مفاجأة للشيعة
أتدرون من الذي بنى الكوفة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
قد يتفاجأ الكثير - وخصوصا من أبناء الطائفة الشيعية- بمثل هذه المعلومة التي هي في الواقع مبثوثة مشهورة في كتب البلدان والتواريخ وغيرها, وخصوصا أنها متعلقة بمكان هو من أعظم الأماكن المقدسة عندهم, ألا وهي مدينة الكوفة ومسجدها المعظم هناك.
كيف لا؛ وإمامهم المجلسي يروي في "بحار الأنوار" عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال: ((الكوفة روضة من رياض الجنة، فيها قبر نوح وإبراهيم وقبور ثلاثمائة نبي وسبعين نبيا وستمائة وصي، وقبر سيد الأوصياء أمير المؤمنين - عليه السلام - )).([1])
وأما مسجدها المعظم وهو أعظم مقدساتها وأكبرها وأجلها في نظرهم, فيروي المجلسي في فضله عن جعفر بن محمد - عليه السلام - أنه قال: ((لو يعلم الناس ما فيه لأتوه ولو حبوا)) ويقول: (( والذي نفسي بيده لو يعلم الناس من فضله ما أعلم لازدحموا عليه )) ([2])
وفي الأمالي والبحار أيضا, عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (( الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة ، والبركة منه على اثني عشر ميلا ، يمينه يمن ويساره مكر ، وفي وسطه عين من دهن وعين من لبن وعين من ماء شرابا للمؤمنين وعين من ماء طهرا للمؤمنين)) وقال : (( ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلا أجابه الله وفرج عنه كربته)) ([3]).
وفي الأمالي والبحار عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال في مسجد الكوفة: ((وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم ، يشفع لأهله ولمن صلى فيه ، فلا ترد شفاعته )) وقال: (( لو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا على الثلج ))([4]) .
السؤال؟!
ولكن يبقى السؤال هنا يا ترى من بنى هذه المدينة المعظمة؟ التي هي مثوى الأنبياء ومقام الأصفياء كما تعتقد الشيعة ؟ بل هي روضة من رياض الجنة كما في مروياتهم؟
ومن هو الذي بنى مسجدها المعظم؟ الذي هو عندهم خير المساجد بعد الحرمين الشريفين؟ والصلاة فيه خير من ألف صلاة؟ بل تعدل الصلاة الواحدة فيه حجة مبرورة أو عمرة مشكورة؟
وهذه إنما هي بعض فضائله التي عُلمت, ولو علم الناس كل فضائله لأتوه من شتى البقاع ومن مختلف الاصقاع زحفا وحبوا ولو على الثلوج.
لاشك عند كل ذي عقل أن من سيبني هذه الرياض من رياض الجنة, لن يكون إلا مؤمنا صالحا تقيا, بل إماما عظيما كريما, وفقه الله تعالى لبناء مثل هذه المدينة العظيمة وهذا المسجد الكريم, كما يعتقد الشيعة.
فتعالوا بنا نستطلع بعض كتب التاريخ لنعرف هذه الحقيقة الظاهرة المغيبة.
ولنعرف من هو هذا الرجل الذي جعله الله سببا في حصول كل هذه الفضائل والخصال, واختاره الله من بين كل الرجال, ليؤسس بقعة هي من أطهر البقاع, ويبني مكانا من أقدس الأمكنة, كما تعتقد الشيعة.
من الذي بنى الكوفة؟
ذكر الطبري في "تاريخه"([5]), وابن الأثير في "الكامل"([6]), وابن كثير في "البداية والنهاية"([7]), والمطهر بن مطهر المقدسي في "البدء والتاريخ"([8]), وياقوت الحموي في "معجم البلدان"([9]), والبلاذري في "فتوح البلدان"([10]), وأبو الحسن الهروي في "الإشارات إلى معرفة الزيارات"([11]), وأبو عبيد البكري الأندلسي في "معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع"([12]).
وذكر عدة من علماء الشيعة ومؤرخوها كاليعقوبي في "تاريخه"([13]) وفي كتابه "البلدان"([14]) - وهو شيعي إمامي-, والمسعودي في "مروج الذهب" - وهو شيعي إمامي-, والسيد البراقي - الشيعي- في "تاريخ الكوفة", ومحمد الطريحي - الشيعي- في كتابه "العتبات المقدسة في الكوفة", وتجد هذا أيضا في "الموقع الرسمي لأمانة مسجد الكوفة والمزارات الملحقة به" على شبكة الإنترنت.
