السبيل إلى تحقيق شروط النجاة06
من مجَالِس شَيخِنَا العَلَّامَة المجَدِّد حَامِل لِوَاء الجَّرحِ وَ التَّعدِيل فِي هَذا العَصر
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله و سلمه
تفريغ لجلسة علمية مسجَّلة بعنوان
السَّبيل إِلَى تَحقِيق شُرُوطِ النَّجَاة
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله حق حمده، و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه و جنده، و بعد : -
فهذه جلسة علمية مسجلة عقدها شيخنا الإمـام حامل لواء الجرح و التعديل و مجدِّده في هذه الأزمان ـ بلا مدافعة ـ حفظه الله و سلمه، و نظرا لأهميتها قمت بتفريغها و نشرها ليعم الانتفاع بها،كما اجتهدت في وضع عناوين جانبية ليسهل الاستفادة منها، و أضفت ـ أيضاً ـ حروفا قليلة وضعتها بين قوسين لتستقيم العبارة و ينضبط المعنى .
و أُنبِّه القراء إلى أنني فرَّغت من الشريط كلام الشيخ ربيع ـ فقط ! ـ دون كلام غيره .
و الله أسأل أن يحفظ شيخنا و يرفع مكانته في الدنيا و الآخرة، و أن يهدي الجميع إلى الحق و سواء السبيل، إنه بكل جميل كفيل، و هو حسبنا و نعم الوكيل.
فرَّغ مادتها واعتنى بها
و إليكم محتوى الشريط :
الوجـه الأول
((إنَّ الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
{ يا أَيُها الذَّينَ آمَنُواْ اتَّقُوا اللهَ حَقَ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأنْتُمْ مُسْلِمُون}( آل عمران : 102 ).
{يا أَيُها النَّاسُ اتَّقُوا ربَكُمُ الذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُوَنَ بِهِ وَالأرَحَامَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبَاً }(النساء : 01).
{يَا أيُهَا الذَّينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيْداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوْبَكُمْ وَمَنْ يُطِعَ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فُوْزَاً عَظِيْمَاً} (الأحزاب71 - 72 )
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
و بعد :
أهمية مجالس التذكير بنعم الله علينا
فأشكر الاخوة الذين أتاحُوا لنا فرصة هذا اللقاء الذي أرجو أن يكون لقاءً مُبَاركًا نَافِعًا، و.. و تذكير بعضنا لبعض بما يجب علينا، و ما يلزمنا من حق الله تبارك و تعالى علينا، و من حقِّ المسلمين علينا، و من حقِّ بعضنا على بعض.
فحق الله تبارك و تعالى علينا عظيم؛ و الله سبحانه و تعالى لم يخلقنا إلا لنقوم بهذا الحق، و هي عبادته سبحانه و امتثال أوامره، و اجتناب نواهيه، فيجب علينا أن نستشعر بعضنا نعمة الله علينا بنعمه العظيمة التي لا تحصى، و منها نعمة الإسلام، و منها نعمة التوحيد و السنَّة؛ فمَن وفقه الله للإسلام، و وفقه لمعرفة هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و منهجه و سنَّـته الغراء فهذه نعمة عظيمة لا تعدلها الدنيا بحذافرها، و لا يعدلها مُلك، و لا يعدلها شيء منَّها الله تبارك و تعالى و ( جعلنا ) من أوليائه، و ممن يحبُّه الله تبارك و تعالى، و يحب الله عز و جل.
حب العبد لله و علاماته
و الآن نذكر، نحن ذكرنا محبة الله لعباده و محبة العباد السابقين لله عز و جل، أَذكر الحديث ليلة خيبر التي بعث فيها أصحاب رسول الله يدكونها ليظفروا بشهادة الرسول عليه الصلاة و السلام "لأعطيَّن الرَّاية غداً رجلاً يفتح الله هعلى يديه؛ يُحب الله و رسولَه، و يُحبُّه الله و رسولُه" فبات الناس يدكون ليلتهم، أيهم يُعطاها ؟! " (البخاري و مسلم)، ما ناموا لأن هذه شهادة عظيمة؛ إنسان يتسلَّم الراية يُسلِّمها رسول الله قد قامت شهادة رسول الله عليه الصلاة و السلام لهذا الرجل بأنه يُحب الله و رسوله، و يُحبه الله و رسوله، قال عمر رضي الله عنه : " ما أحببت الإمـارة إلا يومئذ " (مسلم) ؛ من أجل ماذا ؟ من أجل أن يظفر بهذه الشهادة العظيمة التي عرف قيمتها أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم، و نحن قد يُقرأ علينا مثل هذا الحديث كثيرا ، كثيراً و لكن مشاعر كثيرا منَّا لا تُدرك هذا !
