بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جديد سلسلة علمني ديني
للشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله تعالى
من الصفحة الرسمية للشيخ بالفيس بوك
علمني ديني :
أنه ليس من المطلوب مني أن أقيم دولة خلافة إسلامية؛ بل هذه من مسؤوليات ولي الأمر
فأنا أعاونه وأساعده بتقديم السمع والطاعة له، في غير معصية، وتقديم الرأي والمشورة له و النصيحة في خاصة نفسه.
واعلم أن الفِرَق والأحزاب التي جعلت من مقاصدها إقامة دولة الخلافة الراشدة قد ضلت الطريق وخالفت الدين.
ودليل ضلالها: أن معنى ذلك عدم لزوم الجماعة و لا السمع والطاعة لولاة الأمر؛ لأن معنى السعي لإقامة الخلافة الراشدة الخروج على الجماعة/ وترك السمع والطاعة لولاة الأمر، والأصل لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولاة الأمر، وحفظ البيعة لهم على ذلك، في غير معصية، ومعاونتهم في المعروف، عسى الله أن يعينهم على تحقيق الخلافة الراشدة لأن هذه من مسؤولياتهم وليست مسؤولية أفراد المسلمين، وما تنادي به التنظيمات والجماعات الحزبية الضالة. ولذلك جميعها تتبنى ذلك إما علناً وإمّا بالسر وتربي عليه أتباعها!
وانظر كيف جعل ابن تيمية (ت728هـ)رحمه الله القضية متعلقة بالأئمة، ولم يجعلها من شأن عامة الناس ولا خواصهم؛ حيث قال رحمه الله في مجموع الفتاوى (34/ 175، 176): "والسُّنّة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوّابه، فإذا فرض أن الأئمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق"اهـ.
واعلم أن المتقرر عند أهل السنة والجماعة في التعامل مع ولي الأمر، هو لزوم الجماعة والسمع والطاعة له، في غير معصية يأمر بها، حتى ولو قصر أو عجز عن إقامة دولة الخلافة.
قال أحمد بن حنبل (ت241هـ) رحمه الله ( أصول السنة رواية عبدوس ص64.): "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين".اهـ.
ولزوم ذلك حتى ولو عجز الأئمة عن إقامة الخلافة ، أو عصوا في ذلك؛ وهذا بإجماع أهل العلم، في جميع الأعصار، حتى يومنا هذا، فلم نسمع ولم نقرأ لعالم أنه يدعو إلى نبذ البيعة والخروج عن الجماعة لأن ولي الأمر لم يسع لدولة الخلافة.
ولما ذكر ابن كثير (ت749هـ) رحمه الله هذه المسألة في تفسيره (1/ 74) (ط. مكتبة النهضة بمكة المكرمة).قال: "وهذا يشبه حال الخلفاء من بني العباس بالعراق، والفاطميين بمصر، والأمويين بالمغرب"اهـ.
وقال محمد بن عبد الوهاب التميمي (ت1206هـ) رحمه الله(الدرر السنية 9/ 5): "الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء ولولا هذا ما استقامت الدنيا لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم"اهـ (4).
وقال الشوكاني (ت1250هـ) رحمه الله (السيل الجرار 4/ 502. وانظر منه (4/ 512): "لما اتسعت أقطار الإسلام، ووقع الاختلاف بين أهله، واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان؛ اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه. وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد، بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الغاية"اهـ.
علمني ديني:
أن هلاك هذه الأمة إنما يكون بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
أخرج مسلم في صحيحه تحت رقم (2889)، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا -أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا».
علمني ديني:
أن من أهم سمات المؤمن أنه شخصية مرنة، لا يتصلب إذا نزل البلاء، هين لين. سمح في تعامله مع غيره، رفيقًا في أمره.
أخرج البخاري (7466): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﭬ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا فَإِذَا سَكَنَتْ اعْتَدَلَتْ وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ».