كلهم ذكروا ما محصله أن أول من أسس الكوفة وشيد بناءها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وأرضاه -, وذلك على يد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -, حيث أمره عمر - رضي الله عنه - في السنة السابعة عشر للهجرة ببناء هذه المدينة([15]), وأمره أن يبتدأ بناءها ببناء المسجد الجامع فيها وهو المسجد المعظم عند الشيعة الآن في الكوفة, والذي يقصدونه من شتى البقاع والأماكن([16]).
وقفتان
ولنا مع هذه الحقيقة التاريخية وقفتان يسيرتان:
الوقفة الأولى: الشيعة عالة على أهل السنة:
مما نستفيده من مثل هذه الحقائق أن الرافضة إن أرادوا الانتساب للإسلام وأهله, فإنه في الواقع لا تاريخ لهم صحيح, ولا عقيدة صحيحة, ولا علم صحيح، إلا وهو مستفاد من أهل السنة وهم فيه عالة على أهل السنة, لأن أهل السنة هم أهل الإسلام الحقيقي.
وهذا الأمر متقرر ومعلوم وملحوظ فالشيعة عالة على أهل السنة في شتى العلوم, فما معهم من علم في مصطلح الحديث فإنما هو مأخوذ من علوم أهل السنة, وقل مثل هذا في أصول الفقه, وفي الفقه نفسه, بل وفي التاريخ, بل وحتى في كثير من الأماكن المقدسة عندهم كما تبين لك من هذا البحث, فإن باني هذا المكان المعظم عندهم هو أحد أعلام أهل السنة ألا وهو عمر الفاروق رضي الله عنه, بل حتى رموزهم الذين يغلون فيهم فإن كثيرا منهم ما هم في الحقيقة إلا أعلام من أعلام أهل السنة كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابنه الحسن وابنه الحسين رضي الله عنهم, والإمام جعفر الصادق رحمه الله، فكل هؤلاء وغيرهم إنما هم أعلام من أعلام أهل السنة, بل وحتى القرآن الكريم وحفظه وعلومه, هم في الحقيقة بعيدون كل البعد عنه وما تعلموه فيه أو حفظوه منه فإنما هو على يد أهل السنة أو عن طريق كتبهم وتراثهم.
وذلك لأن أهل السنة هم أهل الإسلام, ومن أراد الدخول في دين فلا بد أن يكون عالة فيه على أهله. فلا يمكن أن ينسب الرافضة أنفسهم للإسلام إلا ويكونوا عالة في مبادئه وتعاليمه ومقدساته ورموزه على أهل السنة.[17]
وإلا فليبحثوا لهم عن دين آخر ينتسبون إليه.
الوقفة الثانية: فضل من بنى هذه المدينة وشيد مسجدها المعظم:
كنت أرغب في عرض شيء مما روي في فضل بناء المساجد عند الشيعة, ولكني رأيت أن اكتفي هنا بذكر هذا الحديث, فما ورد فيه يغني عن عشرين حديثا.
فقد روى المجلسي بإسناده عن رسول الله الأكرم - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: (( ومن بنى مسجداً في الدنيا بنى الله له بكلّ شبر منه أو بكلّ ذراع مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهبٍ وفضّةٍ ودرّ وياقوت وزمرّد وزبرجد، في كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كلّ قصر أربعون ألف ألف دار، في كلّ دار أربعون ألف ألف بيت، في كلّ بيت أربعون ألف ألف سرير، على كلّ سرير زوجة من الحور العين، ولكلّ زوجة ألف ألف وصيف وأربعون ألف ألف وصيفة، في كلّ بيت أربعون ألف ألف مائدة, على كلّ مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كلّ قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام، ويُعطي الله وليّه من القوّة ما يأتي على تلك الأزواج وعلى ذلك الطعام وعلى ذلك الشراب في يوم واحد))([18]).
فإذا كان هذا ثواب من بنى مسجدا من المساجد أيا كان هذا المسجد, فما بالك بمن بنى مسجدا من أعظم المساجد, بل هو ثالث أعظم مسجد في الدنيا كلها كما يعتقد الشيعة؟
يا ترى ما فضل صاحبه, وما هو جزيل ثوابه؟
اترك الإجابة لعقلاء الشيعة؟
وهي لا تخلو من إجابات ثلاث:
إما أن يكون من بنى هذه الأرض المقدسة, مؤمنا صادقا.
