعض الأسماء ومنع من بعضها . وما هذا البحث المختصر إلا لبيان الأسماء والكنى والألقاب في ميزان الشريعة .
** اتفق العلماءُ على وجوب تسمية المولود ذكراً كان أو أنثى ، وعلى أهمية ذلك ، فالاسم هو أول ما يواجه المولود إذا خرجَ من ظلمات الأرحام ، والاسم أول صفة تميزه في بني جنسه ، والاسمُ أول فعلٍ يقوم به الأب مع مولوده مما له صفة التوارث والاستمرار ، والاسم أولُ وسيلة يدخل بها المولود في ديوان الأمة .
واسم المولود عنوانٌ عليه ، فهو يدل على المولود لشدة المناسبة بين الاسم والمسمى ، فلكل مسمى من اسمه نصيب ، وقلَّ أن يوجد اسم مثلا إلا وهو يتناسب مع المسمى به ، لأن للأسماء تأثيرا في المسميات في الحُسن والقبح والخفة والثقل ، واللطافة والكثافة .
قال ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود ( الفصل التاسع في بيان ارتباط معنى الاسم بالمسمى ) :
قال : وقد تقدم ما يدل على ذلك من وجوه منها :
1- ما رواه البخاري في صحيحة (6190) من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال : أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما اسمك ؟ قلت : حَزْن ، فقال " أنت سهل ، قلت: لا أغير اسماً سمانيه أبي.
قال ابن المسيب: فمازالت تلك الحزونة فينا بعد ، والحزونة : الغلظة والصعوبة والخشونة
2- روى مالك في الموطأ (2/973) وأسنده ابن وهب في جامعه عن يعيش الغفاري قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوما بناقة فقال " من يحلبها " فقام رجل
فقال:* ما اسمك ؟
قال: مُرَّة.
قال : أقعد.
فقام آخر فقال : ما اسمك ؟
قال: جمرة
قال: اقعد .
ثم قام رجل فقال: ما اسمك ؟
قال: يعيش
قال ( احلبها ).
قال أبو عمر ابن عبد البر: هذا من باب الفأل الحسن لا من باب الطيرة التمهيد (24/72)
قال ابن القيم : وعندي فيه وجه آخر ، وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلّما يتخلف ذلك ، فالأسماء أقوال المسميات ، ومن هنا أخذ عمر بن الخطاب رضي لله عنه ما ذكره مالك أنه قال لرجل : ما اسمك ؟
فقال: جمرة .
فقال: ابن من ؟
قال : ابن شهاب.
قال : ممن ؟
قال: من الحَرقة
قال: أين مسكنك ؟
قال: بحرّة النار
قال: بأيتها ؟
قال: بذات لظى
فقال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا .
فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه . رواه مالك في الموطأ (2/973) تحفة المودود لابن القيم – الفصل الخامس
3- وفي صحيح البخاري في باب الشروط في الجهاد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى سهيل بن عمرو مقبلا يوم صلح الحديبية ، قال ( سَهُل أمركم )
4- قال أبو داود في السنن ( وغير النبي صلى الله عليه وسلم ، اسم العاص وعزيز ، وعتلة ، وشيطان وغراب وشهاب فسماه هشاما …)
5- ومن ذلك ما رواة الشيخان من قوله صلى الله عليه وسلم " أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها ، وعُصية عصت الله " البخاري (3512) ومسلم (251
ثم قال ابن القيم( وشواهد ذلك كثيرة جدا ، فقلّ أن ترى اسما قبيحا إلا وهو على مسمى قبيح، وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها ) انتهى كلامه
قلت : وبناء على ما تقدم ، صار حُسن الاختيار لاسم المولود من الواجبات الشرعية فيجب على الأب اختيار الاسم الحسن في اللفظ والمعنى في قالب النظر الشرعي واللسان العربي ، فيكون الاسم حسنا ، عذبا في اللسان ، مقبولا للأسماع ، يحمل معنى شريفا كريما ، ووصفا صادقا خاليا مما دلت الشريعة على تحريمه أو كراهته ، والأسماء المشروعة رُتب كما سيأتي أثناء البحث .
* هذه مقدمة في بيان تسمية المولود وأثر الاسم على المسمى وحسن اختيار الاسم فإلى عناوين الموضوع:
1- من يقوم بالتسمية ؟
2- الفرق بين الاسم والكنية واللقب ؟
3- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى والألقاب .
4- فيما يستحب ويجوز من الأسماء .
5- فيما يحرم من الأسماء ويجب تغييرها حسب الاستطاعة .
6- فيما يكره من الأسماء .
7- المخرج من الأسماء المحرمة أو المكروهة .
8- فوائد مهمة في الأسماء.
9- فوائد مهمة في الكنى .
10- فوائد مهمة في الألقاب .
11- الخاتمــة
1- من يقوم بالتسمية ؟
لا خلاف في أن الأب أحق بتسمية المولود ، وليس للأم حق منازعته ، فإذا تنازعا فهي للأب ، وفي التشاور بين الوالدين ميدان فسيح للتراضي والألفة بينهما ، ولكن التسمية حق للأب لما يلي:
لأن المولود ينسب إلى أبيه لا إلى أمه ويدعى بأبيه لا بأمه ، فيقال : فلان بن فلان ، قال الله تعالى ( أدعوهم لآبائهم وهو أقسط عند الله) الأحزاب (5) ،
ويُدعى الناس يوم القيامة بآبائهم كما ثبت في البخاري من حديث ابن عمر عن النبي "" إن الغادر يُرفع له لواء يوم القيامة، يُقال: هذه غدرة فلان ابن فلان "" ، ثم الأب هو صاحب القوامة على ولده وأمه في الدار وخارجها .