علمني ديني:
أن العصمة من الافتراق والاختلاف هي في لزوم سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده صلى الله عليه وسلم.
دليل ذلك: ما جاء عن العرباض بن سارية قال رسول الله ﷺ: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم ما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدًا حبشيًّا فإنما المؤمنون كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد».
حديث حسن عن العرباض بن سارية ﭬ: أخرجه أحمد فِي المسند (4/ 126، 127)، والدارمي فِي المقدمة، باب اتباع السنة، والترمذي فِي كتاب العلم، باب ما جاء فِي الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث رقم (2676)، وأبو داود فِي كتاب السنة، باب فِي لزوم السنة، حديث رقم (4607)، وابن ماجه فِي المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، حديث رقم (42، 45).
والحديث قال الترمذي عقبه: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هَذَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ- نَحْوَهُ وَالْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ يُكْنَى أَبَا نَجِيحٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ حُجْرِ بْنِ حُجْرٍ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ» اهـ، وصححه العلامة الألباني فِي إرواء الغليل (8/ 107)، حديث رقم (2455).
علمني ديني :
أن فتح القسطنطينية المبشر به له أمارات، منها ما جاء في هذا الحديث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟» قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا - قَالَ ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ - الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ " أخرجه مسلم تحت رقم (2920).
ومنها ما جاء عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَقَالَ: " وَاللهِ لَا تَعْجِزُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ" . أخرجه أحمد في المسن (الرسالة تحت رقم 17734)، وقال محققو المسند : "صحيح على شرط مسلم"اهـ، قلت: وله حكم الرفع، ومثله لا يقال بالرأي.
ومنها ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمِ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ" أخرجه مسلم تحت رقم (2897).
وبناء على هذه الأحاديث فإن الفتح المبشر به لم يحصل بعد، والله اعلم، خلافاً لما يقرره بعضهم، والله الموفق.
من الصفحة الرسمية بالفيس بوك
للشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله تعالى
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جديد سلسلة علمني ديني
للشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله تعالى
من الصفحة الرسمية للشيخ بالفيس بوك
علمني ديني :
أنه ليس من المطلوب مني أن أقيم دولة خلافة إسلامية؛ بل هذه من مسؤوليات ولي الأمر
فأنا أعاونه وأساعده بتقديم السمع والطاعة له، في غير معصية، وتقديم الرأي والمشورة له و النصيحة في خاصة نفسه.
واعلم أن الفِرَق والأحزاب التي جعلت من مقاصدها إقامة دولة الخلافة الراشدة قد ضلت الطريق وخالفت الدين.
ودليل ضلالها: أن معنى ذلك عدم لزوم الجماعة و لا السمع والطاعة لولاة الأمر؛ لأن معنى السعي لإقامة الخلافة الراشدة الخروج على الجماعة/ وترك السمع والطاعة لولاة الأمر، والأصل لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولاة الأمر، وحفظ البيعة لهم على ذلك، في غير معصية، ومعاونتهم في المعروف، عسى الله أن يعينهم على تحقيق الخلافة الراشدة لأن هذه من مسؤولياتهم وليست مسؤولية أفراد المسلمين، وما تنادي به التنظيمات والجماعات الحزبية الضالة. ولذلك جميعها تتبنى ذلك إما علناً وإمّا بالسر وتربي عليه أتباعها!
وانظر كيف جعل ابن تيمية (ت728هـ)رحمه الله القضية متعلقة بالأئمة، ولم يجعلها من شأن عامة الناس ولا خواصهم؛ حيث قال رحمه الله في مجموع الفتاوى (34/ 175، 176): "والسُّنّة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوّابه، فإذا فرض أن الأئمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق"اهـ.
واعلم أن المتقرر عند أهل السنة والجماعة في التعامل مع ولي الأمر، هو لزوم الجماعة والسمع والطاعة له، في غير معصية يأمر بها، حتى ولو قصر أو عجز عن إقامة دولة الخلافة.
