الذنوبُ منْ أسبابِ الفرقةِ بينَ الأحبةِ و اختلافِ القلوبِ
الحمد لله و صلى الله و سلم على رسول الله و على أله و صحبه و من اهتدى بهداه.
أما بعد، فإنه قد كثر الشقاق و النزاع و الفرقة و الاختلاف في أوساط المؤمنين، و ذلك راجع لأسباب كثيرة منها : المعاصي و الذنوب، و هذا جاء صريحا في سنة النبي صلى الله عليه و سلم.
روى أحمد في المسند عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما، إلا بذنب يحدثه أحدهما" صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (2219).
و للبخاري في الأدب المفرد عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما تواد اثنان في الله جل وعز أو في الإسلام، فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما" صححه الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد (401) و في الصحيحة (637).
قال المناوي رحمه الله في فيض القدير شرح الجامع الصغير (5/437) : "(ما تواد) بالتشديد (اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما) فيكون التفريق عقوبة لذلك الذنب و لهذا قال موسى الكاظم : "إذا تغير صاحبك عليك فاعلم أن ذلك من ذنب أحدثته فتب من كل ذنب يستقيم لك وده" و قال المزني : "إذا وجدت من إخوانك جفاء فتب إلى الله فإنك أحدثت ذنبا، و إذا وجدت منهم زيادة ود فذلك لطاعة أحدثتها فاشكر الله تعالى".
و قال الأمير الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (9/379) : "(ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما) بعد التواد (إلا بذنب يحدثه أحدهما) فعوقب من الله تعالى بسلب الأخوة فيه التي أجرها عظيم عند الله فإن المعاصي تسلب بركات الطاعات، قال موسى الكاظم : "إذا تغير صاحبك عليك فاعلم أن ذلك من ذنب أحدثته فتب من كل ذنب يستقيم لك وده".
من أملثة ذلك :
روى الشيخان و أبو داود و الترمذي و غيرهم عن النعمان بن بشير، يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم".
و لأبي داود عن النعمان بن بشير، قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه، فقال : "أقيموا صفوفكم" ثلاثا، "والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم" قال : فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه. صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (662).
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم (4/173) : "( لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) قيل : معناه : يمسخها الله و يحولها عن صورها؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : "يجعل الله صورته صورة حمار"، و قيل : يغير صفاتها، و الأظهر –و الله أعلم- أن معناه : يوقع بينكم العداوة و البغضاء، و اختلاف القلوب، كما يقال : تغير وجه فلان عليَّ، أي : ظهر لي من وجهه كراهة لي، و تغير قلبه عليَّ؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، و اختلاف ظواهرهم سبب لاختلاف البواطن".
و قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (2/269) بعد ذكر قول النووي : "و يؤيده رواية أبي داود و غيره بلفظ "أو ليخالفن الله بين قلوبكم" كما سيأتي قريبا".
و قال العظيم آبادي رحمه الله في عون المعبود شرح سنن أبي داود (2/295) بعد أن نقل قول النووي : "يؤيده رواية المؤلف هذه".
قال السبكي رحمه الله في المنهل العذب المورود في شرح سنن الإمام أبي داود (5/53) : "و المراد بالمخالفة بين القلوب إيقاع العداوة و البغضاء بينهم فيتغير بعضهم على بعض لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم و اختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن".
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في تنبيه الأفهام شرح عمدة الأحكام (1/181) : "(أو ليخالفن الله) أي : يوقع بينكم الخلاف، و اللام كاللام في قوله (لتسون) و (أو) للتقسيم، و المعنى : إما أن تكون تسوية الصفوف، و إما أن تكون المخالفة بين الوجوه إذا لم تكن التسوية. (بين وجوهكم) أي : بين وجهات نظركم فيكون لكل وجهة و تتفرقوا، و في رواية أبي داود : (و الله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)".
و في هذا قال القرطبي كما نقله ابن حجر في الفتح (2/269) : "معناه : تتفرقون فيأخذ كل واحد وجها غير الذي أخذ صاحبه، لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة".
إخوة الإيمان إذا كانت هذه العقوبة بسبب هذه المعصية، فكيف بما هو أعظم منها و أشنع؟!.