وذلك بخلاف ما تصفون به الفاروق عمر رضي الله عنه من الكفر والنفاق والردة والفجور وأن كفره مساو لكفر إبليس والعياذ بالله, فهل مثل هذا يبني مثل هذه المدينة المقدسة الفاضلة – على حد ما تزعمون-؟!
وهذا أيضا بخلاف ما تصفون به سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه, من أنه قارون هذه الأمة كما وصفه إمامكم العاملي, وأن ما من شعرة في جسمه إلا وفي أصلها شيطان كما روى إمامكم الصدوق, فهل مثل هذا يبني هذه المدينة العظيمة, وهذا المسجد الكريم -كما تعتقدون-؟!
وإما أن تكون هذه الفضائل المنسوبة لهذه المدينة كلها منسوجة مكذوبة.
وإما أن يكون كلا الأمرين صحيحا؛ وهو الحق الذي لا مرية فيه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه/ أبو عبد العزيز هيثم بن قاسم الحمري
مملكة البحرين – في السادس والعشرين من شهر ذي القعدة لعام 1435ه
الموافق للعشربن من الشهر التاسع لعام 2014م
أتدرون من الذي بنى الكوفة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
قد يتفاجأ الكثير - وخصوصا من أبناء الطائفة الشيعية- بمثل هذه المعلومة التي هي في الواقع مبثوثة مشهورة في كتب البلدان والتواريخ وغيرها, وخصوصا أنها متعلقة بمكان هو من أعظم الأماكن المقدسة عندهم, ألا وهي مدينة الكوفة ومسجدها المعظم هناك.
كيف لا؛ وإمامهم المجلسي يروي في "بحار الأنوار" عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال: ((الكوفة روضة من رياض الجنة، فيها قبر نوح وإبراهيم وقبور ثلاثمائة نبي وسبعين نبيا وستمائة وصي، وقبر سيد الأوصياء أمير المؤمنين - عليه السلام - )).([1])
وأما مسجدها المعظم وهو أعظم مقدساتها وأكبرها وأجلها في نظرهم, فيروي المجلسي في فضله عن جعفر بن محمد - عليه السلام - أنه قال: ((لو يعلم الناس ما فيه لأتوه ولو حبوا)) ويقول: (( والذي نفسي بيده لو يعلم الناس من فضله ما أعلم لازدحموا عليه )) ([2])
وفي الأمالي والبحار أيضا, عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (( الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة ، والبركة منه على اثني عشر ميلا ، يمينه يمن ويساره مكر ، وفي وسطه عين من دهن وعين من لبن وعين من ماء شرابا للمؤمنين وعين من ماء طهرا للمؤمنين)) وقال : (( ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلا أجابه الله وفرج عنه كربته)) ([3]).
وفي الأمالي والبحار عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال في مسجد الكوفة: ((وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم ، يشفع لأهله ولمن صلى فيه ، فلا ترد شفاعته )) وقال: (( لو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا على الثلج ))([4]) .
السؤال؟!
ولكن يبقى السؤال هنا يا ترى من بنى هذه المدينة المعظمة؟ التي هي مثوى الأنبياء ومقام الأصفياء كما تعتقد الشيعة ؟ بل هي روضة من رياض الجنة كما في مروياتهم؟
ومن هو الذي بنى مسجدها المعظم؟ الذي هو عندهم خير المساجد بعد الحرمين الشريفين؟ والصلاة فيه خير من ألف صلاة؟ بل تعدل الصلاة الواحدة فيه حجة مبرورة أو عمرة مشكورة؟
وهذه إنما هي بعض فضائله التي عُلمت, ولو علم الناس كل فضائله لأتوه من شتى البقاع ومن مختلف الاصقاع زحفا وحبوا ولو على الثلوج.
لاشك عند كل ذي عقل أن من سيبني هذه الرياض من رياض الجنة, لن يكون إلا مؤمنا صالحا تقيا, بل إماما عظيما كريما, وفقه الله تعالى لبناء مثل هذه المدينة العظيمة وهذا المسجد الكريم, كما يعتقد الشيعة.
فتعالوا بنا نستطلع بعض كتب التاريخ لنعرف هذه الحقيقة الظاهرة المغيبة.
ولنعرف من هو هذا الرجل الذي جعله الله سببا في حصول كل هذه الفضائل والخصال, واختاره الله من بين كل الرجال, ليؤسس بقعة هي من أطهر البقاع, ويبني مكانا من أقدس الأمكنة, كما تعتقد الشيعة.
