--------------------------------------------------------------------------------
تمهل و تأمَّل ، و اختصر الطريق على نفسك
< فإذا استقام لك ذَبحُ الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص >
بسم الله ، و الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على آله و صحبه و من والاه .
أما بعد :
فقد فشَت بَعض الصِّفَات الذَّمِِيمَة بين طَلَبَة العِلمِ لإهمالهم جانب التَّزكية ، و اغفالهم أهمية مراقبة أنفسهم و مُحَاسَبَتِها ، و تصحيح مسارهم بين الفينة و الأخرى ، و مما يؤسف له ـ أكثر ـ ، و يُحزن القلب أن يتصف طلبة العلم بتلك الصفات القبِيحَة و هم الذين تنتظرهم الأمَّة ليحملوا مسؤولية إصلاحها .
و من أكثر الصفات شيوعاً بينهم : الطمع ، و حب الثناء و المدح ؛ فتجد الواحد منهم يتنامى الطمع عنده كالنَّبات الهَائج و مع ذلك لا يأبه بالخطر الداهم ، أو تراه كالصريع بسبب ولَهِه بالثناء و المدح ، و لا تجِد منه حركاً و لا إصلاحاً ، بل إن نبهته انتفض في وجهك ،أو ثار أمامك ثوران الوحوش ، أو اتهمك بأنك ـ له ـ حاسد ، أو ظالم معاند ، و الحق أنك إن أُتيحَت لك الفرصة لتراه شَاهدته يدب فلا ترتاب أن تجعله من الأحياء ، لكن لو دققت في أمره برهة لأضفته إلى زمرة الأموات لأن الحياة التصقت ببدنه فقط ، و ذكَّرك حاله و حال أشباهه بالكَلاَم السَّائر : لا حياة لمن تنادي !
و له ، و لكل سالك طريق النجاة ، أو سائر في ركب طلبة العلم ، و متدثر بدثار حملة العلم ، اخترت للجميع ما قاله العلاَّمَة ابن القَيِّم ـ رحمه الله ـ ، كما في كتابه العُجَاب < الفوائد > ، ناصِحًا نفسي ـ أولاً ـ ، و كل مَن يقرأ هذا الكلام أن يختصر الطريق على نفسه ، و لا يتعبها ، أو يحملها ما لا تطيق ، و إليكم النصيحة التي حقها أن تكتب بماء الذهب ؛ قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
<< فصل : لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت ؛ فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فاقبل على الطمع أولا فأذبحه بسكين اليأس ، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة ؛ فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص.
فأن قلت : وما الذي يسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح ؟
قلت : أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلاَّ وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه.
وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ويضر ذمة ويشين إلا الله وحده كما قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم : < ان مدحي زين وذمي شين > فقال : < ذاك الله عز وجل > ؛ فازهد في مدح من لا يزينك مدحه وفي ذم من لا يشنيك ذمه ، وارغب في مدح من كل الزين في مدحه وكل الشين في ذمه.
ولن يقدر على ذلك الا بالصبر واليقين فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب قال تعالى :{ فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} ، وقال تعالى : { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون }...>>
.رحم الله ابن القيِّم ، ما أعظم نصيحَته هذه ، و ما أعمق أثرها ؛ و ما أنفسها من كلمات .
كلمات رغم وجازتها فقد حوت توجيهات إيمانية عظيمة الشأن ؛ و رغم اختصارها فقد طوت طول الطريق ، و أبانت الاتجاه الصحيح ، و أراحت كثير من الطَّامعين في حُطام الدنيا .
فهل من مُعتَبِر ؟
يا إخوتاه ! اختصروا الطريق على أنفسكم ، و اسلكوا أقصر طريق يوصلكم إلى الإخلاص و الصدق ، و تمهلوا ثم تأملوا نصيحة هذا الجهبذ و الخريت السلفي الذي جرَّب قبلكم الطريق ثم أهدى لكم هذه العصارة النفيسَة .
وفق الله الجميع لما يُحبه و يَرضَاه ، و الله أعلم ، و صلَّى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم.
أخوكم / أبُوهَاجِر السُّنِّي
ـ غفر الله له و لوالديه ـ
الخميس 25 جمادى الأولى 1427 هـ الموافق 22/6/2006 م
منقول من شبكة سحاب السلفية
تمهل و تأمَّل ، و اختصر الطريق على نفسك
< فإذا استقام لك ذَبحُ الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص >
بسم الله ، و الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على آله و صحبه و من والاه .