أما أصحاب محمد فقد أدركوا عَظَمَة هذه المنزلة و أنها عظيمة عند الله تبارك و تعالى، فباتوا ليلة يدكون من أجلها سَيَهُون، و يتطلعون، و تشرئب أعناقهم، و تمتد أعينهم إلى يد رسول الله صلى الله عليه و سلم، كلهم يقف هذا ليظفر بهذه المنزلة العظيمة، و الذي يظفر هذه المنزلة تهون عليه نفسه، و تهون عليه الحياة، و يَهون عليه كل شيء ليُرضي الله تبارك و تعالى الذي يُحبُّه؛ فتخسر المال و الولد و المنصب و الجاه و كل شيء للحفاظ على هذه الغاية أو من أجلها.
و من علامات محبَّة الله تبارك و تعالى أن تُحبَّ هذا الرسول و تُطيعه؛ فإذا أنت أحببت محمدا صلى الله عليه و سلم كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده و والده و النَّاس
أجمعين"(البخاري و مسلم) فقال عمر رضي الله عنه: لأنت يا رسول الله أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلا نفسي، فقال : " و الذي نفسي بيده، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك" فقال عمر : فإنك الآن أحب إلي من نفسي، فقال : " الآن يا عمر " (رواه البخاري) .
فمن علامة توفيق الله لك أنه يستشعر هذه المحبة ممَّا ؟ فيما بينه رسول الله عليه الصلاة و السلام و يطبقه عمليا، لا كما يقول أهل البدع و الضلال الذين لا يؤمنون بأن الله يُحب و لا تقوم فيه صفة المحبة، و لا أن العبد يُحبه الله ما ( هي عندهم ) إلا الطاعة فقط! ليس شيئاً زائداً عن الطاعة قالوا هذا لأنهم :
أولا : لا يؤمنون بأن الله موصوف بهذا الوصف.
ثانيا : أنهم هم لا يدركون لذة محبة الله تبارك و تعالى.
فعلامة أن الله يُحبك أن تُحبَّه و نحب رسوله و تحب القرآن و تحب السنة و تحب المؤمنين من الصحابة و قبلهم الأنبياء، و الملائكة، و المؤمنين الصادقين الصالحين على امتداد التاريخ الإنساني منذ أنزل الله آدم إلى أن تقوم الساعة، تُحبهم و تدعو لهم { و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاًّ لِّلَّذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم }(الحشر:10)، و الله يقول { إن كُنتم تحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله}(آل عمران:31) ، هذا جزاء من الله تبارك و تعالى وَعْدًا صادقاً رتَّب عليه هذا الجزاء العظيم ، هو أنك إذا اتبعت هذا الرسول صادقا مُخلصاً فإنَّ الله يحبك، و لن تظفر بهذه المحبة العظيمة التي لا يعدلها شيء، لن تظفر بها إلا باتِّباع هذا الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام، و تحكيمه و الاحتكام إليه في كل شأن من الشؤون دقَّ أو جل من العقائد و العبادات و الأخلاق و المعاملات فكما ربط الله تبارك و تعالى محبَّته أو حصول محبته باتباع هذا الرسول كذلك رتَّب الإيمان
على الاحتكام إلى هذا الرسول في كل شأن من الشؤون، و أقسم قسما مؤكدا بأشد أنواع التأكيد على أنه لا يحصل إيمان لأحد إلا إذا حكَّم هذا الرسول هذا التحكيم شاملٌ لكل القضايا في هذه الحياة { فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما}(النساء: 65)؛ فبعض النَّاس ترى هذا التَّحكيم في الحاكمية التي تتبوأ أصحابها الكراسي، و لا يفهمون الحاكمية إلا الجانب السياسي من الإسلام، و ناس يَرون يُمكن تحكيم الله في العقائد لكن في الفروع ما يلزم إذا اختلفنا هنا تنوعت الوظائف فكل واحدٍ حرٌّ يأخذ من العقائد ما يشاء، و (يتبع) مَن يريد!!