2- الفرق بين الاسم والكنية واللقب :
أما الاسم للمولود فحقيقته التعريف به وعنونته بما يميزه، وهو العلامة عليه ،
وأما الكنية فهي الاسم يُصدّر بأب إن كان المكنى ذكرا، وبأمٍ إذا كانت المكناة أنثى،
وأما اللقب فهو كل ما أشعر بمدح أو ذم وليس هو اسم ولا صُدّرَ بأب أو أم .
قال ابن القيم في تحفة المودود الفصل السادس ( في الفرق بين الاسم والكنية واللقب) هذه الثلاثة وإن اشتركت في تعريف المدعو بها فإنها تفترق في أمر آخر وهو أن الاسم إما أن يفهم مدحا أو ذما أو لا يفهم واحد منها ، فإن أفهم ذلك فهو اللقب ،وغالب استعماله في الذم ، ولهذا قال الله تعالى) ولا تنابزوا بالألقاب ( ، وإما أن لا يفهم مدحا* ولا ذما ، فإن صدر بأب أو أم فهو الكنية كأبي فلان وأم فلان ، وإن لم يصدر بذلك فهو الاسم كزيد وعمرو ) انتهى كلامه .
3- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى والألقاب :
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ( كان صلى الله عليه وسلم يستحب الاسم الحسن ، وأمر إذا أبردوا إليه بريدا* أن يكون حسن الاسم حسن الوجه. صحيح الجامع الصغير (259)
وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء ويكره العبور فيها
ولما قدم المدينة واسمها يثرب لا تُعرف بغير هذا الاسم غيره بطيبة من الطيب
وكنى صهيبا بأبي يحي، وكنى عليا بأبي تراب إلى كنيته بأبي الحسن ، وكنى أخا أنس بن مالك وكان صغيرا بأبي عمير ، وقد كنى عائشة بأم عبد الله . وكان لنسائه كنى كأم حبيبة وأم سلمة ) .
وسيأتي أثناء البحث كثير من هديه صلى الله عليه وسلم في الأسماء وغيرها .
4- فيما يستحب ويجوز من الأسماء: الأسماء المشروعة رتب ومنازل على الترتيب الآتي :
أ- أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن ، لما صح من حديث ابن عمر قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم "" إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل : عبد الله وعبد الرحمن "" رواه مسلم وغيره .
ب- ثم استحباب التسمية بالتعبيد لأي من أسماء الله الحسنى مثل عبد العزيز وعبد الملك ، وأسماء الله توقيفية بدليل من كتاب أو سنة .
ومن الخطأ في التعبيد لأسماء يُظن أنها من أسماء الله تعالى وليست كذلك مثل عبد المقصود وعبد الستار وعبد الموجود وعبد المعبود وعبد الوحيد* وغير ذلك ،
ومن الأسماء التي نسبت خطأ لله سبحانه وتعالى ولم تثبت : الواجد والواقي والصانع والباقي والمنعم والباطش والحنان والدهر والدائم والستار أو الساتر ،
والصحيح أنه يقال ( ستير ) لما صح ( أن الله حيي ستير) رواه أحمد والنسائي .
ومن الأسماء المنسوبة لله اسم المعين والمعبود والنافع والرشيد والعاطي والعال والصحيح والمتعال كما قال تعالى(عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)* ، والكامل والماجد والمتولي والمغيث والمقصود والناصر والنور … وغيرها .
وأما ما ذُكر من الأسماء في حديث أبي هريرة عند الترمذي وابن ماجة وفيه ذكر تسعة وتسعين اسما فقد ضعفه أهل الحديث كابن تيمية وابن كثير والألباني وغيرهم .
فجميع ما ذكر من الأسماء المنسوبة خطأ لله سبحانه وتعالى ولم يصح فيها دليل ، لا يُدعى بها ولا يجوز التعبد بها والدعاء بها والاستعانة والتوسل بها ، ولا يجوز أن تضاف لكلمة عبد ، ويتسمى بها الخلق مثل عبد الباقي وعبد الناصر وعبد العاطي وعبد الستار وغيرها* ومن كان كذلك وجب تغيير اسمه أو تصحيحه ، والله أعلم .
ج- ويستحب التسمية بأسماء أنبياء الله ورسله لأنهم سادات بنى آدم ، وأخلاقهم أشرف الأخلاق ، كما قال النووي في شرح مسلم (8/437)-وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم فقال ""ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم " رواه مسلم ، وقد سمى رسول الله يوسف بن عبد الله بن سلام كما في صحيح الأدب المفرد (642) –وقال أيضا (تسموا باسمي) متفق عليه .
× تنــبيـه
(كل حديث مرفوع جاء فيه مدح من اسمه محمد أو أحمد أو النهي عن التسمية بهما فكلها لايصح منه شيء) قاله الشيخ بكر أبو زيد في تسمية المولود صـ 38 .
د- ثم التسمية بأسماء الصالحين والعلماء من المسلمين : فقد ثبت من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم "رواه مسلم (2135) وصحابة رسول الله هم رأس الصالحين في هذه الأمة .
هـ - ثم يأتي من الأسماء ما كان وصفا صادقا للإنسان بشروطه وآدابه ، ومن شروطه وآدابه أن يكون عربيا وأن يكون حسن المبنى والمعنى لغة وشرعا ويخرج بهذا كل اسم محرم أو مكروه ، وإن كان جاريا في نظام العربية كالتسمي بما معناه التزكية أو المذمة أو السب ، ونحو ذلك . قال الطبري رحمه الله ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ، ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم معناه السب ) فتح الباري (10/476).