أما بعد :
فقد فشَت بَعض الصِّفَات الذَّمِِيمَة بين طَلَبَة العِلمِ لإهمالهم جانب التَّزكية ، و اغفالهم أهمية مراقبة أنفسهم و مُحَاسَبَتِها ، و تصحيح مسارهم بين الفينة و الأخرى ، و مما يؤسف له ـ أكثر ـ ، و يُحزن القلب أن يتصف طلبة العلم بتلك الصفات القبِيحَة و هم الذين تنتظرهم الأمَّة ليحملوا مسؤولية إصلاحها .
و من أكثر الصفات شيوعاً بينهم : الطمع ، و حب الثناء و المدح ؛ فتجد الواحد منهم يتنامى الطمع عنده كالنَّبات الهَائج و مع ذلك لا يأبه بالخطر الداهم ، أو تراه كالصريع بسبب ولَهِه بالثناء و المدح ، و لا تجِد منه حركاً و لا إصلاحاً ، بل إن نبهته انتفض في وجهك ،أو ثار أمامك ثوران الوحوش ، أو اتهمك بأنك ـ له ـ حاسد ، أو ظالم معاند ، و الحق أنك إن أُتيحَت لك الفرصة لتراه شَاهدته يدب فلا ترتاب أن تجعله من الأحياء ، لكن لو دققت في أمره برهة لأضفته إلى زمرة الأموات لأن الحياة التصقت ببدنه فقط ، و ذكَّرك حاله و حال أشباهه بالكَلاَم السَّائر : لا حياة لمن تنادي !
و له ، و لكل سالك طريق النجاة ، أو سائر في ركب طلبة العلم ، و متدثر بدثار حملة العلم ، اخترت للجميع ما قاله العلاَّمَة ابن القَيِّم ـ رحمه الله ـ ، كما في كتابه العُجَاب < الفوائد > ، ناصِحًا نفسي ـ أولاً ـ ، و كل مَن يقرأ هذا الكلام أن يختصر الطريق على نفسه ، و لا يتعبها ، أو يحملها ما لا تطيق ، و إليكم النصيحة التي حقها أن تكتب بماء الذهب ؛ قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
<< فصل : لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت ؛ فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فاقبل على الطمع أولا فأذبحه بسكين اليأس ، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة ؛ فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص.
فأن قلت : وما الذي يسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح ؟
قلت : أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلاَّ وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه.
وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ويضر ذمة ويشين إلا الله وحده كما قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم : < ان مدحي زين وذمي شين > فقال : < ذاك الله عز وجل > ؛ فازهد في مدح من لا يزينك مدحه وفي ذم من لا يشنيك ذمه ، وارغب في مدح من كل الزين في مدحه وكل الشين في ذمه.
ولن يقدر على ذلك الا بالصبر واليقين فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب قال تعالى :{ فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} ، وقال تعالى : { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون }...>>
.رحم الله ابن القيِّم ، ما أعظم نصيحَته هذه ، و ما أعمق أثرها ؛ و ما أنفسها من كلمات .
كلمات رغم وجازتها فقد حوت توجيهات إيمانية عظيمة الشأن ؛ و رغم اختصارها فقد طوت طول الطريق ، و أبانت الاتجاه الصحيح ، و أراحت كثير من الطَّامعين في حُطام الدنيا .
فهل من مُعتَبِر ؟
يا إخوتاه ! اختصروا الطريق على أنفسكم ، و اسلكوا أقصر طريق يوصلكم إلى الإخلاص و الصدق ، و تمهلوا ثم تأملوا نصيحة هذا الجهبذ و الخريت السلفي الذي جرَّب قبلكم الطريق ثم أهدى لكم هذه العصارة النفيسَة .
وفق الله الجميع لما يُحبه و يَرضَاه ، و الله أعلم ، و صلَّى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم.
أخوكم / أبُوهَاجِر السُّنِّي
ـ غفر الله له و لوالديه ـ
الخميس 25 جمادى الأولى 1427 هـ الموافق 22/6/2006 م
منقول من شبكة سحاب السلفية
تعليق