ليس كذلك ، هذا التحكيم واجب و الرجوع إلى الله و إلى رسوله في كل شأن من الشؤون في العقائد في التوحيد في العبادات في الفروع في كل شأن من شؤوننا، ممَّا يدل على هذا : الحديث الصحيح الوارد في البخاري و مسلم؛ " أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه و سلم، في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري : سرِّح الماء يمرُّ، فأبى عليهم، فاختصموا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم للزُّببير : " اسق، يا زبير ! ثم أرسل الماء إلى جارك" فغضب الأنصاري، فقال : يا رسول الله! أن كان ابن عمتك ! فتلوَّن وجه نبي الله صلى الله عليه و سلم، ثم قال : " يا زبير ! اسق، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر" (البخاري و مسلم ) ،في قضية فرعية من أصغر المسائل التي يحصل فيها الخلاف قال {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم }(النساء:65) ، و هذا أمرٌ بالإجماع، إجماع الصحابة و التابعين و أئمة الهدى، فليس الإنسان حرا في دينه، في عقيدته، و لا في عبادته، و لا في معاملاته، و ليس له أي اختيار أبداً { و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى اللهُ و رسولُه أمراً أن يكون لهم الخِيرة من أمرهم} ؛ في كل شأن، الخلاف في الأصول، و في الفروع الذي يجتهد و يتحرى
الحق فإنْ أصاب فله أجران ، و إن أخطأ فواحد. أما إذا لم يجتهد و لم يتحر الحق و لا يُبالي ، و قد يمتهن الحق و يرفضه، فهذا لاحقه الوعيد الشديد، و تنـتظمه الآية { فلا و ربك لا يؤمنون} كائناً مَن كان، فإنك تجد كثيرا من النَّاس يستروحون إلى ما عندهم من الأخطاء و الانحرافات العقدية أو المنهجية في العبادات و في غيرها، في المعاملات في الحلال و الحرام في كل شأن !
لابد أن يبحث المؤمن عن حكم الله و يجتهد في معرفته حتى يصل إلى الحق إن كان يعرف و إلا { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}(النحل:43) ، أما أنتَ حرٌّ ، و أنتَ لك الاختيار، و اختر من الأقوال ما تشاء، و اتبع مَن شئت؛ هذا لا يعترف به الإسلام و إن قاله الجهلَة من المقلدين أهل الأهواء فإن العلماء من كل المذاهب يُنكرون هذا الكلام، فهمتم هذا !
فيجب يا اخوة ! أن نحمِلَ هذا الروح الصادق لما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم ، و اتباع صحيح و اتباع كاذب في كل شأن من الشؤون، و أن نشعر في قراراتنا أننا لسنا أحراراً منطلقين كما نريد، الحرية المتوارثة من أوروبا و العياذ بالله ، لا! ؛ نحن عبيد، عبيد لله ، و لن نكون عبادا لله تبارك و تعالى صادقين إلا إذا استسلمنا لله استسلاماً كاملاً و انقدنا له انقيادا كاملاً في كل شؤون حياتنا.
الحث على تحقيق شروط النَّجاة
و يجب أن تكون حياتنا جادة في معرفة الحق و التمسك به و الثبات عليه، ثم يجب أن نتعلم، يجب أن ندرس، و نتعلم، ندرس كتاب الله، ندرس سنة الرسول عليه الصلاة و السلام، ندرس منها ، و ليس بالأماني و لان كان انتماءنا سلفيا
لابد من العلم ، فيه سلفية لكن سلفيته ، عنده توحيد لكن ما يدعو ، إيش يفيد النَّاس؟!
لابد أن نتعلَّم، نتعلم العقيدة، في أسماء الله، و في صفاته، و نعرف الحق بها، و نميِّز بين الحق و الباطل فيها، و نعرف السنة و البدعة فيها، و نعبد الله تبارك و تعالى بما شَرَع، على لسان الرسول عليه الصلاة و السلام، و نحقِّق مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ؛ فشهادة أن لا إله إلا الله لا يُعبد إلا الله ، و شهادة أن محمدا رسول الله لا يُعبد الله إلا بما شرع على لسان هذا الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام، فإذا قال : أشهد أن لا إله إلا الله سلَّم لله بكل أنواع العبودية، و إذا قال : أشهد أن محمداً رسول الله عرف أنه لا سبيل له في تحقيق هذه العبودية لله إلا عن طريق هذا الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام، في معرفة أوامره، و نواهيه ، و ما يُرضي الله ، و ما يُسخطه، و كل ذلك لا سبيل لي إلا عن طريق محمد عليه الصلاة و السلام.