اللهم استر عيوبنا و اغفر ذنوبنا و أصلح ذات بيننا.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و سلم.
أما بعد، فإنه قد كثر الشقاق و النزاع و الفرقة و الاختلاف في أوساط المؤمنين، و ذلك راجع لأسباب كثيرة منها : المعاصي و الذنوب، و هذا جاء صريحا في سنة النبي صلى الله عليه و سلم.
روى أحمد في المسند عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما، إلا بذنب يحدثه أحدهما" صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (2219).
و للبخاري في الأدب المفرد عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما تواد اثنان في الله جل وعز أو في الإسلام، فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما" صححه الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد (401) و في الصحيحة (637).
قال المناوي رحمه الله في فيض القدير شرح الجامع الصغير (5/437) : "(ما تواد) بالتشديد (اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما) فيكون التفريق عقوبة لذلك الذنب و لهذا قال موسى الكاظم : "إذا تغير صاحبك عليك فاعلم أن ذلك من ذنب أحدثته فتب من كل ذنب يستقيم لك وده" و قال المزني : "إذا وجدت من إخوانك جفاء فتب إلى الله فإنك أحدثت ذنبا، و إذا وجدت منهم زيادة ود فذلك لطاعة أحدثتها فاشكر الله تعالى".
و قال الأمير الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (9/379) : "(ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما) بعد التواد (إلا بذنب يحدثه أحدهما) فعوقب من الله تعالى بسلب الأخوة فيه التي أجرها عظيم عند الله فإن المعاصي تسلب بركات الطاعات، قال موسى الكاظم : "إذا تغير صاحبك عليك فاعلم أن ذلك من ذنب أحدثته فتب من كل ذنب يستقيم لك وده".
من أملثة ذلك :
روى الشيخان و أبو داود و الترمذي و غيرهم عن النعمان بن بشير، يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم".
و لأبي داود عن النعمان بن بشير، قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه، فقال : "أقيموا صفوفكم" ثلاثا، "والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم" قال : فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه. صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (662).
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم (4/173) : "( لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) قيل : معناه : يمسخها الله و يحولها عن صورها؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : "يجعل الله صورته صورة حمار"، و قيل : يغير صفاتها، و الأظهر –و الله أعلم- أن معناه : يوقع بينكم العداوة و البغضاء، و اختلاف القلوب، كما يقال : تغير وجه فلان عليَّ، أي : ظهر لي من وجهه كراهة لي، و تغير قلبه عليَّ؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، و اختلاف ظواهرهم سبب لاختلاف البواطن".
و قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (2/269) بعد ذكر قول النووي : "و يؤيده رواية أبي داود و غيره بلفظ "أو ليخالفن الله بين قلوبكم" كما سيأتي قريبا".
و قال العظيم آبادي رحمه الله في عون المعبود شرح سنن أبي داود (2/295) بعد أن نقل قول النووي : "يؤيده رواية المؤلف هذه".
قال السبكي رحمه الله في المنهل العذب المورود في شرح سنن الإمام أبي داود (5/53) : "و المراد بالمخالفة بين القلوب إيقاع العداوة و البغضاء بينهم فيتغير بعضهم على بعض لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم و اختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن".
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في تنبيه الأفهام شرح عمدة الأحكام (1/181) : "(أو ليخالفن الله) أي : يوقع بينكم الخلاف، و اللام كاللام في قوله (لتسون) و (أو) للتقسيم، و المعنى : إما أن تكون تسوية الصفوف، و إما أن تكون المخالفة بين الوجوه إذا لم تكن التسوية. (بين وجوهكم) أي : بين وجهات نظركم فيكون لكل وجهة و تتفرقوا، و في رواية أبي داود : (و الله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)".
و في هذا قال القرطبي كما نقله ابن حجر في الفتح (2/269) : "معناه : تتفرقون فيأخذ كل واحد وجها غير الذي أخذ صاحبه، لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة".
إخوة الإيمان إذا كانت هذه العقوبة بسبب هذه المعصية، فكيف بما هو أعظم منها و أشنع؟!.
اللهم استر عيوبنا و اغفر ذنوبنا و أصلح ذات بيننا.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و سلم.
يوسف صفصاف
15 شعبان 1435
03 ماي 2015