من الذي بنى الكوفة؟
ذكر الطبري في "تاريخه"([5]), وابن الأثير في "الكامل"([6]), وابن كثير في "البداية والنهاية"([7]), والمطهر بن مطهر المقدسي في "البدء والتاريخ"([8]), وياقوت الحموي في "معجم البلدان"([9]), والبلاذري في "فتوح البلدان"([10]), وأبو الحسن الهروي في "الإشارات إلى معرفة الزيارات"([11]), وأبو عبيد البكري الأندلسي في "معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع"([12]).
وذكر عدة من علماء الشيعة ومؤرخوها كاليعقوبي في "تاريخه"([13]) وفي كتابه "البلدان"([14]) - وهو شيعي إمامي-, والمسعودي في "مروج الذهب" - وهو شيعي إمامي-, والسيد البراقي - الشيعي- في "تاريخ الكوفة", ومحمد الطريحي - الشيعي- في كتابه "العتبات المقدسة في الكوفة", وتجد هذا أيضا في "الموقع الرسمي لأمانة مسجد الكوفة والمزارات الملحقة به" على شبكة الإنترنت.
كلهم ذكروا ما محصله أن أول من أسس الكوفة وشيد بناءها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وأرضاه -, وذلك على يد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -, حيث أمره عمر - رضي الله عنه - في السنة السابعة عشر للهجرة ببناء هذه المدينة([15]), وأمره أن يبتدأ بناءها ببناء المسجد الجامع فيها وهو المسجد المعظم عند الشيعة الآن في الكوفة, والذي يقصدونه من شتى البقاع والأماكن([16]).
وقفتان
ولنا مع هذه الحقيقة التاريخية وقفتان يسيرتان:
الوقفة الأولى: الشيعة عالة على أهل السنة:
مما نستفيده من مثل هذه الحقائق أن الرافضة إن أرادوا الانتساب للإسلام وأهله, فإنه في الواقع لا تاريخ لهم صحيح, ولا عقيدة صحيحة, ولا علم صحيح، إلا وهو مستفاد من أهل السنة وهم فيه عالة على أهل السنة, لأن أهل السنة هم أهل الإسلام الحقيقي.
وهذا الأمر متقرر ومعلوم وملحوظ فالشيعة عالة على أهل السنة في شتى العلوم, فما معهم من علم في مصطلح الحديث فإنما هو مأخوذ من علوم أهل السنة, وقل مثل هذا في أصول الفقه, وفي الفقه نفسه, بل وفي التاريخ, بل وحتى في كثير من الأماكن المقدسة عندهم كما تبين لك من هذا البحث, فإن باني هذا المكان المعظم عندهم هو أحد أعلام أهل السنة ألا وهو عمر الفاروق رضي الله عنه, بل حتى رموزهم الذين يغلون فيهم فإن كثيرا منهم ما هم في الحقيقة إلا أعلام من أعلام أهل السنة كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابنه الحسن وابنه الحسين رضي الله عنهم, والإمام جعفر الصادق رحمه الله، فكل هؤلاء وغيرهم إنما هم أعلام من أعلام أهل السنة, بل وحتى القرآن الكريم وحفظه وعلومه, هم في الحقيقة بعيدون كل البعد عنه وما تعلموه فيه أو حفظوه منه فإنما هو على يد أهل السنة أو عن طريق كتبهم وتراثهم.
وذلك لأن أهل السنة هم أهل الإسلام, ومن أراد الدخول في دين فلا بد أن يكون عالة فيه على أهله. فلا يمكن أن ينسب الرافضة أنفسهم للإسلام إلا ويكونوا عالة في مبادئه وتعاليمه ومقدساته ورموزه على أهل السنة.[17]
وإلا فليبحثوا لهم عن دين آخر ينتسبون إليه.
الوقفة الثانية: فضل من بنى هذه المدينة وشيد مسجدها المعظم:
كنت أرغب في عرض شيء مما روي في فضل بناء المساجد عند الشيعة, ولكني رأيت أن اكتفي هنا بذكر هذا الحديث, فما ورد فيه يغني عن عشرين حديثا.