ثم بعد ذلك نتعلَّم هذه الأشياء، ندعو النَّاس إلى الله تبارك و تعالى، ندعو النَّاس، كثير من النَّاس محتاجين إلى هذا الخير، إلى هذه النعمة، إلى منهج التوحيد، إلى نعمة السنة، و قد يكون هناك أُناسٌ على فطرة سليمة و طيِّبة، و يحبون الله، و يريدون الجنَّة، لكن لا يطرق طريق الصحيح الذي يُوصلهم إلى مرضاة الله تبارك و تعالى ، و التي تؤهلهم لأن يُحبهم الله و يُحبونه يعني يهدهم الله و يحبونه سبحانه و تعالى.
هذه طريقها التعليم التوجيه، و نشر هذه السنة؛ فنحن نتعلَّم نحب الله و نتعلم العلم الذي يُرسِّخ هذه المحبة لله و لرسوله في أنفسنا، ثم نسعى في إسعاد النَّاس بهذا الخير، و بهذا الهدي الصحيح، بهذه العقائد الصحيحة، بهذه المناهج الصحيحة، إبعادهم عن كل أسباب الشقاء، و أسباب الضلال التي يدعو إليها أهل الفتن و الضلال و التي قال الرسول عليه الصلاة و السلام حينما رسم طريق
صراط الله المستقيم طريق الجنة الوحيد الذي لا يدخل الجنة أحد إلا إذا عبر هذا الطريق السَّليم السَّديد فعنه يدخل الجنة إن شاء الله و يُرضي الله تبارك و تعالى، و يكون في عداد من أعدَّ الله لهم جنة عرضها السموات و الأرض.
و يسعى أن يكف الناس عن طريق الشر، أن يسد عليهم منافذ الشر بقدر ما يستطيع ، و يسد على الناس تلك السبل الشيطانية التي على كل سبيل منها شيطان ، يصرفهم عنها بالدعوة إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة، و ليس يا
اخوة الإيماني و لا كل هذه الأماني و الأحلام و الاستسلام للواقع لابد من النشاط في الدعوة إلى الله تبارك و تعالى، و الله تبارك و تعالى قد أخبر أن البشرية كلها في خسر إلا مَن آمن بالله و عمل صالحاً و دعا إلى الله و صبر على نشره { و العصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر}(سورة العصر) ، الإيمان ما يحصل إلا عن طريق العلم، بل بعض الناس يرون الإيمان هو العلم الصحيح، علم الكتاب و السنة، ثم بعد العلم العَمَل، العمل الصالح المنبثق عن كتاب الله و سنة الرسول عليه الصلاة و السلام، ثم الدعوة إلى الله تبارك و تعالى ، قال { و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر}،؛ فلن تنجو من هذا الخسار الماحق المحرق إلا بهذه الأربعة شروط؛ فنحن يعني تعلمنا العلم الصحيح ثم عملنا العمل الصالح، ثم نحن جادون في دعوة النَّاس إلى الله سبحانه و تعالى، ثم هل عندنا وطنَّا أنفسنا للصبر على كل ما نُلاقي من الأذى و المحن في سبيل إيصال هذا الخير للناس ؟
كل واحد يقف و يحاسب نفسه هل وفى هذه الأمور كلها حقها، هل تتوافر فينا شروط النَّجاة من الخسران فهي هذه أربعة شروط و إلا عليها قصور ؟! فإن كان عنده تقصير فليتدارك نفسه، و لينقد نفسه من الخسران.
أكتفي بهذا القدر، و ليس المُراد هو كثرة الكلام و إنما المراد الفهم ثم العمل.
أسأل الله تبارك و تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه، و من الجادين في سبيل نصرة هذا الدِّين و ( تبليغه ) إلى الناس بالدعوة الصادقة إلى الله و بالحكمة و الموعظة الحسنة .
أسأل الله أن يحقِّق هذا فينا جميعاً إن ربَّنا لسميع الدُّعاء، و صلى الله على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه و سلم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته)) انتهى
(وما بقي من الشريط ففيه محاضرة للشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه الله )
بـطـاقة الشريط
عنوان الشريط : لقاء الشيخان ربيع و الرحيلي
لـــ : الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
مدة الشريط : 60د
اسم التسجيلات : القرآن و السنة / وهران - الجزائر
التاريخ : غير معلوم
مع تحياتي الحارة
جزاه الله خيرا.