5- فيما يحرم من الأسماء:
دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه التالية :
أ- اتفق المسلمون على أنه يحرم كل اسم معبد لغير الله تعالى مثل عبد الرسول وعبد النبي وعبد الأمير وعبد الحجر وغير ذلك ، وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسماء كعبد العزى وعبد الكعبة وعبد الشمس وعبد الحارث ، ومن هذا الباب اسم غلام رسول أي عبد الرسول .
ب- التسمية باسم من أسماء الله تعالى ، فلا يجوز التسمية باسم يختص به الرب سبحانه مثل الرحمن ، الرحيم ، الخالق ، وقد غير النبي ما وقع من التسمية بذلك . قال النووي ( التسمي بأسماء الله تعالى المختصة به كالرحمن والقدوس حرام ) شرح مسلم (14/36 .
قال ابن القيم ( ومن المحرّم التسمية بملك الملوك وسلطان السلاطين وشاهنشاه ، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا ( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك) قال :كذلك تحرم التسمية بسيد الناس وسيد الكل ، كما يحرم سيد ولد آدم ) تحفة المودود .
جـ- التسمية بالأسماء الأعجمية المولّدة للكافرين الخاصة بهم ، لأن ذلك من التشبه بهم ، مثل بطرس وجورج وديانا وغيرها وقد نهانا الإسلام عن التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم .
د- التسمي بأسماء الأصنام المعبودة والفراعنة والجبابرة مثل اللات والعزى وهبل ، وفرعون وقارون وهامان وغيرهم فقد حرم ذلك كثير من العلماء كابن القيم رحمه الله .
هـ- قال ابن القيم ( ومنها التسمية بأسماء الشياطين كخنزب والولهان ) تحفة المودود .
و- قال ابن القيم ( ومما يمنع التسمية منه بأسماء القرآن وسورة مثل طه ويس وحم وقد نص مالك على كراهية التسمية بـ يس ، وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي فغير صحيح وإنما هذه الحروف مثل : الَم وحم ونحوها ) تحفة المودود .
ز- كل اسم فيه دعوى ما ليس للمسمى ، فيحمل من الدعوى والتزكية والكذب ما لا يقبل بحال ، أو يقصد بالتسمية بها التبرك أو التفاؤل بحسن ألفاظها ومنه ملك الملوك أو سيد الناس أو ست النساء
وكذلك الأسماء التي فيها تزكية لصاحبها مثل بَرَّة *وما شابهها، وفي حديث زينب بنت أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة حين تزوجها وأسمى بَرَّة فسمعها تدعوني بَرَّة فقال "" لا تزكوا أنفسكم فإن الله هو أعلم بالبَرّةُ منكن والفاجرة* سميها زينب ، فقالت فهي زينب "" رواه مسلم وهو في صحيح الأدب المفرد (631)
وعن ابن عباس إن اسم جويرية كان بَرَّة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية ) رواه مسلم في الأدب المفرد (636)
* يقول الإمام الطبري رحمه الله ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ولا باسم يقتضي التزكية له ولا باسم معناه السب ) نقله عنه ابن حجر في فتح الباري ( 10/476). ونقله الشيخ الألباني في الصحيحة تحت حديث (216) وقال ( وعلى ذلك فلا يجوز التسمية بعز الدين ومحي الدين وناصر الدين ونحو ذلك، ومن أقبح الأسماء التي راجت في هذا العصر ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها ، هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم مثل وصال وسهام ونهاد وغادة وفتنة ونحو ذلك والله المستعان ) .
**ومما ورد من الأسماء التي يقصد بها التبرك أو التفاؤل بحسن ألفاظها وثبت النهي عن التسمي بها:
ما رواه مسلم وغيره من حديث سمرة بن جندب أن رسول الله قال"" لا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح فإنك تقول: أثمت هو ؟ فلا يكون ، فيقال: لا ""
قال الخطابي في معالم السنن ( قد بين النبي صلى الله عليه وسلم المعنى في ذلك، وكراهة العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، ذلك أنهم كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها إما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها ، فحذرهم أن يفعلوا لئلا ينقلب عليهم إلى الضد وذلك إذا سألوا ، فقالوا: أثمَّ يسار، أثم رباح، فإذا قيل لا، تطيروا بذلك وتشاءموا به ، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه ويورثهم الإياس من خيره)** سنن أبي داود (495*
ج- كذلك لا يجوز التسمي بالأسماء القبيحة في اللفظ أو المعنى مثل حرب ومرة، لحديث"" أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة ) صحيح الأدب المفرد (625)
وفي رواية ( وشر الأسماء حرب ومرة ) سلسلة الأحاديث الصحيحة الألباني (1040) .
ومثل أسم عاصي وعاصية فإن النبي غير اسم عاصية وقال ( أنت جميلة ) رواه مسلم ،
وغير العاص إلى مطيع ، رواه مسلم ،
ومثل شهاب أي نارا فإن النبي غير اسم شهاب وقال ( بل أنت هشام ) صحيح الأدب المفرد (632)*
ومثل أصرم فإن النبي غير اسمه وقال (بل أنت زُرعة) صحيح سنن أبي داود (4144) .
ومثل عزيز فإن النبي قال لأبي سبرة : ما اسم ابنك ؟ قال عزيز ، فقال النبي ( لا تسمه عزيزا ولكن سمه عبد الرحمن )رواه أحمد وابن حبان وهو في السلسلة الصحيحة تحت حديث (904).
