ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان
الحمد لله الذي جعل لعباده في بعض ما خلق و شرع نفحات ، ثم الصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد القائل ما صحّحه الحفّاظ الأثبات : «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ»
رواه الطبراني في " الكبير " ( 720) وصححه الألباني.
ألا وإنه قد أ ظلّ المسلمين شهر عظيم مبارك؛هو شهر شعبان، شهر العطايا والهبات،شهر الشّعابين والشّعبانات.
قال أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الشَّيْبَانِيُّ ثَعْلَبٌ: كَانَ شَعْبَانُ شَهْرًا تَتَشَعَّبُ فِيهِ الْقَبَائِلُ، أَيْ: تَتَفَرَّقُ لِقَصْدِ الْمُلُوكِ وَالْتِمَاسِ الْعَطِيَّةِ.
وقد جاء في ذلك أثر موضوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « تدرون لم سمي شعبان؟ لأنه يشعب فيه خير كثير.» . رواه الديلمي (2/ 1/ 3
وأفضل ما يحصل به المسلم الخير في هذا الشهر المبارك، ويتعرض به لنفحات الله عزّ وجلّ الصّيامُ ، وصيام شعبان من أفضل الصيام بل قال ابن رجب الحنبلي: بل هو أفضل الصيام بعد رمضان .
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:أَيُّ الصَّوْمِ أَفْضَلُ بَعْدَ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: «شَعْبَانُ لِتَعْظِيمِ رَمَضَانَ»رواه الترمذي وضعفه الألباني
ولعظم فضل الصّيام في هذا الشّهر المبارك كان النّبي صلى الله عليه وسلم يصومه كلّه إلا قليلا
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا» رواه مسلم
ولما رآى أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك قال له : يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رواه النّسائي وصححه الألباني
فيستحب للمسلم أن يصوم شعبان من أوله فإذا فرط في غُرره فلا يفرط في سُرره.
عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ - أَوْ لِآخَرَ -: «أَصُمْتَ مِنْ سُرَرِشَعْبَانَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ»رواه مسلم
وسُرَّةُ الشَّهْرِ: وَسَطُهُ وهِيَ أَيَّامُ الْبِيضِ وَهِيَ الثَّالِث عَشَرَ وَالرَّابِع عَشَرَ وَالْخَامِس عَشَرَ منه،ومن كل شهر،
فإذا انتصف شعبان أمسك غير المعتاد على الصّيام عن الصيام لنهي النّبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ، فَأَمْسِكُوا عَنِ الصَّوْمِ حَتَّى يَكُونَ رَمَضَانُ»رواه أحمد وصححه الألباني
فإذا كان لأحد عادة في صيام شعبان كلِّه فليصمه كلَّه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَعَجَّلَ شَهْرُ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صِيَامًا فَيَأْتِي ذَلِكَ عَلَى صِيَامِهِ» رواه أحمد وصححه الألباني
وليلة النّصف من شعبان لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ عَظِيمَةُ الْقَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل. المدخل لابن الحاج
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِكُلِّ نَفْسٍ؛ إِلَّا إِنْسَانٍ فِي قَلْبِهِ شَحْنَاءٌ، أَوْ مُشْرِكٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» . رواه ابن أبي عاصم في" السنة" وغيره وصححه الألباني، وفي رواية للبيهقي قال:«إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه»
وقد كان بعض السلف -رضي الله عنهم- يقوم هذه الليلة
وأنكر ذلك كثير منهم.
عن زيد بن أسلم؛ قال: " ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على ما سواها ".رواه ابن وضاح في " في البدع والنهي عنها"
وعَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: إِنَّ زِيَادًا الْمِنْقَرِيَّ، وَكَانَ قَاصًّا يَقُولُ: إِنَّ أَجْرَ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِثْلُ أَجْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: «لَوْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَفِي يَدِي عَصًا لَضَرَبْتُهُ بِهَا» رواه عبد الرزاق في "المصنف"
قال ابن تيمية: إذَا صَلَّى الْإِنْسَانُ لَيْلَةَ النِّصْفِ وَحْدَهُ، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ، فَهُوَ أَحْسَنُ.
وَأَمَّا الِاجْتِمَاعُ فِي الْمَسَاجِدِ عَلَى صَلَاةٍ مُقَدَّرَةٍ. فَهَذَا بِدْعَةٌ، لَمْ يَسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ.وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
والحمد لله رب العالمين