هل حاول النبي عليه الصلاة والسلام أن ينتحر ؟ نعم ..على مذهب الطرهوني!
الساحة العربية : الساحات الساحة السياسية
الساحة العربية : الساحات الساحة السياسية
هل حاول النبي عليه الصلاة والسلام أن ينتحر ؟ نعم ..على مذهب الطرهوني!
اسير وحيدا 21-1-2005 02:44
هل حاول النبي عليه الصلاة والسلام أن ينتحر ؟ نعم ..على مذهب الطرهوني!
سألني أحد إخواننا المتخرجين من الجامعة الإسلامية بكلية الحديث عن حديث في ( صحيح البخاري ) فيه محاولة انتحاره عليه الصلاة والسلام من رؤوس الجبال بعدما انقطع عنه الوحي زماناً ؟
ثم وجدت أحد الإخوة في ( سحاب ) يطلب بشكل ملح جداً بيان هذه المسألة ؛ قال : لأن الروافض يطعنون في ( البخاري ) بسبب هذه الرواية ؟
وقد كنت - بفضل الله تعالى ومنه وكرمه - كتبت مقالة في هذا قبل مدة ليست بالبعيدة في جريدة ( المدينة ) في زاويتي ( من وحي السنة ) بعنوان :
( ثبات المصطفى ) ، فلما رأيت هذا الطعن من الرافضة الكفار - بسبب زعمهم تحريف القرآن ، وقذفهم الصديقة بالزنا ، وتكفيرهم جل الصحابة ، و - أصبح لزاما ً علي أن أنافح عن :
أولاً : سيدنا وحبيبنا وخليل ربنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
ثانياً : الإمام البخاري رحمه الله تعالى الذي طعن فيه كثير من أهل الضلال : من رافضة ، ومعتزلة قديمة وعصرية - كالغزالي الضال
ثانياً : الإمام البخاري رحمه الله تعالى الذي طعن فيه كثير من أهل الضلال : من رافضة ، ومعتزلة قديمة وعصرية - كالغزالي الضال
الذي هلك قريباً - والعقلانية منكرة السنة و
ثالثاً : السلفيين بعامة ، وأهل الحديث منهم بخاصة لما لهم - بعد الله تعالى - من يد طولى في نصرة هذا الدين إلى قيام الساعة.
فأقول وبالله أستعين ، ومنه تعالى أطلب المدد والإصابة في القول والعمل : أصل الحديث في ( صحيح البخاري ) - مع فتح الباري برقم ( 6982 ) ، كتاب : التعبير ؛ باب : أول ما بديء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة :
حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ؛ ح؛ وحدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، قال الزهري : فأخبرني عروة ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : فذكرت حديثاً طويلاً فيه بيان كيفية نزول الوحي في بدايته على رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وفيه قول الزهري رحمه الله :
( حتى حزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال )
قال أخونا السائل من كلية الحديث : هل لبلاغ الزهري هذا ما يشهد له أو يقويه من الروايات ؟
فأجبت : بلاغ الزهري هذا حكمه الضعف سنداً ؛ لأنه سقط من إسناده اثنان على الأقل ، وبلاغات الزهري ليست بشيء كما هو الحال في مرسلاته ؛ فهي شبه الريح - أي لاأساس لها بمنزلة الريح لاتثبت - فقد قال يحيى القطان : ( مرسل الزهري شر من مرسل غيره ؛ لأنه حافظ ، وكلما يقدر أن يسمي سمى ؛ وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه ! ) . انظر ( شرح علل الترمذي ) لابن رجب 1 / 284
فإذا كان هذا حال المرسل ؛ فكيف يكون حال البلاغ ؟
أما رواية ابن مردوية التي ذكرها الحافظ في ( فتح الباري ) 12 / 359 - 360 ، وأنها من طريق محمد بن كثير ، عن معمر بإسقاط قوله : ( فيما بلغنا ) فتصير الرواية كلها من الحديث الأصلي ؛
أقول : هذه الرواية ضعيفة أيضاً لا يحتج بها ؛ لأن محمد بن كثير هذا هو المصيصي ، وهو كثير الغلط كما في ( التقريب ) 6291 .
وأما رواية ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبري في ( التاريخ ) 2 / 300 - 302 ، والتي ذكرها ابن حجر في ( الفتح ) 12 / 361 ؛ فإنها واهية جداً بل موضوعة ، فالحمل فيها على محمد بن حميد الرازي ، وهو متهم بالكذب - بل كذبه صراحة بلديه أبو زرعة الرازي ، وهو أعرف به من غيره - فلا قيمة لروايته أصلاً ؛ وقد روى ابن إسحاق في ( السيرة ) كما في ( سيرة ابن هشام ) 1 / 267 - 270 ؛ حديث ابن عباس هذا ، وليس فيه زيادة ابن حميد الكذاب .
والخلاصة : لقد تبين لي بحمد الله تعالى أن رواية إقدامه عليه الصلاة والسلام على الانتحار من رؤوس الجبال ضعيفة سنداً ، باطلة متناً ؛ فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أرفع قدراً ، وأجل مكانة ، وأكثر ثباتاً من أن يقدم على الانتحار بسبب فترة الوحي وانقطاعه عنه !
أما التفسيرات التي ذكرها بعض العلماء كالحافظ الإسماعيلي - ونقله عنه ابن حجر في ( الفتح ) 12 / 360 ، 361 - وتأويله للرواية بأنها بسبب مفاجأة الوحي له ثم انقطاعه عنه عليه الصلاة والسلام ، وكونه لم يتحمل أعباء النبوة ، والخوف من القيام بها ، وإرادة التخلص من هذا الغم ؛ ثم سكن جأشه ، واستقرت نفسه عندما ظهر له جبريل عليه السلام.
أقول : لا داعي لهذا التأويل أو التفسير ؛ لأنه فرع التصحيح كما يقول العلماء ؛ وإذ لم تصح الرواية فلا داعي لتفسيرها ، بل الواجب أن نتيقن بأنه عليه الصلاة والسلام لم يفكر في الانتحار ، ولم يسع إليه ، بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه .
ملحوظة : لو مشينا مع الطرهوني في قواعده الباطلة ؛ لقوينا الرواية ؛ لأن ابن حميد عند الطرهوني ممن يستشهد بهم !!
وإذا نسب الطرهوني نبيه عليه الصلاة والسلام لاستلام الأصنام في الجاهلية ؛ فما أيسر عليه من أن ينسبه عليه الصلاة والسلام لمحاولة الانتحار ؛ فقد مر الطرهوني على بلاغ الزهري هذا مرور الكرام - كما يقال - في ( سيرته الذهبية ) 2 / 361 ، بل عزاها للبخاري ، وعبد الرزاق وغيرهما ؛ دون أن ينبس ببنت شفة كما يقال !
اللهم إني ما كتبت الذي كتبته إلا دفاعاً عن رسولك صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فأسلك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعلني رفيقه عليه الصلاة والسلام في الجنة آمين .