من مجَالِس شَيخِنَا العَلَّامَة المجَدِّد حَامِل لِوَاء الجَّرحِ وَ التَّعدِيل فِي هَذا العَصر
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله و سلمه
تفريغ لجلسة علمية مسجَّلة بعنوان
السَّبيل إِلَى تَحقِيق شُرُوطِ النَّجَاة
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله حق حمده، و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه و جنده، و بعد : -
فهذه جلسة علمية مسجلة عقدها شيخنا الإمـام حامل لواء الجرح و التعديل و مجدِّده في هذه الأزمان ـ بلا مدافعة ـ حفظه الله و سلمه، و نظرا لأهميتها قمت بتفريغها و نشرها ليعم الانتفاع بها،كما اجتهدت في وضع عناوين جانبية ليسهل الاستفادة منها، و أضفت ـ أيضاً ـ حروفا قليلة وضعتها بين قوسين لتستقيم العبارة و ينضبط المعنى .
و أُنبِّه القراء إلى أنني فرَّغت من الشريط كلام الشيخ ربيع ـ فقط ! ـ دون كلام غيره .
و الله أسأل أن يحفظ شيخنا و يرفع مكانته في الدنيا و الآخرة، و أن يهدي الجميع إلى الحق و سواء السبيل، إنه بكل جميل كفيل، و هو حسبنا و نعم الوكيل.
فرَّغ مادتها واعتنى بها
أبو عبد السلام هادي السلفي
غفر الله له و لوالديه و للمسلمين
و إليكم محتوى الشريط :
الوجـه الأول
((إنَّ الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
{ يا أَيُها الذَّينَ آمَنُواْ اتَّقُوا اللهَ حَقَ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأنْتُمْ مُسْلِمُون}( آل عمران : 102 ).
{يا أَيُها النَّاسُ اتَّقُوا ربَكُمُ الذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُوَنَ بِهِ وَالأرَحَامَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبَاً }(النساء : 01).
{يَا أيُهَا الذَّينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيْداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوْبَكُمْ وَمَنْ يُطِعَ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فُوْزَاً عَظِيْمَاً} (الأحزاب71 - 72 )
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
و بعد :
أهمية مجالس التذكير بنعم الله علينا
فأشكر الاخوة الذين أتاحُوا لنا فرصة هذا اللقاء الذي أرجو أن يكون لقاءً مُبَاركًا نَافِعًا، و.. و تذكير بعضنا لبعض بما يجب علينا، و ما يلزمنا من حق الله تبارك و تعالى علينا، و من حقِّ المسلمين علينا، و من حقِّ بعضنا على بعض.
فحق الله تبارك و تعالى علينا عظيم؛ و الله سبحانه و تعالى لم يخلقنا إلا لنقوم بهذا الحق، و هي عبادته سبحانه و امتثال أوامره، و اجتناب نواهيه، فيجب علينا أن نستشعر بعضنا نعمة الله علينا بنعمه العظيمة التي لا تحصى، و منها نعمة الإسلام، و منها نعمة التوحيد و السنَّة؛ فمَن وفقه الله للإسلام، و وفقه لمعرفة هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و منهجه و سنَّـته الغراء فهذه نعمة عظيمة لا تعدلها الدنيا بحذافرها، و لا يعدلها مُلك، و لا يعدلها شيء منَّها الله تبارك و تعالى و ( جعلنا ) من أوليائه، و ممن يحبُّه الله تبارك و تعالى، و يحب الله عز و جل.
حب العبد لله و علاماته
و الآن نذكر، نحن ذكرنا محبة الله لعباده و محبة العباد السابقين لله عز و جل، أَذكر الحديث ليلة خيبر التي بعث فيها أصحاب رسول الله يدكونها ليظفروا بشهادة الرسول عليه الصلاة و السلام "لأعطيَّن الرَّاية غداً رجلاً يفتح الله هعلى يديه؛ يُحب الله و رسولَه، و يُحبُّه الله و رسولُه" فبات الناس يدكون ليلتهم، أيهم يُعطاها ؟! " (البخاري و مسلم)، ما ناموا لأن هذه شهادة عظيمة؛ إنسان يتسلَّم الراية يُسلِّمها رسول الله قد قامت شهادة رسول الله عليه الصلاة و السلام لهذا الرجل بأنه يُحب الله و رسوله، و يُحبه الله و رسوله، قال عمر رضي الله عنه : " ما أحببت الإمـارة إلا يومئذ " (مسلم) ؛ من أجل ماذا ؟ من أجل أن يظفر بهذه الشهادة العظيمة التي عرف قيمتها أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم، و نحن قد يُقرأ علينا مثل هذا الحديث كثيرا ، كثيراً و لكن مشاعر كثيرا منَّا لا تُدرك هذا !