قال ابن القيم ( إن تغيير الاسم يكون لقبحه وكراهته ولمصلحة أخرى ) تحفة المودود . وقال الطبري ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى) فتح الباري (10/476)
6- فيما يكره من الأسماء :
* قال الطبري رحمه الله ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى *ولا باسم يقتضي التزكية له ولا باسم معناه السب ، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص ، ولا يقصد بها حقيقة الصفة ، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم ، فيظن أنه صفة للمسمى ، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحّول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا ) نقله عنه ابن حجر في فتح الباري (10/476)
*قال الشيخ بكر أبو زيد في تسمية المولود صـ51: يمكن تنصيف الأسماء المكروهة على ما يلي :
أ- تكره التسمية بما تنفر منه القلوب ، لمعانيها أو ألفاظها ، لما تثيره من سخرية وإخراج لأصحابها وتأثير عليهم ، فضلا عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء : ومنها حرب ومرة وخنجر وفاضح ، فحيط ، فدغوش ، وهُيام وسهام وهما اسم لداء يصيب الإبل ، فكل اسم تنفر منه القلوب ويثير السخرية والإحراج لصاحبه ويؤثر عليه فهو مكروه ، لذلك غير رسول الله اسم عاصية وعاص وحزن وحرب والمضطجع وشهاب وغيرها .
ب- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية مثل أحلام وعبير وفتنة وفاتن وناهد ونهاد ووصال وغيرها .
قال الشيخ الألباني رحمه الله ( ومن أقبح الأسماء التي راجت في العصر ، ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها ، هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم ، مثل وصال وسهام ونهاد وغادة وفتنة …ونحو ذلك ، والله المستعان ) السلسلة الصحيحة (216) .
ج- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق الماجنين من الممثلين والمطربين وغيرهم ، لما في ذلك من المشابهة لهم والتأثر بأخلاقهم السيئة ، والكراهة أشد إذا كانت التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة والظلمة وغيرهم
د- يكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، ومنها التسمية بحنش وحمار وقنفذ وقردان وكلب وكليب وغيرها .
هـ-تكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مشتبهة مضافة إلى لفظ الدين ولفظ الإسلام مثل نور الدين وسيف الإسلام وغيرها وذلك لما في هذه التسمية من دعوى فجة تطل على الكذب ، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم ، والأكثر على الكراهة لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه ، وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهيا عنه من جهتين مثل شهاب الدين ومنهم من يتسمى بذهب الدين وماس الدين ، وكان النووي رحمه الله يكره تلقيبه بمحي الدين ، وابن تيمية يكره تلقيبه بتقي الدين ، وهكذا يكره زين العابدين وسعد الدين وعلاء الدين ، قال الألباني رحمه الله ( وعلى هذا فلا يجوز التسمية بـ عز الدين، و محي الدين، وناصر الدين، ونحو ذلك ) السلسلة الصحيحة (216) (1/427) .
و- وتكره التسمية بالأسماء المركبة للتبرك لأنه ليس من هدي السلف الصالح ، مثل محمد أحمد ، محمد سعيد وهكذا ، ثم هي مدعاة إلى الاشتباه والالتباس ، ويلحق بها المضافة إلى لفظ الجلالة ( الله ) مثل حسب الله ، رحمة الله، ماعدا عبد الله فقط ، أو المضافة إلى لفظ الرسول مثل غلام الرسول وحسب الرسول وغيرها .
ز- وكره جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة كجبريل وميكائيل وغيرها وكذلك التسمية بأسماء سور القرآن مثل طه ويس وحم وغيرها ، قال ابن القيم ( وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فغير صحيح ) تحفة المودود صـ 109 .
ج- وذكر ابن القيم في زاد المعاد (2/313) أن من الأسماء المكروهة ما فيها مدح لصاحبها وتزكية له فيطالب المسمى بمقتضى اسمه فلا يوجد عنده فيجعل ذلك سببا لذمه وسبه ، ولو ترك بغير مدح لم تحصل له هذه المفسدة ، ثم قد يظن المسمى ويعتقد في نفسه أنه كذلك فيقع في تزكية نفسه وتعظيمها ، وهذا هو المعني من نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تسمى برة وقال ( لا تزكوا أنفسكم لإإن الله اعلم بأهل البر منكم ) رواه مسلم وأبو داود . ثم قال رحمه الله : وعلى هذا فتركه التسمية بالتقي والمطيع والمحسن ، والمخلص والرشيد والراضي وغيرها ) زاد المعاد (2/313) .
7- *المخرج من الأسماء المحرمة والمكروهة :
أما المحرمة فيجب تغييرها حسب الاستطاعة ، وأما المكروهة فيستحب تغييرها حسب الاستطاعة والمصلحة إلى الأسماء المستحبة والجائزة وروى الترمذي عن عائشة قالت ( كان صلى الله عليه وسلم يغير الاسم القبيح ) صحيح الجامع (4994)
وكان إذا سمع بالاسم القبيح حوله إلى ما هو أحسن منه ) صحيح الجامع ( 4743) ،
وكان إذا أتاه الرجل وله اسم لا يحبه حوله ) صحيح الجامع الصغير (4641) ،
وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأسماء الشركية والكفرية ، وظاهر هديه في تحويل الأسماء أنه يراعي القرب في النطق كتغيير شهاب إلى هشام وجثامة إلى حسّانة وحزن إلى سهل وعاص إلى مطيع وهكذا .
قال ابن القيم ( وكما أن تغيير الاسم يكون لقبحه وكراهته ، فقد يكون لمصلحة أخرى مع حسنه ) تحفة المودود ،
وقال البخاري رحمه الله في كتاب الأدب من صحيحه ***(تحويل الاسم إلى أحسن منه ) فتح الباري (10/579) قلت : ومن المصالح أيضا مراعاة ما يتلاءم مع أهل بيت المسمى وقبيلته ، وكذلك إذا رغب الوالدان أو أحدهما اسم معين لحفيدهما وهو من الأسماء الجائزة .
