إجابة جميلة عن كيفية النجاة في زمان كُثرت فيه الفتن، وكُثرت فيه الطرق الباطلة
للشَّيخ د.
محمّد أمان بن عليّ الجامي
رحمه الله تعالى
المقطع من شرح الشيخ على:
قرة عيون الموحدين
الشيخ: كما ذكرت، أننا في زمان متأخر، لذلك لا تندهش ولا تستغرب إذا كُثرت الفتن، فباب الفتنة انكسر بمقتل عمر t ثم تتابعت الفتن، فأخبر النبي r أنه ما من عام إلّا والذي بعده شرٌّ منه، إذا كنت تستحضر هذا الحديث، وأحاطت بك الفتن لا تستغرب يجب أن تقع هذه الفتن، ليصدق قوله r، ومع ذلك لأطمئنك قبل أن نبتعد عن الجواب يجب أن تعلم بأنه مهما تأخر الزمن، لا تزال الطائفة المنصورة، الطائفة ا الناجية لا تزال على الحق، تدافع عن الحق، وتقاتل دون الحق، وتنصر الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، أمران يجب اعتبارهما دائمًا، من حيث الجملة، هذا الزمن المتأخر تُكثر فيه الفتن، ويكثر أصحاب الشر ودعاة الباطل، ويقل دعاة الحق، لكن قد تمر فترات على المسلمين تُكثر فيه الفرقة الناجية متفرقة في هذا العالم الفسيح، تُكثر هنا وتقل هناك، وهناك وسط، وهكذا.
الفرقة الناجية المنصورة لا تجتمع في مكان واحد، [...] القبائل منتشرة في العالم، إن كنت تريد الخلاص كما طلبت، وكلنا نريد الخلاص، باب الخلاص العلم، العلم دون شيء آخر.
لأنك لا تستطيع أن تفرق بين دعاة الحق، دعاة الباطل إلا بالعلم، إذا فقد العلم التبس عليك الحق –عياذًا بالله- ومن التبس عليه الحق ضاع، لذلك يجب أن تُكثر من الدعاء ألا يلتبس عليك الحق، الوقت الذي نحن فيه، هو الوقت الذي التبس فيه الحق على كثير من الناس، كثير من الشباب لم يستطيعوا أن يفرقوا بين الحق والباطل، وبين دعاة الحق ودعاة الباطل، إذًا الخلاص العلم، الاشتغال بالعلم، ومجالسة العلماء، العلماء بالمفهوم الصحيح، العلماء الربانيون الذين يربون صغار الطلبة بصغار العلم، ويتدرجون معهم حتى يتفقهوا في دينهم. العلماء الناصحون عليك أن تلازمهم وتجتهد في كسب ما تيسر من هذا الكتاب العظيم وتدبره، ودراسة السُّنة، وملازمة علماء السنة، وتكون على على اتصال دائمًا بهؤلاء، لعل ذلك يخلصك مما تشكو ويشكوه الجميع، من الفتن والشُبه الكثيرة، التي كما قلت لك: لا خلاص منها إلا بالعلم النافع، علم الكتاب والسنة. وبالله التوفيق.
ومما يُخفف عليك ما تعاني الاشتغال بالعبادة وعدم الخوض في السياسة الحاضرة، أنبهك وأكرر هذا التنبيه وسيأتي في آخر السؤال أيضا، أن الدعوة الإسلامية بل أن الإسلام نفسه سُيّس اليوم، تسييس الإسلام لبَّس على الناس؛ حتى وُجدت لقاءات تُسمى: اللقاء الإسلامي المسيحي، ومؤتمرات تدعو إلى التقارب والتحابّ والتعاون بين الكفار والمسلمين، ثمّ إلى وحدة الأديان، هذا تسييسٌ للإسلام.
إذا سُيّس الإسلام لا يستطيع السذج من الناس أن يفهموا الإسلام الصحيح، وإذا سُيّست الدعوة أخضعوها لأغراضهم السياسية لديهم طموعات سياسية، يريدون الوصول إلى الكراسي، وعشاق المناصب والكراسي، لكن بدلا من أن ينشئوا حزبًا سياسيًا ينشئون جبهة إسلامية وجماعة الدعوة، فيغلف الحزب السياسي بالإسلام، يصدق كثير من الناس الجماعة الإسلامية، جماعة الدعوة الجبهة الإسلامية فينخرطون فيهم، فيضيعوا، هذا معنى تسييس الدعوة. لو بقيت الدعوة، على ما كانت عليه، إصلاح ونصح وتعليم، وإرشاد ، تعليم الجاهل، إرشاد الضال، والنصح للجميع، وتعليم الجميع، هذا هي الدعوة، لكن كما تلاحظون معي، سُيست الدعوة بل سُيس الإسلام نفسه والله المستعان.
انتبه أيها السائل وأمثالك لهذه المعاني، نسأل الله لكم ولنا الخلاص.