قال أحمد بن حنبل (ت241هـ) رحمه الله ( أصول السنة رواية عبدوس ص64.): "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين".اهـ.
ولزوم ذلك حتى ولو عجز الأئمة عن إقامة الخلافة ، أو عصوا في ذلك؛ وهذا بإجماع أهل العلم، في جميع الأعصار، حتى يومنا هذا، فلم نسمع ولم نقرأ لعالم أنه يدعو إلى نبذ البيعة والخروج عن الجماعة لأن ولي الأمر لم يسع لدولة الخلافة.
ولما ذكر ابن كثير (ت749هـ) رحمه الله هذه المسألة في تفسيره (1/ 74) (ط. مكتبة النهضة بمكة المكرمة).قال: "وهذا يشبه حال الخلفاء من بني العباس بالعراق، والفاطميين بمصر، والأمويين بالمغرب"اهـ.
وقال محمد بن عبد الوهاب التميمي (ت1206هـ) رحمه الله(الدرر السنية 9/ 5): "الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء ولولا هذا ما استقامت الدنيا لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم"اهـ (4).
وقال الشوكاني (ت1250هـ) رحمه الله (السيل الجرار 4/ 502. وانظر منه (4/ 512): "لما اتسعت أقطار الإسلام، ووقع الاختلاف بين أهله، واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان؛ اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه. وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد، بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الغاية"اهـ.
علمني ديني:
أن هلاك هذه الأمة إنما يكون بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
أخرج مسلم في صحيحه تحت رقم (2889)، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا -أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا».
علمني ديني:
أن من أهم سمات المؤمن أنه شخصية مرنة، لا يتصلب إذا نزل البلاء، هين لين. سمح في تعامله مع غيره، رفيقًا في أمره.
أخرج البخاري (7466): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﭬ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا فَإِذَا سَكَنَتْ اعْتَدَلَتْ وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ».
علمني ديني:
أن العصمة من الافتراق والاختلاف هي في لزوم سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده صلى الله عليه وسلم.
دليل ذلك: ما جاء عن العرباض بن سارية قال رسول الله ﷺ: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم ما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدًا حبشيًّا فإنما المؤمنون كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد».
حديث حسن عن العرباض بن سارية ﭬ: أخرجه أحمد فِي المسند (4/ 126، 127)، والدارمي فِي المقدمة، باب اتباع السنة، والترمذي فِي كتاب العلم، باب ما جاء فِي الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث رقم (2676)، وأبو داود فِي كتاب السنة، باب فِي لزوم السنة، حديث رقم (4607)، وابن ماجه فِي المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، حديث رقم (42، 45).
والحديث قال الترمذي عقبه: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هَذَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ- نَحْوَهُ وَالْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ يُكْنَى أَبَا نَجِيحٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ حُجْرِ بْنِ حُجْرٍ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ» اهـ، وصححه العلامة الألباني فِي إرواء الغليل (8/ 107)، حديث رقم (2455).
علمني ديني :
أن فتح القسطنطينية المبشر به له أمارات، منها ما جاء في هذا الحديث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟» قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا - قَالَ ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ - الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ " أخرجه مسلم تحت رقم (2920).
ومنها ما جاء عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَقَالَ: " وَاللهِ لَا تَعْجِزُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ" . أخرجه أحمد في المسن (الرسالة تحت رقم 17734)، وقال محققو المسند : "صحيح على شرط مسلم"اهـ، قلت: وله حكم الرفع، ومثله لا يقال بالرأي.
ومنها ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمِ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ" أخرجه مسلم تحت رقم (2897).
وبناء على هذه الأحاديث فإن الفتح المبشر به لم يحصل بعد، والله اعلم، خلافاً لما يقرره بعضهم، والله الموفق.
من الصفحة الرسمية بالفيس بوك
للشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله تعالى