أما أصحاب محمد فقد أدركوا عَظَمَة هذه المنزلة و أنها عظيمة عند الله تبارك و تعالى، فباتوا ليلة يدكون من أجلها سَيَهُون، و يتطلعون، و تشرئب أعناقهم، و تمتد أعينهم إلى يد رسول الله صلى الله عليه و سلم، كلهم يقف هذا ليظفر بهذه المنزلة العظيمة، و الذي يظفر هذه المنزلة تهون عليه نفسه، و تهون عليه الحياة، و يَهون عليه كل شيء ليُرضي الله تبارك و تعالى الذي يُحبُّه؛ فتخسر المال و الولد و المنصب و الجاه و كل شيء للحفاظ على هذه الغاية أو من أجلها.
و من علامات محبَّة الله تبارك و تعالى أن تُحبَّ هذا الرسول و تُطيعه؛ فإذا أنت أحببت محمدا صلى الله عليه و سلم كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده و والده و النَّاس
أجمعين"(البخاري و مسلم) فقال عمر رضي الله عنه: لأنت يا رسول الله أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلا نفسي، فقال : " و الذي نفسي بيده، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك" فقال عمر : فإنك الآن أحب إلي من نفسي، فقال : " الآن يا عمر " (رواه البخاري) .
فمن علامة توفيق الله لك أنه يستشعر هذه المحبة ممَّا ؟ فيما بينه رسول الله عليه الصلاة و السلام و يطبقه عمليا، لا كما يقول أهل البدع و الضلال الذين لا يؤمنون بأن الله يُحب و لا تقوم فيه صفة المحبة، و لا أن العبد يُحبه الله ما ( هي عندهم ) إلا الطاعة فقط! ليس شيئاً زائداً عن الطاعة قالوا هذا لأنهم :
أولا : لا يؤمنون بأن الله موصوف بهذا الوصف.
ثانيا : أنهم هم لا يدركون لذة محبة الله تبارك و تعالى.
فعلامة أن الله يُحبك أن تُحبَّه و نحب رسوله و تحب القرآن و تحب السنة و تحب المؤمنين من الصحابة و قبلهم الأنبياء، و الملائكة، و المؤمنين الصادقين الصالحين على امتداد التاريخ الإنساني منذ أنزل الله آدم إلى أن تقوم الساعة، تُحبهم و تدعو لهم { و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاًّ لِّلَّذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم }(الحشر:10)، و الله يقول { إن كُنتم تحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله}(آل عمران:31) ، هذا جزاء من الله تبارك و تعالى وَعْدًا صادقاً رتَّب عليه هذا الجزاء العظيم ، هو أنك إذا اتبعت هذا الرسول صادقا مُخلصاً فإنَّ الله يحبك، و لن تظفر بهذه المحبة العظيمة التي لا يعدلها شيء، لن تظفر بها إلا باتِّباع هذا الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام، و تحكيمه و الاحتكام إليه في كل شأن من الشؤون دقَّ أو جل من العقائد و العبادات و الأخلاق و المعاملات فكما ربط الله تبارك و تعالى محبَّته أو حصول محبته باتباع هذا الرسول كذلك رتَّب الإيمان
على الاحتكام إلى هذا الرسول في كل شأن من الشؤون، و أقسم قسما مؤكدا بأشد أنواع التأكيد على أنه لا يحصل إيمان لأحد إلا إذا حكَّم هذا الرسول هذا التحكيم شاملٌ لكل القضايا في هذه الحياة { فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما}(النساء: 65)؛ فبعض النَّاس ترى هذا التَّحكيم في الحاكمية التي تتبوأ أصحابها الكراسي، و لا يفهمون الحاكمية إلا الجانب السياسي من الإسلام، و ناس يَرون يُمكن تحكيم الله في العقائد لكن في الفروع ما يلزم إذا اختلفنا هنا تنوعت الوظائف فكل واحدٍ حرٌّ يأخذ من العقائد ما يشاء، و (يتبع) مَن يريد!!