***
يتبع..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،و بعد :
مقدمــة :
إن الاسم عنوان المسمى ، ودليل عليه ، وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمولود زينة ووعاء وشعار يُدعي به في الدنيا والآخرة ، ولذلك اعتنى الإسلام بتسمية المولود ورغّب في بعض الأسماء ومنع من بعضها . وما هذا البحث المختصر إلا لبيان الأسماء والكنى والألقاب في ميزان الشريعة .
** اتفق العلماءُ على وجوب تسمية المولود ذكراً كان أو أنثى ، وعلى أهمية ذلك ، فالاسم هو أول ما يواجه المولود إذا خرجَ من ظلمات الأرحام ، والاسم أول صفة تميزه في بني جنسه ، والاسمُ أول فعلٍ يقوم به الأب مع مولوده مما له صفة التوارث والاستمرار ، والاسم أولُ وسيلة يدخل بها المولود في ديوان الأمة .
واسم المولود عنوانٌ عليه ، فهو يدل على المولود لشدة المناسبة بين الاسم والمسمى ، فلكل مسمى من اسمه نصيب ، وقلَّ أن يوجد اسم مثلا إلا وهو يتناسب مع المسمى به ، لأن للأسماء تأثيرا في المسميات في الحُسن والقبح والخفة والثقل ، واللطافة والكثافة .
قال ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود ( الفصل التاسع في بيان ارتباط معنى الاسم بالمسمى ) :
قال : وقد تقدم ما يدل على ذلك من وجوه منها :
1- ما رواه البخاري في صحيحة (6190) من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال : أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما اسمك ؟ قلت : حَزْن ، فقال " أنت سهل ، قلت: لا أغير اسماً سمانيه أبي.
قال ابن المسيب: فمازالت تلك الحزونة فينا بعد ، والحزونة : الغلظة والصعوبة والخشونة
2- روى مالك في الموطأ (2/973) وأسنده ابن وهب في جامعه عن يعيش الغفاري قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوما بناقة فقال " من يحلبها " فقام رجل
فقال:* ما اسمك ؟
قال: مُرَّة.
قال : أقعد.
فقام آخر فقال : ما اسمك ؟
قال: جمرة
قال: اقعد .
ثم قام رجل فقال: ما اسمك ؟
قال: يعيش
قال ( احلبها ).
قال أبو عمر ابن عبد البر: هذا من باب الفأل الحسن لا من باب الطيرة التمهيد (24/72)
قال ابن القيم : وعندي فيه وجه آخر ، وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلّما يتخلف ذلك ، فالأسماء أقوال المسميات ، ومن هنا أخذ عمر بن الخطاب رضي لله عنه ما ذكره مالك أنه قال لرجل : ما اسمك ؟
فقال: جمرة .
فقال: ابن من ؟
قال : ابن شهاب.
قال : ممن ؟
قال: من الحَرقة
قال: أين مسكنك ؟
قال: بحرّة النار
قال: بأيتها ؟
قال: بذات لظى
فقال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا .
فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه . رواه مالك في الموطأ (2/973) تحفة المودود لابن القيم – الفصل الخامس
3- وفي صحيح البخاري في باب الشروط في الجهاد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى سهيل بن عمرو مقبلا يوم صلح الحديبية ، قال ( سَهُل أمركم )
4- قال أبو داود في السنن ( وغير النبي صلى الله عليه وسلم ، اسم العاص وعزيز ، وعتلة ، وشيطان وغراب وشهاب فسماه هشاما …)
5- ومن ذلك ما رواة الشيخان من قوله صلى الله عليه وسلم " أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها ، وعُصية عصت الله " البخاري (3512) ومسلم (251
ثم قال ابن القيم( وشواهد ذلك كثيرة جدا ، فقلّ أن ترى اسما قبيحا إلا وهو على مسمى قبيح، وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها ) انتهى كلامه
قلت : وبناء على ما تقدم ، صار حُسن الاختيار لاسم المولود من الواجبات الشرعية فيجب على الأب اختيار الاسم الحسن في اللفظ والمعنى في قالب النظر الشرعي واللسان العربي ، فيكون الاسم حسنا ، عذبا في اللسان ، مقبولا للأسماع ، يحمل معنى شريفا كريما ، ووصفا صادقا خاليا مما دلت الشريعة على تحريمه أو كراهته ، والأسماء المشروعة رُتب كما سيأتي أثناء البحث .
* هذه مقدمة في بيان تسمية المولود وأثر الاسم على المسمى وحسن اختيار الاسم فإلى عناوين الموضوع:
1- من يقوم بالتسمية ؟
2- الفرق بين الاسم والكنية واللقب ؟
3- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى والألقاب .
4- فيما يستحب ويجوز من الأسماء .
5- فيما يحرم من الأسماء ويجب تغييرها حسب الاستطاعة .
6- فيما يكره من الأسماء .
7- المخرج من الأسماء المحرمة أو المكروهة .
8- فوائد مهمة في الأسماء.
9- فوائد مهمة في الكنى .
10- فوائد مهمة في الألقاب .
11- الخاتمــة
1- من يقوم بالتسمية ؟
لا خلاف في أن الأب أحق بتسمية المولود ، وليس للأم حق منازعته ، فإذا تنازعا فهي للأب ، وفي التشاور بين الوالدين ميدان فسيح للتراضي والألفة بينهما ، ولكن التسمية حق للأب لما يلي:
لأن المولود ينسب إلى أبيه لا إلى أمه ويدعى بأبيه لا بأمه ، فيقال : فلان بن فلان ، قال الله تعالى ( أدعوهم لآبائهم وهو أقسط عند الله) الأحزاب (5) ،
ويُدعى الناس يوم القيامة بآبائهم كما ثبت في البخاري من حديث ابن عمر عن النبي "" إن الغادر يُرفع له لواء يوم القيامة، يُقال: هذه غدرة فلان ابن فلان "" ، ثم الأب هو صاحب القوامة على ولده وأمه في الدار وخارجها .
