"..لِنَعلَم أنّ القُرآنَ ليس قاصراً على حِفظِ ألفَاظِهِ ..، لكِن مِن تَعَلُّمِ القرآنِ : تَعَلُّمُ مَعانِيهِ وتَدَبُّرِها .."
التقى معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المشاركين في المسابقة المحلية على جائزة الأمير سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات، وذلك بمقر المسابقة بفندق قصر الرياض بمدينة الرياض.
وفي مستهل اللقاء شكر الدكتور الفوزان الله تعالى على ما منَّ به من هذا اللقاء في هذا الجمع المبارك، مع حفاظ القرآن الكريم، والإخوة المقرئين الذين يستمعون إلى قراءات الحفاظ ويقومونهم، كما شكر راعي هذه الجائزة، وهذه المسابقة الطيبة التي يتولى تمويلها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- واصفاً إياها بأنها مكرمة من مكارمه -حفظه الله- داعياً الله تعالى أن يعظم له الأجر والمثوبة.. كما شكر الشيخ الفوزان المنظمين لهذه المسابقة والقائمين عليها، وقال:
إن هذا من التعاون على البر والتقوى. وقال الله عز وجل: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ومن أعظم البر والتقوى العناية بكتاب الله سبحانه وتعالى الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هداية للناس أجمعين على سبيل العموم، وهو هداية للمؤمنين على سبيل الخصوص، فهو هداية لعموم الناس بمعنى أنه يدل الخلق على سبيل الرشاد، ويبين لهم طريق الحق كما أنه ينهى عن سبيل الغي والضلال ويبينه للناس.
وتحدث معاليه عن الطرق والمراحل التي مررت وتمت لحفظ كلام الله تعالى منذ بدء نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة كما يليق بجلاله عز وجل، وأنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغه للناس: (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِي مُّبِينٍ)هذا هو القرآن محفوظ في الصدور ومكتوب في السطور ومتلو بالألسنة مكتوب في اللوح المحفوظ كما قال -جل وعلا-: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ).
وقال الفوزان: وما هذه المسابقات، وما هذه الجمعيات القرآنية إلا نوع من هذا الحفظ الذي تعهد الله -جل وعلا- به لأجل أن يكون مرجعاً للمسلمين، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم فسره ووضحه ودال عليه على الوحي الثاني بعد القرآن.
ثم أيضاً ما هذا المجمع الذي أسسه الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله- مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة إلا نوع من أنواع الحفظ الذي تكفل الله -جل وعلا- به، وليس هذا مقصوراً على مجمع الملك فهد - رحمه الله- بل إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يعتنون بالقرآن ويطبعونه، يصححون كتابته بأن لا يدخلها شيء من النقص حتى يكون هذا المصحف كما كتب في عهد الصحابة رضي الله عنهم محفوظاً متقناً، ولا أحد يستطيع أن يغير فيه فهو محفوظ بحفظ الله عز وجل، كما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
ومضى عضو هيئة كبار العلماء قائلاً: أنتم -ولله الحمد- في هذه المسابقة وغيرها بحفظكم لكتاب الله إنما تقومون بما أوجب الله عليكم بهذا القرآن وتتعاونون على حفظه ودراسته، وفي الحديث: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، فتعليم القرآن وتعلمه من قام به فهو من خير الناس.
ثم لنعلم أن القرآن ليس قاصراً على حفظ ألفاظه وحروفه وآياته وسوره، هذه الدرجة الأولى، لكن من تعلم القرآن تعلم معانيه وتدبرها: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)
فلا بد من التدبر بعد الحفظ، تدبر معانيه وفهم المراد منه، ثم لا يكفي هذا حيث لا بد من العمل بعد التدبر بما يدل عليه القرآن، ويتخذ القرآن منهجاً ودستوراً تسير عليه الأمة والأفراد من المسلمين، فهو المرجع والمصدر الأول من مصادر الأحكام الشرعية، وبعده سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعده إجماع المسلمين. وبعد الإجماع الأخذ بالقياس الصحيح. فإن هذا القرآن هداية للناس، ونور وروح وشفاء للناس، فهو يحمل أوصافاً عظيمة ومتنوعة تدل على عظمته.
وأوضح معاليه أن القرآن سماه الله قرآناً وسماه فرقاناً، وسماه برهاناً ونوراً وشفاءً وروحاً، كل هذه أوصاف تدل على عظمة القرآن العظيم، فلا بد أن نتقن القرآن ونتعلمه ونتدبره، لأن هذا القرآن كما قال الله -جل وعلا-: (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ) والراسخون في العلم يقولون: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا)
وأبان الشيخ الدكتور الفوزان أن تدبر القرآن يحتاج إلى بصيرة، وإلى أصول وقواعد يسير عليها طالب العلم.
وعلينا أن نكثر من تلاوة القرآن لكي لا ننساه، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تعاهدوا القرآن فهو أشد تفلتاً من الرسل في عقولها).
داعياً إلى ضرورة تعاهد هذا القرآن بالتلاوة، فتلاوة القرآن تفيد من حيث الإبقاء على حفظه وعدم ضياعه، وتصون التدبر والاستفادة من هذا القرآن وحصول الأجر العظيم، قال صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشرة أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)، هذا فضل عظيم وخير كثير. " إهـ
المصدر : صحيفة الجزيرة - العدد : 12626
والحمــد لله .