فقد روى المجلسي بإسناده عن رسول الله الأكرم - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: (( ومن بنى مسجداً في الدنيا بنى الله له بكلّ شبر منه أو بكلّ ذراع مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهبٍ وفضّةٍ ودرّ وياقوت وزمرّد وزبرجد، في كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كلّ قصر أربعون ألف ألف دار، في كلّ دار أربعون ألف ألف بيت، في كلّ بيت أربعون ألف ألف سرير، على كلّ سرير زوجة من الحور العين، ولكلّ زوجة ألف ألف وصيف وأربعون ألف ألف وصيفة، في كلّ بيت أربعون ألف ألف مائدة, على كلّ مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كلّ قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام، ويُعطي الله وليّه من القوّة ما يأتي على تلك الأزواج وعلى ذلك الطعام وعلى ذلك الشراب في يوم واحد))([18]).
فإذا كان هذا ثواب من بنى مسجدا من المساجد أيا كان هذا المسجد, فما بالك بمن بنى مسجدا من أعظم المساجد, بل هو ثالث أعظم مسجد في الدنيا كلها كما يعتقد الشيعة؟
يا ترى ما فضل صاحبه, وما هو جزيل ثوابه؟
اترك الإجابة لعقلاء الشيعة؟
وهي لا تخلو من إجابات ثلاث:
إما أن يكون من بنى هذه الأرض المقدسة, مؤمنا صادقا.
وذلك بخلاف ما تصفون به الفاروق عمر رضي الله عنه من الكفر والنفاق والردة والفجور وأن كفره مساو لكفر إبليس والعياذ بالله, فهل مثل هذا يبني مثل هذه المدينة المقدسة الفاضلة – على حد ما تزعمون-؟!
وهذا أيضا بخلاف ما تصفون به سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه, من أنه قارون هذه الأمة كما وصفه إمامكم العاملي, وأن ما من شعرة في جسمه إلا وفي أصلها شيطان كما روى إمامكم الصدوق, فهل مثل هذا يبني هذه المدينة العظيمة, وهذا المسجد الكريم -كما تعتقدون-؟!
وإما أن تكون هذه الفضائل المنسوبة لهذه المدينة كلها منسوجة مكذوبة.
وإما أن يكون كلا الأمرين صحيحا؛ وهو الحق الذي لا مرية فيه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه/ أبو عبد العزيز هيثم بن قاسم الحمري
مملكة البحرين – في السادس والعشرين من شهر ذي القعدة لعام 1435ه
الموافق للعشربن من الشهر التاسع لعام 2014م
([1]) بحار الأنوار :( 97 / 404 ح 61 ), وفرحة الغري :( 98 ح 45).
([2]) بحار الأنوار : (79 / 395 ح 30 )، وكذا : فضل الكوفة ومساجدها للمشهدي : (35) ، والمزار : (129 ح 10)، ومستدرك الوسائل : (3 / 409 ح 1) .
([3]) كامل الزيارات : (80 ح 19 )، بحار الأنوار : (97 / 403 ح 59 ).
([4]) أمالي الصدوق : (298 ح 8 )، بحار الأنوار : (97 / 389 - 390 ح 14).
([5]) ( 3/ 579 ).
([6]) ( 2 / 352 ).
([7]) ( 7 / 86 ).
([8]) ( 4 / 89).
([9]) ( 4 / 491 ).
([10]) ( ص: 270).
([11]) (ص: 72).
([12]) ( 4 / 142 ).
([13]) ( 1 / 162).
([14]) (ص: 147).
([15]) ولا شك ولا ريب أن عمر الفاروق - رضي الله عنه وأرضاه -, ما أمر ببنائها إلا لتكون داراً من ديار المؤمنين القائمة على التوحيد والسنة وعلى هذا كانت في عهده رضي الله عنه, ولكن للأسف أصبحت أكثر معالمها اليوم معالم للشرك والوثنية التي جاء الإسلام بالقضاء عليها, فالله حسيب كل مبدل للشرع والملة.
([16]) وأما ما ذكره بعض علماء الشيعة من أن مسجد الكوفة, كان من قبل خلق آدم بألآف السنين, وكان معبدا للملائكة في ذلك الزمن، أو أن آدم هو أول من بناه, وتعاقب عليه الأنبياء, فهو من الأساطير الباطلة التي لا يدل عليها نقل صحيح ولا عقل سليم ولا تاريخ موثوق, وغاية ما فيها روايات واهية مكذوبة مخالفة لما قرره أهل التاريخ والسير. وحتى لو سلمنا بذلك, فيبقى الفضل في بنائه وإعادة إعماره, بل وفي تأسيس الكوفة كلها للفاروق عمر -رضي الله عنه وأرضاه-.
[17] ونقصد في كل هذه الأشياء ما صح من هذه الأمور ووافق الإسلام منها.
([18]) بحار الأنوار (ج 8 ص 193).