2- الفرق بين الاسم والكنية واللقب :
أما الاسم للمولود فحقيقته التعريف به وعنونته بما يميزه، وهو العلامة عليه ،
وأما الكنية فهي الاسم يُصدّر بأب إن كان المكنى ذكرا، وبأمٍ إذا كانت المكناة أنثى،
وأما اللقب فهو كل ما أشعر بمدح أو ذم وليس هو اسم ولا صُدّرَ بأب أو أم .
قال ابن القيم في تحفة المودود الفصل السادس ( في الفرق بين الاسم والكنية واللقب) هذه الثلاثة وإن اشتركت في تعريف المدعو بها فإنها تفترق في أمر آخر وهو أن الاسم إما أن يفهم مدحا أو ذما أو لا يفهم واحد منها ، فإن أفهم ذلك فهو اللقب ،وغالب استعماله في الذم ، ولهذا قال الله تعالى) ولا تنابزوا بالألقاب ( ، وإما أن لا يفهم مدحا* ولا ذما ، فإن صدر بأب أو أم فهو الكنية كأبي فلان وأم فلان ، وإن لم يصدر بذلك فهو الاسم كزيد وعمرو ) انتهى كلامه .
3- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى والألقاب :
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ( كان صلى الله عليه وسلم يستحب الاسم الحسن ، وأمر إذا أبردوا إليه بريدا* أن يكون حسن الاسم حسن الوجه. صحيح الجامع الصغير (259)
وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء ويكره العبور فيها
ولما قدم المدينة واسمها يثرب لا تُعرف بغير هذا الاسم غيره بطيبة من الطيب
وكنى صهيبا بأبي يحي، وكنى عليا بأبي تراب إلى كنيته بأبي الحسن ، وكنى أخا أنس بن مالك وكان صغيرا بأبي عمير ، وقد كنى عائشة بأم عبد الله . وكان لنسائه كنى كأم حبيبة وأم سلمة ) .
وسيأتي أثناء البحث كثير من هديه صلى الله عليه وسلم في الأسماء وغيرها .
4- فيما يستحب ويجوز من الأسماء: الأسماء المشروعة رتب ومنازل على الترتيب الآتي :
أ- أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن ، لما صح من حديث ابن عمر قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم "" إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل : عبد الله وعبد الرحمن "" رواه مسلم وغيره .
ب- ثم استحباب التسمية بالتعبيد لأي من أسماء الله الحسنى مثل عبد العزيز وعبد الملك ، وأسماء الله توقيفية بدليل من كتاب أو سنة .
ومن الخطأ في التعبيد لأسماء يُظن أنها من أسماء الله تعالى وليست كذلك مثل عبد المقصود وعبد الستار وعبد الموجود وعبد المعبود وعبد الوحيد* وغير ذلك ،
ومن الأسماء التي نسبت خطأ لله سبحانه وتعالى ولم تثبت : الواجد والواقي والصانع والباقي والمنعم والباطش والحنان والدهر والدائم والستار أو الساتر ،
والصحيح أنه يقال ( ستير ) لما صح ( أن الله حيي ستير) رواه أحمد والنسائي .
ومن الأسماء المنسوبة لله اسم المعين والمعبود والنافع والرشيد والعاطي والعال والصحيح والمتعال كما قال تعالى(عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)* ، والكامل والماجد والمتولي والمغيث والمقصود والناصر والنور … وغيرها .
وأما ما ذُكر من الأسماء في حديث أبي هريرة عند الترمذي وابن ماجة وفيه ذكر تسعة وتسعين اسما فقد ضعفه أهل الحديث كابن تيمية وابن كثير والألباني وغيرهم .
فجميع ما ذكر من الأسماء المنسوبة خطأ لله سبحانه وتعالى ولم يصح فيها دليل ، لا يُدعى بها ولا يجوز التعبد بها والدعاء بها والاستعانة والتوسل بها ، ولا يجوز أن تضاف لكلمة عبد ، ويتسمى بها الخلق مثل عبد الباقي وعبد الناصر وعبد العاطي وعبد الستار وغيرها* ومن كان كذلك وجب تغيير اسمه أو تصحيحه ، والله أعلم .
ج- ويستحب التسمية بأسماء أنبياء الله ورسله لأنهم سادات بنى آدم ، وأخلاقهم أشرف الأخلاق ، كما قال النووي في شرح مسلم (8/437)-وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم فقال ""ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم " رواه مسلم ، وقد سمى رسول الله يوسف بن عبد الله بن سلام كما في صحيح الأدب المفرد (642) –وقال أيضا (تسموا باسمي) متفق عليه .
× تنــبيـه
(كل حديث مرفوع جاء فيه مدح من اسمه محمد أو أحمد أو النهي عن التسمية بهما فكلها لايصح منه شيء) قاله الشيخ بكر أبو زيد في تسمية المولود صـ 38 .
د- ثم التسمية بأسماء الصالحين والعلماء من المسلمين : فقد ثبت من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم "رواه مسلم (2135) وصحابة رسول الله هم رأس الصالحين في هذه الأمة .
هـ - ثم يأتي من الأسماء ما كان وصفا صادقا للإنسان بشروطه وآدابه ، ومن شروطه وآدابه أن يكون عربيا وأن يكون حسن المبنى والمعنى لغة وشرعا ويخرج بهذا كل اسم محرم أو مكروه ، وإن كان جاريا في نظام العربية كالتسمي بما معناه التزكية أو المذمة أو السب ، ونحو ذلك . قال الطبري رحمه الله ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ، ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم معناه السب ) فتح الباري (10/476).