ليس كذلك ، هذا التحكيم واجب و الرجوع إلى الله و إلى رسوله في كل شأن من الشؤون في العقائد في التوحيد في العبادات في الفروع في كل شأن من شؤوننا، ممَّا يدل على هذا : الحديث الصحيح الوارد في البخاري و مسلم؛ " أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه و سلم، في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري : سرِّح الماء يمرُّ، فأبى عليهم، فاختصموا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم للزُّببير : " اسق، يا زبير ! ثم أرسل الماء إلى جارك" فغضب الأنصاري، فقال : يا رسول الله! أن كان ابن عمتك ! فتلوَّن وجه نبي الله صلى الله عليه و سلم، ثم قال : " يا زبير ! اسق، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر" (البخاري و مسلم ) ،في قضية فرعية من أصغر المسائل التي يحصل فيها الخلاف قال {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم }(النساء:65) ، و هذا أمرٌ بالإجماع، إجماع الصحابة و التابعين و أئمة الهدى، فليس الإنسان حرا في دينه، في عقيدته، و لا في عبادته، و لا في معاملاته، و ليس له أي اختيار أبداً { و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى اللهُ و رسولُه أمراً أن يكون لهم الخِيرة من أمرهم} ؛ في كل شأن، الخلاف في الأصول، و في الفروع الذي يجتهد و يتحرى
الحق فإنْ أصاب فله أجران ، و إن أخطأ فواحد. أما إذا لم يجتهد و لم يتحر الحق و لا يُبالي ، و قد يمتهن الحق و يرفضه، فهذا لاحقه الوعيد الشديد، و تنـتظمه الآية { فلا و ربك لا يؤمنون} كائناً مَن كان، فإنك تجد كثيرا من النَّاس يستروحون إلى ما عندهم من الأخطاء و الانحرافات العقدية أو المنهجية في العبادات و في غيرها، في المعاملات في الحلال و الحرام في كل شأن !
لابد أن يبحث المؤمن عن حكم الله و يجتهد في معرفته حتى يصل إلى الحق إن كان يعرف و إلا { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}(النحل:43) ، أما أنتَ حرٌّ ، و أنتَ لك الاختيار، و اختر من الأقوال ما تشاء، و اتبع مَن شئت؛ هذا لا يعترف به الإسلام و إن قاله الجهلَة من المقلدين أهل الأهواء فإن العلماء من كل المذاهب يُنكرون هذا الكلام، فهمتم هذا !
فيجب يا اخوة ! أن نحمِلَ هذا الروح الصادق لما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم ، و اتباع صحيح و اتباع كاذب في كل شأن من الشؤون، و أن نشعر في قراراتنا أننا لسنا أحراراً منطلقين كما نريد، الحرية المتوارثة من أوروبا و العياذ بالله ، لا! ؛ نحن عبيد، عبيد لله ، و لن نكون عبادا لله تبارك و تعالى صادقين إلا إذا استسلمنا لله استسلاماً كاملاً و انقدنا له انقيادا كاملاً في كل شؤون حياتنا.
الحث على تحقيق شروط النَّجاة
و يجب أن تكون حياتنا جادة في معرفة الحق و التمسك به و الثبات عليه، ثم يجب أن نتعلم، يجب أن ندرس، و نتعلم، ندرس كتاب الله، ندرس سنة الرسول عليه الصلاة و السلام، ندرس منها ، و ليس بالأماني و لان كان انتماءنا سلفيا
لابد من العلم ، فيه سلفية لكن سلفيته ، عنده توحيد لكن ما يدعو ، إيش يفيد النَّاس؟!
لابد أن نتعلَّم، نتعلم العقيدة، في أسماء الله، و في صفاته، و نعرف الحق بها، و نميِّز بين الحق و الباطل فيها، و نعرف السنة و البدعة فيها، و نعبد الله تبارك و تعالى بما شَرَع، على لسان الرسول عليه الصلاة و السلام، و نحقِّق مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ؛ فشهادة أن لا إله إلا الله لا يُعبد إلا الله ، و شهادة أن محمدا رسول الله لا يُعبد الله إلا بما شرع على لسان هذا الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام، فإذا قال : أشهد أن لا إله إلا الله سلَّم لله بكل أنواع العبودية، و إذا قال : أشهد أن محمداً رسول الله عرف أنه لا سبيل له في تحقيق هذه العبودية لله إلا عن طريق هذا الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام، في معرفة أوامره، و نواهيه ، و ما يُرضي الله ، و ما يُسخطه، و كل ذلك لا سبيل لي إلا عن طريق محمد عليه الصلاة و السلام.