5- فيما يحرم من الأسماء:
دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه التالية :
أ- اتفق المسلمون على أنه يحرم كل اسم معبد لغير الله تعالى مثل عبد الرسول وعبد النبي وعبد الأمير وعبد الحجر وغير ذلك ، وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسماء كعبد العزى وعبد الكعبة وعبد الشمس وعبد الحارث ، ومن هذا الباب اسم غلام رسول أي عبد الرسول .
ب- التسمية باسم من أسماء الله تعالى ، فلا يجوز التسمية باسم يختص به الرب سبحانه مثل الرحمن ، الرحيم ، الخالق ، وقد غير النبي ما وقع من التسمية بذلك . قال النووي ( التسمي بأسماء الله تعالى المختصة به كالرحمن والقدوس حرام ) شرح مسلم (14/36 .
قال ابن القيم ( ومن المحرّم التسمية بملك الملوك وسلطان السلاطين وشاهنشاه ، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا ( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك) قال :كذلك تحرم التسمية بسيد الناس وسيد الكل ، كما يحرم سيد ولد آدم ) تحفة المودود .
جـ- التسمية بالأسماء الأعجمية المولّدة للكافرين الخاصة بهم ، لأن ذلك من التشبه بهم ، مثل بطرس وجورج وديانا وغيرها وقد نهانا الإسلام عن التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم .
د- التسمي بأسماء الأصنام المعبودة والفراعنة والجبابرة مثل اللات والعزى وهبل ، وفرعون وقارون وهامان وغيرهم فقد حرم ذلك كثير من العلماء كابن القيم رحمه الله .
هـ- قال ابن القيم ( ومنها التسمية بأسماء الشياطين كخنزب والولهان ) تحفة المودود .
و- قال ابن القيم ( ومما يمنع التسمية منه بأسماء القرآن وسورة مثل طه ويس وحم وقد نص مالك على كراهية التسمية بـ يس ، وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي فغير صحيح وإنما هذه الحروف مثل : الَم وحم ونحوها ) تحفة المودود .
ز- كل اسم فيه دعوى ما ليس للمسمى ، فيحمل من الدعوى والتزكية والكذب ما لا يقبل بحال ، أو يقصد بالتسمية بها التبرك أو التفاؤل بحسن ألفاظها ومنه ملك الملوك أو سيد الناس أو ست النساء
وكذلك الأسماء التي فيها تزكية لصاحبها مثل بَرَّة *وما شابهها، وفي حديث زينب بنت أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة حين تزوجها وأسمى بَرَّة فسمعها تدعوني بَرَّة فقال "" لا تزكوا أنفسكم فإن الله هو أعلم بالبَرّةُ منكن والفاجرة* سميها زينب ، فقالت فهي زينب "" رواه مسلم وهو في صحيح الأدب المفرد (631)
وعن ابن عباس إن اسم جويرية كان بَرَّة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية ) رواه مسلم في الأدب المفرد (636)
* يقول الإمام الطبري رحمه الله ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ولا باسم يقتضي التزكية له ولا باسم معناه السب ) نقله عنه ابن حجر في فتح الباري ( 10/476). ونقله الشيخ الألباني في الصحيحة تحت حديث (216) وقال ( وعلى ذلك فلا يجوز التسمية بعز الدين ومحي الدين وناصر الدين ونحو ذلك، ومن أقبح الأسماء التي راجت في هذا العصر ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها ، هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم مثل وصال وسهام ونهاد وغادة وفتنة ونحو ذلك والله المستعان ) .
**ومما ورد من الأسماء التي يقصد بها التبرك أو التفاؤل بحسن ألفاظها وثبت النهي عن التسمي بها:
ما رواه مسلم وغيره من حديث سمرة بن جندب أن رسول الله قال"" لا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح فإنك تقول: أثمت هو ؟ فلا يكون ، فيقال: لا ""
قال الخطابي في معالم السنن ( قد بين النبي صلى الله عليه وسلم المعنى في ذلك، وكراهة العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، ذلك أنهم كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها إما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها ، فحذرهم أن يفعلوا لئلا ينقلب عليهم إلى الضد وذلك إذا سألوا ، فقالوا: أثمَّ يسار، أثم رباح، فإذا قيل لا، تطيروا بذلك وتشاءموا به ، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه ويورثهم الإياس من خيره)** سنن أبي داود (495*
ج- كذلك لا يجوز التسمي بالأسماء القبيحة في اللفظ أو المعنى مثل حرب ومرة، لحديث"" أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة ) صحيح الأدب المفرد (625)
وفي رواية ( وشر الأسماء حرب ومرة ) سلسلة الأحاديث الصحيحة الألباني (1040) .
ومثل أسم عاصي وعاصية فإن النبي غير اسم عاصية وقال ( أنت جميلة ) رواه مسلم ،
وغير العاص إلى مطيع ، رواه مسلم ،
ومثل شهاب أي نارا فإن النبي غير اسم شهاب وقال ( بل أنت هشام ) صحيح الأدب المفرد (632)*
ومثل أصرم فإن النبي غير اسمه وقال (بل أنت زُرعة) صحيح سنن أبي داود (4144) .
ومثل عزيز فإن النبي قال لأبي سبرة : ما اسم ابنك ؟ قال عزيز ، فقال النبي ( لا تسمه عزيزا ولكن سمه عبد الرحمن )رواه أحمد وابن حبان وهو في السلسلة الصحيحة تحت حديث (904).