ثم بعد ذلك نتعلَّم هذه الأشياء، ندعو النَّاس إلى الله تبارك و تعالى، ندعو النَّاس، كثير من النَّاس محتاجين إلى هذا الخير، إلى هذه النعمة، إلى منهج التوحيد، إلى نعمة السنة، و قد يكون هناك أُناسٌ على فطرة سليمة و طيِّبة، و يحبون الله، و يريدون الجنَّة، لكن لا يطرق طريق الصحيح الذي يُوصلهم إلى مرضاة الله تبارك و تعالى ، و التي تؤهلهم لأن يُحبهم الله و يُحبونه يعني يهدهم الله و يحبونه سبحانه و تعالى.
هذه طريقها التعليم التوجيه، و نشر هذه السنة؛ فنحن نتعلَّم نحب الله و نتعلم العلم الذي يُرسِّخ هذه المحبة لله و لرسوله في أنفسنا، ثم نسعى في إسعاد النَّاس بهذا الخير، و بهذا الهدي الصحيح، بهذه العقائد الصحيحة، بهذه المناهج الصحيحة، إبعادهم عن كل أسباب الشقاء، و أسباب الضلال التي يدعو إليها أهل الفتن و الضلال و التي قال الرسول عليه الصلاة و السلام حينما رسم طريق
صراط الله المستقيم طريق الجنة الوحيد الذي لا يدخل الجنة أحد إلا إذا عبر هذا الطريق السَّليم السَّديد فعنه يدخل الجنة إن شاء الله و يُرضي الله تبارك و تعالى، و يكون في عداد من أعدَّ الله لهم جنة عرضها السموات و الأرض.
و يسعى أن يكف الناس عن طريق الشر، أن يسد عليهم منافذ الشر بقدر ما يستطيع ، و يسد على الناس تلك السبل الشيطانية التي على كل سبيل منها شيطان ، يصرفهم عنها بالدعوة إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة، و ليس يا
اخوة الإيماني و لا كل هذه الأماني و الأحلام و الاستسلام للواقع لابد من النشاط في الدعوة إلى الله تبارك و تعالى، و الله تبارك و تعالى قد أخبر أن البشرية كلها في خسر إلا مَن آمن بالله و عمل صالحاً و دعا إلى الله و صبر على نشره { و العصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر}(سورة العصر) ، الإيمان ما يحصل إلا عن طريق العلم، بل بعض الناس يرون الإيمان هو العلم الصحيح، علم الكتاب و السنة، ثم بعد العلم العَمَل، العمل الصالح المنبثق عن كتاب الله و سنة الرسول عليه الصلاة و السلام، ثم الدعوة إلى الله تبارك و تعالى ، قال { و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر}،؛ فلن تنجو من هذا الخسار الماحق المحرق إلا بهذه الأربعة شروط؛ فنحن يعني تعلمنا العلم الصحيح ثم عملنا العمل الصالح، ثم نحن جادون في دعوة النَّاس إلى الله سبحانه و تعالى، ثم هل عندنا وطنَّا أنفسنا للصبر على كل ما نُلاقي من الأذى و المحن في سبيل إيصال هذا الخير للناس ؟
كل واحد يقف و يحاسب نفسه هل وفى هذه الأمور كلها حقها، هل تتوافر فينا شروط النَّجاة من الخسران فهي هذه أربعة شروط و إلا عليها قصور ؟! فإن كان عنده تقصير فليتدارك نفسه، و لينقد نفسه من الخسران.
أكتفي بهذا القدر، و ليس المُراد هو كثرة الكلام و إنما المراد الفهم ثم العمل.
أسأل الله تبارك و تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه، و من الجادين في سبيل نصرة هذا الدِّين و ( تبليغه ) إلى الناس بالدعوة الصادقة إلى الله و بالحكمة و الموعظة الحسنة .
أسأل الله أن يحقِّق هذا فينا جميعاً إن ربَّنا لسميع الدُّعاء، و صلى الله على نبيِّنا محمد و على آله و صحبه و سلم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته)) انتهى
(وما بقي من الشريط ففيه محاضرة للشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه الله )
انتهى تفريغ المادة المسجلة بحمد الله و فضله.
يوم: 08/01/1425من الهجرة النبوية
بـطـاقة الشريط
عنوان الشريط : لقاء الشيخان ربيع و الرحيلي
لـــ : الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
مدة الشريط : 60د
اسم التسجيلات : القرآن و السنة / وهران - الجزائر
التاريخ : غير معلوم
مع تحياتي الحارة
أخوكم حليف الندى
جزاه الله خيرا.