قال ابن القيم ( إن تغيير الاسم يكون لقبحه وكراهته ولمصلحة أخرى ) تحفة المودود . وقال الطبري ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى) فتح الباري (10/476)
6- فيما يكره من الأسماء :
* قال الطبري رحمه الله ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى *ولا باسم يقتضي التزكية له ولا باسم معناه السب ، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص ، ولا يقصد بها حقيقة الصفة ، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم ، فيظن أنه صفة للمسمى ، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحّول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا ) نقله عنه ابن حجر في فتح الباري (10/476)
*قال الشيخ بكر أبو زيد في تسمية المولود صـ51: يمكن تنصيف الأسماء المكروهة على ما يلي :
أ- تكره التسمية بما تنفر منه القلوب ، لمعانيها أو ألفاظها ، لما تثيره من سخرية وإخراج لأصحابها وتأثير عليهم ، فضلا عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء : ومنها حرب ومرة وخنجر وفاضح ، فحيط ، فدغوش ، وهُيام وسهام وهما اسم لداء يصيب الإبل ، فكل اسم تنفر منه القلوب ويثير السخرية والإحراج لصاحبه ويؤثر عليه فهو مكروه ، لذلك غير رسول الله اسم عاصية وعاص وحزن وحرب والمضطجع وشهاب وغيرها .
ب- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية مثل أحلام وعبير وفتنة وفاتن وناهد ونهاد ووصال وغيرها .
قال الشيخ الألباني رحمه الله ( ومن أقبح الأسماء التي راجت في العصر ، ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها ، هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم ، مثل وصال وسهام ونهاد وغادة وفتنة …ونحو ذلك ، والله المستعان ) السلسلة الصحيحة (216) .
ج- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق الماجنين من الممثلين والمطربين وغيرهم ، لما في ذلك من المشابهة لهم والتأثر بأخلاقهم السيئة ، والكراهة أشد إذا كانت التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة والظلمة وغيرهم
د- يكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، ومنها التسمية بحنش وحمار وقنفذ وقردان وكلب وكليب وغيرها .
هـ-تكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مشتبهة مضافة إلى لفظ الدين ولفظ الإسلام مثل نور الدين وسيف الإسلام وغيرها وذلك لما في هذه التسمية من دعوى فجة تطل على الكذب ، ولهذا نص بعض العلماء على التحريم ، والأكثر على الكراهة لأن منها ما يوهم معاني غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه ، وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهيا عنه من جهتين مثل شهاب الدين ومنهم من يتسمى بذهب الدين وماس الدين ، وكان النووي رحمه الله يكره تلقيبه بمحي الدين ، وابن تيمية يكره تلقيبه بتقي الدين ، وهكذا يكره زين العابدين وسعد الدين وعلاء الدين ، قال الألباني رحمه الله ( وعلى هذا فلا يجوز التسمية بـ عز الدين، و محي الدين، وناصر الدين، ونحو ذلك ) السلسلة الصحيحة (216) (1/427) .
و- وتكره التسمية بالأسماء المركبة للتبرك لأنه ليس من هدي السلف الصالح ، مثل محمد أحمد ، محمد سعيد وهكذا ، ثم هي مدعاة إلى الاشتباه والالتباس ، ويلحق بها المضافة إلى لفظ الجلالة ( الله ) مثل حسب الله ، رحمة الله، ماعدا عبد الله فقط ، أو المضافة إلى لفظ الرسول مثل غلام الرسول وحسب الرسول وغيرها .
ز- وكره جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة كجبريل وميكائيل وغيرها وكذلك التسمية بأسماء سور القرآن مثل طه ويس وحم وغيرها ، قال ابن القيم ( وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فغير صحيح ) تحفة المودود صـ 109 .
ج- وذكر ابن القيم في زاد المعاد (2/313) أن من الأسماء المكروهة ما فيها مدح لصاحبها وتزكية له فيطالب المسمى بمقتضى اسمه فلا يوجد عنده فيجعل ذلك سببا لذمه وسبه ، ولو ترك بغير مدح لم تحصل له هذه المفسدة ، ثم قد يظن المسمى ويعتقد في نفسه أنه كذلك فيقع في تزكية نفسه وتعظيمها ، وهذا هو المعني من نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تسمى برة وقال ( لا تزكوا أنفسكم لإإن الله اعلم بأهل البر منكم ) رواه مسلم وأبو داود . ثم قال رحمه الله : وعلى هذا فتركه التسمية بالتقي والمطيع والمحسن ، والمخلص والرشيد والراضي وغيرها ) زاد المعاد (2/313) .
7- *المخرج من الأسماء المحرمة والمكروهة :
أما المحرمة فيجب تغييرها حسب الاستطاعة ، وأما المكروهة فيستحب تغييرها حسب الاستطاعة والمصلحة إلى الأسماء المستحبة والجائزة وروى الترمذي عن عائشة قالت ( كان صلى الله عليه وسلم يغير الاسم القبيح ) صحيح الجامع (4994)
وكان إذا سمع بالاسم القبيح حوله إلى ما هو أحسن منه ) صحيح الجامع ( 4743) ،
وكان إذا أتاه الرجل وله اسم لا يحبه حوله ) صحيح الجامع الصغير (4641) ،
وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأسماء الشركية والكفرية ، وظاهر هديه في تحويل الأسماء أنه يراعي القرب في النطق كتغيير شهاب إلى هشام وجثامة إلى حسّانة وحزن إلى سهل وعاص إلى مطيع وهكذا .
قال ابن القيم ( وكما أن تغيير الاسم يكون لقبحه وكراهته ، فقد يكون لمصلحة أخرى مع حسنه ) تحفة المودود ،
وقال البخاري رحمه الله في كتاب الأدب من صحيحه ***(تحويل الاسم إلى أحسن منه ) فتح الباري (10/579) قلت : ومن المصالح أيضا مراعاة ما يتلاءم مع أهل بيت المسمى وقبيلته ، وكذلك إذا رغب الوالدان أو أحدهما اسم معين لحفيدهما وهو من الأسماء الجائزة .
***
يتبع..
تعليق